منال الضويان..الفنّ يعكس صورة مجتمعاتنا

تؤمن بأنّ القطار لا يفوتنا إطلاقاً لتحقيق أحلامنا، هي الفنانة والمصوّرة السعوديّة منال الضويان التي عملت لسنوات في مجال برمجة نظم المعلوماتيّة قبل أن تقرّر ترك وظيفتها وتحقيق حلمها في أن تصبح فنانة تشكيليّة. كانت الضويان على دراية تامّة بأنّ النجاح يتطلّب تخطّي التحديّات وامتلاك الإرادة للاستمرار وعدم الاستسلام للصعوبات، وهذا ما فعلته الشابّة الطموحة التي باتت اليوم من أهمّ الأسماء اللامعة على ساحة الفنّ التشكيلي في الخليج.

اقرئي: فيلم لبناني ينافس على السعفة الذهبية في مهرجان كان… ما هو؟

من برمجة نظم المعلوماتيّة إلى  الفنّ التشكيلي، كيف حصلت هذه النقلة النوعيّة؟

عندما تخرّجت من الثانويّة لم تكن هناك جامعات كبيرة لتعليم الفنون في الخليج، وقد أراد والداي أن أدرس اختصاصاً يخوّلني العمل سريعاً، فاخترت برمجة نظم المعلوماتيّة وتابعت دراستي في أميركا ونلت شهادة الماجستير من بريطانيا، وخلال فترة تواجدي هناك درست فنّ التصوير في إحدى الجامعات إذ كنت أحبّ هذا المجال. لم أندم يوماً على دراسة نظم المعلوماتيّة، فلو لم أخض هذه التجربة لما كنت تواجدت في بريطانيا ودرست التصوير. رافقني حبّي للفنّ طوال سنوات شبابي والآن أصبحت أستفيد من معلوماتي في التكنولوجيا والطباعة لا سيّما أنّ معظم الفنون والبرامج تتطلّب ثقافة في نظم المعلوماتيّة، لذا أعتقد أنّ شهادتي ساعدتني على التعامل مع التطوّرات التكنولوجيّة.

هل كان من الصعب التخلّي عن الوظيفة الثابتة للتفرّغ للفنّ؟

كان هذا التحوّل صعباً جدّاً في مجتمعي الصغير فقد عاتبني من حولي من أهل وأصدقاء على تركي الأمان المادّي والوظيفي والانطلاق في طريق جديدة وغريبة بعد خبرة 10 سنوات في مجال البرمجة، إلّا أنّني أردت أن أتبع شغفي وأحقّق أحلامي فأصررت على رغبتي وتحقّق لي ما أردت.

اقرئي: دبي أبو الهول… قصص الأطفال بروح عربيّة جميلة

أخبرينا أكثر عن مشروع «اسمي» المميّز.

هو من أوّل الأعمال التي قدّمتها وقد طرحت فيه فكرة العمل الجماعي في الفنّ بعد أن وجدت أنّ اسم المرأة يذكر في أوساطنا العربيّة بخجل وأنّ الرجال يحاولون إخفاء أسماء النساء من أخواتهم وزوجاتهم، لذا أردت أن تفتخر المرأة باسمها وتكتبه أمام الملأ، وبهذه الطريقة تكون الرسالة أنّ أسماءنا مصدر فخرنا وليس خجلنا، وقد كانت أصداء العمل إيجابيّة جدّاً ووصل إلى المحافل الدوليّة.

كيف أتتك فكرة «إذا نسيتك فلا تنساني» التي أصبحت في المتحف البريطاني؟

جاءتني فكرة هذا العمل بعد وفاة والدي، فخلال تلك الفترة تعلّقت جدّاً بأغراضه وشعرت بقيمتها المعنويّة الكبيرة وصرت أفكّر بمعنى الأشياء التي يتركها الشخص بعد رحيله، وهذا ما دفعني إلى البحث عن نساء ورجال بعمر والدي الراحل خاضوا تجربة مشابهة لتجربته في العمل وساهموا في بناء البلد، وبدلاً من أن آخذ Portrait لهم، قرّرت أخذ صورة للأغراض التي حافظوا عليها والتي لها مكانة خاصة بالنسبة إليهم، منها الهدايا والجوائز واللوحات، وقد استوحيت العنوان من لوحة تحمل دعاء أعجبني كثيراً ترد في مقدّمته جملة «يا رب إذا نسيتك فلا تنساني». وهكذا ظهرت هذه المجموعة وحقّقت نجاحاً كبيراً.

حدّثينا عن مشاركتك في معرض «تشكيل» لهذا العام.

أجد في معرض «تشكيل» مساحة للطباعة وتحميض صور الأسود والأبيض، هو مساحة تحتوي الفنان الذي يعيش في دبي، وبما أنّ الاستديو الخاص بي يتواجد هناك، دائماً ما أتردّد إلى «تشكيل» الذي يسمح لي بالتعرّف إلى الفنانين والتعاون معهم والاستمتاع بما يقدّمه وبأجوائه. أمّا مشاركتي لهذا العام، فكانت من خلال عمل يحمل اسم «نساؤنا العزيزات» ويدور حول فكرة التشتّت، كما وأطرح فيه أيضاً موضوع النسيان المتعمّد الذي نحتاج إليه للاستمرار في الحياة، وهي نقطة تذكّرني بالفيلسوف Nietzsche الذي عالج مواضيع تخصّ الذاكرة والنسيان والاختفاء وعدم الرؤية.

اقرئي: ياسمين رئيس: طريقتي في التعبير تستفزّ البعض

هل ترين أنّ اهتمام الجمهور العربي بالفنّ التشكيلي ازداد عن السابق؟

الاهتمام كان موجوداً فحبّ الفنّ لا يحتاج إلى معايير معيّنة. ما كان يعيب هذا الوسط هو تشتّته، كما أنّ التكنولوجيا كانت غائبة عنه. أمّا اليوم، فقد بات عدد الفنانين أكبر وبالتالي أصبحت نوعيّة الفن وإنتاجيّته أكثر قوّة ومصداقيّة وتعكس بشكل حقيقي ما يحصل في المجتمع. بات الفنّ يخاطب المجتمع العربي بشكل أكبر ويعكس قضايانا ومشاكلنا لا سيّما أنّنا لم نعد نستورد الأفكار ونقدّمها في أطر قديمة وبالية، بل صرنا نبحث عن التجديد. أعتبر أنّ أفكارنا أصبحت تفاجئ العالم بأسره وتصل إلى خارج دولنا.

ما هي مشاريعك المستقبليّة؟

أتحضّر للمشاركة في معرض في الكويت من خلال عملين جديدين، كما وسأشارك في معرض في كندا، مع العلم أنّني أكمل ماجستيري الثاني في بريطانيا حول فكرة «المساحات العامة».

 
شارك