الجيل الجديد يغيّر رؤية الجمال ويفصّلها على قياسه

لا شكّ في أنّ جيل الألفية والجيل زد، أي الجيل الجديد باختصار، استطاع أن يفصّل الرؤية الجمالية على قياسه وأن يغيّر الكثير من القواعد التي كانت سائدة في الماضي. فبين تقبّل الاختلاف ورصد الصيحات من منصات التواصل الاجتماعي وأبرزها تيك توك، كثيرة هي الاتّجاهات التي يمكن التحدث عنها في إطار الرؤية الجمالية الجديدة التي قلبت المقاييس وغيّرت المعادلات.

تماماً كما شهد عالمنا الكثير من التقدّم والتطوّر، تغيّر عدد كبير من الملامح أو الجوانب الحياتية. وقد لاحظنا أنّ جيل الألفية والجيل زد، أي الجيل الجديد كما نسمّيه، استطاعا أن يخلقا لهما مسارات مختلفة وأن يتميّزا عن سواهما من الأجيال والفئات العمرية والشرائح الاجتماعية. وحتّى بالنسبة إلى عالم الجمال، أثبت الجيل الجديد أنّ رؤيته الجمالية مختلفة ومميّزة وجريئة في آنٍ واحد، وذلك كلّه بفضل عدد من الاتجاهات التي سنتعرّف عليها أكثر في تقريرنا هذا.

النظرة إلى الجمال وأدواته

عرف الجيل الجديد الكثير من الضغوطات والتحديات مثل جائحة كوفيد-19 والتضخّم الاقتصادي والتغيّرات المناخية والصعوبات الاجتماعية والسياسية وغيرها، ما حوّل تركيزه بالتالي على عدد من القيم الأساسية أو الجوهرية مثل أهمية التعبير عن الذات والحصول على القيمة مقابل المال والرفاهية الشاملة ودعم القضايا الاجتماعية. وانعكس هذا التحوّل على العلاقة التي تربط الجيل الجديد بعالم الجمال، ودفع العلامات التجارية إلى التفكير في أساليب تواكب هذه العقلية المتبدّلة.

فالجيل الجديد مثلاً يعتبر أنّ الجمال أداة للتعبير عن الذات بكل شفافية، بدون أن يكون وسيلة نحقّق من خلالها المثالية. وتؤكّد على ذلك بعض الصيحات التي راجت في السنوات الأخيرة، مثل الحواجب المبيّضة (Bleached Eyebrows). كذلك، نلاحظ أنّ الجيل الجديد لا يخشى استعمال المنتجات الجمالية بمختلف ألوانها وتدرّجاتها، ويظهر بأساليب لا نتوقّعها. ولهذا، نواصل رصد أساليب وستايلات جديدة في الآيلاينر وفي ظلال العيون.

التركيز على العناية بالبشرة

يظهر الجيل الجديد اهتماماً متزايداً بالعناية بالبشرة، باعتبار أنّ الاهتمام بالبشرة هو أساس أي إطلالة. ولذلك، نرى الكثير من الصيحات المنتشرة على المنصات الاجتماعية بخلطات وحيل تعزّز صحة البشرة ومظهرها. وبما أنّ هذا الجيل يبحث أيضاً عن القيمة مقابل المال الذي يدفعه، وبما أنّ العلامات التجارية تبذل جهداً لتلبية احتياجات الجيل الجديد المختلفة، لاحظنا أنّ تركيبات منتجات المكياج لم تعد تقتصر على التجميل وحسب، بل تركّز أيضاً على العناية بالبشرة. ولذلك، رأينا ماسكارا غنية بسيروم للرموش مثل ماسكارا Lancôme وأيضاً برايمر يعزّز إشراقة البشرة الطبيعية يوماً بعد يوم مثل Parure Gold 24K من Guerlain الذي تم تجديده هذا ا لعام بـ99% من خصائص العناية بالبشرة. والأمثلة في هذا الإطار كثيرة، إذ لم نعد نشتري كريم أساس أو بودرة أو أي منتج مكياج بدون أن يكون فعّالاً في العناية بالبشرة.

الدراية التكنولوجية والتعبير عبر منصات التواصل الاجتماعي

تنعكس سلوكيات الجيل الجديد طبعاً على التوجّه الذي تسير به العلامات التجارية. فبما أنّ الجيل الجديد هو جيل التكنولوجيا، تحرص الماركات على الاستفادة من التقتنيات وأبرزها الذكاء الاصطناعي حتّى تسهّل على العملاء اختيار المنتجات والاطّلاع على مختلف الخيارات، ولذلك نرى المرايا الذكية في المتاجر أو التطبيقات التي تساعد في تجربة المستحضرات افتراضياً.

من جهة أخرى، يستخدم الجيل الجديد منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن رأيه بشأن العلامات والمنتجات، أي أنّه يرفع الصوت أكثر من الأجيال الماضية. وهذا ما يضع في الواقع ضغطاً على الماركات التي تتابع وجهات النظر، لا سيّما أنّ المستهلكين من هذه الفئة العمرية يتوقّعون منها أن تستمع إلى ملاحظاتهم وتأخذها في الاعتبار.

تجربة كل جديد وبسرعة فائقة

يهتمّ الجيل الجديد بتجربة كل جديد يدخل إلى السوق، ولا نلاحظ أنّه يحصر نفسه بعدد معيّن من العلامات التجارية. فلو كنّا في الماضي نسمع عن مجموعة معيّنة في الماركات المسيطرة على سوق الجمال، لم يعد الأمر كذلك اليوم. فالمستهلكون الأصغر سناً يظهرون اهتمامهم بالعلامات التجارية الجديدة والناشئة، ويسعون إلى تجربة منتجاتها، حتّى أنّهم يخلقون أحياناً ضجة شاملة عن منتج معيّن أو ماركة محدّدة. في المقابل، لا يعني هذا أنّ الجيل الجديد ليس وفياً للماركات، فقد أظهرت إحدى دراسات شركة «ماكنزي» العالمية أنّ 60% من المستلهكين الصغار مستعدون لشراء المنتجات المفضّلة نفسها، حتّى ولو أظهروا اهتماماً بتجربة تركيبات جديدة في السوق.

كذلك، نلاحظ اهتمام هذا الجيل ببعض القيم وبحثه عنها لدى العلامات، مثل الشمولية من حيث التدرّجات أي التفكير في جميع ألوان البشرة، واحترام الحفاظ على البيئة، ودعم القضايا الاجتماعية، والابتعاد عن الوحشية والتجارب على الحيوانات.

رصد الصيحات ونشرها عبر تيك توك

فيما كانت الصيحات في الماضي تنطلق من عروض الأزياء العالمية، تغيّر الحال مع الجيل الجديد، حيث أصبحت منصة تيك توك تحديداً المساحة التي نلجأ إليها للتعرّف على الصيحات السائدة. وكل يوم، نسمع بعبارات جديدة تُعنى بالعناية بالبشرة أو الشعر أو المكياج، ونكتسب بالتالي المعرفة عن صيحات واتّجاهات جمالية جديدة مثل Latte Makeup أو Hair Cycling أو Slugging أو Beauty Snacking أو غيرها... والأهم من ذلك هو إمكانية التعرّف عن كل اتّجاه بالكامل وبشكل معمّق نتيجة الفيديوهات الكثيرة المنتشرة حوله.

المؤثرة الإماراتية الشابة مروة الهاشمي تحدّثها عن علاقة الجيل الجديد بعالم الجمال ودوره في تغيير الرؤية الجمالية

«أعتقد أنّ المعايير الجديدة تغيّرت رأساً على عقب في الجيل الجديد. فنحن اليوم نتقبّل التنوّع ونعلم أنّ الجمال لا ينحصر بمعادلة واحدة بدون سواها. جيلنا يتقبّل العيوب واللامثالية، جيلنا يعزّز التفكير الإيجابي أو النظرة الإيجابية إلى الجسم. وبالنسبة إليّ، تغيّرت الرؤية الجمالية لأنّ الناس تعبوا من الجمال «المزيّف». فالعالم الرقمي زاد وعي الأجيال الجديدة بتنوّع الجمال. وما يميّز هذه الرؤية الجديدة ويجعلها فريدة هو أنّنا لم نعد ملزمات باتّباع قواعد محدّدة ليتقبّلنا المجتمع، بل يكفي أن نكون من نحن فعلاً أي أن نحافظ على صورتنا الحقيقية. وانطلاقاً من هذا، يكون لكل منّا شيء جميل نقدّمه للآخرين. وتقبّل العيوب ينبع من التنوّع الذي نعيشه ونشهده من حولنا. فحتّى العلامات التجارية أصبحت تعكس صوراً مختلفة عن الجمال، ومن الأمثلة على ذلك العارضات من ذوات المقاسات الكبيرة على منصات العروض. وهذه المبادرات الصغيرة تساعدنا في تغيير المعايير الجمالية الحالية، فتجعلها أكثر واقعية وشمولية.

في المقابل، يسعى الجيل هذا إلى تجربة المنتجات الجمالية التي يسمع عنها والتي ترتبط بالاتجاهات السائدة. فبفضل قوة منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت الصيحات تنتشر بسرعة وتتحوّل إلى ضجة عالمية في غضون أيام. ولأنّنا نخشى أن نفوّت علينا أي شيء، نكون مستعدين لتجربته مهما تطلّب ذلك منّا». 

اقرئي أيضاً: تقرير يلقي الضوء على مواهب نسائية عربية في عالم الجمال

 
شارك