نادين زهر الدين: حب الذات يتعلق بإعطاء الأولوية لاحتياجاتي ورغباتي والعناية بنفسي

كيف يمكن أن تعبري عن حبّ الذات؟ سؤال طرحناه على أربع فنانات ومصممات عربيات شابات موهوبات، وتركن لهن الحرية لإبداع ما يعكس هذا المفهوم، من خلال كلمات، صور، تعابير، رسومات، أفكار، أفلام، أغاني.. وكل ما يخطر في بالهن.

تنطق لوحات نادين زهر الدين بالأحاسيس والمعاني فيتجلى إبداعها الفني بأبهى صوره على الورق أمامها ليعكس أفكاراً وتجارب ثرية وعميقة شكلت رؤيتها للحياة من حولها. هي التي تعشق الفن وتقوم بتدريسه، غاصت أيضاً في أشكال العلاج بالفنون لتشارك خبرتها في هذين المجالين عبر معارض فنية مهمة، ومن خلال صفحتيها عبر إنستغرام: nadinezarte وcreate_heal_connect، تحدثنا اليوم عن رحلتها الخاصة في حب الذات.

ما الذي يعنيه لك حب الذات؟

حب الذات يعني قبول الذات واحتضانها بكل نقاط قوتها ونواقصها. يتعلق الأمر كله بإعطاء الأولوية لاحتياجاتي ورغباتي، والاعتراف بقيمتي، والعناية بنفسي، والتعبير عن أفكاري بحرية دون أي خوف من الحكم عليّ. أنا كافية كما أنا، أستحق الحب والاحترام، أتعلم وأنمو، ويمكنني ارتكاب الأخطاء وهذا أمر طبيعي، كما أني بحاجة إلى مساحتي الخاصة. بصفتي فنانة وأستاذة جامعية، أعتقد أن حب الذات يشبه رحلة اكتشاف وقبول، تماماً مثل البدء بعمل فني على القماش، فأنا أكتشف أفكاري وأعكس عواطفي وتجاربي. ما يهمني فعلاً هو أن أضع حدودًا صحية، وأعتني بصحتي العاطفية والعقلية، وأحتفل بكل إنجاز حتى لو كان صغيراً.

هل يمكنك مشاركتنا بكتب أو أغان أو لوحات أو غيرها من التأثيرات التي ساعدتك في رحلتك نحو حب الذات؟

أحب كتاب The Gifts of Imperfectionلبرينيه براون. فهي تحدد أهمية الضعف وقبول النقص، لقد تعلمت منه كيف أعرف قيمتي وأقبلها وأجد للتعاطف مكاناً داخلي كي أكون رحيمة مع نفسي.

كما أني متأثرة بشدة بكتاب كمال رافيكانت "أحب نفسك كما لو كانت حياتك تعتمد عليها". حيث يقول: "ليس عليك أن تكون مثاليًا، فهذا الأمر مقبول ومسموح تماماً". يمكن أن نرى من تجربته الخاصة، كم من السهل أن نتقبل ذاتنا ونحبها، ومن هنا صرت أعطي الأولوية للعناية بالذات سواء جسدياً أو نفسياً وعاطفياً.

بالنسبة للفنون، فأجد اهتمامي منصباً على لوحات فريدا كاهلو، التي عبرت من خلالها عن رحلتها وهويتها. صورها الذاتية القوية حيث يمكننا أن نرى كيف تبحث عن هويتها الخاصة وتُظهر القبول والألم العاطفي والمرونة.

أما بالنسبة للأغاني، فيمكنني أن أذكر أغنية كريستينا أغيليرا "جميلة" التي تعمل كتذكير لنا بقيمتنا وجمالنا.

وفيما يتعلق بقدوتي فهي مايا أنجيلو، التي أثّرت كلماتها حول القوة وقبول الذات عليّ. حيث قالت: "النجاح هو أن تحب نفسك، وما تفعله، وكيف تفعله"، مع اعتقادي بأن النجاح الحقيقي لا يتحدد بالإنجازات الخارجية فحسب، بل إنه شعور داخلي بالإنجاز وقبول الذات.

كما أني معجبة بأوبرا وينفري لتشجيعها على حب الذات، وتفانيها في مجالات التنمية الشخصية والعافية والنمو الشخصي. هي تقول: "إن طاقة الكون تستجيب للإيجابية"، وأن حب نفسك كما أنت أمر بالغ الأهمية للنمو والتطور.

ما هي الممارسات التي تجعلك سعيدة؟ وكيف تكافئين نفسك بعد النجاح لتستمري في السعي نحو تقديم المزيد؟

بصفتي فنانة تشكيلية، فإن المتعة تأتي من مجرد خلق الفن الذي يتضمن الرسم والنمذجة والتجريب بتقنيات أخرى مختلفة. يسمح لي هذا الشكل من الإبداع بالاتصال بنفسي على مستوى أعمق. بالإضافة إلى ذلك، أدخلت التأمل إلى ممارساتي اليومية، ما ساعدني على اكتساب الوضوح العقلي والهدوء، خاصة منذ درست العلاج بالفن وفهمت أبعاده.

من جهة ثانية، أمارس أنشطة بدنية مثل لعب التنس، فهي تجعلني سعيدة ومرتاحة، كما أحب الخروج إلى الطبيعة للتهدئة وإعادة الشحن.

عندما يتعلق الأمر بمكافأة نفسي، أؤمن بالعناية الذاتية والامتنان للإنجازات الصغيرة والكبيرة. في حين أن عملية خلق الفن في حد ذاتها مجزية، فأنا أيضًا أكافئ نفسي بأنشطة أخرى. يتضمن ذلك التدليل بعلاج سبا، وتخصيص وقت للقراءة، أو التسوق أو الاستلقاء بهدوء لبضع دقائق. وعندما أنتهي من مشروع مهم أو أصل إلى إنجاز شخصي، أكافئ نفسي برحلة إلى متحف، أو أكتشف بلدًا جديداً، أو أشتري أدوات فنية، أو أقضي عطلة نهاية أسبوع مريحة. وبصورة أساسية، فإن أي شيء يجلب لي السعادة الحقيقية ويسمح لي بإعادة شحن طاقتي هو بمثابة مكافأة ذاتية، وأنا أعطي الأولوية لإفساح المجال لهذه التجارب في حياتي.

متى اكتشفت أن حب الذات ضروري وليس فعلاً أنانيًا كما كان يقال في الموروث الشعبي سابقاً؟

لطالما كنت مشغولة بتقديم الدعم للأشخاص من حولي، لذا أهملت نفسي، وشعرت بالإرهاق، ولم أعد قادرة على رعاية نفسي أو أي شخص آخر. في ذلك الوقت، أدركت أنني لا أستطيع رعاية من حولي ما لم أهتم بنفسي أولاً. أدركت أن حب الذات ليس عملاً أنانيًا ولكنه ضرورة لحب الآخرين أيضًا. حب الذات هو الأساس للسعادة الشخصية والقدرة على حب الآخرين ومساعدتهم بصدق. أدرك أن رعاية أنفسنا ليست أنانية بل حكمة لأنها شرط أساسي للقدرة على رعاية الآخرين.

كيف يمكننا التوقف عن مقارنة أنفسنا بالآخرين؟ في محاولة لعدم إحباط أنفسنا أو التأثر سلبًا بالعيوب التي نراها في الذات بعد المقارنة؟

أولاً وقبل كل شيء، نحتاج إلى فهم ما هي المحفزات وما الذي يسبب هذه المشاعر: هل هي وسائل التواصل الاجتماعي، أو مجموعة معينة من الناس، أو شيء آخر. بدلاً من التركيز على ما ليس لدينا الآن، يجب أن نحوِّل انتباهناناإلى التقدم الذي تمكنت من تحقيقه حتى الآن، ونعترف بانتصاراتنا الصغيرة، ونكون ممتنين لما لدينا، ونتحرر من أي شيء يجعلنا نقارن أنفسنا بالآخرين في المقام الأول. فلنتذكر أن كل واحدة منا هي مشروع قيد التقدم، إنما على طريقتها الخاصة بما يناسب شخصيتها ورحلتها.

كيف يمكننا وضع أطر وحدود صحيحة للعلاقات التي نعيشها؟ وكيف تمكننا العلاقات غير السامة والصحية من اكتشاف حقيقتنا وإيلاءها الاهتمام الذي تحتاجه لتنمو وتتطور؟

من المهم جدًا وضع حدود في العلاقات، يجب أن نفهم احتياجاتنا الشخصية وأن نكون على استعداد للتحدث بصراحة. على سبيل المثال، يجب أن نقول، "أحتاج إلى وقت بمفردي" أو "لقد تأذيت حقًا من هذا التعليق". من المهم جدًا توضيح احتياجاتنا بما يكفي ليفهمها الشريك. يبقى السؤال، لماذا؟ لأن العلاقات الصحية تعطيك انطباعًا بوجود مساحة آمنة. إنها تسمح لك بأن تكوني نفسك ببساطة دون محاولة تغييرك إلى شيء آخر. تتعلمين كيفية إدارة إحباطاتك، وترين نفسك أكثر وضوحًا من قبل، وتصبح الثقة بالنفس حقيقة واقعة.

اقرئي المزيد: داليا عمران: حين نحب ذاتنا نكون في وضع أفضل للتأثير بشكل إيجابي على من حولنا

 
العلامات: فن تشكيلي
شارك