
نجوى سلهب: لعب البادل أشبه بإيقاف مؤقت للحياة حيث أنسى كل شيء وأركز في الملعب

تعتبر رياضة البادل من الرياضات الجديدة على المجتمع العربي، ولكنها تلقى الانتشار في الفترة الماضية، بسبب إقبال الشباب على تعلمها وممارستها. البادل هي رياضة من رياضات المضرب، تختلف عن التنس الأرضي المعروفة لأنها تُلعب بشكل زوجي في ملعب مُغلق وأصغر من حجم ملعب التنس. اليوم ندخل عالم البادل، من خلال تحقيق موسع يلقي الضوء على 9 لاعبات متمرسات في هذه الرياضة، نتعرف على قصصهن، ونكتشف المزيد عن المجتمع الذي يجمعهن وعن القيم التي بنين عليها مسيرتهن الرياضية الطموحة.
تعرفت على رياضة البادل لأول مرة خلال جائحة كورونا، كانت الملاعب المفتوحة في السعودية قليلة جدًا، وكنا نذهب مرة واحدة أسبوعيًا. كانت رياضة غير رسمية، كنتُ أمارسها مع أختي كل خميس للمحافظة على نشاطنا وقضاء بعض الوقت في الهواء الطلق. بعد بضعة أشهر، سمعنا عن تشكيل لجنة وعن مدرب يبحث عن لاعبين للمنتخب الوطني. لم نكن قد تلقينا أي دروس حينها، ولم نتخيل المنافسة، لكننا ذهبنا إلى تجارب الأداء لأننا استمتعنا بها حقًا. والمثير للدهشة، تم اختياري أنا وأختي! من هناك، سارت الأمور بسرعة فانضممنا إلى معسكر تدريبي مكثف، وبعد أسبوعين فقط كنا في دبي نلعب أول بطولة لنا على الإطلاق. ومنذ تلك اللحظة، أصبحنا عاشقين مواظبين عليها!
أنا نجوى سلهب لاعبة المنتخب السعودي للبادل، وأرى أن اللعب للمتعة واللعب التنافسي تجربتان مختلفتان تمامًا. بمجرد أن تبدأ المنافسة، يمكن أن يؤثر ضغط الفوز بشكل كبير على نظرتك لنفسك ولللعبة. لقد مررتُ بلحظات عديدة شعرتُ فيها أنني لم أكن جيدًا بما يكفي. عندها كان عليّ أن أذكّر نفسي لماذا بدأتُ اللعب .. للاستمتاع وتحدي نفسي. وبرأيي الفوز رائع، لكن حب اللعبة هو الأهم.
لعب البادل أشبه بإيقاف مؤقت للحياة.. أنسى كل شيء آخر. إنه أمر مُنشّط، تفاعلي، ويمنحني تلك الدفعة الجسدية والعقلية التي أحتاجها غالبًا. أقول دائمًا: أغادر الملعب بمزاج أفضل مما كنت عليه عندما دخلته.
لطالما أحبت عائلتي الرياضة، لكن والدي لم يكن يعرف في البداية ماهية البادل. حاولتُ شرحها بالقول إنها تجمع بين تنس الشاطئ والإسكواش... لست متأكدة من أنني أتقنتُ هذا التفسير، لكنه فهم الفكرة في النهاية!
أعتبر أني استفدت من دعم الدولة لهذه الرياضة وازدياد شعبيتها، فقد سهّل هذا الأمر عليّ الحفاظ على الثبات والاندفاع وإيجاد مجتمع داعم. هناك العديد من البطولات الآن، والساحة المحلية مزدهرة.
كوني جزءًا من أول فريق وطني للبادل في المملكة العربية السعودية أمرٌ سأفخر به دائمًا. كنت أعلم أني أبدأ متأخرة في ممارسة اللعبة ولكنني مع الوقت أدركت أهمية البدء. كانت تلك الخطوة الأولى تعني كل شيء فقد تعلقت بتمهيد الطريق للاعبات المستقبل وإثبات انتمائنا لهذا المجال. على الرغم من أنني دخلت الساحة متأخرة، إلا أن التقدم كان مذهلاً. وأعتقد بصدق أن الجيل القادم سيذهب إلى أبعد من ذلك بالمنافسة عالميًا والوصول إلى الجولات الدولية. أنا متحمسة جدًا لليوم الذي لن تكون فيه اللاعبات السعوديات على هذا المستوى المتقدم فحسب، بل ستكون لديهن فرصة حقيقية للفوز.
قد يكون البدء بشيء جديد أمرًا مخيفًا، خاصةً لمن لم يسبق لهن ممارسة الرياضة. إن وجود مجتمع نسائي مُرحّب يخلق مساحة آمنة للتجربة وارتكاب الأخطاء والنمو. هكذا يقع الناس في حب اللعبة ويتقدمون ويتمسكون بها
أنا اليوم جزء من نادٍ محلي للبادل هنا في السعودية. معظم اللاعبين النشطين مرتبطون بالأندية فهي بمثابة بيتك الثاني بعد العمل. هذه المجتمعات هي المكان الذي نتدرب فيه، ونقضي فيه أوقاتًا ممتعة، ونتنافس، وننمو. الهدف دائمًا هو التحسين، ودعم بعضنا البعض، وجعل هذه الرياضة في متناول اللاعبين الجدد.
أتواجد في العديد من البطولات الإقليمية التي تجمعني مع لاعبين عرب آخرين، ويسعدني رؤية النمو في جميع أنحاء المنطقة. في بعض الدول، كان التقدم سريعًا جدًا بفضل التزام كل من الأندية واللاعبات: فعندما يبذل اللاعبون وقتًا وتستثمر الأندية فيهم، يحدث تطور حقيقي.
أعتقد أن التعاون بين هذه المجتمعات أمر أساسي. فمن الرائع أن يكون المرء متجذرًا في رياضة مثل البادل، لكنني أعتقد أيضًا أنه من الصحي أن يتوسع في مجالات أخرى. على سبيل المثال، كم سيكون رائعًا لو تعاون نادي جري مع نادي بادل؟ هناك شيءٌ قويٌّ في تجربة أشياء جديدة، والتواصل مع أشخاص جدد، والخروج من منطقة الراحة.
مستقبلاً، أرغب في مواصلة التدريب والمنافسة في البطولات الإقليمية لمواصلة تطوير مستواي. في الوقت نفسه، أودّ أن أكون أكثر انخراطًا - وإن لم أكن متأكدةً تمامًا من كيفية ذلك حتى الآن - مع الجيل الشاب، سواءً على مستوى القاعدة الشعبية أو مع الفتيات الجديدات المنضمات إلى مجتمع البادل. الكثير منهن يبدأن في سنٍّ مبكرة، ولديهنّ فرصة حقيقية لإنجازاتٍ مذهلة في هذه الرياضة. إذا استطعتُ أن ألعب دورًا، ولو صغيرًا، في مساعدتهن على التفوق، فسيكون ذلك يعني الكثير بالنسبة لي.
اقرئي المزيد: نوف عمر: يجمعنا كلاعبات شابات الطموح و المثابرة والجد والرغبة بالإنجاز والتميّز