سائقة السباقات أرجوان عمّار: أستمتع بإنجازات تعبت لتحقيقها رياضياً ومهنياً
من أنتِ؟ ما هي حقيقتكِ؟ كيف تعبّرين عنها من خلال اختياراتكِ الشخصية والمهنية؟ اخترنا في هذا العدد 5 شابات عربيات ناجحات كل واحدة في مجالها، لتخبرنا قصة نجاحها وكيف تتمكن من أن تكون حقيقية في عصرنا الحالي، حيث الكثير من القيم والصور وحتى النجاحات المزيفة.
سنوات العمل الكثيرة والخبرة الطويلة ليست معياراً لتحقيق النجاح على أرض الواقع، فالإصرار والجدية والمثابرة على تحقيق الطموح يمكن أن يوصلوكِ إلى النجاح في مشروعكِ الخاص، وبناء اسم لامع في مجال رياضي مهم. والدليل على هذا الأمر الشابة السعودية أرجوان عمّار التي تخوض مجال الراليات بقوة وتحقق نجاحات كبيرة، وفي الوقت نفسه تدير عملاً تجارياً ناجحاً في مجال التسويق. تعرّفي على قصّتها في هذا اللقاء.
افتتحتِ مشروعكِ التجاري الخاص قبل سنوات وتحققين النجاح من خلاله، حدّثينا عنه قليلاً، وكيف تحوّل اهتمامكِ نحو مجال الرياضة ولا سيما سباقات السيارات؟
درست إدارة الأعمال في جامعة ليفربول في بريطانيا، وافتتحت مشروعي الخاص في مجال الإنتاج والتسويق وكنت لا أزال في الجامعة وقد حمل اسم Brund.run، كما أنني اليوم أشارك في عمل عائلي في المجال الصناعي، فأنا أعشق العمل ويمكن القول إنني مدمنة عمل لدرجة أنّ والدتي تقول لي إنّها تظن أحياناً أنّها أنجبت ولداً! اليوم أبلغ من العمر 24 سنة ومتحمسة جداً لما يخبؤه لي المستقبل على المستوى المهني والرياضي. تأثرت كثيراً بعائلتي المحبة كثيراً للعمل والإنتاج، وأردت أن أكبّر عملهم وأساهم فيه بطريقتي ورؤيتي الخاصة، ومن هنا استمديت الوحي منهم وتعلمت الكثير عن أساليب القيادة والإدارة. بالنسبة للسباقات، فهي أتت إليّ بالصدفة، فأنا من النوع الجريء والفضولي والمحب لاكتشاف أي أمر جديد.عرفت بوجود رالي "جميل" وهو حدث مخصص للسيدات، وهو بالمناسبة رالي ملاحي وليس رالي سرعة، ويساعد كل شابة في تجربة نشاطات جديدة، فشاركت في نسخته الثانية لمجرد الفضول، حيث بدأت كملاحة وليس كسائقة، وقد خدمني هذا الأمر اليوم كثيراً أي بعد أن صرت سائقة، فقد وضعت نفسي مكان الملاح، وعرفت ما يواجهه لكي يؤدي دوره كما يجب. كان الرالي لمدة 5 أيام، زرنا العلا وحائل والقسيم، واستمتعت كثيراً بوقتي في خلالهم، حيث تعرّفت على أشخاص من مختلف الجنسيات والثقافات والأعمار. شعرت أنني أكتشف نفسي وأنني اقضي لحظات لا تنسى، وبنيت علاقات كثيرة خدمتني لاحقاً وقررت أن أستمر.
كيف بنيتِ اسمكِ في هذا المجال بعد رالي "جميل"؟
قررت أن أتعمّق أكثر في هذا المجال، وجذبني كثيراً عنصر المفاجأة، فلا مجال لتوقّع ما تخفيه لكِ الطريق، هو كالحياة تماماً، حين نظن أننا وصلنا نفاجئ بعنصر جديد يمكن أن يعيقنا، ويتوجب علينا إيجاد الحلول السريعة والفعّالة، وهذا الأمر زاد من حماسي للاستمرار، فبدأت بتعزيز مهاراتي وقمت بأبحاث عن أشخاص سبقوني واستفدت من نصائحهم وتدربت على الأرض، وحين صرت مستعدة، قررت المشاركة في بطولة المملكة، ودخلت في ثلاث دورات في خلالها، وبعدها شاركت في رالي تبوك من دون أن أضع أي ضغوط على نفسي، فقد قررت فقط أن أتعلّم وأكتسب خبرة وبعدها سأنافس، ولكن تفاجئت أنني في أول رالي سرعة أخوضه حققت المركز الثاني على فئتي. لم أتوقع ذلك أبداً، ولكن سعادتي كانت كبيرة جداً، بحيث أخذت عهداً على نفسي أنني سأتطور سريعاً وألتزم بالتمرين، لأحقق نتائج أكبر.
كيف تستعدين لكل مسابقة جديدة وما هي أكثر اللحظات تشويقاً التي عشتها؟
أحس بالسعادة والحماس والثقة بالنفس، فلا أضغط نفسي بل أكون على سجيتي، ولكن فور دخولي إلى السيارة، يبدأ التوتر بعض الشيء، فأنا أعي أهمية ما أقوم به، إنّما حين أبدأ أعيش متعة حقيقية وأنسى لبعض الوقت أنني في مسابقة، على الرغم من مروري بمراحل صعبة وخطيرة، إلا أنني أحب التحدّي والإحساس الذي تولده المنافسة فيّ، والأماكن الرائعة التي أراها طوال الطريق. أحب المنافسة كثيراً، أنا اليوم الثانية على مستوى المملكة وأتمنى أن أستمر بتحقيق النجاحات لأنافس دولياً وأرفع اسمي واسم بلدي عالياً. وهذا العام سأشارك في بطولة السعودية وبطولة الشرق الأوسط التي ستكون في قطر والأردن والسعودية والإمارات.
أين تجدين نفسكِ أكثر: في عالم الأعمال أم سباقات السيارات؟
لا تتعارض هوايتي مع عملي، ولا أسمح لأحدهما أن يطغى على الآخر، فاكتشافي لهواية أحبها سيساعدني كي أوازن بين عملي ومستقبلي فيه وبين شغفي الرياضي الجديد. ربما مستقبلاً حين أجد شريك حياتي سأفكّر بخطواتي وأخطط لها بشكل أكبر، أما اليوم فأشعر أنني قادرة على التوفيق بينهما.
حين بدأتِ بعملك التجاري، ألم تخشي من الفشل ولاسيما أنّ اسم عائلتكِ معروف في مجال الأعمال وأن هذا الأمر ممكن أن ينعكس سلباً عليهم؟
في فترة من الفترات كنت خائفة من البدء بمفردي في مشروعي الخاص. فكرت أنه ربما من الأفضل أن أكون موظّفة لأتعلّم وأكتسب الخبرات، ولكنني لم أشعر أبداً أنني سأنجح كموظفة عادية. استرجعت شجاعتي واستفدت من المعلومات التي كنت أستقيها من أهلي طوال فترة طفولتي ومراهقتي ومن تجاربهم، وسمحت لنفسي أن أخطئ في البداية حتى أتعلم من أخطائي، وانطلقت مع إرادة قوية. أحمد الله على النجاح الذي وصلت إليه حتى يومنا هذا، ودراستي ساعدتني كثيراً أيضاً فهي التي وضعت لديّ الأسس السليمة وزادت ثقتي بنفسي لأنني طبّقت مباشرةً ما تعلمته، فحين كان يوكّلنا الأستاذ ببحث ما، كنت أطبقه مباشرةً في عملي التجاري في مجالات الضيافة والفنادق والمنتجعات، كما أنني مؤخراً دخلت مجال القطاعات شبه الحكومية، وأتمنّى التوسّع أكثر نحو العلامات التجارية التي ترغب بإعادة التموضع في السوق السعودية.
هل عارض أهلكِ دخولكِ مجال الرالي الذي يعرّضكِ أكثر للعالم الواسع، حيث صرت اليوم مشهورة وخطواتكِ تحت الأضواء؟
أهلي شجعوني بشكل كبير، فهم لطالما آمنوا بي وبأحلامي وطموحاتي، وهم متفهمون كثيراً لاحتياجاتي ويعرفون أنني سأظل ملتزمة بحدود التربية والعادات والتقاليد والاحترام للمجتمع الذي عشت وتربّيت فيه. أنا أرجع لهم في القرارات الكبيرة لأنني أثق بأنهم يريدون الأفضل لي.
ما هي الصورة التي تحبّين أن تقدّميها عن الشابة السعودية الطموحة والحقيقية سواء في شكلها الخارجي أو في مضمون ما تقدّمه في حياتها وأيضاً عبر وسائل التواصل؟
أريد أن أكون حقيقية بشكل كبير وأتحدث عن الصعوبات التي واجهتها قبل أن أكتشف شغفي الحقيقي، كي لا تظن الشابة التي ستقرأ المقابلة أنّ الحياة كانت دائماً وردية وأنّ النجاح كان حليفي على الدوام. في مراهقتي، عشت صراعاً لأعرف إلى أي اختصاص سأتوجه، كان أهلي مهندسين وفكرت أنني ربما سأنجح كمهندسة مثلهم وبالفعل تسجلت لأدرس الهندسة، ولكنني لم أستطع الاستمرار فانتقلت إلى إدارة الأعمال. أخذت وقتاً لأكتشف نفسي ولكنني لم أستسلم وكنت أجرّب وأفشل، ولأكون صريحة، اليوم أرى الكثير من الشابات يدخلن في مجال وحين يفشلن يتراجعن بسرعة وينزوين، ولا يكررن المحاولة، وهذا أمر خاطئ ومدمر، لذا عليكِ أن تؤمني بنفسكِ وتتقبلي إمكانية وقوع أخطاء، ولكنها ضرورية لأنها ستعلمكِ لكي تنجحي لاحقاً.
أما بالنسبة للصورة التي أقدّمها عبر وسائل التواصل ولا سيما حسابي عبر إنستغرام orjwan.ammar@ فأنا مقتنعة كثيراً بذاتي وبشكلي وإنجازاتي، أختار ما يريحني ويناسبني ويتلائم مع قيمي ومبادئي، ويبرز ما قمت به وما أفتخر بأنني حققته بتعبي وجهدي خلال سنوات قليلة.
ربما يعود السبب في ذلك إلى أنّ النماذج النسائية المشهورة على وسائل التواصل تبين صورة مغلوطة عن سهولة النجاح، فكيف يجب على الشابة أن تدرك زيف هذه الصور، ومدى خطورة هذه المعتقدات على مستقبلهنّ؟
على الشابة أن تعرف أنّه لا وجود لنجاح سريع أو لسعادة كاملة، هذا النجاح ربما كلّف البعض تنازلات أو الكثير من العذابات خلف الكواليس، فنحن لا نرى إلا صورة محسنة عن الواقع، بينما النجاح الحقيقي يحتاج إلى عمل ومتابعة وإصرار وإرادة.
اقرئي المزيد: هيلينا حجازي: الحرية تعني قدرة اتخاذ خيارات شخصية في مجال اللياقة إذ تختلف التوقعات بين الرجال والنساء