مدرّبة اليوغا السعودية منيرة العارضي: لا أتعامل مع المنتقدين فشخصيتي لا تفرض شيئاً على الآخر

في مجتمع لا زال يضع الحدود للنساء خوفاً عليهنّ ربما أو حفاظاً على تقاليد مترسّخة في الممارسات الحياتية اليومية، نلتقي 4 شابات سعوديات اخترن الإختلاف والتحرر من كل القيود المعيقة للتقدّم، مع الحفاظ في الوقت نفسه على هويتهنّ وخصوصيتهنّ. من عازفة العود إلى المنسّقة الموسيقية، ومدربة اليوغا والرابر، غوصي في حياة 4 نساء تجرّأن أن يكنّ هنّ على الحقيقة.

ظروف حياتيّة متشعبة قادت الشابة السعودية منيرة بنت سعود العارضي نحو اليوغا لتصبح مدربة معتمدة صاحبة خبرة كبيرة في مجالها، وتفتتح استديو خاص للتدريب في المملكة هو Mantra Studio وتستقطب الشابات بتركيزها على حثهنّ نحو اكتشاف مصادر الراحة والسكينة والأمان في حياتهنّ.

كيف بدأت قصّتك مع اليوغا؟

خلال فترة من حياتي، تدهورت صحّتي النفسية بشكل كبير وقصدت طبيباً لكي يساعدني فنصحني بممارسة اليوغا. ولكنّني لم آخذ الموضوع بجدية ولم ألتزم بالتمرين إلا أنّ الصدف قادتني بشكل يبدو مرسوماً لكي أصير مدرّبة. لم أكن لأتخيل يوماً أنّ يتغير مجرى حياتي بهذه الطريقة، ولكن التجارب الأولى في اليوغا مكّنتني أن أفهم أسباب ما حصل وفتحت عيوني على ممارسات رائعة وعميقة ومدهشة.

كيف كانت ظروف تأسيس الاستديو الخاص بك؟ هل واجهت صعوبات؟ من آمن بكِ وساعدكِ في هذه الخطوة الجريئة؟

الصدفة صراحةً لعبت دوراً كبيراً في حدوث ذلك. بدأت بمفردي ولم تكن الإنطلاقة سهلة أبداً خصوصاً أنّني كنت وحيدة وكان ما أقدّمه جديد على المجتمع، ولكن أهلي آمنوا بي ودعموني مع أنّ دعمهم كان لهواية أو وظيفة جانبية، ولم يتوقّع أحد أن أبلغ ما أنا عليه اليوم ولكن بفضل الله وحمده تمكّنت من تحقيق النجاح، واليوم فريقي أكبر ويضم مجموعة متمكّنة ومتمرّسة من أكفأ المدرّبات، أستند عليهنّ وأثق بهنّ وممتنة لوجودهنّ.

كيف تعامل مجتمعكِ مع شغفكِ باليوغا وفي المقابل كيف أصرّيت على شغفكِ لكي تثبتي للجميع أنّكِ جادّة؟

في الحقيقة لم أواجه أي معارضة بقدر ما لم أؤخذ بجدية في البداية، وهذا أمر طبيعي. وقد أخذت وقتاً وجهداً كبيراً لكي أثبت نفسي وأبني فريق من أفضل المدرّبات بالمنطقة. اليوم أنا في وسط اجتماعي داعم جداً ومنفتح ومتقبّل. ولكن للأسف لا تلقى شابات أخريات هذا الدعم لذا أحاول قدر استطاعتي أن أساعد من تعيش في محيط أكثر قسوة، فالضغوط تكون شديدة، ولا تتمكن كل النساء من تخطّيها بنفس السرعة أو القوة.

كيف تتعاملين مع الإنتقادات أو فلنقل الاستغراب الذي يمكن أن تواجهيه في بعض الأوساط المتحفّظة؟

ببساطة لا أتعامل معه، فشخصيتي لا تفرض شيئاً على الآخرين، وكل إنسان حر في اختيار أسلوب الحياة المناسب له. أعتمد اللّين واللّطف في تعاملي مع الناس وهذه التصرّفات تنعكس على علاقتي بالآخرين وهي قادرة على التخفيف من حدّة الانتقادات، ليطبع الاحترام والتقبّل للآخر أي علاقة في محيطي. لا يعنيني أن يكون من حولي نسخة منّي أو يتأثّر بي بشكل كامل من دون غيري، فأنا مدرّبة وأسعى لتوفير مساحة آمنة وهادئة لمن تقصدني، وذلك حتى تحب نفسها وتتصالح معها وتشعر بالراحة... بشكل عام، إن القبول والتقبّل والسماح والأمان من الصفات أو القيم التي أقود بها حياتي وعملي.

هل باتت الشابات السعوديات يدركن أهميّة اليوغا؟ وكيف ترين إقبالهنّ عليها؟

يوجد إقبال متزايد ولكن للأسف فإنه غير مستمرّ، وهذا الأمر يحد من إمكانية الاستمرار بطريق النمو والتغيير. فلكي نستفيد من اليوغا يجب أن نداوم عليها ونثق بأنها ستساعدنا، ونمارسها من دون مقابل، وأنا أتمنّى أن أكون مصدر إلهام للبنات في سني فيدركن أهميتها، فهي أسلوب حياة كامل ولا علاقة لها بالدين إذ أن أساسها فلسفي ويعبّر عن نمط عيش منضبط للوصول إلى حياة صحيّة وواعية. هي ليست مجرد مجموعة من الحركات الجسدية كما أنها لا تقتصر على التأمل، بل تضم فروعاً وجذوراً كثيرة يصعب شرحها. ولكن نصيحتي لكل شابة جربتها هي أن تكمل وتسأل وتقرأ وتتعمق لتكتشف النوع الذي يناسبها وتتمكن من تطبيقه في حياتها اليومية.

كيف تختارين محتواكِ على وسائل التواصل؟ ما هي الرسائل التي تحبّين إيصالها: تمكين، تعزيز الثقة لدى الشابات، حرية، انفتاح...

أؤمن بكل هذه الرسائل وأتمنّى أن أعكسها وأعبّر عنها. ولكن أكثر ما يعنيني هو توفير الأمان والراحة ومساعدة غيري في إيجاد أسلوب حياة سهل ومريح ومناسب له. يوجد الكثير من الشابات اللواتي ينقلن صوراً عن الإنجاز والهوس بالعمل وتطوير الذات، ولكن برأيي فإن الأولوية هي الراحة والوصول للشعور بالأمان بشخصك وبمحيطك، بهذه الطريقة يمكن الوصول للإمكانات التامة والعظمى.

هل واجهت في أحد مراحل حياتكِ صراعاً نفسياً بين الصورة التي يرغب بها أهلكِ لكِ وما ترغبين أنتِ بتحقيقه؟ لينتصر صوتك الخاص وتعيشي الحياة التي ترغبين بها بغض النظر عن توقّعات المجتمع؟

الصراع الوحيد الذي عشته كان بيني وبين نفسي وهو مستمر إلى اليوم، فأهلي كانوا ولا يزالون أكبر الداعمين والمشجعين لي، وهذا الأمر زاد من ثقتي بنفسي فبنيت مجتمعاً آمن بي وبأفكاري. لكن الصراع الذي واجهته كان بيني وبين نفسي فنحن نجد صعوبة في سماع صوتنا الحقيقي وسط ضجيج الحياة ومتاعبها حولنا، لذا بحثت عن راحتي وحاولت بعد إيجادها أن أدلّ عليها كل شابة تواجه نفس الصراع.

ما رأيكِ بالإنفتاح الحاصل في المملكة وانعكاسه الإيجابي على دور المرأة في مجتمعها؟

خيال ببساطة. بالنسبة لي فقد حظيت خلال نشأتي بامتيازات كثيرة سهّلت حياتي. فقد كان مجتمعي أكثر انفتاحاً على التغيير الذي أسعى إليه، ولكن ما كان سهل عندي لم يكن سهلاً أو متاحاً أمام غيري. أمّا اليوم، فحريّة الاختيار باتت في متناول الجميع والفرص متاحة وما علينا إلّا الاستفادة منها.

اقرئي المزيد: ليلى الجندان: قدّمتُ في العديد من أعمالي الفنيّة التراث والأزياء السعودية بحلّة عصريّة

 
العلامات: فنانة سعودية
شارك