LEILA HELLER: رؤيتي تقوم على إشراك الفنّانين الإقليميّين في محادثات مع زملائهم العالميّين

تعدّ Leila Heller من الأسماء المعروفة في عالم الفنّ سواء على الصعيد العالمي أو الإماراتي، واختارت دبي لتكمل مسيرتها في هذا المجال بعد أن عرفت رؤيتها الفنّيّة النجاح في الولايات المتّحدة.

من المال والاقتصاد إلى مجال الفنّ... لماذا اخترت هذا التغيير؟

 

بالفعل، ففي البداية لم يكن لدي أيّ نيّة في الدخول عالم الفنّ، بل أردت تحصيل شهادة في الاقتصاد وبالرغم من أنّني كنت طالبة جيّدة في الجامعة، أدركت أنّني لم أعرف الكثير عن الرياضيّات الحديثة ولحسن الحظ، كنت قد التحقت أيضاً بدورات خارج تخصّصي، أحدها عن فترة الانطباعيّة في تاريخ الفنّ. وسرعان ما حصلت على شهادة البكالوريوس في تاريخ الفنّ والأدب الفرنسي من جامعة براون ونلت شهادة الماجستير في الفنّ من معهد سوثبي للفنون في لندن، بالإضافة إلى شهادة ماجستير ثانية في تاريخ الفنّ وإدارة المتاحف من جامعة جورج واشنطن. ثمّ بعد التخرّج، أصبحت مشرفة فنّيّة قبل افتتاح معرضي الخاص في العام 1982. وأودّ الإشارة إلى أنّ معرض ليلى هيلر هو المعرض الأوّل في الولايات المتحدة الذي يلقي الضوء بشكل أساسي على فنانين من الشرق الأوسط ولا يزال يفعل ذلك حتّى يومنا هذا .

لماذا قرّرت تسليط الضوء على فنّاني الشرق الأوسط؟

عندما افتتحت معرضي في العام 1982 في نيويورك، لم يكن فنانو الشرق الأوسط معروفين على الإطلاق في أميركا. حينها عرفت أنّه عليّ القيام بما يفيد هذه الشعوب. لذلك، عمدت في الأيّام الأولى إلى عرض أعمال الفنانين «البارزين» من أميركا وأوروبا وأميركا الجنوبيّة من أجل الحفاظ على معرضي، غير أنّني دمجت بعض الفنّانين من الشرق الأوسط أيضاً لتطوير أعمالهم ببطء. وفي نهاية المطاف، تكمن رؤيتي بإشراك الفنّانين الإقليميّين في محادثة مع أؤلئك العالميّين. حيث أودّ إنشاء جسر بين الفنّ الشرقي والغربي من خلال برامج تنظيميّة وتعليميّة قويّة ومبتكرة تركز على تعزيز الحوار بين الاثنين.

حدثينا عن الفنّانين الذين شكّلوا وسيشكّلون جزءاً من رؤيتك؟

نحن متحمّسون جدّاً لأنّنا نعمل مع بعض من أهمّ الفنّانين في المنطقة، ونعرض أعمالهم إلى جانب إبداعات الفنّانين العالميّين في المعرض. ومن بينهم أذكر عبد القادر الريس، الذي يعتبر أب جيل الشباب من الفنّانين الإماراتيّين. لدينا أيضاً فنّانون أصغر سنّاً مثل هاشل اللمكي، الذي يستعرض أعماله حاليّاً منفرداً في معرض 421. كذلك، نستعرض أعمال زينب الهاشمي التي تشتهر بتصميم الأعمال التشكيليّة الضخمة محدّدة الغرض.

ومن الفنّانين الجدد الذي سيقدّمون عرضاً فرديّاً في شهر مارس هو عارف منتظري، الذي تنشئ تركيباته من المرايا حواراً بين المشاهد والفنّ نفسه.

لماذا اخترت دبي لتستقري فيها وتؤسّسي عملك؟

إنّني امرأة شرقيّة بكلّ ما للكلمة من معنى. وعندما أتيت إلى دبي مع طفليّ منذ 15 عاماً، شعرت بأنّني عائدة إلى موطني. إذ أحبّ الشعب الإماراتي وكرم ضيافته ولطفه. وتزامن ذلك مع بداية ظهور معارض الفنون أمثال آرت دبي وفنّ أبو ظبي. ومنذ ذلك الحين، بدأت المشاركة في كليهما ولا زلت أفعل.. وأستمتع كثيراً بالتواجد في منطقة الشرق الأوسط لدرجة أنّني قرّرت أن أفتح معرضاً مهمّته إجراء حوار بين فنّاني الشرق الأوسط والغرب.

ما التغييرات التي أجريتها بعد انتشار فيروس كورونا؟

أطلقنا الكثير من المبادرات الافتراضيّة لمنح رعاتنا ومتابعينا وأصدقائنا وسيلة ليبقوا على اتّصال معنا ومع فنّانينا ولإعطائهم منصّة لمشاركة فنّهم. بحيث أطلقنا سلسلة تسلّط الأضواء على فنّان واحد كلّ أسبوع وتتضمّن جولات في الاستوديو الخاصّ به ومقابلات وفيديوهات للفنّانين في العمل. ومؤخراً، أطلقنا النسخة الثانية عشرة لهذه السلسلة عن الفنّانة راشيل لي هوفنانيان وعملها تحت عنوان Dinner for Two أو «عشاء لشخصين». أضفنا أيضاً غرف مشاهدة إلى موقعنا الإلكتروني فضلاً عن جولات افتراضيّة لعروضنا. والآن مع إعادة فتح البلاد، عدنا مع الحرص على ارتداء جميع الضيوف والموظّفين الأقنعة في جميع الأوقات.

ما أوجه الشبه والاختلاف بين الفنون الإماراتيّة والفنون الغربيّة؟

صحيح أنّ الكثير من الفنّانين يستخدمون شعارات مرتبطة بثقافتهم ومتجذّرة في البلد الذي ينتمون إليه، ولكن بخلاف ذلك يتحدّث الفنّان من قلبه وعقله، والعملية الإبداعيّة تعدّ عنصراً إنسانيّاً أكثر من كونها عنصراً إقليميّاً وبالتالي لا يمكن أن تكون محدّدة كثيراً.

ما الخصائص التي تميّز الفنّانين العرب وأعمالهم عن غيرهم؟

يمكن أن يتأثّر الفنّانون بعوامل فنّيّة كثيرة يتعرّضون لها، من جهة واقع متاحف بلدهم أو التعليم الذي يتلقونه. لذا يمكن أن يؤثّر فيهم كلّ من محيطهم وثقافتهم وتربيتهم. وفي الشرق الأوسط مثلاً، النور وافر وقويّ جدّاً لدرجة أنّه يجعل منظور الفنّان مسطّحاً أكثر. فعلى سبيل المثال، عندما سافر ماتيس إلى المغرب، كان مفتوناً بجودة الضوء لدرجة أنّه بدأ في رسم شخصيّاته بطريقة ثنائيّة الأبعاد وليست ثلاثيّة. وبرزت أهميّة فنّ ماتيس بفضل هذه الطريقة في النظر إلى الضوء القويّ الذي يجعل موضوع الفنّ مسطّحاً. وهذه الصفة متأصلة جداً في فنّ منطقتنا وهي مميّزة. حتى أنّ بيكاسو كان أكثر تأثراً بالفنّ الأفريقي وبدأ في تسطيح شخصيّاته بطريقة أكثر تجرّداً.

وبذلك، نكون قد تناولنا تأثيرات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا على اثنين من أهم فنّاني القرن على مستوى العالم، واللذين أحدثا فرقاً كبيراً غيّر اتجاه تاريخ الفنّ.

ما مشاريعك المستقبليّة؟

نتطلّع إلى عرض أعمال هاشل اللمكي الذي سيمثّل امتداداً لما سيقدّمه في معرض 421. وفي نيويورك، نقيم عرضاً مذهلاً على نطاق واسع جداً لـMia Fonssagrives ضمن مساحة مؤقتة. هذا بالإضافة إلى معرضي الخاصّ هناك الذي افتتح في 21 أكتوبر. لدينا أيضاً فنان رائع مقيم في نيويورك هوTarik Currimbhoy الذي سيعرض أعمال بشكل فردي للمرّة الأولى في معرضنا في دبي وذلك في شهر نوفمبر. ويجب أن أشير إلى أنّ أعماله تتميّز بعنصر حركة فريد ومذهل. وطبعاً، سنستعرض قطع الفنّان الجديد عارف منتظري، الذي يستخدم مرايا كبيرة تحتضن المشاهد وتخطف الأنفاس. وشخصيّاً، أشعر بحماسة كبيرة للعروض التي سنقدّمها للفنّان الكوري ران هوانج في كلّ من نيويورك ودبي في العام المقبل.

 

 
العلامات: LEILA HELLER
شارك