الدكتورة صالحة أفريدي تحدثنا عن منطقة الراحة أو Comfort Zone

منطقة الراحة أو Comfort Zone... سمعتِ بالطبع عنها! ولكن، ماذا تعني فعلاً؟ متى نحتاج إلى التحرّر من الراحة التي نعيش فيها وإلى عيش مغامرة جديدة ترتقي بحياتها، سواء الشخصية أو المهنية؟ كيف نستطيع الخروج من منطقة الراحة، لا سيّما حين تنشأ في وجهنا تداعيات سلبية أكثر من إيجابية؟ تحدّثنا عن كل هذه الأسئلة مع د. صالحة أفريدي، اختصاصية علم النفس والمؤسسة الشريكة والمديرة العامة لمركز لايت هاوس آرابيا للصحة النفسية.

لنفهم أوّلاً ماذا تعني منطقة الراحة!

منطقة الراحة هي منطقة الروتين أو منطقة التكيّف، أي هي الحالة النفسية التي تشعرنا بنوع من الراحة بعيداً عن أي خطر أو تهديد لأنّنا اعتدنا على ممارسات الروتين التي تجري في إطارها. بعبارة أخرى، هي حالة التكيّف التي تمنح الشخص شعوراً بالأمان، لا سيّما أنّه يقوم بأشياء مألوفة ويمكن التنبؤ بها. ولذلك، لا يخشى ما قد يجري معه، بل يشعر براحة كبيرة تجاهها.

نعطيكِ مثالاً على ذلك، أن تبقي في عمل بسيط لا يتغيّر لسنوات طويلة أو أن تكتفي بممارسةالأنشطة الحياتية نفسها بدون أي تجديد من شأنه تعزيز نموكِ الشخصي أو الفكري أو غيره.

لماذا نحتاج إلى الخروج من منطقة الراحة أحياناً؟

صحيحٌ أنّ منطقة الراحة تشعرنا بالأمان وتبعد عناّ أحياناً القلق والتوتّر بشأن الأحداث الجارية، غير أنّها في المقابل قد تؤثر سلباً علينا لأنّ النمو والمغامرة وإطلاق العنان للإمكانات هي جميعها أمور لا تحدث سوى خارج منطقة الراحة. تخيّلي مثلاً أنّكِ تقومين بالأشياء نفسها طوال الوقت! لن يتغيّر أي جانب في حياتكِ، أليس كذلك؟ لن تتمكّني من اكتشاف أوجه جديدة لشخصيتكِ تسمح لكِ بالإبداع والابتكار وتظهر قوّتكِ وشجاعتكِ. فالسعادة تحصلين عليها في غالبية الأحيان حين تخرجين من النطاق المحدود الذي يشعركِ بالأمان والراحة.

هل يشكّل أي وقت محدّد جرس الإنذار للخروج من منطقة الراحة؟

في الواقع، لا يمرّ يوم من حياتنا بدون أن نضطرّ إلى اتّخاذ قرار معيّن. وفي هذه الحالة، إمّا نميل نحو الخيار الذي يترافق بتحدي جديد أو مغامرة جديدة أو نفضّل التمسّك بالخيار الآمن والمريح بالنسبة إلينا. صحيح أنّ الخيار الأوّل، أي خيار التحدي والمغامرة، قد يترافق ببعض التوتّر أو عدم الارتياح، وهذا أمر طبيعي. لكنّه من الضروري التوجّه نحوه أحياناً لأنّه سيشير لنا إلى طريق النمو والتقدّم وسنصل من خلاله في نهاية المطاف إلى مرحلة تشعرنا بالرضا وأيضاً بالراحة.

ما هي الخطوات الفعّالة التي تساعدنا في الخروج من منطقة الراحة؟

من الضروري أن نتعلّم بعض المهارات التي تزيد تقبّلنا للمشاعر الصعبة، أي المشاعر التي نحسّ بها عند الخروج من منطقة الراحة. ومن هذه المهارات مثلاً، مهارة التكيّف والتأقلم والمهارات العلاجية الأخرى لإدارة الأفكار والعواطف والأحاسيس، بحيث تساعد في تحقيق الاستقرار أثناء القيام بأشياء غير مريحة وصعبة.

يمكن الاستعانة بورقة وقلم وتدوين الأسباب التي تجعل التغيير (أي الخروج من منطقة الراحة) ضرورياً، وذلك حتّى نعود إليها دائماً ونذكّر أنفسنا بها. بالتالي، كلّما أقدمتِ على خطوة فيها تحدي والتمست صعوبة، تستطيعين قراءة الأسباب من جديد لتتذكّري أنّ التحديات هي سبيلكِ للوصول إلى حياة مزدهرة. فما ستتوصّلين إليه لن تجديه قط في منطقة الراحة.

يجب الإشارة إلى ضرورة اختيار الدرجة المعتدلة من التحدي وإلا ستشعرين بقلق شديد يقلب المقاييس. لذلك، حين تقرّرين الخروج من الدائرة الحياتية المألوفة بالنسبة إليكِ، اختاري القيام بخطوة صغيرة تدريجية قبل الوصول إلى التحديات الأكبر. ويشبه هذا الأمر ممارسة الرياضة، حيث تبدئين بروتين خفيف تزيدين قوته تدريجياً بمرور الوقت وتقدّمكِ من حيث المهارات الرياضية المكتسبة.

اتركي لنفسكِ فسحة لارتكاب الأخطاء. فحين تخرجين من منطقة الراحة، ستقعين طبعاً في أخطاء وتقومين ببعض الأشياء بطريقة غير صائبة. لكنّ الأمر هذا طبيعي، لأنّ الخطأ يعلّمكِ ويتحوّل في ما بعد إلى ما نسمّيه «الخبرة» ومن ثم «الحكمة». لذلك، أنظري إلى الخطأ على أنّه «محاولة» وليس «فشلاً».

تُسمّى منطقة النمو أيضاً «المنطقة غير المريحة». ولذلك، خصّصي في داخلكِ مساحة تسمح لكِ بتقبّل عدم الراحة النفسية والعاطفية. ولا تتوقّعي دائماً أنّ الأمور ستكون سهلة، بل اقبلي التحدي وثقي بقدراتكِ على تخطّيه. 

اقرئي أيضاً: المؤثرة زهرة خليل في حديث عن الجمال وحب الذات والصحة النفسية

 
العلامات: علم النفس
شارك