ما هي اضرار السهر على الدماغ؟


في عصر تتسارع فيه وتيرة الحياة اليومية، أصبح السهر جزءًا لا يتجزأ من روتين الكثير من الناس، خاصةً مع انتشار الأجهزة الإلكترونية والعمل أو الدراسة لساعات متأخرة من الليل. ورغم أن البعض يظن أن السهر مجرد عادة مؤقتة يمكن تعويض آثارها بالنوم في وقت لاحق، إلا أن الأبحاث العلمية تشير إلى أن للسهر أضرارًا حقيقية ومباشرة على الدماغ، قد تؤثر على الصحة النفسية والعصبية بشكل كبير.

أولًا: تأثير السهر على الذاكرة والتركيز
من أهم الوظائف التي يتأثر بها الدماغ نتيجة السهر هي الذاكرة والقدرة على التركيز. فالنوم العميق يُعتبر مرحلة ضرورية لمعالجة المعلومات التي تم تعلمها خلال اليوم وتخزينها في الذاكرة طويلة المدى. وعند قلة النوم، يتعطّل هذا النظام، مما يؤدي إلى:
•   ضعف في القدرة على حفظ المعلومات.
•   صعوبة في استرجاع المعلومات المخزنة سابقًا.
•   تشتت في الانتباه وفقدان التركيز أثناء أداء المهام اليومية.

ثانيًا: خلل في التوازن العاطفي
السهر يؤثر أيضًا على الجزء من الدماغ المسؤول عن تنظيم المشاعر، مثل اللوزة الدماغية (Amygdala)، والتي تصبح أكثر نشاطًا عند الحرمان من النوم. هذا يؤدي إلى:
•   زيادة الحساسية تجاه التوتر والضغط النفسي.
•   تقلبات مزاجية حادة دون أسباب واضحة.
•   ضعف في القدرة على التحكم بالغضب والانفعالات.

إقرأي أيضاً: أضرار السهر على الجسم خطيرة وتؤدي إلى الإصابة بهذه الأمراض

ثالثًا: تدهور القدرات الإدراكية
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم المزمنة يبدؤون في فقدان بعض الوظائف الإدراكية تدريجيًا، ومنها:
•   ضعف القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة.
•   بطء في ردود الفعل والتفكير المنطقي.
•   صعوبة في حل المشكلات المعقدة.
في بعض الحالات، قد يُشبه أداء الدماغ عند السهر المتكرر أداء دماغ الشخص تحت تأثير الكحول.

رابعًا: زيادة خطر الإصابة بالأمراض العصبية
السهر المستمر وقلة النوم قد يكونان من العوامل التي تُسرّع ظهور أمراض عصبية خطيرة، مثل:
•   ألزهايمر: حيث يرتبط تراكم البروتينات السامة في الدماغ بقلة النوم.
•   الشلل الرعاش (باركنسون): إذ يؤثر السهر على آلية عمل الخلايا العصبية.
•   الاكتئاب والقلق المزمن: نتيجة اضطراب كيمياء الدماغ المرتبطة بالمزاج.

خامسًا: اضطراب في الدورة اليومية للدماغ
الدماغ يعمل وفقًا لساعة بيولوجية دقيقة تُعرف بـ"الساعة اليومية" (Circadian Rhythm)، والتي تنظم النوم، اليقظة، وإفراز الهرمونات. عند السهر، يختل هذا النظام مما يؤدي إلى:
•   اضطراب في إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم.
•   شعور دائم بالتعب والإرهاق حتى مع الراحة.
•   صعوبة في النوم لاحقًا واضطرابات أرق مزمنة.

رغم أن السهر قد يبدو أحيانًا ضروريًا لإنجاز المهام أو الترفيه، إلا أن التكرار المستمر له يترك آثارًا خطيرة على صحة الدماغ. النوم الجيد ليس رفاهية، بل ضرورة بيولوجية أساسية للحفاظ على الوظائف العقلية والنفسية. ومن أجل الحفاظ على دماغ نشط وصحي، يجب الالتزام بروتين نوم منتظم يمنح الجسم والذهن فرصة للاستعادة والتجدد. فالعقل السليم يبدأ من نوم سليم.

إقرأي أيضاً: هل السهر يزيد الوزن​؟

 
شارك