
كليم بشارة: أعشق الفن العربي وفنانينه ورموزه وأختار اللوحات التي تحكي قصتها الخاصة

في معرضه النابض بالفن حيث اللوحات تحيط بنا من كل ميل، استقبلنا الشاب الشغوف كريم بشارة، وهو يتابع المعرض الفردي الجديد الذي يقيمه في الغاليري الخاص به وسط بيروت، لأعمال الفنان شارل خوري، وهناك حيث العمل الحقيقي المليء بحب كبير ورغبة صادقة في دعم الفن والفنانين، كان لنا معه حديث عن الفن والثقافة والحب الخاص الذي يعيشه إنسان عادي تجاه لوحات رسمها غيره ووصلت إليه بقوة لتلامس روحه، وليرغب بنقل الصدى الذي أصابه منها، إلى آلاف وربما ملايين من الناس القريبة أو حتى البعيدة من عالم الرسم والإبداع بأشكاله المختلفة.
بدأ كريم بجمع اللوحات للمواهب العربية منذ أكثر من 6 سنوات، وأسس قبل ثلاث سنوات غاليري خاص به في بيروت هو Kalim’s art Space الذي تحوّل اسمه اليوم إلى Kalim Beshara Art Gallery ويستقبل فيه أعمال فنانين عرب ولبنانيين صاعدين وآخرين مخضرمين، مستفيداً من دراسته للتقييم الفني ومعرفته للقواعد والأصول والأساسيات المطلوبة في هذا المجال، حيث لطالما حرص على الشراء من الفنان بشكل مباشر، حتى لو حصل ذلك عبر معرض فني، حتى يتعرف عليه ويفهم القصة من وراء اللوحة، ويغوص في أيدويولجيته وأفكاره، ويتواجد على الأرض بشكل يومي مع الفنانين، ليفهم طريقة العمل في هذا المجال الحيوي والواسع وينطلق فيه ببراعة وتمكّن.
يقول كريم "أحببت الفن منذ سنوات طويلة وتأثرت بالكثير من الفنانين وأحببت أسلوبهم ولا سيما بيكاسو والحركة التكعيبية والألوان التي اختارها وطريقته التي أحدثت ثورة في عالم الإبداع، فالفن قبله يختلف عما هو عليه بعده، ولكن ولأني نشأت في العالم العربي وأنا مختص به وعاشق لرموزه وفنانيه، أفضّل في مجموعاتي اختيار لوحات لفنانين من هذه المنطقة، منهم الفنان بول غيراغوسيان وشفيق عبود والفنان العراقي ضياء العزاوي وسيروان باران، ومن النساء أذكر سامية حلبي وشعيبية طلال وإيتيل عدنان".
وعن كيفية اختياره للوحات التي يضمها إلى مجموعاته يقول "كل لوحة أختارها تحكي قصتها، أحياناً تكون الرسالة سياسية أو اجتماعية، أو نفسية تتعلق بأمور وظروف حصلت مع الفنان، وهنا أهتم لأن أكتشف القصة وأشاركها وأفهم أبعادها جيداً لأدرك الظروف التي أحاطت بتنفيذها، في المقابل، هناك لوحات لا تخبر قصة محددة، بل تلفت النظر وتسرق القلب بألوانها وأشكالها وفكرتها الجديدة بحيث تكون مختلفة ولا تشبه غيرها، هنا أيضاً أجد نفسي منساقاً وراء سحرها وأختارها لأضمها إلى مجموعاتي.. كل لوحة جميلة ومميزة تستحق أن نلقي الضوء عليها ونوجّه أنظار الجمهور الأوسع نحوها".
راكم كريم خبرات على مدى سنوات وسعّت رؤيته الفنية وزادت من ثقته بنفسه وخولته امتلاك معرفة وافية لقدرات الجيل الجديد، يقول "بات إيجاد اللوحات والفنانين الجدد أسهل من قبل، فاسمي معروف اليوم في الأوساط الفنية اللبنانية والعربية، لذا يقصدني الكثير من الفنانين الشباب ويعرضون أمامي أعمالهم ونتناقش لكي نؤمن لهم أفضل فرصة لإبراز لوحاتهم، ولعرضها في الإطار الصحيح وأمام الجمهور الأمثل، وهذا برأيي ما ينقص في محيطنا العربي، حيث تحتاج المواهب الجديدة إلى هذا الدعم والتوجيه بالاتجاه الصحيح لكي يؤمنوا استمرارهم في هذا المجال، من خلال بيع لوحاتهم، ما يعني أيضاً الوصول بأفكارهم إلى الناس".
يقام حالياً معرض للفنان المخضرم شارل خوري في الغاليري، وعنه يقول كريم "بعد أن عُرفت بدعم الفنانين الشباب، قررت التوسع وفتح المجال نحو عرض أعمال الفنانين الكبار، وقد اخترت التركيز على أعمال شارل خوري التي قدمها طوال 35 عاماً، وكيف تطور أسلوبه من عام 1990 وحتى الوقت الحالي، فنشهد التحولات التي عرفها في حياته وانعكست على فنه، وهو يعتبر قامة كبيرة ورمزاً من رموز الفن اللبناني، فيتعرف الجيل الجديد عليه ويكتشف أعماله الكاملة".
يضيف "أتواجد دائماً في المعرض وأحرص بشكل عام على بناء علاقات مع الفنانين للتقرب منهم وفهمهم وإحاطة نفسي بعالمهم وطريقة تفكيرهم وإحساسهم، فهذا الأمر يساعدني في عملي كقيّم فني وجامع لوحات، لأنه يسمح لي بتأدية دوري كوسيط بينهم من جهة وبين المشترين والمستشمرين ولا سيما الشباب الذين أنتمي إليهم، حيث أرى اليوم ازدياد أعداد جامعي الفن من الشباب الناشئ، فهم يخصصون أموالاً من مصاريفهم لشراء لوحة كل شهر أو أكثر، لإدراكهم بأهمية هذا الأمر، في الارتقاء بالذوق ومواكبة أنماط العيش الجديدة".
وحول القيمة العاطفية للوحات التي يملكها وهل يتعلق بها بشكل يمنعه من بيعها، يشرح كليم "أنا في النهاية صاحب معرض فني وهذا يعني أن البيع والشراء جزء كبير من مهنتي، فلا أستطيع التعلق عاطفياً بشكل كبير باللوحات، إذ لكل لوحة سعرها، وإذا حصلت على السعر المناسب لها، سأبيعها للإنسان الذي قدرها وعرف قيمتها الحقيقية. بالتأكيد هناك لوحات أنا متعلق بها كثيراً، ويصعب عليّ بيعها ولكني في النهاية أعرف أنّ واجبي المهني يحتم عليّ الاستمرار في البيع والشراء، حتى أتمكن من الاستمرار".
وعن كيفية جذبه للجيل الجديد وحثهم على شراء اللوحات الفنية والاستثمار بها للمستقبل، يقول كليم "في الخمس سنوات الفائتة، نلاحظ أن جيل التسعينات وما بعده، لديه اهتمام واطلاع على الفنون، فهو يدرك أنه بالإمكان الاستثمار وحفظ الأموال من خلال شراء القطع المناسبة، وأنا أوجّه بقدر استطاعتي نحو ما أراه رائجاً ويستحق الدعم، وأعتقد أن رؤيتهم لي ولاندفاعي وشغفي، كفيل ولو بجزء بسيط لبثهم بالحماس والمعرفة اللازمة لكي يستثروا أو حتى يحضروا معرضا فنياً، ويتعرفوا على الفنان ويكتشفوا المزيد عن الأساليب الفنية السائدة، فأنا أشعر بالسعادة حين ألاحظ وجود جوه شبابية جديدة باتت مهتمة بالحضور وطرح الأسئلة، وأنا والفنانين نكون موجودين لتوجيههم، وإعطائهم الشروح والتفسيرات اللازمة".
يخبئ كليم مشاريع جديدة للمستقبل، أهمها وهو النشاط الذي بدأ به بتقديم فيديوهات توضيحية وتعليمية حول الوحات والفنون بشكل عام، عبر وسائل التواصل، ويستطرد "أنظم معرضاً شهرياً لفنانين من العالم العربي سواء شباب أو كبار في السن، لإرضاء كل الأذواق، كما أتابع أنشطتي في الإمارات وفرنسا وبريطانيا، لتوسيع علاقاتي ونشر الفن العربي في الخارج".
اللوحة المفضلة
حصلت على هذه اللوحة منذ وقت قريب وهي للفنان العراقي سيروان باران وسعدت كثيراً لأني تمكنت من شرائها، فأنا أقدر هذا الفنان كثيراً وأحترم ثقافته وأسلوبه والأفكار الجميلة والمعقدة والمؤثرة التي يضمنها في لوحاته، وهو بالنسبة لي من أهم الفنانين في العالم العربي، حيث يحرص على تضمين أعماله أفكاراً مهمة، وهذه اللوحة بالذات بلونها الزهري وهو المفضل بالنسبة لي، والنساء اللواتي ينتشرن فيها وأبعادها الجمالية والمعاني المستترة خلفها، تشكل إضافة قيمة إلى لوحاتي المفضلة. هنا ألفت إلى أني أجمع لوحات باللون الزهري وأريد مستقبلاً بعد أن يصير بحوزتي 100 أو 200 لوحة، أن أنشر كتاباً بعنوان The pink Collection، بحيث إخذ من كل فنان عربي لوحة بهذا اللون، وأضمنها فيه مع شرح واف عنها.
اقرئي المزيد: كريم مسعود: أنا حكواتي أعشق الفن حوّلت منزلي إلى معرض دائم واستقبل عشّاق الجمال من كل العالم