روضة أحمد الصايغ: الحياة علمتني أن لا أحدّ نفسي في مجال واحد بل أبحث عن مصادر قوتي وأستفيد منها

تعد روضة أحمد الصايغ من الوجوه الإماراتية المشرفة في المجال الفني فهي مصورة متخصصة في التصوير الثقافي والمفاهيمي، تسعى لإبراز قيم بلدها وتاريخه الثمين والعريق للحفاظ عليه ونقله بين الأجيال الجديدة، كما انها متحدثة ومقدمة مناسبات لها حضور قوي في أهم الفعاليات، كما أنها دخلت مجال ريادة الأعمال مؤخرا وأطلقت شركتها الإبداعية Rowdha SAY التي حدثتنا عن أهدافها في هذا اللقاء.

تعرفين عن نفسك بأنك "تجيدين التعبير بالفن" متى اكتشفت ميلك نحو الفنون سواء التصوير أو الكتابة؟ وكيف طورت معارفك في هذين المجالين؟

اكتشف براعتي في مختلف أنواع التعبير في المدرسة، فقد شاركت في مسابقة للتصوير وحصلت على المرتبة الأولى، كما كنت أشارك في مسابقات حوارية وأفوز بالمراكز الأولى، أي موهبة خفية امتلكتها يعود الفضل في كشفها إلى مدرستي التي ساعدتني في إيجاد شغفي الحقيقي، وبعدها جاء دوري لكي أركز على التفوق فيها وتطوير نفسي والعمل على تحسين أدواتي واستخدامها في سياق يساعدني على تحقيق أحلامي وطموحاتي.

أخذت من الكاميرا صديقة لتنشري صوراً مميزة عن تاريخ وتراث بلدك، كيف تبلورت هذه الفكرة لديك وما هي أكثر القيم الإماراتية التي أثرت في شخصيتك؟

بدأت التصوير لأني أحببته إنما كنت أصور بشكل عشوائي ومن دون هدف واضح، إلى أن حضرت ورشة مع المصور القدير جاسم العوضي، وقد أثّرت بي عبارة قالها وهي: "إن تراث الإمارات موثق بعيون أجنبية وليس إماراتية وهذا أمر محزن لنا كأبناء هذه الدولة". حينها اكتشفت أني أريد التعمق في التصوير الثقافي ومع الوقت اكتشفت التصوير المفاهيمي فأحببت الدمج بين المجالين لسرد قصص من تاريخ بلادي، وركزت على إظهار القيم الإماراتية الثرية، فعملت مثلاً على معاني ألوان دولة الإمارات لأكتشف أنها تختصر كل قيمنا: مثل الدفاع عن الوطن والأمن والأمانة باللون الأبيض، الفداء بأرواحنا بالأحمر، الحشمة والتقاليد بالأسود، والازدهار والحياة الرغيدة بالأخضر، شعرت أن هذه الألوان هي انعكاس لقيمنا وأنا أحاول إعادة سرد هذه القصة من خلال الفن والتصوير، فهدفي هو إيصال رسائل توعية بأهمية قيمنا من خلال مختلف أنواع التعبير التي أجيدها.

متى تصورين؟ هل أوقات السعادة او الحزن، وما هي الأحاسيس التي تنتابك حين تتواجدين خلف العدسة لتخليد لحظات معينة اخترت التركيز عليها من خلال عينيك؟

إن نقطة التغيير في موهبة التصوير لديّ كانت حين استوعبت أني قادرة على عكس مشاعر مختلفة من خلال الصور، سواء سعيدة أم حزينة فهي ستصل للناس، ففي أوقات كورونا شعرنا بالانغلاق وأنا كمصورة انزعجت من عدم القدرة على الخروج للتصوير، ولكني قررت أن أخلق صورة تعبر عن إحساسي بهذه العزلة فكانت النتيجة صورة مؤثرة لاقت تفاعلاً كبيراً من الجمهور. الموضوع إذاً لا يتعلق بالحواجز المحسوسة والتقليدية، بل يمكن الاستفادة من أي ظرف لأعبّر من خلال عمل يعكس مشاعري. في النهاية فإن العمل الجميل حتى لو كان حزيناً سيصل للناس وسيخلق لديهم بهجة ما لأنه عبارة عن فكرة فنية جديدة ومبهرة.

كيف ساعدك كونك ابنة الإمارات، بلد الخير والفرص، في اكتشاف مواهبك والتعبير عنها وإيصالها للجمهور بشكل أكبر؟

أرض بلادي وقادتها هما مصدر الدعم الأول والأكبر لي، وأنا أردد دائماً أن أي نجاح أحققه يعود الفضل له إلى هذا البلد، فأنا كانت لديّ النظرة ولكني لم أملك الأسلوب وبالتالي فإن مؤسسات هذا البلد العزيز هي التي دعمتني وساعدتني لأكتشف أدواتي، أنا أسرد قصصاً إماراتية وأسعى لنشر ثقافتي في العالم، وسأكون ممتنة دائماً لهذه الأرض فمن دون بلادي لا وجود لفني.

ما هي المشاعر التي تنتابك حين تقدمين حدثاً مهماً وكيف تصوغين كلمات مؤثرة تعكس أهمية المكان والمتواجدين والمناسبة؟

من يراني على خشبة المسرح سيظن حتماً أني لا أخاف أو أتوتر من التحدث أمام المئات من الأشخاص، ولكن العكس تماماً فمع تراكم الخبرة وازدياد عدد المناسبات التي أقدمها يزداد إحساسي بحجم المسؤولية لدرجة أن قدماي ترتجفان من الرهبة والقلق، فأكبر الفنانين حول العالم يصابون بهذه الرهبة، أنا لست امرأة حديدية أبداً ولكني أعرف كيف أسيطر على نفسي لكي أبدو ثابتة وواثقة أمام الناس لأني أعي أهمية الدور الذي أمارسه. الأمر الثاني الذي يقويني هو أن الحماس دائماً موجود داخلي للتعبير من خلال الكلمات، فأنا حين أصوغ الكلمات أشعر أني أرسم صورة أو أقدم عملاً فنياً جديداً، وما منحني هذه القوة هو كلام قاله لي سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم حيث قال بعد أن نزلت عن خشبة المسرح: "الجميع قادرون على التحدث ولكن قلائل وأنت منهم، الأشخاص القادرون على توليد الطاقة الإيجابية التي تعطينها لمن يسمعك". لذا أركز على أن أعكس طاقة إيجابية تؤثر في المستمع وتحدث تغييراً في معنوياته أو مزاجه.

ألا تفكرين بتقديم البرامج أو دخول مجال الإعلام التلفزيوني أو المكتوب؟

الدنيا علمتني أن لا أحد نفسي في مجال واحد، لذا أنتظر مفاجآت الحياة وأرحب بأي تغيير، يمكن أن أكتب نصاً يتحول إلى فيلم أو عمل تلفزيوني، أو أعمل في هذين المجالين بشكل مباشر.

اخترت مؤخراً البدء بمشروعك الخاص وهو وكالة Rowdha SAY . حدثينا عن فكرتها، ما هي أهدافها، وما هي خطواتك المقبلة لتوسيع انطلاقها؟

سأبدأ بالاسم وهو Rowdha SAY فهو اسمي الأول وأول أحرف من اسم عائلتي باللغة الإنكليزية، ولكن كلمة Say باللغة العربية تعني التحدث أو التعبير، وهذا ما أردت أن أركز عليه، فأنا أجيد التعبير بالكتابة والتحدث والفن، وأردت أن أساعد غيري على التعبير عن ذاتهم. لذا Rowdha SAY هي شركة إبداعية تساعد العلامات التجارية في سرد قصصهم وترويج إنتاجاتهم من خلال إخراج حملات وكتابة نصوص وأعمال فنية، فأنا أخذت طرق لتعبير التي أبرع فيها لمساعدة غيري على إظهار نفسه بالشكل الأمثل له. أحببت أن أساعد المواهب الخفية في الظهور بعيداً عن شركات التسويق المعروفة، فأبني للعميل فكرة وأقدم له فريق متخصص ليساعده لتحقيق النجاح.

كيف تعملين على وضع استراتيجية عمل واضحة للوكالة، وما هي صعوبات البدايات التي تواجهينها ومن يساعدك لتخطيها؟

خطوتي الحالية هل أن أعامل شركتي كعميل قصدني، وذلك عملاً بنصيحة حصلت عليها وهي: Treat your business as a client. بالتالي أسعى أن أبني فريق عمل متكامل وكفوء لأسوق نفسي بشكل متكامل، وقد واجهت صعوبات سابقة في أن أجد مشروعاً يمكن أن يظهر كل مواهبي ويشعرني بالسعادة والترقب والحماس اليومي لكي أعطي كل وقتي واهتمامي له، الصعوبة الثانية هي أننا نخاف دائماً من خطوة البداية، وقد تخطيتها والحمدلله بعد أن نظمت وقتي لأوفق بين عائلتي وطفلي الصغير ومشروعي. ما ساعدني هو دعم أهلي وزوجي وأصدقائي، فهم نظام الدعم المعنوي الذي لم يتركني، ووجودهم مهم جداً لكل رائدة أعمال ترغب بالبدء بمشروعها، كما أن جمهوري له فضل كبير عليّ، فأنا حين أستمع إلى كلامهم التشجيعي وألمس حبهم ودعهم عبر إنستغرام، أسترجع حماسي وحبي للعمل والعطاء. وأكرر القول إن الانطلاق هو الأصعب ولكن حين نتخطى الخوف ونضع الحجر الأساس سنلمس تفتح الطرق سريعاً أمامنا.

ما هي برأيك الأدوات الضرورية المطلوبة للنجاح في ريادة الأعمال؟ وما هي النصيحة التي تقدمينها لشابة تسعى لبدء مشروعها الخاص؟

المرأة قوية جداً وقادرة على القيام بأكثرمن عمل في وقت واحد ، فهي قادرة أن تؤسس وتتحمل ولكن عليها امتلاك الثقة بنفسها، أي مجال ترغبين بخوضه لن يكون سهلاً فهناك منافسة قوية، فلا تخافي من أن تكوني رقيقة وضعيفة، بل انظري إلى هذه الصفات على أنها ما يميزك ويضيف لك بشرط أن تكوني متماسكة واملكي الإصرار والإرادة وحددي أهدافك وضعي خططك للوصول إليها. لا تنتظري الوقت المثالي لأن الحياة ستجعلك دائماً مشغولة، تخطي الخوف وثقي بشغفك وفرادة فكرتك وابدأي.

كيف تضعين أهدافك للمرحلة المقبلة وأين ترغبين بالوصول بأفكارك وفنك؟

مثل أي مشروع جديد، أسأل نفسي ثلاث أسئلة لأحدد مساري المقبل وهي: لماذا، ماذا وأين؟. أولاً لماذا Rowdha SAY: لأني أملك القدرة على التعبير والسرد وهو دافع لمساعدة الغير لإيصال قصصهم، فوصول القصة بشكل صحيح للمتلقي كفيل بإنجاحها. ثانياً ماذا: كما قلت أنا شركة إبداعية جديدة من نوعها وهو ما يميزني عن غيري في السوق. ثالثاً أين: بدأت من أرض بلادي وطموحي أن أصل للعاملية وأمثل المرأة الإماراتية الطموحة بشكل مشرف، سواء في التصوير أو في التعبير أو في عملي كمؤسسة ومديرة لهذه الشركة.

اقرئي المزيد: سعاد السويدي أول مصورة حياة برية إماراتية تنقلك إلى عالمها

 
شارك