
كيف يمكن تعريف مفهوم حب الذات في عالم الجمال

لا شكّ في أنّ المكياج يشكّل جزءاً أساسياً من حياتنا كشابات وفتيات عصريات، إذ يهمّنا أن نعتني بأنفسنا وأن تكون إطلالاتنا مرتّبة وأنيقة على الدوام وأن نعكس من خلالها ستايلنا وشخصيتنا. ويشكّل المكياج أيضاً طريقة من الطرق التي نعبّر فيها عن حبنا لأنفسنا. فما العلاقة إذاً بين الجمال وحب الذات؟ وكيف تحوّل المكياج من أداة لإخفاء العيوب إلى أداة لتعزيز تقبّل الذات؟ وكيف ينعكس ذلك على الثقة بالنفس؟
ماذا يعني حب الذات؟
حب الذات هو مفهوم إيجابي في علم النفس، ويعني معاملة الذات بكل مشاعر الحب والتعاطف التي نقدّمها عادةً لأي شخص مقرّب إلينا. وحب الذات يعني أيضاً أن تكوني متقبّلة لطبيعتكِ، من الداخل والخارج، أن تحبّي ملامح وجهكِ وشكل جسمكِ ونوع شعركِ وكل ما يتعلّق بمظهركِ الخارجي، كما وأن تحبّي عيوبكِ لتستطيعي استيعابها وتحسينها تدريجياً قدر الإمكان.
فكيف يمكن للمكياج أن يرتبط بحب الذات؟
المكياج للتعبير عن حب الذات
يمكن تعريف المكياج على أنّه منتجات تجميلية تشمل أحمر الشفاه والبودرة والماسكارا وغيرها وتُستخدم لتغيير بعض التفاصيل في مظهر الوجه أو تحسين بعض الملامح. لكن، يمكن القول أيضاً إنّ المكياج هو فنّ وشكل من أشكال التعبير عن الذات والشخصية، وبالطبع أداة للتعبير عن حب الذات.
التفسير بسيط: لا أحد يجبرنا على وضع المكياج، ولا نهدف من وضع المكياج إرضاء الآخرين، بل نحن من نختار الأيام التي يروق لنا التألّق بالمكياج وذلك لنكون سعيدات بإطلالتنا، ونحن من نختار الألوان والتركيبات والستايلات بدون أي قواعد أو قيود. ويُعتبر وقت المكياج جزءاً من العناية الذاتية التي نخصّصها لأنفسنا، وغالباً ما ينتهي بنا الأمر واقفات أمام المرآة والابتسامة على ثغرنا. ويعني هذا أنّنا سعيدات وراضيات، ونتذكّر كم أنّنا محظوظات بالجمال المميّز الذي نتفرّد به ويجعلنا مختلفات عن الآخرين. وهنا، نشعر بحبنا لأنفسنا.
قوة المكياج
بالتالي، يُعتبر المكياج أداة قوية تعزّز ثقتنا بأنفسنا وتمنحنا قوة من الداخل. فحين نكون راضيات عن شكلنا، تغمرنا أجمل المشاعر، وحين تغمرنا أجمل المشاعر، نستطيع تقديم أفضل أداء ممكن.
لكن، هل يعني هذا أنّنا لا نكون نسخة أفضل من أنفسنا بدون مكياج؟
بالطبع لا!
إلغاء مفهوم المثالية
لستُ مثالية، ولستِ أنتِ كذلك... والمثالية مفهوم لا وجود له... لا يمكن أن ننفي أنّنا بدون مكياج نفكّر أكثر في عيوبنا أو في بعض الملامح التي لا نعتبرها متوازنة مع باقي الوجه. فقد يكون أنفكِ كبيراً، أو تكون شفتاكِ صغيرتين للغاية، أو قد تملكين عيوناً مبطّنة تصعّب عليكِ وضع المستحضرات عليها...
فما دور المكياج إذاً؟
ليس المكياج اللاصق الذي نصلح من خلاله الإناء المكسور، بل هو الحل الذي نستخدمه لتسليط الضوء على أجمل ملامحها وإدخال بعض التعديلات إلى الملامح الأخرى التي تحتاج برأينا إلى تحسينها. وهنا، يمكن أن نتحدّث عن التطوّر الذي شهدته مستحضرات المكياج على مر السنوات، وكيف تحوّلت من وسيلة لإخفاء العيوب إلى أداة تسمح لنا بالتعبير عن ستايلنا كما يحلو لنا.
بعيداً عن المعايير
في عصر وسائل التواصل وفي عالم يكاد يصبح الجميع فيه مهووساً بالتعزيزات الاصطناعية والمعايير الجمالية غير الواقعية، حان الوقت لنعيد التركيز على الأساسيات، أي تحويل أنظارنا نحو الجمال الطبيعي وحب الذات بدون أي شروط. ولا يعني ذلك أن نتخلّى عن المكياج أو منتجات العناية بالبشرة، بل أن نعرف كيف نستخدمها وكيف ننظر إليها لتساعدنا على الاحتفال بملامحنا الفريدة وتقبّل عيوبنا واكتشاف المعنى الحقيقي لحب الذات.
وحين نتحدّث عن الجمال الطبيعي، نتحدّث عن النمش الذي يزيّن وجنتيكِ أو الخطوط الرفيعة التي تظهر كلّما تضحكين للحياة أو الشكل الفريد الذي يطلّ به جسمكِ. ولأنّ حب الذات هو رحلة وليس وجهة، أي لأنّكِ تعيشين يومياً حب الذات وتُدخلين إلى حياتكِ العديد من الممارسات والعادات التي تساعدك في تعزيز النظرة الإيجابية إلى نفسكِ، لا تخافي يوماً من التحدث عن مشكلاتك الجمالية، سواء حب الشباب أو التصبغات أو غيرها، واجعلي المكياج صديقاً لكِ يساعدكِ على تحسين مظهرها بدون أن يقلّل من ثقتكِ بنفسكِ إن اخترتِ في أي يوم الظهور بدون أي مستحضرات على وجهكِ.
تعزيز الفهم الإيجابي
حين تفهمين دور المكياج في حياتكِ وتجعلين منه أداة مفيدة لكِ، لا تعود الصيحات سامة، أي أنّها لا تجعل منكِ ضحيّتها. كذلك، لا تسمحين لأي مستحضرات تجميلية بأن تتحكّم بكِ وتعتبرينها كريش الرسم التي تسمح لنا بتلوين اللوحة وتزيينها كما يروق لنا. فأنتِ تحتاجين أوّلاً وقبل كل شيء إلى أن تحبّي نفسكِ، حدّدي أجمل الملامح بالنسبة إليكِ، ملامحكِ الفريدة والمميّزة التي تجعلكِ مختلفة، ثم انتقلي إلى استعمال المكياج. مثلاً، فكّري أولاً في لون عينيكِ وكيف يميّزكِ، ثم اختاري الظلال التي تجعلهما يبرزان.
كذلك، حدّدي الملامح التي لا تعجبكِ واستعيني بالمكياج لتجميلها، بدون أن تشعري بالخجل منها. يمكن أن تعاني مثلاً من حب الشباب وتلجئي إلى الفاونديشن لتغطيتها، وهذا ليس خطوة معيبة أو خاطئة، لكن لا يعني أن تحاولي إخفاء المشكلة، لأنّها شائعة وتعاني منها فتيات وشابات كثيرات غيركِ.
مقابلة مع د. Reem Nouman
وفي سياق هذا التقرير، أجرينا مقابلة مع د. Reem Nouman، رائدة الأعمال والاستشارية المتخصّصة في مجال الجلد والتجميل، لا سيّما أنّها تأخذ على عاتقها مهمة تعزيز ثقة المرأة بنفسها وتدفعها إلى العناية بنفسها وتحقيق النجاح.
1. تعتبرين أنّ الجمال والأناقة هما انعكاس للثقة والتفرّد. فما أهمية أن تحب كل واحدة منّا نفسها كما هي بدون المقارنة مع الآخرين؟
يبدأ الجمال الحقيقي بتقبّل الذات. فعندما تتقبل المرأة نفسها بدون أي مقارنة، تشع بالثقة بالنفس والأصالة. كل واحدة منّا فريدة من نوعها، وقياس أنفسنا بالآخرين باستمرار لا يؤدي سوى إلى الشك في الذات. يسمح حب الذات بأن تعزّز المرأة حضورها أينما تواجدت، وهذا ما يجعلها آسرة بشكل طبيعي. فالجمال الحقيقي لا يرتبط بمعايير معيّنة، بل يعني تقبّل من نكون وتسليط الضوء على مميّزاتنا بثقة.
2. كيف يؤثر حب الذات على علاقتنا ببشرتنا؟ وكيف يمكن أن نتعلّم أن نحبّ بشرتنا أكثر ونتقبّل عيوبها ونعمل على تحسين صحتها؟
يعلّمنا حب الذات كيف نعتني بأنفسنا. فكلّما فهمنا وقدّرنا ذاتنا أكثر، كلّما تمكنّا من رعاية أنفسنا بشكل أفضل. ويعني حب البشرة تقبّلها كجزء من شخصيتنا، مع كل عيوبها، وهذا جميل بحد ذاته. فلا أحد كامل، وهذه العيوب الصغيرة تشكّل جزءاً من طبيعتنا البشرية.
3. كيف يؤثر حب الذات على علاقتنا بالمكياج؟ وهل يُعتبر المكياج أداة لإخفاء الملامح التي لا نفضّلها أم وسيلة لاحتضان جمالنا والتعبير عن أنفسنا؟
كلّما زاد حبنا لأنفسنا، كلّما قلّ اعتمادنا على المكياج، فيبرز حب الذات ونتمكّن من احتضان جمالنا الطبيعي. وكما يخفي الناس أحياناً مشاعرهم، يمكن استخدام المكياج بنفس الطريقة لإخفاء بعض التفاصيل في المظهر بدلاً من تعزيزها. ومع ذلك، عندما يُستخدم المكياج مع التمسّك بقبول الذات، يصبح أداة للتعبير عن الذات بدلاً من درع. ويكمن الجمال الحقيقي في تعزيز الذات وليس إخفائها، والبقاء على طبيعتكِ.
4. ما رأيكِ بتطوّر المكياج على مرّ السنوات وتحوّله من أداة لإخفاء العيوب إلى أداة لتقبّل الذات؟
يلفتني التطوّر الذي شهده قطاع المكياج، وجميلٌ كيف تروّج جميع العلامات التجارية الكبرى لكيفية تحقيق توهّج طبيعي وبشرة مشرقة، ما يؤكّد على التحوّل من منتجات ثقيلة وتغطية كاملة.
5. كيف تسعين شخصياً إلى تعزيز حبكِ لذاتكِ وثقتكِ بنفسكِ؟
أحيط نفسي بالأشخاص المناسبين والطاقة المناسبة. ويهمّني أن أضع الحدود اللازمة ولا أخشى قول "لا" أحياناً، كما وأبني ثقتي بنفسي من خلال التعلّم المستمر أي القراءة وتطوير مهارات جديدة والتطوّر كل يوم. ويأتي حب الذات أيضاً من كيفية تعاملنا مع أنفسنا. أتحدّث إلى نفسي بلطف، وأعلم أنّ حواري الداخلي يعكس قيمتي الذاتية. أذكّر نفسي أنني لست مضطرة إلى أن أكون مثالية - ما يهم هو أنني أتطور دائماً. أعتقد حقاً أنّ الحب والطاقة التي نمنحها لأنفسنا تنعكس علينا من قبل الكون.
6. كيف تصفين مفهوم حب الذات بين الأجيال الجديدة؟
أفتخر جداً بأبناء الجيل الجديد، وأشعر أنّهم يملكون وعياً كبيراً بمفهوم حب الذات على الرغم من الضغوط الكبيرة التي يتعرّضون لها نظراً إلى أسلوب حياتهم ومظهرهم الخارجي. فهم يعرفون كيف يحبون أنفسهم ويقدّرونها، أكثر بكثير من الأجيال السابقة. وإنّني متأكّدة من أنّهم سيتمكّنون دائماً من إيجاد الطريق الصحيح للتعبير عن هذا الحب.
اقرئي أيضاً: تقرير: أجيال تغيّر المسار الجمالي وتحديات تواجه الماركات