غزلان غينيز: ملعبي الخاص يتمحور حول تطوير الذات وتعزيز الثقة وتحسين مهارات ريادة الأعمال
تغيّرت الكثير من المفاهيم الاجتماعية والحياتية في الوقت الحالي، فلم يعد حب الذات مرتبطاً بالأنانية، واختلف إعطاء الأولوية للسعادة الشخصية، عن عدم التفكير بالآخر أو مراعاته، بل بات هذين الأمرين باباً واسعاً لتحسين جميع أنواع العلاقات والارتقاء بالنفس وبالآخر الذي نتفاعل معه، وتوجيهها في الاتجاهات الصحيحة.
بات إعطاء الأولوية لراحتك وسعادتك ورفاهك، أساس للنجاح ويشمل ذلك قبول نقاط ضعفك وقوتك، واتخاذ خيارات تصب في مصلحتك بالدرجة الأولى.
نتعرف فيما يلي على 3 شابات عربيات وصلن إلى مرحلة حب الذات، ليشاركننا كيف حققن هذا الأمر، وما الذي تعملنه من رحلاتهن في الاكشتاف والوصول إلى "أنا" أكثر تصالحاً وقوة وسلاماً.
حين أسمع إلى فيديو شاركته غزلان غينيز عبر إحدى وسائل التواصل، لا يسعني إلا التوقف والإصغاء بتركيز إلى كلماتها، بطاقتها وحيويتها وصوتها الدافئ والهادئ، تصل بسهولة إلى الروح وتحاكي العقل بأسلوبها الواضح ومنطقها الذي لا تشوبه شائبة، لذا كان اللقاء معها متعة كاملة، وبمثابة درس جميل في الحياة. هي التي أسست مشروع The Modist الذي وصل إلى العالمية، تخوض اليوم مجالاً توعوياً وتوجيهياً مهماً مخصصاً لرائدات الأعمال. فكيف تصف رحلتها الخاصة، وما الذي أثر في تكوين شخصيتها الاستثنائية؟ اكتشفي المزيد عنها في هذا اللقاء.
نجاحك وما تحققينه في حياتك اليوم هو بمثابة رسالة أمل لكلّ شابة تأخرت لكي تعرف أهدافها الحياتية، كيف يمكن لها أن تعرف أنها على الدرب الصحيح؟ أم أنها على خطأ فتغيّر الطريق؟
حين نكون في العشرينات، فإنه من المسموح لنا أن نخطئ ونجرب ونتعلم، على الرغم من أني أؤمن أن العمر أو الوقت لا يمكن أن يكون عائقاً أمامنا لتجربة كل ما هو جديد، إنما في العشرينان سنكون في بداية الطريق، ونستطيع بالتالي الاختبار لكي نتعرف أكثر عن ذاتنا.
في الحياة ليس من المفروض أن لا نخطئ أبداً، بل أن نتعلم بعد ارتكاب الخطأ ولا نكرره ونعيد أنماطه، بالنسبة لي ولدى التفكير في الأمور الأساسية والمهمة في حياتي سواء عمل أو علاقات، حين أبدأ بالتساؤل: هل أخذل نفسي لدى القيام بأمر ما؟ إذا كان جوابي بالإيجاب فهذا يعني أني أقوم بأمر خاطئ وعليّ أن أغيّره، وعلى الرغم من أن الجواب سيعني أنّ عليّ القيام بتغيير مصيري وكبير ومؤلم أحياناً، إلا أني أقوم به وأنا مستعدة لكل النتائج.
حدثينا عن الفترات المصيرية التي أحدثت خلالها التغيير في حياتك؟ كيف كانت مشاعرك وحالتك النفسية، وكيف عرفت أن وقت التغيير هو الآن؟
يوجد الكثير من المراحل المصيرية في حياتي، والتي غيرت مسارها بشكل كبير، ولكن في كل مرة حصل معي تغيير كبير باتجاه أمر مثمر وإيجابي، كان يسبقها فترة صعبة جداً وقاسية، فأنا كنت أواجه إما الفقدان لشخص أو عمل أو مكان ربما، أو أضطر لأتغير أتطور ذاتياً بشكل إجباري، وهذا ما جعلتي أقتنع وأؤمن أنه عملياً وروحانياً حين نرغب بالارتقاء نحو مرحلة أفضل، يجب أن يكون هناك فترة قاسية تسبق مرحلة الوصول، وبحسب طريقة تفكيرنا يمكن أن نأخذها إما إيجابياً فنتحسن، أو سلبياً فنراوح مرحلة الفقد والخسارة والحزن الذي يليهما.
كيف نخلق الإيجابية داخلنا، ونخرج من الفترات القاسية من دون خسائر نفسية دائمة؟
الإيجابية متل العضل، لا تخلق معنا ولكننا ننميها ونطورها، كل شخص يرغب بأن يكون إيجابياً وعليه أن يعزز هذا الاتجاه داخله من خلال إيمانه بأنه شخص صالح، يعمل بجهد ويسعى نحو التطور في مختلف نواحي حياته، كما يجب أن ندرب ذاتنا على الإيجابية فتصير مثل الروتين في يومياتنا، فنراقب اللغة التي نتكلم بها مع ذاتنا، فلا نجلد أنفسنا بل نتحدث معها بطيبة ورأفة وتسامح، نٌدخل قيماً إيجابية من خلال ما نختار مشاهدته عبر وسائل التواصل أو التلفزيون، ونحيط أنفسنا بأصدقاء غير سامين، يضيفون إلينا ويساعدوننا. هذا لا يعني أن الحياة لن تكون صعبة ولن تختبرنا بتجارب قاسية، لكن يكون علينا أن نتاقلم ونبحث عن الحلول.
كيف تغيرت شخصيتك في رحلتك الحياتية ومع اكتمال النضوج والرؤية لديك؟
كان لديّ الكثير من المسؤوليات في بداية حياتي، أكبر من تلك التي تتحملها شابة في سني، ولكني تحملتها بكل قوة وصلابة، لا أنكر أني ارتكبت بعض الأخطاء ولكني لا أندم عليها، فأنا حاولت الموازنة بين عيش حياتي والتمتع بوقتي واكتشاف الناس وتكوين الصداقات، وبين التحديات الجدية، لم أكن أملك الحكمة الكبيرة ولكني بنيتها مع الوقت، وحين صرت في الثلاثين، بدأت مرحلة اكتشاف الذات وفهمها والتطور على الصعيد الشخصي، بدأت أفهم معنى صدمات الطفولة وتكرار الأنماط في الأخطاء، تعلمت أن آخذ الوقت للتعرف على نفسي فلا أظل على السطح بل أغوص في أعماقي لأعرفها ولكي أحسّن تصرفاتي وأرتقي بحياتي. تعلمت تقدير الأشخاص من حولي والاحتفاظ بمن يرفعني ويضمر لي الخير، والتخلص ممن أساء لي ولم يخدم مسيرة تطوري، وما زلت لليوم أتعلم وأستفيد من تجاربي، سواء أكانت قاسية أو جميلة، فأنا لعبت فيها دوراً وبإمكاني الاستفادة من نتائجها مستقبلاً.
تعرضت لثقافات كثيرة في مسيرتك المهنية والحياتية، هل هي من ساهمت في تكوين شخصيتك ونقاط قوتك؟ أم أمور أخرى وتجارب خضتها وأشخاص قابلتهم؟
أنا جزائرية الأب والأم ولكني تربيت مع زوج والدتي وهو لبناني لذا تعرضت كثيراً لثقافته، كما أني عشت سنوات طويلة في دبي، كل هذا الانفتاح والتعرضّ سمح لي بتكوين شخصية مرنة تتمكن من الانسجام في مختلف البيئات، كما أني عملت بجهد وإصرار على تطوير نفسي واكتساب الصفات التي تزيد إليّ وتحسن حياتي. لا أنكر أن الكثير مما انا عليه اليوم يتعلق بشكل مباشر بصدمات الطفولة وتعلم التعاطي معها وتخطيها، ولكني أحاول السيطرة على الميول التي نِشأت داخلي بسببها.. الصدمات والميول لا تختفي بشكل تام ولكن عليّ أن أعرف كيف أتعامل معها ولا أسمح لها أن تؤذيني.
برأيك ما الذي يجمعنا كنساء ويحركنا، وما الذي يفرقنا أو يشكل الاختلاف بيننا في حال تواجد؟
الأمور الشخصية هي التي توجّهنا في الحياة، لذا ومن خلال تواصلي الكبير مع أعداد هائلة من الشابات ورائدات الأعمال، أدركت أن لدينا الكثير من المشاكل المشتركة، فحين نغوص في العمق سنكتشف أن ما يحركنا جميعاً هو خمس أو ست قضايا، وحين نستوعب مدى تقاربنا وتشابهنا، سنتعاون ونساعد بعضنا البعض، وسنفرح لغيرنا تماماً كما نسعد لنجاحنا الخاص. حين نصل إلى طريقة التفكير هذه سندرك نجاحنا الخاص، حتى لو تأخرنا بعض الشيء، علينا أن نتاكد أن هناك الكثير من الخير لكل واحدة منا، وبالتركيز على ما نريده وبالتعاون مع من حولنا، سنصل بالتأكيد، وسنتخطى مشاعر الغيرة او الحسد التي يمكن ان نعيشها خلال الرحلة.
حوّلت النجاح المحلي أو الإقليمي لمشروعك التجاري إلى نجاح عالمي يُكتب لك في ريادة الأعمال، كيف أحدثت هذه النقلة؟
أعتقد أن نجاحي في مشروعي التجاري ناتج عن عدة عوامل منها السعي والعمل الدؤوب والفكرة الصحيحة والتنفيذ الدقيق، الذي استقطب الجمهور ولاقى اهتمامهم، كما أن الوقت كان مناسباً لبدء التجارة الإلكترونية، مع توفر فريق عمل قوي ومتمكن، ولكني حين شعرت أني وصلت لما أريده من المشروع ولا مجال للتقدم، أغلقت الصفحة بقناعة وبدأت صفحة جديدة في حياتي.
اليوم تخوضين مجالاً جديداً في FForce، كيف بدأت الفكرة وتطورت؟
FForce هي منصة للإرشاد وتطوير الذات لرائدات الأعمال، وهي مختصة بالسيدات وموجهة للعالم العربي، حيث نقوم بتقديم دورات تدريبية وفيديوهات تثقيفية وتوجيهية، والفكرة بدأت لأني تعرفت على العديد من رائدات الأعمال الشابات خلال مسيرتي المهنية، وأدركت أهمية الاستثمار الصحيح بالذات والقادر أن يغيّر لنا حياتنا نحو الأفضل، بغض النظر عن الظروف التي ولدنا فيها، وجزء من هذه الأشياء يمكننا تغييرها حين نبدأ بالعمل على تحسين أنفسنا، أنا مثلاُ كنت غير قادرة على التحدث بطلاقة أمام الجمهور، ولم أملك الثقة اللازمة بالنفس، ولكني بعد أن عملت لفترة طويلة على تطوير ذاتي وداومت على الانظباط والإصرار، عرفت كيف أغيّر كل النواقص التي كنت أواجهها، وأردت أن أنقل معارفي لغيري من النساء.
بدأت في فترة كورونا حين كانت أغلب الأعمال تواجه تحديات وصعوبات، وصرت أعقد جلسات مع شابات يقصدنني للنصيحة، ومن خلال أحاديثي معهن، أدركت أننا جميعنا نواجه مشاكل متقاربة وثغرات مشتركة، أحياناً بسبب نقص المعلومات أو طريقة التفكير، ورغبت بنشر الوعي حولها من خلال تواجدي عبر وسائل التواصل، وتطور الأمر ليومنا الحالي.
مع دخولنا اليوم سنة جديدة، هل تضعين قرارات وأهداف لكل عام؟
أؤمن كثيراً بضرورة تحديد أهداف واضحة ووضع خطة مفصلة لكيفية تحقيقها، وبهذه المناسبة، لديّ صف مدته أكثر من 5 ساعات مخصص لهذا الموضوع، أشرح فيها كيفية وضع أهداف ورسم الطريق نحو الوصول إليها. انا أضع أهدافاً تفصيلية حول صحتي الجسدية والنفسية، مهنتي، علاقاتي، طريقة تفكيري، صداقاتي، وضعي المالي والروحاني، فأقيم وضعي الحالي وأضع أهدافي للمستقبل.
تقدمين محتوى ملهم بكل المقاييس عبر وسائل التواصل: كيف تختارين رسائلك للنساء من خلاله؟ إلى أي مدى تعكسين حقيقتك أيضاً؟
لديّ ساحة أو ملعب مخصص لي وهو يتمحور حول تطوير الذات وتعزيز الثقة بالنفس والإيجابية وتحسين مهارات ريادة الأعمال، فهذا ما أعرفه بشكل كبير وأستطيع مساعدة الشابات من خلاله، لذا سأستمر بالتحدث وإلهام من حولي، للوصول إلى كل من أحب المحتوى الذي أقدمه، مع التركيز على نشر طاقتي الخاصة والمحافظة على أصالتي وصدقي في نقل تجاربي ومعارفي. أكثر ما يميزني برأيي هو شفافيتي، فأنا لا أقول شيئاً لا أقوم أنا بتنفيذه: حين أطلب من الشابات وضع نية واضحة ليومهن، هذا لأني قمت بذلك قبلهن وساعدني هذا الأمر في تنظيم حياتي بشكل أفضل، لذا أحب الطريق والمنحى الحالي لحياتي وأتمنى أن أنقل للشابات ما يحتجن إليه لاكتشاف الذات ووضعها في مسارها الصحيح والمناسب.
اقرئي المزيد: ليلى عبدالله: التجارب علّمتني أنّ الضعف ليس عيباً بل هو أول خطوة نحو القوة