سلوى رضوي: نحن اليوم في مرحلة اكتشاف وتعلم واختبار كل ما يتعلق بـNFT

المشاعر هي ما يحرّكنا، وما يجعل للحياة معنى وقيمة، والفنانون من حولنا هم القادرون على تحريك مختلف انواع المشاعر، وبث الروح في الجماد، سواء على ورقة وباستخدام مختلف أنواع التلوين، أو على أي مساحة اختاروها ليعكسوا عبرها أفكارهم مستخدمين وسائط وأدوات مختلفة، أو من خلال طين أو قماش أو أي غرض مادي يساعدهم في إيصال رسائلهم.

نرصد الفن في كل مكان من حولنا: جدارية على شارع، رسم على حائط مدرسة، لوحة منزلية وسط غرفة معيشة، رقصة تعبيرية تمر بنا أثناء تصفح وسائل التواصل وتستوقف أحاسيسنا لوهلة من الزمن... نتلقّى رسائل تغير مسار يومنا أو أفكارنا من دون أن ندري، تدفعنا للحلم ربما أو للتفكير بإمكانية التغيير، أو للغوص أكثر في دواخلنا واكتشاف نواح مجهولة من أعماقنا...

ببساطة، الفن كان ولا يزال باب عبور نحو عوالم الآخر والارتقاء بالنفس والذوق والفكر والمشاعر.

واليوم يتغير شكل الفنون بسرعة كبيرة، فنسمع ونرى تجليات الفن الرقمي ونرصد دخول TFN مختلف أنواع الفنون، فما الذي سيحمله المستقبل يا ترى، هل يخدم TFN انتشار الفن ويسهّل عمل الفنانين ويدعم رغبتهم في مشاركة افكارهم على نطاق اوسع أو يطمس معالم الفن التقليدي وخصوصية كل قطعة فنية وجمالية الاستمتاع بشكل وفرادة مختلف الفنون عن قرب... اسئلة طرحناها على أربع فنانات عربيات اخترن تجربة TFN، فكيف يرين مستقبل الفنون من خلالها؟

في تجربة الشابة السعودية سلوى رضوي أكبر إثبات على أن أرض المملكة هي اليوم أرض الفرص التي لا حدود لها لأبنائها. فرائدة الأعمال التي تبلغ من العمر 27 عاماً وجدت كل الدعم المطلوب لإنشاء شركة NuqtahNFT الأولى من نوعها في سوق المملكة، وذلك في مسعى منها لدعم المواهب الفنية والتصميمية في بلدها، ومواكبة الثورة الكبيرة في عالم الفنون والتي تعد بمستقبل جديد ومختلف. التقينا سلوى لتحدّثنا أكثر عن أهداف شركتها ومشاريعها وطموحاتها المقبلة.

كيف أسّستِ منصّة "نقطة" وما هي أهدافها وكيف تسعين لتحقيق تلك الأهداف؟

القصة بدأت في عام 2012 حين تسنّى لي وأنا في السادسة عشر من عمري عرض أعمالي في المتحف البريطاني في لندن، وذلك بمبادرة من Edge of Arabia ووزارة الثقافة السعودية، سعياً لتمكين الشباب السعودي. كانت فرصة رائعة واستثنائية لي، حيث تسنى لي اكتشاف الاقتصاد الإبداعي، وقد فتحت عيوني على أهمية دعم المصممين والمبدعين والفنانين السعوديين. حين عدت إلى المملكة كانت الصورة لا تزال مبهمة قليلاً لأنني كنت صغيرة ولم يكن دعم الشباب والمواهب الفتية كبيراً كما هي الحال اليوم، ولكنني بدأت بالبحث حول ريادة الأعمال وعملت مع شركة مؤثّرة في هذا المجال وبدأت بالتواصل والتفاعل مع مؤسسات وشبكات تدعم المواهب الشابة وترعى المشاريع الريادية والجديدة، وأنا بشخصيتي أحب الاكتشاف ولا أستسيغ الأعمال الروتينية، بل أفضل المجازفة والخروج من منطقة الراحة خاصتي، لذا كوّنت خبرة كبيرة في خلال سنوات، جعلتني أعرف أكثر عن السوق الإبداعية، لأقرر الانطلاق إلى مغامرتي الجديدة. في ذلك الوقت كنت أعمل في وظيفة ثابتة وكنت أحضّر للماجستير في جامعة في كندا ولكن مع كورونا تحوّلت الدراسة نحو الأونلاين، وكانت فكرتي تتبلور، ولقيت التشجيع من جميع الأطراف ولا سيما من أمل دوخان وهي الشريكة في 500 Global MENA، فهي أول من آمن بي وساعدني لأشعر بالثقة بنفسي وبأنني مستعدّة للانطلاق، فشعرت أنّ كل الظروف حولي تدفعني نحو تقديم استقالتي والذهاب إلى الرياض للبدء، حينها كانت ظروفي الشخصية صعبة قليلاً فأهلي قرروا الانتقال للعيش في الولايات المتحدة، وكان من المفترض أن أذهب معهم، ولكنني أصرّيت على الاستمرار في مشروعي، ولأنهم كانوا من أول الداعمين لي فقد آمنوا بي وسمحوا لي بالاستمرار، فخطوت خطوتي الأولى مع "نقطة"، والتي تسمح للفنانين بتحويل أعمالهم الفنية إلى رموز غير قابلة للاستبدال وتسويقها وبيعها مع الحفاظ على حقوق الملكية لكل فنان ومشتر، كما تنشر المعلومات اللازمة لدخول هذا العالم وفهمه.

هل واجهتِ صعوبات في فترة الانطلاق، ولا سيما أنّكِ أول شابة سعودية تطلق منصّة NFT؟

لم يكن سهلاً عليّ كفتاة أن أبقى بمفردي بعيداً عن أهلي لأنطلق بمشروعي ولكن بعد شهر من الانطلاق بدأت الفكرة بتحقيق النجاح، مستفيدة من وجود نقص كبير في السوق العربي في الشركات المشابهة، كما أنّ كل الناس العاملين في هذا المجال دعموني، ولا سيما بسبب نقص اليد العاملة في هذه القطاعات، كان التشجيع كبير جداً وقد أعطاني دفعاً للاستمرار في العمل بجد والسعي نحو التعلم والتطور. باتت الشركة تستقطب أشخاصاً مميزين تقدموا للعمل معي لأنهم سمعوا عن المشروع وصاروا جزءاً من فريق العمل، وأشكرهم اليوم على مجهودهم الكبير وعملهم الدؤوب معي لتحقيق النجاح والانتشار لشركتنا.

أخبرينا عن تجربتكِ مع الـNTF؟ ما هي المعلومات التي كنت بحاجة إلى معرفتها قبل دخول هذا العالم؟

لطالما أردت تطوير مجال الفن الرقمي ودعم العاملين في القطاعات الإبداعية، ولا سيما أنّ التكنولوجيا تتطور بطريقة مخيفة، وبلدي السعودية يدعم المبادرين ورياديي الأعمال، وهنا بدأت بلقاء الفنانين وجرت بيننا محادثات جمة حول أهمية NFT والتغييرات السريعة في عالم الفنون وأهمية مواكبة التطور والاستفادة من الأشكال الجديدة للفن والتصميم. في الحقيقة عالمنا يحتاج إلى الوقت والمعرفة الكبيرة للتأقلم مع فكرة NFT وهذا ما نسعى لتأمينه عبر منصتنا، فببساطة مفهوم NFT هو إيجاد ما يشبه صك الملكية للأعمال الفنية، سواء أكان توقيع على ورقة أو لوحة، أو توقيع رقمي على فن رقمي، وبالتالي هو يخدم الفنان سواء المخضرم والمعروف في هذا المجال، أو الشاب الذي لا يزال يسعى لإثبات اسمه والتعريف بنفسه وبموهبته. هذا العالم يوفر الكثير من الفرص للانتشار والتوسع وحصول الفنانين على أعداد كبيرة المتابعين المهتمين بالفن والتكنولوجيا.

يعتقد معظم الناس أنّ التكنولوجيا التي تدخل مجال الفن من خلال Metaverse والـNTFs قد تعني فقدان الفن لخصائصه الحسية. ماذا يمكنكِ أن تقولي عن ذلك؟ وكيف ترين مستقبل الفن التقليدي؟

أتوقع أن يستمر شغف الناس بالفن وبزيارة المعارض للاستمتاع بهذه التجربة الكاملة، ولكن التغييرات ستتم خلف الكواليس، فمثلاً معظم المشترين حين يحصلون على قطعة جديدة، هم يستثمرون على المدى البعيد، لكي تزيد قيمة القطعة مع مرور السنين ويرتفع ثمنها. واليوم هو يقوم بتثبيت هذه القيمة وسيتمكن المشتري مستقبلاً من نقلها إلى أولاده وأحفاده، ولكي يستمر هذا الاستثمار، ويظل من حق عائلته، سيساعده NFT في ضمان حقوقه. وبالتالي سنظل نرى معارض وحركة مبيع، إنما طقوس البيع والشراء ستختلف، بطريقة تضمن الحقوق بشكل أكثر شفافية وأمان، سواء للمبدع أو الفنان وللشاري أيضاً.

كيف يتم التعامل مع المواهب الشابة التي تقصدكم؟

أحياناً نقوم نحن بمقاربة فنان رأينا أعماله وأحببنا طريقته المختلفة ونرغب بتسليط الضوء عليه، وفي أحيان أخرى يتم الاتصال بنا عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي لمنصة "نقطة" من قبل فنانين راغبين بتجربة NFT. لدينا فريق كبير من الموظفين الذين يتابعون المواهب الجديدة والشركات الإبداعية سعياً نحو التعاون وتقديم الدعم لهم، ونلقى معظم الأوقات الترحيب وتكون نتيجة التعاون مثمرة. تتم عمليات البيع عبر MetaMask وهي آمنة ومناسبة لجميع الأطراف.

هناك تخوف من أن يتسبب الاعتماد الكلي على التكنولوجيا في خسارة الآلاف لوظائفهم، هل ترين ان هناك أساس لهذه المخاوف أم على العكس، ستخلق هذه الثورة فرص عمل في مجالات جديدة؟

مع ظهور أي تقنية جديدة تظهر المخاوف منها، فأنا أذكر والدي حين بدأ الشراء من خلال Credit Card حذرني من التعرض للسرقة في حال استخدمتها أونلاين، ولكن اليوم جميعنا نقوم بهذا العمل بكل أمان. أي تكنولوجيا جديدة تحتاج إلى الوقت لكي تظهر حسناتها وسيئاتها، ونحن اليوم في مرحلة التعلم والاكتشاف، بالتالي أنصح الشابات بإعطاء الثقة لمنصتنا فنحن نجرب ونختبر ونعود لك بالنتائج. نرى اليوم أن فئة كبيرة جداً من الأطفال والمراهقين في المملكة وحتى في العالم بأسره، دخلوا عالم metaverse وnft، يلعبون مثلاً روبلوكس، ويعرفون تفاصيل حول هذه التقنيات الجديدة أكثر من الأهل، هم منذ اليوم زبائن وفي المستقبل سيبدأون بعمليات الشراء، وبالتالي ستتواجد فرص عمل لهم وسيكون السوق أوسع ومتاحاً بشكل أكبر خلال وقت قصير.

ما هي مشاريعكِ المقبلة وأهدافكِ للمرحلة الجديدة؟

سنستمر بدعم الفنانين الشباب، فاحتياجات السوق تكبر بشكل سريع لذا أدركنا أن الأعمال يجب أن تتوسع لتطال مجالات متنوعة. حالياً بدأنا بالتعاون مع الشركات لإنشاء منصات NFT ومواقع إلكترونية لها، لبيع سلع أو خدمات مختلفة عبرها. وقعنا مؤخراَ شراكة مع شركة STC فأنشأنا لها منصة NFT لكي تبدأ بالبيع من خلالها. في النهاية فقد بدأت الشركات الكبيرة بالاتجاه نحو NFT لمعرفتها أنّ هذا السوق سيتطور سريعاً ويجب مواكبته واللحاق بركب التكنولوجيا.

اقرئي المزيد: علا عابد: أعمالي في التصميم تعكس خبرتي وتحمل هوية خاصة

 
شارك