هيا تتحقّق كيف يتحوّل العملاء في عالم الجمال إلى العادات الجمالية البسيطة

يشهد العالم بشكل عام توجّهاً ملحوظاً نحو البساطة، وكأنّنا أصبحنا نبحث عن أسلوب الحياة البسيط وعن العادات التي يمكن اتّباعها بسهولة وبدون مجهود وعن الروتين الذي يضمن لنا مبتغانا إنّما بخطوات قليلة. ويعود ذلك بطبيعة الحال إلى نمط الحياة المتسارع والمزدحم الذي يفرض علينا الاستفادة من كل دقيقة تمضيها، كما وأيضاً إلى تطوّر نظرة العملاء الذين باتوا أكثر وعياً وثقافةً وإدراكاً. فكيف يتجلّى مفهوم البساطة في عالم الجمال على وجه الخصوص؟ وكيف تحاول العلامات التجارية مراعاة هذه البساطة واحتضانها لمواكبة عملائها؟

تداعيات ما بعد الجائحة

لا زلنا نلتمس حتّى اليوم تداعيات جائحة كوفيد19 التي هزّت العالم وغيّرت أمور كثيرة في حياتنا. وبما أنّ كثيرين منّا، إن لم نقل جميعنا، اختبر مشاعر القلق والحيرة والشكّ وحتّى الانعزال، وتأثّر بسببها مستوى الرفاهية، ازدادت التوعية حول الصحة العقلية والنفسية وحول أهمية العناية بالذات من مختلف النواحي. ولذلك، بدأ العملاء يغيّرون نظرتهم تجاه المنتجات التي يستهلكونها ويختارون استعمالها في أي روتين خاص بهم.

ولو أخذنا الروتين الجمالي على وجه الخصوص، نلاحظ كيف تحوّل العملاء تدريجياً نحو الأنماط الأسهل والأقلّ تعقيداً وكيف أصبحوا مهتمّين أكثر بالبيئة والمحيط من حولهم وكيف باتوا يركّزون على المكوّنات والتركيبات التي يستخدمونها. وهكذا، تكون البساطة هي العنوان الأكبر لهذا التقرير وسندخل في تفاصيل كل اتّجاه من اتّجاهاتها.

نسبة ملفتة!

قبل البدء في التحدّث عن اتّجاهات “البساطة الجمالية”، لا بدّ من الإشارة إلى دراسة أجريت في العام 2019 وأثبتت أنّ 81% من المستهلكين عالمياً يعتقدون أنّ عيش أسلوب حياة أقلّ تعقيداً هو عنصر هامّ في تعزيز الرفاهية والرفاه.

لنكتشف الاتّجاهات!

روتين العناية المبسّط

لا شكّ في أنّ الروتين الذي نتّبعه للعناية الجمالية يأخذ حيزاً كبيراً من اهتمام العميلات، لا سيّما أنّهنّ أصبحن ملمّات بمختلف التفاصيل التي تتعلّق بما يستخدمنه، وهذا طبعاً بفضل مواقع التواصل الاجتماعي والفيديوهات التعليمية على تنوّعها والمجلّات والمواقع الإلكترونية وما إلى ذلك... وسواء ارتبط الأمر بالعناية بالشعر أو العناية بالبشرة أو غيره، تبحث العميلات عن البساطة أي عن اتّباع خطوات أقلّ واستخدام منتجات أقلّ أيضاً. ويسمح ذلك بتوفير الوقت وتقليل الاستهلاك، ما يمنح المستهلكة المزيد من الراحة والاسترخاء، لأنّها ستهتمّ بمظهرها من دون أن تأخذ من وقت مخصّص لإنجاز أي مهمّة أخرى.

وفي هذا الإطار، تشير لنا Céline Talabaza، المديرة التنفيذية لدى علامة Noble Panacea لمنتجات العناية بالبشرة: «تسود فكرة «القليل يكفي» وقد أصبحت المستهلكات أكثر اطلاعاً وإدراكاً لما هو أساسي لصحّة بشرتهنّ. وسأوضح هنا ما هو أساسي لصحّة البشرة، إذ لا يهمّ العثور على عبوة جذابة أو رؤية منضدة ملفتة للنظر أو الحصول على مكوّنات غريبة، إنّما ما يهمّ هو إيجاد تركيبة فاخرة لا تشوبها شائبة».

الحدّ من عدد المكوّنات المستخدمة

في ظلّ تسليط الضوء أكثر وأكثر على أهمية الحفاظ على صحة البشرة وفروة الرأس والانتباه إلى المكوّنات التي تتعرّض لها كلّ منهما، أصبحت العميلات يفضّلن التركيبات الأكثر بساطة أي التي تحتوي على عدد أقلّ من المكوّنات، على أن تكون هذه غير كيميائية وواضحة التسمية وغير مضرّة بشكل عام. وبذلك، يساهمن في الحدّ من تعرّض الجلد لأي عنصر قد يتسبّب له بانزعاج أو تهيّج أو حساسية.

التمسّك بالإلمام والمعرفة

بما أنّ العالم يشبه شبكة واسعة مفتوحة على بعضها، أصبح المستوى المعرفي لدى العميلات مرتفعاً تلقائياً إذ تصل المعلومات لهنّ من كل جانب وصوب بفضل الساعات التي يقضينها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص. ولذلك، تتمسّك العميلة بالمعرفة التي تمتلكها وترغب فعلاً في أن تكون واثقة بالمنتجات التي تستعملها. ويمكن تلخيص عقلية الاستهلاك الحالية البسيطة بـ«الشراء أقلّ والاستفادة أكثر»، أي اختيار منتجات قائمة على مفهوم جيّد وواضحة الهدف ومفهومة التركيبات وغنية بالمكوّنات الفعّالة والضرورية.

نظرة مغايرة إلى المكياج

يمكن ملاحظة كيف تغيّرت نظرة العميلات إلى المكياج، فتحوّل من قناع يغيّر المظهر تماماً إلى أداة تسلّط ببساطة الضوء على أجمل الملامح وتخفي بخفّة العيوب والشوائب التي تنزعج المرأة منها. وقد ساعدت صيحات المكياج الناعم والبسيط في المواسم الأخيرة جميع النساء على تقبّل ذواتهنّ أكثر والتركيز أكثر على الحفاظ على البشرة الصحية.

الرفاهية والاهتمام بالذات

من الأسباب التي تدفع المستهلكين إلى اتّباع أسلوب أو روتين بسيط، نمط الحياة المتسارع. وإدراكاً لأهمية العناية بالذات وتخصيص بعض الوقت للاهتمام بالرفاهية بعيداً عن أي مسؤوليات، يبحث المستهلكون عن البساطة.

الاهتمام بالبيئة والكوكب

من اتّجاهات «البساطة الجمالية» أيضاً وعي المستهلكين بالبيئة وأهمية الحفاظ عليها. ولذلك، نلاحظ اهتماماً متزايداً بمفاهيم الاستدامة وعدم التجربة على الحيوانات وإعادة التعبئة وإعادة التدوير والتقليل من الهدر والنفايات وما إلى ذلك. فالبساطة في هذا الإطار تعني عدم بذل جهود مؤذية للحصول على التركيبات والمنتجات المرجوّة، بل الاكتفاء باستهلاك بسيط يقوم على عادات صديقة للبيئة تحافظ على الإنسان والكوكب معاً.

وتطرح علينا Talabaza هنا معنى آخر للبساطة، ألا وهو استهلاك منتجات تفيدنا وتفيد الآخرين معاً، مثل المجموعات التي تدعم أي قضية اجتماعية سواء تعليم الفتيات أو التكنولوجيا أو البيئة أو غيرها.

كيف تحتضن العلامات التجارية هذا المفهوم؟

تقول Valerie Reynaert، المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة الاستشارات في عالم التجميل VR Beauty Consulting، من جهتها: «أعتقد أنّ عالم الموضة سبق عالم الجمال في التوجّه نحو البساطة. فخلال العامين اللذين أمضيناهما في منازلنا بسبب الجائحة، أُتيحت لنا كمستهلكين فرصة التفكير فعلاً في المنتجات التي نستخدمها. فقد أمضينا ساعات طويلة نتصفّح الإلنترنت للتعرّف على منتجاتنا الاعتيادية وحتّى لاكتشاف خيارات جديدة. وهذا ما خلق جواً من التفاعل والمشاركة والمعرفة على مستوى المستهلكين، ودفع بالتالي العلامات إلى مواكبة هذه الحاجة البارزة. فعلى سبيل المثال، عمدت صالونات التجميل إلى الاستعانة بمنتجات جديدة ومستدامة، كما واستثمرت في تدريب موظفيها ليكونوا قادرين على الإجابة على أي سؤال يطرحه العملاء».

وتضيف عن مفهوم البساطة: «ثمة مفهوم خاطئ بأنّ البساطة تعني الحدّ من عدد الخدمات أو الموظفين أو المنتجات. فالبساطة بالنسبة إلى العلامات التجارية تعني استراتيجية عمل تسعى إلى تبسيط الأمور للعملاء، مثل الحرص على توفير التجربة الأفضل وبناء علاقات فعّالة واحترافية مع العملاء والإجابة على أسئلتهم بدافع المعرفة...». 

اقرئي أيضاً: هيا تتحقّق كيف تحوّل أحمر الشفاه من منتج جمالي عادي إلى أكسسوار

 
شارك