المغنية الشابة نور حلو: تحقيق الأحلام يتطلب التخطيط والوقت والجهد والتركيز

تجعلنا الأحلام نحقق ما نشاء في الخيال، ولكن تكمن القوة الحقيقية في امتلاك الإصرار للنهوض يومياً مع قرار الاستمرار بالسعي لتحقيق أكثر أحلامنا صعوبةً، فما يبدو مستحيلاً سينقلب واقعاً حين تكون الإرادة هي السلاح الذي لا نتخلى عنه، وسط كل ما تضعه الحياة في الطريق من عراقيل. وفيما يلي، نعرّفكِ على 4 شابات عربيات من مجالات مختلفة، استطعن عيش أحلامهنّ الكبيرة في سن صغيرة. فماذا يقلن عن تحقيق الأحلام؟

نشأت المغنية اللبنانية الشابة نور حلو في عائلة تحب الموسيقى، والدها يتمتع بصوت جميل وقد عرّفها على العالم الموسيقي في سن مبكرة جداً، وهذا ما دفعنها للتعمّق أكثر في المجال الفني. وكانت نور تقف لساعات أمام المرآة تغني وتحلم أن تصل بصوتها إلى أهم المسارح، وساعدها اكتشاف موهبتها الغنائية في المدرسة، حيث كان الأساتذة يطلبون منها دائماً تقديم العروض، لذلك أصبح المسرح بيتها الثاني وأدركت أنّها تريد أن تكتب وتصدر أغنياتها الخاصة. وبالفعل تمكّنت نور من تحويل حلمها إلى حقيقة. فماذا تقول عن رحلتها؟

ما هي الأغاني التي نشأتِ على الاستماع إليها والتي أثارت رغبتكِ، أو لنقل شغفكِ بالتأليف والغناء؟

عرّفني والدي على الموسيقى العربية والفنانين العرب والأغاني العربية، ولكنني كنت أستمع أيضاً إلى الكثير من الموسيقى الغربية، وعندما بدأت الغناء وتعلم العزف لأول مرّة على البيانو، كنت أعزف وأغنّي الأغاني الإنكليزية فقط ولا سيما أعمال لويتني هيوستن وماريا كاري وتينا تورنر والكثير من الأغاني الكلاسيكية وأغاني البوب الغربية. وهذا الثراء الموسيقي ساعدني حين بدأت كتابة أغنياتي الخاصة أو حين عملت على أغاني مع فنانين آخرين، حيث بت أخلق مزيجاً من الفن الشرقي والغربي.

ما هي الحالة التي تحتاجين إليها عند بدء مشروع جديد؟ من تستشيرين في خلال مرحلة التحضير لأغنية جديدة؟

لا توجد حالة ذهنية محددة يجب أن أكون فيها، فأنا يمكن أن أكون سعيدة جداً أو هادئة أو غاضبة أو منفعلة فأجد في الورق ملاذي لأكتب أغنية تتحدث عن مشاعري وعواطفي. لذلك أشعر أنّ أي حالة ذهنية أكون فيها ستُترجم إلى عمل فني مختلف.

من هي الدائرة المقرّبة التي تستشيرينها حول أعمالكِ الجديدة؟

أشارك دائماً الأغاني الجديدة التي أعمل عليها مع والدي وأخي ووالدتي، فهم كانوا داعمين لي منذ اليوم الأول. أنا أيضاً محظوظة جداً لأنني محاطة بفنانين موهوبين ومقربين مني، منهم الشاعر الغنائي والملحن الموسيقي نبيل خوري القادر على مزج الموسيقى الغربية مع الأغاني العربية لخلق نمط موسيقي جديد وفريد من نوعه في المشهد الموسيقي اللبناني، والمنتج الموسيقي سليمان دميان الذي كان معي في رحلتي منذ عملي الفني الأول، وأنا أقدّر رأيه كثيراً، فهو رأى في صوتي روح جديدة وساعد في إبرازي ضمن المشهد الموسيقي، ما يساعدني في تشكيل هويتي الموسيقية.

تقدّمين في كلماتكِ وأغانيكِ صورة عن روح ومشاعر فتاة عربية إنّما بأسلوب فنّي جديد؟ لماذا اخترتِ ألّا تشبهي التيار السائد؟

أنا امرأة لبنانية أعيش في الشرق الأوسط، وكبرت وأنا أغنّي الأغاني الإنكليزية فقط. لكنني اخترت أن أكتب وأصدر الأغاني باللغة العربية لأنّها لغتي الأم، وأنا فخورة بها. إنّها لغة جميلة وهي الطريقة التي أعرف بها كيف أعبّر عن نفسي أكثر، كما أنني أسعى إلى التواصل مع جمهوري المنتمي لمجتمعي، لكنني أود أن أفعل ذلك بطريقتي الخاصة، ولهذا السبب إذا استمعتِ إلى أغنياتي، ستلاحظين أنّها تحتوي على الكثير من الموسيقى الغربية والبوب، فأنا أحب استكشاف شيء جديد وإنشاء هوية جديدة تناسب شخصيتي. ومن المهم أيضاً ألا أنجرّ إلى مسار محدد موجود بالفعل، فأنا قادرة على إنشاء مسار خاص بي وقريب من شخصيتي لأنني إذا كنت صادقة مع نفسي، سيتمكن الناس من التواصل معي. أشعر أنّ الكثير من الفنانين يرون ما هو رائج ويحاولون ركوب الموجة وعدم التجديد. وفي بعض الأحيان، لا يكون من الخطأ القيام بذلك، ولكن من الجيد والمهم أيضاً أن تجدي ما يعجبكِ حقاً وبعمق، وتقديمه للناس من خلال أسلوبكِ الموسيقي الخاص.

هل وجدتِ صعوبة في مشاركة مشاعركِ عبر كلمات الأغاني ولا سيما أنكِ شابة تنتمي إلى أسرة عربية، وكيف رصدتِ تفاعل الجمهور مع صراحتكِ وأسلوبكِ ومشاعركِ التي تحاكي كل فتاة عشرينية؟

أجد صعوبة في صياغة مشاعري بالكلمات والتعبير عنها، سواء في كتابة الأغاني أو في التحدث ومشاركة مشاعري مع المقربين مني. أحتفظ دائماً بمشاعري لنفسي ولا أستطيع التعبير عنها إلا من خلال الموسيقى. وعندما كتبت أغنيتي الأولى "كيف بنسا"، كنت أعرف بالضبط ما أريد أن أتحدّث عنه وقد ألهمتني الكثير من الأحداث التي تحدث في لبنان ومن حولي والتي أنا متأكدة من أنّ الجميع يمكن أن يرتبطوا بها في ذلك الوقت، ولكن وجدت أنّه من الصعب وغير المريح أن أكشف عن هذه المشاعر من خلال الكلمات وأكشفها للجمهور. ولكن بمجرّد إصدار الأغنية ورؤية مدى حب الناس لها زادت رغبتي في كتابة المزيد والمزيد من الأغاني حول مواضيع مختلفة أيضاً، لأننا نحن العرب مررنا بالكثير ولدينا الكثير لنتحدّث عنه ولدينا الكثير من المشاعر والعواطف التي نريد التعبير عنها وأشعر أنّ الموسيقى بالنسبة لي هي أفضل طريقة للقيام بذلك.

ما الذي يميّز صوتكِ وأسلوبكِ الغنائي ويعطيكِ هوية خاصة؟

ما يمنحني هويتي هو مزيج الأصالة والعاطفة والسرد الشخصي الذي أحمله في موسيقاي، والأصالة هي المفتاح. أحاول دائماً أن أبقى صادقة مع نفسي ومع تجربتي في كل أغنية أغنّيها. وسواء كان ذلك فرحاً أو حزناً أو أي شيء بينهما، أنا أسكب مشاعري الحقيقية في موسيقاي، ما يخلق تواصلاً مباشراً مع المستمعين. وأؤمن أيضاً بقوة رواية القصص، فكل أغنية أؤدّيها هي لمحة عن التجارب التي شكّلتني، ومن خلال مشاركة قصصي من خلال أغنياتي، أدعو الآخرين لرؤية العالم من خلال عينيّ.

كيف ترين تفاعل الجمهور العربي مع أغانيكِ والحالات التي تقدّمينها عبر اختياراتكِ للموسيقى والكلام؟ هل ترين وجود تغييرات في ذوق الجمهور العربي، وما الذي يبحث عنه في الأغاني والموسيقى بشكل عام؟

في البداية كنت قلقة بعض الشيء لأنّ أسلوب الموسيقى والإنتاج يحتوي على الكثير من العناصر الغربية والجمهور معتاد على الاستماع إلى الأغاني العربية التقليدية، ولكن في الواقع، بعد صدور أغانيّ، شعرت أنّ الناس كانوا سعداء بالأسلوب الجديد حتى لو لم يكن به الكثير من العناصر الشرقية، فقد ارتبط الجمهور بالكلمات كثيراً لأنّها كانت بسيطة ومباشرة للغاية. «كيف بنسا» و«شي غريب» و«شو الحل» يتطرقون إلى مواضيع ومواقف مررنا بها جميعاً. وأعتقد أنّ الموسيقى اليوم تتغير، حيث يتم تقديم الكثير من الأساليب، والتطرّق إلى مواضيع جديدة ويسعدني أن أكون جزءاً من هذه الموجة الموسيقية الجديدة التي يحبّها الناس ويستمتعون بها بالفعل. ومرّة أخرى أؤكد أنه، طالما أنّ الفنان يقدّم شيئاً حقيقياً بالنسبة له، فسوف يصل إحساسه إلى الناس بسهولة.

هل تفكّرين بالتمثيل أم ستركّزين فقط على الغناء؟

أحب الفن بجميع أشكاله ولا أمنع نفسي أبداً من استكشاف الفرص والمشاريع الجديدة. لقد درست صناعة الأفلام في الجامعة وحضرت دروساً في التمثيل ومثّلت أيضاً في بعض الأفلام القصيرة وأنا حالياً بصدد مشروع جديد يتضمن تواجدي على المسرح، والغناء والتمثيل والرقص. حبّي للموسيقى عميق وسيظل دائماً حبّي الأول، ولكن أعتقد أنّ التمثيل يكمّل طموحي الغنائي، وفي نهاية المطاف، سأستمر دائماً في اغتنام كل فرصة للنمو والتعبير الفني تأتي في طريقي.

هل من مواضيع اجتماعية معينة ترغبين في تسليط الضوء عليها عبر أغانيكِ مستقبلاً؟

تطرقت إلى العديد من المواضيع في أغنياتي مثل الحب والخسارة والتعلق والحنين والعلاقات السامة، ولكن هناك الكثير من المواضيع التي أود أيضاً استكشافها: قيمة الذات والتخلي عما ليس جيداً لكِ، وألا تخافي من قول لا والدفاع عن نفسكِ. أود أن تحفّز أغنياتي القادمة الناس على القيام بالأشياء التي يخشون القيام بها. ولكن أيضاً، أود حقاً إصدار أغانٍ تتحدث ببساطة عن مدى جمال الوقوع في الحب لأنّه لا يوجد شيء أفضل من العثور على شخص يجعلكِ سعيدة ويمكنكِ الاستمتاع بأغنية معه! أعتقد أنّ الموسيقى لديها القدرة على الشفاء والإلهام، وأنا متحمسة لاستخدام منصّتي لمعالجة القضايا الاجتماعية المهمة وتعزيز رسائل التعاطف والشمولية والتمكين.

هل تعتبرين أنّ الغناء كان أحد أحلامكِ وقد تمكّنت من تحقيقها؟

الغناء كان حلمي دائماً منذ أن كنت طفلة صغيرة عندما كنت في الثامنة من عمري تقريباً، فكنت أغلق باب غرفة نومي، وأحمل ميكروفوناً صغيراً أهداه لي والداي، وأبدأ في الغناء، وأتخيل نفسي واقفة على خشبة المسرح أمام الكثير من الناس. أنا ممتنة للغاية لأنني تمكّنت من تحقيق حلمي بجعل الموسيقى جزءاً أساسياً من حياتي. ومن إصدار أغنياتي الخاصة إلى الأداء على المسرح والتواصل مع المستمعين في جميع أنحاء العالم، لقد أنعم الله عليّ بالكثير من الفرص.

ما هي أحلامكِ المقبلة التي تهدفين لتحقيقها؟

لدي مجموعة من الأحلام والطموحات التي أريد أن أحققها في المستقبل. أحد أكبر أحلامي هو الوصول إلى المزيد من الأشخاص من خلال موسيقاي والتواصل مع المستمعين من جميع أنحاء العالم ولمس قلوبهم بأغنياتي. سواء كان ذلك من خلال العروض الحية أو التعاون أو مشاركة الموسيقى الخاصة بي عبر الإنترنت، أريد الاستمرار في توسيع نطاق جمهوري ونشر رسائل الحب والأمل والتمكين. أحلم أيضاً بدفع حدود إبداعي واستكشاف مناطق موسيقية جديدة، بدءاً من تجربة أنواع وأنماط مختلفة وحتى التعاون مع فنانين متنوعين، وأنا متحمسة لمواصلة التطور وإخراج نفسي من منطقة الراحة الخاصة بي. وعلى المستوى الشخصي، أريد أن أبقى صادقة مع نفسي، وأن أبقى متمسكة بقيمي، وألا يغيب عن بالي أبداً سبب وقوعي في حب الموسيقى في المقام الأول. وبغض النظر عن التحديات، فأنا متحمّسة لاغتنام كل فرصة جديدة، ومطاردة كل حلم جديد، ومعرفة أين ستأخذني هذه الرحلة المذهلة بعد ذلك.

هل ترين أنّ الإيمان بأحلامنا يحولها إلى حقيقة أم يجب السعي والعمل الدؤوب لكي يحصل ذلك؟

في الحياة، عندما تريدين تحقيق شيء ما، ليس هناك شيء واحد فقط عليك القيام به، بل هي عملية كاملة، كل خطوة لها نفس أهمية الأخرى. أولاً، عليكِ أن تؤمني حقاً بأحلامكِ وما تريدينه، وأن تفهمي سبب رغبتكِ في تحقيق ذلك إلى هذا الحد. سيمنحكِ هذا إحساساً بالهدف والاتجاه، ويحفزّكِ على الاستمرار في المضي قدماً حتى عندما تصبح الأمور صعبة. ثانياً، عليكِ أن تضعي أفكاركِ وأفعالكِ فيه. يجب أن تكوني على استعداد لبذل كل الجهود المطلوبة للوصول إلى ما تريدين لأنّ أحلامكِ لن تتحقق من تلقاء نفسها. إنّه في الواقع مثل بناء منزل: عندما تؤمنين بخطتكِ لبناء هذا المنزل، فإنّكِ ترين المنتج النهائي، وتعرفين كيف سيبدو. ولكن من دون البدء فعلياً في بنائه خطوة بخطوة، فلن يظهر من تلقاء نفسه. لذا فإنّ هذا المزيج بين الإيمان والعمل الجاد هو الذي سيوصلكِ دائماً إلى المكان الذي تريدين الذهاب إليه. هناك أيضاً نقطة مهمة للغاية وهي أنّه عندما تسعين لتحقيق أحلامك، لا ينبغي أن تنشغلي بمقارنة التقدّم الذي تحرزينه مع تقدّم الآخرين. إنّها ليست منافسة. رحلتكِ ملككِ وحدكِ، وطريق الجميع إلى النجاح يبدو مختلفاً. لذلك يجب عليكِ التركيز على رحلتكِ الخاصة، والاحتفال بانتصاراتكِ، والتعلم من أخطائكِ، والحفاظ على الصحة.

افرئي المزيد: دانا حوراني:" آمني بحلمكِ والنجاح سيكون حليفكِ"

 
شارك