يعرف المتابعون للموضة أنّ فيلم The Devil Wears Prada المأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه والذي تمّ إنتاجه عام 2006 وحقق نجاحاً ساحقاً، مقتبس من حياة رئيسة تحرير مجلة Vogue الأميركية Anna Wintour، وعلى الرغم من أنّ كاتبة الرواية التي كانت المساعدة السابقة لـWintour نفت هذا الأمر، إلاّ أنّ من عمل مع هذه الأخيرة يؤكد وجود تشابه كبير بينها وبين شخصية بطلة الفيلم من حيث القوة والقسوة والصرامة في الإدارة، فمن هي Anna Wintour وهل حقاً تنطبق عليها هذه الصفات؟
أبصرت Anna النور في لندن عام 1949 وهي ابنة أسرة غنية ومعروفة، إذ إنّ والدها كان مدير تحرير جريدة عريقة، وقد تنبأ لها النجاح في مجال الأزياء منذ سنوات مراهقتها ونصحها أن تعمل في هذا القطاع فاتبعت نصيحته وتركت الجامعة لتعمل في وظيفة متواضعة كبائعة ملابس، لتتلقّى بعد ذلك دروساً في الأزياء في متجر Harrods الشهير ما ساعدها في معرفة احتياجات السوق وما يفضّله المستهلكون. برز حسّ Wintour المتمرّد في مجال الموضة منذ طفولتها، إذ كانت تقصّر تنانير المدرسة، تغيّر في موديلات الملابس التقليدية، وتدافع عن خياراتها معتمدةً على ثقة قوية بالنفس أخذتها من إيمان والدها بها وعلى ذكائها الحاد.
خلال هذه الفترة كانت Anna تساعد والدها في عمله الصحافي، فتغطّي الأحداث الشبابيّة في أوائل الستينات، وتبدي رأيها في ما يحصل وتتفاعل مع أصدقاء عائلتها الصحافيين وتكتسب منهم الخبرة التي استفادت منها في ما بعد، وتحديداً عام 1970 حين بدأت العمل الصحافي عند اندماج Harpers Bazaar مع مجلة Harpers & Queen.
الانتقال إلى نيويورك
تقول Anna: “والدي كان مسؤولاً مهماً في جريدة بريطانية، ولذلك كنت محاطة بالصحافيين طيلة حياتي، وأردت أن أبتعد عن محيط والدي ومعارفه، فاخترت السفر واخترت عالم المجلات بعيداً عن الجرائد”. هكذا وصلت الشابة البريطانية إلى نيويورك وعملت في أكثر من مجلة موضة متنقلة بين العديد من العواصم، إلا أنّ الحدث المهني الأبرز الذي حصل معها وغيّر حياتها هو وصولها إلى رئاسة تحرير مجلة Vogue الأميركية سنة 1988.
Vogue بشكل جديد
كانت مجلة Vogue تواجه المشاكل بسبب تراجع شعبيتها لصالح مجلة Elle، وذلك بسبب توجهها للنخبة النسائية فقط، فكان دخول Anna بمثابة الصحوة التي تحتاج إليها لتعود إلى دائرة المنافسة ولتحقّق النجاح من جديد. عملت الرئيسة الجديدة على كسر المفاهيم القديمة وسعت لجعل الموضة متاحة للفئة الأكبر من السيدات، للنساء العاملات والمنتجات الباحثات عن أزياء تعكس شخصيتهن وترضي طموحاتهن، قرّرت طرح صيحات جريئة وبسيطة على صفحاتها بعيداً عن التنميق والتكلّف، فتغيّرت فلسفة المجلّة وحتّى شكلها، باتت أكثر شباباً وحيوية، استعانت بعارضات أزياء غير معروفات، وكانت تمزج في الأزياء التي تنتقيها لهنّ بين القطع الغالية وتلك الأقل ثمناً، لتؤكّد نهجها وهو أنّ الموضة الراقية يجب أن تكون متاحة أمام الجميع، كما كانت من أوائل من استقدم نجمات الدراما.
المحرّك الخفي للصيحات
حفرت لنفسها اسماً من الماس في عالم الموضة، عملت على تعزيز مكانتها خلال أكثر من 30 سنة، فغدت من أهم الشخصيات النسائية في هذا المجال، فهي المدعوة الأولى إلى عروض الأزياء، يسعى المصممون إلى كسب رضاها، ولطالما أنصفت الموهوبين منهم ودعمتهم. هي المحرّك الخفي للصيحات، تُنجح تلك التي تعجبها عن طريق تسليط الضوء عليها في المجلة، وتُفشل تلك التي لا تجد فيها أيّ جديد وثوري، ببساطة لأنّها تؤمن بمقولة إنّ الموضة “ليست بالنظر للخلف، إنما بالنظر دوماً إلى المستقبل”.
النظارات السوداء
تتميّز أزياؤها بالشياكة عاكسةً ذوقها المميّز والرفيع، تحب انتقاء الفساتين من دار CHANEL فتُبرزها بسبب رشاقتها وقوامها الممشوق على الرغم من أنها تعدّت الـ66 من العمر. المعروف عنها أنها وفيّة لتسريحة الكاريه القصيرة مع الغرّة المستقيمة والتي اعتمدتها منذ سن صغيرة، كما تتميّز بالنظارات السوداء التي نادراً ما تفارق عينيها.
شخصيّة مختلفة
يؤكد المقربون منها أنّ شخصيتها مختلفة تماماً بعيداً عن العمل، فهي حنونة ومتعاونة ومحبة لأصدقائها ولأسرتها، كما أنّ لها أعمالاً فنية وإنسانية وخيرية كثيرة، وقد حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات ولا تزال حتى اليوم مستمرة في عطائها وإبداعها الصحافي والإداري.