أريج فارح: آمل أن تشجع رحلتي النساء على دخول ملعب البادل

تعتبر رياضة البادل من الرياضات الجديدة على المجتمع العربي، ولكنها تلقى الانتشار في الفترة الماضية، بسبب إقبال الشباب على تعلمها وممارستها. البادل هي رياضة من رياضات المضرب، تختلف عن التنس الأرضي المعروفة لأنها تُلعب بشكل زوجي في ملعب مُغلق وأصغر من حجم ملعب التنس. اليوم ندخل عالم البادل، من خلال تحقيق موسع يلقي الضوء على 9 لاعبات متمرسات في هذه الرياضة، نتعرف على قصصهن، ونكتشف المزيد عن المجتمع الذي يجمعهن وعن القيم التي بنين عليها مسيرتهن الرياضية الطموحة.

كان التنس جزءًا أساسياً من حياتي منذ الصغر ولعبتُ بشكل تنافسي على المستوى الدولي، حتى أنني حصلتُ على منحة دراسية للعب في الولايات المتحدة خلال دراستي الجامعية. بعد تخرجي، انتقلتُ إلى الرياض، وهناك تعرفتُ على البادل لأول مرة، وهي رياضة لم أسمع بها من قبل. في ذلك الوقت، كانت لا تزال حديثة العهد نسبيًا في السعودية، لكنني أدركتُ أن مجتمعًا كمجتمع التنس الذي كنتُ جزءًا منه كان قيد التشكل. لذلك أثار هذا الجانب اهتمامي. بعد فترة وجيزة، أعلنت المملكة العربية السعودية عن تشكيل أول فريق وطني للبادل، وأُجريت اختبارات، فقررتُ خوض التجربة. كان انضمامي إلى المنتخب الوطني السعودي لحظةً رائعةً بالنسبة لي فقد أشعل شغفًا جديدًا ودافعًا قويًا تجاه البادل.. لقد منحتني تلك الفرصة الحافز للعب أكثر والمنافسة في بطولات الخليج، ومع مرور الوقت، شهدت تقدمًا وإنجازات حقيقية.

أنا أريج فارح بدأت رحلة رائعة في هذه اللعبة الجميلة وأنا متحمسة لرؤية ما ستؤول إليه الأمور، أعتبر البادل رياضة سهلة البدء، لكن إتقانها يتطلب شغفًا وتفانيًا، فهي لا تقتصر على امتلاك القوة فحسب، بل تحتاج إلى الدقة والاستراتيجية والقوة الذهنية، كما أن خفة الحركة وسرعة ردود الفعل والقدرة على التحمل لا تقل أهمية عن الصبر والقدرة على التكيف واتخاذ القرارات الذكية تحت الضغط. سواء كنت مبتدئة أو متنافسة، فإن إتقان الجوانب البدنية والعقلية للعبة سيأخذك بعيدًا. 

أنا ممتنة للغاية للدعم المتواصل من عائلتي ومجتمع البادل والذي لاقيته منذ بداياتي، لقد كان تشجيعهم دافعًا قويًا في رحلتي. أشعر حقًا بالحب خلال مبارياتي أو عندما أواجه صعوبة في الملعب. تشجيع الجمهور يدفعني للاستمرار، وللنضال بجدية أكبر، ليس فقط من أجل نفسي، بل من أجل كل من يؤمن بي. هذا النوع من الدعم لا يُقدر بثمن، وهو ما يُغذي شغفي بالبادل أكثر.

أعظم إنجازاتي لا يقتصر على الجوائز فحسب، بل يتعلق بإلهام الجيل القادم من الرياضيات.. آمل أن تشجع رحلتي النساء على دخول ملعب البادل، سواءً للمنافسة، أو اللياقة البدنية، أو ببساطة للاستمتاع باللعبة.

البادل أكثر من مجرد رياضة؛ إنها مساحة للنمو والثقة والتواصل. أريد أن تعلم كل فتاة أنه لا حدود للطموح، فإذا حلمتِ أحلامًا كبيرة وعملتِ بجد، ستتبعكِ فرصٌ لا تُحصى. إذا استطاعت رحلتي أن تُشعل تلك الشرارة في شخصٍ واحد، فسيكون ذلك أعظم إنجازٍ على الإطلاق.

يُعد بناء مجتمعٍ شاملٍ للاعبات البادل أمرًا بالغ الأهمية لأنه يُهيئ بيئةً داعمةً تُمكّن النساء من النجاح والنمو والشعور بالتمكين. فهو يُحطم الحواجز، ويُشجع المزيد من النساء على المشاركة في هذه الرياضة، ويُعزز الشعور بالانتماء، بغض النظر عن مستوى مهارتهنّ. كما يُتيح هذا المجتمع الشامل للاعباتٍ ذوات الخبرة توجيه وإلهام اللاعبات الجدد، مع توفير منصةٍ للنساء لمشاركة تجاربهنّ وتحدياتهنّ. نحن دفع عجلة التقدم، ونزيد من بروز النساء، ونضمن حصولهن على فرصٍ متساويةٍ للنجاح وإحداث تأثيرٍ إيجابيٍّ في هذه الرياضة.

أنا اليوم عضو في فريق بادل نادي العلا. فزنا بأول دوري بادل سعودي على الإطلاق في المملكة العربية السعودية في ديسمبر الماضي. وكان ذلك جهدًا جماعيًا رائعًا. كما أنني على تواصل مع مجموعات أخرى من اللاعبين الذين ينظمون مباريات أو فعاليات اجتماعية.

شاركت في العديد من البطولات في الدول العربية فهناك بعض البطولات الرائعة التي تم تنظيمها باحترافية وقد حزنت كثيرًا لغيابي عن بعض البطولات بسبب تعرضي لإصابة، لكنني أتطلع إلى المشاركة فيها عندما أعود إلى الملعب. 

أنتمي إلى جيل Z الذي يتمتع بمزيج فريد من الوعي الاجتماعي والتفكير الإبداعي، مما يُمكّننا من بناء مجتمعات قادرة على إحداث تغيير هادف. من خلال دمج البادل، وهي رياضة تجمع بين اللياقة البدنية والمرح، مع أنشطة رائجة أخرى، يُمكننا خلق تجارب تفاعلية تلقى صدى لدى جمهور أوسع. على سبيل المثال، يُمكن لتنظيم فعاليات تجمع بين البادل واتجاهات اللياقة البدنية الشائعة، أو لقاءات اجتماعية، جذب أفراد ربما لم يُفكروا في الانضمام إلى فعالية مُخصصة للبادل لولا ذلك.

مستقبلاً أرغب في التعاون مع منظمات البادل والمنظمات الرياضية الأخرى لاستضافة فعاليات تُعرّف اللاعبين الجدد والحاليين بهذه الرياضة، مما يُعزز بيئة نابضة بالحياة وتفاعلية. هدفي هو خلق فرص لا تُعزز البادل فحسب، بل تُبني أيضًا مجتمعًا داعمًا للرياضيات في الرياض. من خلال تنظيم فعاليات اجتماعية وبطولات، يُمكننا توفير منصات للنساء للتواصل والتنافس والازدهار في هذه الرياضة.

اقرئي المزيد: نجوى سلهب: لعب البادل أشبه بإيقاف مؤقت للحياة حيث أنسى كل شيء وأركز في الملعب

 
شارك