تعرّفي على النظام الغذائي النباتي مع أخصائية التغذية تينا شاغوري

بات مصطلح «نباتي» في الواقع يتردّد على مسامعنا في مختلف المجالات، سواء التغذية أو الجمال أو سواهما. وبما أنّ كثيرات يخترن في مرحلة ما التحوّل نحو النظام الغذائي النباتي، لا بدّ فعلاً من التعرّف على الحميات النباتية وعلى قواعد اتّباعها ومختلف الجوانب المرتبطة منها، بخاصّة أنّ المعلومات عنها كثيرة وقد نضيع بين الصائب والخطأ.

صحيح أنّ الوصول إلى المعلومات في أيامنا هذه لم يعد صعباً أو حكراً على فئة معيّنة. فشبكة الإنترنت تسمح لنا جميعنا بالبحث عن أي موضوع والتعمّق فيه أكثر، حتّى أنّ الفيديوهات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي كثيرة بالفعل وتغرقنا يومياً بعدد كبير من التفاصيل والاكتشافات. لكن وسط هذه الضوضاء المعلوماتية، من الضروري أن نعرف الصواب من الخطأ. لذلك، نستشير الخبراء المتخصّصين في كل مجال ونستمع إلى آرائهم الموثوقة.

استشرنا تينا شاغوري للتحدّث أكثر عن الحميات النباتية وجميع التفاصيل حولها. وشاغوري هي أخصائية تغذية مقيمة في دبي، متخصّصة في السلوكيات الصحية وتقدّم دورات عبر الإنترنت حول مختلف المواضيع بخاصّة هرمونات النساء وتغذية الأطفال وإدارة الوزن بشكل عام. ويمكنك متابعها على إنستغرام tinachagoury@ أو "لينكد إن" TINA CHOUEIRI CHAGOURY أو حتّى التواصل معها عبر بريدها الإلكتروني [email protected].

ماذا يعني مصطلح «نباتي» تحديداً؟

لو أردنا التحدّث عن الحمية الغذائية النباتية البحت، يمكن القول إنّها الحمية التي يتم فيها الابتعاد عن جميع جوانب قتل الحيوانيات أو استهلاكها، أي بالتالي التوقّف عن تناول مشتقّات اللحوم ومشتقّات الحليب والبيض والاكتفاء في المقابل بأكل الخضار والفواكه والحبوب. وتجدر الإشارة إلى أنّ النباتيين المتشدّدين يلتزون بأسلوب حياة نباتي أيضاً أي لا يستعملون سوى مستحضرات نباتية ولا يرتدون سوى ملابس نباتية أيضاً. وبالطبع، الحميات الغذائية النباتية متعدّدة وسنتطرّق إليها.

أنواع الحميات الغذائية النباتية والفارق بينها

في الواقع، يساوي عدد الحميات الغذائية النباتية 7 وسنعدّد لك أشهر 3 منها في ما يأتي:

1. حمية الأطعمة الكاملة Whole-Food Diet: وهي الحمية المرتكزة على الأطعمة الطبيعية كما تُزرع وتُحصد، ويتم فيها تناول الفواكه والخضار والبقوليات والحبوب والمكسّرات والبذور.

2. الحمية النباتية النيئة Raw-Food Diet: وهي الحمية التي لا يتم فيها سوى تناول الفواكه والخضار والمكسّرات والبذور النيئة جميعها، أو الخضار التي يتم طهيها على حرارة لا تتجاوز 48 درجة مئوية.

3. حمية Thrive Diet: وهي حمية جديدة نوعاً ما، وتعتمد على الأطعمة النيئة تماماً من دون حتّى الطهي تحت درجة حرارة معيّنة.

وتجدر الإشارة إلى أنّنا تحدّثنا أعلاه عن الحميات النباتية بحت، أي التي يُشار إليها باللغة الإنكليزية بكلمة Vegan وليس Vegetarian. فالحميات الأخرى قد تشمل تناول البيض ومشتقّات الحليب معاً
(Lacto-Ovo Vegetarian Diet) أو مشتقّات الحليب فقط (Lacto Vegetarian Diet) أو البيض فقط
(Ovo Vegetarian Diet).

النظام الغذائي النباتي بين الإيجابيات والسلبيات

الإيجابيات

لا شكّ في أنّ النظام الغذائي النباتي، مثل أي حمية، له إيجابيات وسلبيات. بالنسبة إلى الإيجابيات أو العوامل التي تدفع البعض إلى اعتماده، أظهرت بعض الدراسات أنّ الحمية الغذائية النباتية البحت تساعد في إنقاص الوزن في المرحلة الأولى من اعتمادها. وهذا أمر طبيعي ومنطقي! فحين نبدأ الحمية الغذائية النباتية، نتخلّى عن جميع الأطعمة والمواد ذات المصدر الحيواني، فنتوقّف بطبيعة الحال عن تناول أصناف كثيرة مثل البيتزا والبرغر وعن استخدام الزبدة في تحضير الطعام، ويعني هذا الحدّ من السعرات الحرارية التي تدخل الجسم. بالإضافة إلى إنزال الوزن أو الحفاظ على وزن صحي، تساعد الحمية الغذائية النباتية في تقليل تناول الكوليسترول والدهون المشبعة المتواجدة بنسبة عالية من الأطعمة الحيوانية، وهذا ما يخفّف بالتالي خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين بشكل خاص والأمراض السرطانية بشكل عام. كذلك، أظهرت دراسات متعدّدة دور الحميات النباتية في ضبط نسبة السكر في الدم والمساعدة في علاج السكري من النوع الثاني، على أن يتم اتّباعها طبعاً بطريقة صحية أي على أن تكون نسبة البروتينات والألياف عالية في الوجبات. كيف ذلك؟ في الواقع، حين نتناول كمية كبيرة من الفواكه والخضار والحبوب، ترتفع نسبة الألياف في الجسم وبالتالي يصبح امتصاص السكر أبطأ. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ إحدى الدراسات بيّنت أن الحمية النباتية تقلّل من نسبة الإصابة بالسرطان، بخاصة سرطان المعدة وسرطان الجهاز الهضمي، بنسبة 15%. ونذكر أيضاً القدرة على التخفيف من التهاب المفاصل، نظراً إلى عدم تناول اللحوم الحمراء ومشتقات الحليب، كما تحسين وظيفة الكلى والحدّ من إمكانية الإصابة بالألزهايمر.

السلبيات

في المقابل، تشمل سلبيات اتّباع حمية نباتية بخاصّة لو كانت غير مدروسة وغير صحية وغير متوازنة، تدنّي نسبة الفيتامين B12 وD والأحماض الدهنية الأوميغا 3
والحديد والكالسيوم والزنك، وهذا ما يؤدي بالتالي إلى زيادة احتمال تعرّضهم لعدد من المشكلات الصحية، لا سيّما عند النساء الحوامل والمرضعات والأطفال والمسنّين. ولتفادي ذلك، لا بدّ من تجنّب تناول الدهون المهدرجة أي الأطعمة المصنّعة، علماً أنّ الدهون هذه تأتي على شكل الزيوت الطبيعية في البسكويت والشوكولا وقوالب الحلوى. ويجب أيضاً الابتعاد عن المقالي حتّى ولو تم استخدام الزيوت الطبيعية، والحرص قدر الإمكان على اختيار وجبات صحية. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنّ التركيبة الجينية تجعل الفرد أحياناً أكثر عرضةً لنقص في المعادن والفيتامينات. لذلك، ثمة فرق بين الشخص النباتي الذي يتابع مسيرة أجيال أسرته في أسلوب الحياة النباتي والشخص الذي يقرّر التحوّل نحو النظام الغذائي النباتي بعد أجيال من تناول اللحوم، وذلك نظراً إلى التركيبة الجينية التي قد تسمح بامتصاص المعادن والفيتامينات على النحو اللازم.

قواعد لا بدّ من الالتزام لها

عند اتّباع حمية غذائية نباتية، من المهمّ الالتزام بالقواعد الآتية:

- اختيار الأطعمة الغنية بالكالسيوم والفيتامين د والفيتامين ب12 قدر الإمكان، أو أخذ المكمّلات اللازمة مع استشارة أخصائي طبعاً

- إلى جانب مصادر الحديد النباتية، الاستفادة من مصدر للفيتامين C لتعزيز امتصاص الحديد

- تعزيز امتصاص الحديد والزنك أيضاً، تناول الأطعمة المخمّرة مثل الكبيس المخمّر والتوفو ومنتجات الصويا

- طهي الأكل لضمان امتصاص المغذيات اللازمة للجسم

- إضافة عشبة البحر واستعمال الملح المدعّم بالأيودين

- تناول الأطعمة الغنية بالأوميغا 3، مثل بذر الشيا وبذر الكتان وحبوب الصويا

- أخذ المكمّلات الغذائية اللازمة، مثل الفيتامين B12 والفيتامين D والزيوت الصحية من مصادر نباتية EPA وDHA والأيودين والكالسيوم والزنك

وفي النهاية، لا بدّ من القول إنّ اتّباع حمية غذائية نباتية مسؤولية بالفعل. لذلك، لا بدّ من استشارة أخصائية التغذية للاطّلاع على جميع المعلومات اللازمة وللتأكّد من عدم وجود أي مشاكل صحية تمنع التحوّل نحو هذا المسار الغذائي. 

اقرئي أيضاً: النظام الغذائيّ النباتيّ وعلاقته بالبشرة الصحّيّة

 
شارك