نورا الدبل: نعيش اليوم عصر ازدهار في المجالات الفنية والثقافية في السعودية

اختارت السعودية نورا الدبل طريقا ثقافيا وفنيا مختلفا، لم تكن للصدفة في طريقها مجال، بل صنعت الفكرة وتسلحت بالإصرار، لتصبح من أبرز الوجوه السعودية في مجال الفنون والإبداع. بدأت قصة الدبل من تخصصها في الاتصال البصري من الجامعة الأميركية في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، حينها رغبت بالمزيد، فانطلقت للعمل في مجالات وحقول التراث والثقافة عبر عدد من المشروعات في عدد من الدول في المنطقة، وذلك الأمر أعطاها الفرصة للتعمق في عالم يحكي الأصالة ويعطي التعبير عن الاقتصاد الثقافي، وما يمكن أن يحققه حيث تتحدث الشواهد التاريخية والتراثية عن الأوطان والأماكن.

جذبتها رحلة مركز "إثراء" الذي يعد أحد مبادرات شركة أرامكو السعودية الثقافية، لتكون من ضمن المساهمات والمساهمين في بلورة صورة أكثر ثراء للمحفل الثقافي السعودي.

خاضت الدبل رحلة استثنائية في بدايات العام 2016 مع إنشاء الهيئة العامة للترفيه، حيث التحقت بالعمل مشرفة على المشاريع الثقافية في الهيئة وهي المرحلة التي سبقت إنشاء الهيئة العامة للثقافة ومن ثم لاحقا وزارة الثقافة، لتخوض المغامرة الجديدة مع التكوين الجديد مع مختلف البرامج والمبادرات التي تم إطلاقها.

استقرت الدبل اليوم في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، في منصب المدير التنفيذي للفنون والصناعات الإبداعية، حيث نرى اليوم خلاصة تجارب خاضتها خلال فترة وجيزة، لتمنح لها العلا بريقا يتكامل مع طموحاتها.

أنت سيدة سعودية ناجحة لمعت في المجال الثقافي والفني فهل خططت لمسيرتك حتى اليوم أم لعبت الصدف دوراً في حياتك؟

النجاح برأيي لا يتحقق مصادفة، بل هو نتاج عمل تراكمي من الاطلاع وتشكيل الخبرات والتحفيز الدائم وتجاوز التحديات، وخلق حالة من الاستعداد للقادم، والمجال الثقافي بمفومه الشاملحقل إبداعي متطور، يستلزم المثابرة أكثر لصناعة القيمة التنافسية، وجميع هذه العناصر تشكلت لي مع وطن طموح وقيادته التي تنشد الأفضل لشعبها، واليوم ومع ذكرى اليوم الوطني، أتحدث بذلك فخرا.

بصفتك المدير التنفيذي للإدارة العامة للفنون والصناعات الإبداعية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا أعطينا لمحة عن المشاريع التي تعملين عليها حالياً؟

لدينا العديد من المشاريع الفنية المتنوعة، والتي نسعى من خلالها لإبراز محافظة العلا كوجهة عالمية للتراث والثقافة والفنون، ونسعى من استراتيجيتنا على صناعة وجهة إبداعية لجميع الفنانين والفنانات الطموحين والطموحات من مختلف دول العالم، ليشاركونا صياغة معادلة الفنون التي تستلهم من العلا تميزها.

ونركز في أعمالنا على تقديم الجديد وفق أساليب فنية تهدف إلى لفت الانتباه وتقديم تجارب استثنائية، ومن ذلك ما نسعى إليه من خلال مشاريع نوعية، ومن ذلك مشروع "وادي الفن" الذي أطلقناه قبل أسابيع، إضافة إلى مشاريع سابقة نحرص على تكرارها مع تنويع شامل وفق رؤيتنا للفنون، ومن ذلك "إقامة العلا الفنية" ومشروع "صحراء X العلا"، والعديد من المشاريع والبرامج الأخرى، مع الإشارة إلى حرصنا على تنمية المهارات الفنية لأبناء وبنات المملكة في العلا وغيرها عبر "مدرسة الديرة".

حديثنا عن مشروع "وادي الفن" الذي يسعى إلى تعزيز الإبداع في محافظة العلا وتقديم تجارب استثنائية لأهاليها وزوارها؟

يمثل مشروع "وادي الفن"، جزءًا من استراتيجية العلا، وهو أحد الأصول الثقافية المرتبطة بمخطط "رحلة عبر الزمن" الذي أطلقه سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا؛لتصبح العلا وجهة عالمية رائدة للفنون والتراث والثقافة والطبيعة، تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030.

وسيكون وادي الفن، ملتقى للإبداع والمبدعين، وسيشكل تجربة فريدة وسط البيئة الطبيعية للعلا، تضفي بعدا مختلفا للأهالي والزوار، وسيعتمد على أسلوب "فن الأرض" الهادف إلى الاحتفاء بالبيئة الطبيعية، ولدينا خطة متكاملة لافتتاح "وادي الفن" في مرحلته الأولى في العام ٢٠٢٤م؛ يشمل ذلك معارضَ مؤقتةً ومقراتٍ للفنانين وندواتٍ عامة، وسيصاحبُ ذلك الكشفُ عن الأعمال الفنية الخمسة الأولى.

استقطب موقع العلا أنظار العالم وكان بمثابة الاكتشاف الرائع للجمهور بعد الانفتاح الذي شهدته المملكة قبل سنوات. برأيك ما الذي يميز هذا الموقع من الناحية التاريخية والثقافية والأثرية؟

العلا، موطن الحضارات منذ أكثر من ٧ آلاف سنة، وكل موقع فيها يحوي الجمال ويعبر عن عبق التاريخ والثقافة والطبيعة والفنون، ونحن نسعى لإبراز هذا الوهج الحضاري ورواية القصة التي تليق بالعلا، من خلال مختلف القطاعات، ومنها قطاع الفنون الذي يعبّر عن فصول مختلفة من الإبداع البشري الذي تميزت به العلا عبر تاريخها.

كيف وجدت تفاعل الجمهور مع مختلف الفعاليات الثقافية والفنية التي يتم تنظيمها وكيف تخططون لاستقطاب المزيد من الجماهير من مختلف الخلفيات الفكرية والعمرية؟

الفنون حقل إبداعي في مجملها، هي تعبيرات عن القصة أو الفكرة أو اللحظة، لكن لأكون واضحة أكثر، ما يجعل الفنون في العلا ذات تميز، هو الإلهام الذي تضمه العلا في كل زاوية فيها، الفنون هنا ذات تكامل مع البيئة الطبيعية والقيمة التاريخية، لذلك لا عجب أن تجذب الكل، ومن ثم يبدأون في رواية ما شاهدوه وفق أساليبهم ليظل صدى فنون العلا بارزا.

برأيك كيف يرتبط الفن بالتاريخ، وإلى أي مدى يجب الحفاظ على الطابع التاريخي والحضاري للمملكة كي يكون المستقبل أكثر ازدهاراً من الناحية الفنية والثقافية؟

التكاملية في العناصر التاريخية،أصبحت عنصرا مهما، ونصت رؤية المملكة ٢٠٣٠، على استغلال كل هذا الثراء، ومن ذلك العلا، التي تتفرد بقيمتها التاريخية والثقافية، والتي تعطي انطباعا عن صورة حضارية تسعى بلادي لتحقيقها وتعظيم الاستفادة منها ومد جسور التواصل بين الأمم، لأن لنا تاريخ لابد أن يُرى ويُسمع.

كيف يمكن للمعارض والفعاليات الفنية على أنواعها أن تجذب الانتباه العالمي نحو المملكة وتستقطب السياح بشكل أكبر نحو مختلف مدها؟

برأيي أن المعارض والفعاليات الفنية، جاذبة للزوار، ونحن في "فنون العلا" نعمل على تغذية عناصر الإبداع التي تحملها العلا، لنكتب فصلا يُكمل رواية هذه الأرض، وأطلقنا عددا من المبادرات والبرامج الفنية ونظمنا العديد من المعارض، والتي حظيت بآلاف الزوار من داخل وخارج المملكة ومن مختلف الجنسيات، وهذا يعطينا الدافع نحو بلورة تلك الفعاليات بما يسهم في الرؤية الوطنية.

ما رأيك بالمواقع التي تشغلها النساء في القطاعات الفنية والثقافية في المملكة وهل تساهم المرأة بشكل حقيقي على الأرض في تحقيق رؤية 2030؟

نحن اليوم في عصر مزدهر يعطي أهمية كبرى للفنون والثقافة، وتتبوأ المرأة في هذه المجالات مناصب قيادية، وأولت القيادة اهتماما بالعنصر النسائي في مجالات عدة، وما أشاهده وفق معايشتي لهذا القطاع، أنه أصبح جاذبا للعمل بفضل التحفيز الكبير والرؤية الواضحة لخلق مجالات إسهام في الثقافة عامة، والشواهد عديدة في مشاركات نسائية عبر مختلف المنصات العالمية.

كيف تقيمين المواهب النسائية في المجال الإبداعي وما الذي أثار حماسك قبل سنوات للتخصص في إدارة الفنون؟

المواهب متعددة، وأصبحت اليوم تجد مكانها بفضل الحواضن الإبداعية التي تشكلت حكومية كانت أو عبر القطاع الخاص والجمعيات، ونرى مختلف الجهات أصبحت تولي اهتمامها برعاية النشء وتحفيز المواهب دون تمييز بين الذكور والإناث، حيث أن للمبدعين والمبدعات من المواهب فرصة كبرى اليوم في العناية بمواهبهم لتكون حاضرة محليا وعالميا.

إلى أي مدى أسهمت وسائل التواصل في مساعدة المواهب الشابة على نشر أعمالها وفكرها وتغيير بعض التقاليد والعادات التي كانت تقيد تواجد المرأة في المجالات الفنية والإبداعية؟

لم تعد القيود موجودة، أصبحنا أكثر نضجا في العناية بالمواهب الشابة من الجنسين، وما يميز هذا الجيل الصاعد الموهوب هو أنه أصبح أكثر تفاعلا في الفضاءات المفتوحة التي شكلتها وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت منصة لعرض المواهب أعمالهم ومشاركتها مع العالم بمختلف اللغات، وكذلك خلقت جاذبية ذات أهمية لترى مختلف الشعوب مستوى الطموح الذي ننشده.

اقرئي المزيد: ديالا نسيبة: الاستثمار في الثقافة أساسي لازدهار الإمارات وهو في قلب رسالتي الفنية

 
شارك