لينا عبد اللطيف: الرياضة بمثابة كوكب أدور حوله والبادل طريقتي لإحداث التغيير في مجتمعي

تعتبر رياضة البادل من الرياضات الجديدة على المجتمع العربي، ولكنها تلقى الانتشار في الفترة الماضية، بسبب إقبال الشباب على تعلمها وممارستها. البادل هي رياضة من رياضات المضرب، تختلف عن التنس الأرضي المعروفة لأنها تُلعب بشكل زوجي في ملعب مُغلق وأصغر من حجم ملعب التنس. اليوم ندخل عالم البادل، من خلال تحقيق موسع يلقي الضوء على 9 لاعبات متمرسات في هذه الرياضة، نتعرف على قصصهن، ونكتشف المزيد عن المجتمع الذي يجمعهن وعن القيم التي بنين عليها مسيرتهن الرياضية الطموحة.

أعجبتُ بالبادل بعد أن رأيتُ العالم من حولي منشغلاً به. جذبني المجتمع الجديد الذي رأيته، وأردت أن أشعر بالمتعة التي يشعر بها الآخرون أثناء اللعب. بعد أن لعبتُ بضع مرات، شعرتُ برابط مباشر مع هذه الرياضة، ورأيتُ نفسي قادرة على مواصلة ممارستها". أنا لينا عبداللطيف لاعبة بادل سعودية أخوض بحماس وسعادة هذا المجال الرياضي الرائع!

يشبّه كثيرون البادل بلعبة الشطرنج، إذ يتطلب التفكير الاستراتيجي. عندما تصلين إلى مستوى معين، يكون الفرق الوحيد بينكِ وبين خصمكِ هو استراتيجيتكِ، وليس فقط جودة ضرباتكِ. العقلية أيضًا مفتاح أساسي للعب، فعليكِ الإيمان بما تريدينه من اللعبة لتحقيقه.. يميل الناس إلى التقليل من تقدير مقدار الطاقة التي نحتاجها للعب البادل؛ فهو يتطلب مستوى معينًا من القدرة على التحمل لمواكبة اللعبة.

كنت محظوظة جدًا بدعم مجتمعٍ من الناس حولي يُقدّرون ما أفعله ويتقبلونه. سواءً كانوا من عائلتي، أو أصدقائي، أو مجتمع البادل عمومًا، أو حتى نادي الرياضات الشتوية والحكومة السعودية، فإنهم يدفعونني لأسعى جاهدةً لأكون أفضل نسخة ممكنة من نفسي، لي ولهم. واليوم تُركّز الحكومة السعودية على الرياضة النسائية؛ وهذه المبادرات التي نراها تصير حولنا تُتيح لي القيام بما أفعله بثقةٍ تامة. أنا بالتأكيد لا أعتبر أيًا من هذه الأمور أمرًا مُسلّمًا به، ولكني أستفيد منها لبناء مستقبل مشرق.

لطالما كانت الرياضة بمثابة كوكبٍ أدور حوله؛ وعائلتي ترى ذلك في التضحيات اليومية التي أقدمها لكي أستمر. سواءً كان ذلك عدم الخروج مع أصدقائي لتخصيص وقتي للتدريب، أو الاستيقاظ مُبكرًا جدًا، أو النوم مُبكرًا من دون الحصول على أي وقت فراغ، لا أعتقد أن الناس سيفعلون هذه الأشياء لشيءٍ لا يستمتعون به حقًا.. لقد فهم محيطي أن الرياضة أولوية قصوى بالنسبة لي، فمنذ صغري، كنتُ شغوفةً بالعديد من أنواع النشاط الجسدي.

أعلم أن الأشياء الصغيرة التي أفعلها تُحدث فرقًا ولو بسيطاً في حياة الفتيات من سني. كلنا نبدأ من نقطة ما، والقليل من المساعدة خير من لا شيء. أغتنم كل فرصة تُتاح لي لتشجيع الفتيات على تجربة الرياضة، كالتطوع في الأنشطة الرياضية الصغيرة أو تعريف مريضات سرطان الثدي بالرياضة. لكن أعظم إنجازاتي هو كوني بتّ قدوة. من أجمل ذكرياتي هي عندما كنت على وشك بدء التدريب، كان هناك أربع فتيات صغيرات بجانبي في الملعب، لم يتجاوزن عمر العاشرة. طلبن صورة معي، ظننتُ تلقائيًا أنهن يتحدثن إلى مدربي، لكنهن بدلًا من ذلك، نظرن إليّ. أدركتُ حينها أن الفتيات الصغيرات كنّ يراقبنني، وأن مجرد اللعب كان كافيًا لإشعال فتيل الحماس والتأثير عليهن لبدء ممارسة الرياضة.

أعتقد أن الجميع يرغبون في الانضمام إلى مجتمع ما، مع أشخاص يمكنهم التواصل معهم يفهمون لغتهم الخاصة ويتحدثون بها. وهذا مهم بشكل خاص للنساء، نظرًا لقلة عدد لاعبات البادل عمومًا. قد يكون الأمر صعبًا بعض الشيء عند البدء بأي شيء جديد في الحياة. كما قد يكون من الصعب أيضًا بدء شيء جديد والخروج من منطقة الراحة. ولكني أرى أن وجود مجتمع نسائي قوي وشامل في عالم البادل، سيشجع الشابات على البدء باللعب وكسر حاجز الخوف الذي قد يكون لديهن.

أنا ممتنة جدًا لكوني جزءًا من المنتخب الوطني السعودي، مما يتيح لي فرصة التفاعل والتواصل مع الآخرين، على الصعيدين الوطني والدولي. أما قيمي فهي تمثلني كشخص، أتمتع بالروح الرياضية واحترم المنافسين. أما بالنسبة للأفكار التي أتشاركها مع من هنّ في سني، فأنا أركز حالياً على تشجيع الشابات لتجربة مجموعة متنوعة من الرياضات، ليتعرفن عل ما هو موجود ويخترن ما يناسب شغفهن أو نمط حياتهن. 

مشاريعي المقبلة تتمحور حول تمثيل المملكة العربية السعودية بشكل أكبر. إنه لشرفٌ عظيمٌ لأي رياضي أن يتم اختياره لتمثيل بلاده. كما أحب متابعة لاعبات البادل العربيات الرائدات الأخريات. أحاول دعمهن كلما أمكنني ذلك، سواءً بالتشجيع عن بُعد أو مراسلتهن، سواءً فزن أو خسرن، فأنا أدعمهن وأشجعهن بشكل عام. كما أتابع الاتحادات العربية الأخرى للبادل لأرى كيف تعمل على زيادة جاذبية هذه الرياضة. 

برأيي لا يوجد أي تقصير في دعم الأجيال الشابة في المجالات الرياضية عربياً، بل هناك تركيز كبير الآن على الناشئات، ويتجلى ذلك في تزايد عدد معسكرات البادل للأطفال، بالإضافة إلى ازدياد عدد البطولات الدولية للناشئين في منطقة الخليج، وهو أمرٌ جديد وواعد فالشباب هم المستقبل. م

أرى أن أول ما يجمعنا كمجتمع بادل هو أننا جميعًا نساء نعشق الرياضة. ندرك جميعًا المعاناة والتضحيات التي تصاحبها. البادل ليست رياضة فردية، لذا نحتاج إلى فريق يُبرز أفضل ما في كل لاعبة. مع أننا متنافسات على أرض الملعب، إلا أنه بمجرد انتهاء المباراة ومصافحتنا عند الشبكة، نصبح جميعًا صديقات خارج الملعب، ندعم بعضنا البعض. 

مع ازدياد استخدام التكنولوجيا، أصبح بناء المجتمعات أمرًا في غاية السهولة، وتتيح وسائل التواصل الاجتماعي للأشخاص المتشابهين التواصل أينما كانوا. عندما يجتمع هؤلاء الأشخاص، يُمكنهم إحداث تغيير حقيقي في بيئتهم، وأكثر من ذلك. 

تركيزي الرئيسي حاليًا هو التدريب. أريد أن أشعر بأنني ألعب بأفضل ما أستطيع، وآمل أن أفوز ببعض البطولات، وأن أشارك في المسابقات الدولية. أرغب أيضاً في التطوع في مجال الرياضة النسائية كلما سنحت لي الفرصة، وهدفي الأكبر هو زيادة عدد الفتيات في رياضة البادل ليكتشفن مدى جمالها وأهميتها.

اقرئي المزيد: نجوى سلهب: لعب البادل أشبه بإيقاف مؤقت للحياة حيث أنسى كل شيء وأركز في الملعب

 
شارك