دينا الطيب أول سعودية تكمل IronMan: لا مجال لليأس مع الإرادة

تعدّ دينا الطيب أول سعودية تكمل IronMan وأول امرأة عربية تخوض IronMan Kona، فهي نشأت على حب الرياضة بعد أن كانت تشاهد والدتها تمارس الجري في شبابها، ونقلت هذا الحب لابنتها التي صارت مدربة يوغا. وقد تعمقت في المجالات الرياضية لتصير مدربة ترياثلون وعضو مجلس إدارة مؤسس لاتحاد الترياثلون السعودي. وبالإضافة إلى شغفها بهذا العالم فهي طبيبة أسنان متخصصة في أمراض اللثة وزراعة الأسنان، تعتني بشكل كبير بمهنتها ولا ترضى أن تقصّر في أي مجال تخوضه، لأنها تؤمن بأن الإنسان قادر على النجاح في الوصول إلى أي هدف يضعه نصب عينيه شرط أن يركز ويقسم وقته ومجهوده ويحدد أولوياته. التقيناها لنكتشف المزيد عن قصة نجاحها وعن كيفية تحدّيها للكثير من القيود كي تصل إلى ما كان يعد مستحيلاً بالنسبة إلى شابة سعودية قبل سنوات قليلة.

تبدو الرياضة وكأنها جزء من ميراث عائلي متناقل، فكيف تأثرت بوالدتك التي كانت تمارس الركض كي تتجهي نحو الرياضة وكيف نقلت هذا الشغف إلى ابنتك؟

كانت والدتي تمارس الرياضة في المدرسة في القاهرة، حيث كانت عضواً في فريق الجري في مدرستها منذ الصغر. فأصبحت الرياضة جزءاً من حياتها اليومية، وكنت أشاهدها تمارس التمارين الرياضية وأنا صغيرة وأحاول تقليدها. لقد كانت تصحبنا أنا وإخوتي في الإجازة الصيفية لدروس كرة المضرب أو للّعب والجري في الحديقة. ومن ناحيتي حرصت أن أربي أولادي على أن تكون الرياضة والحركة جزءاً من حياتهم أيضاً. وشعرت أن من واجبي أن أعلمهم رياضات مختلفة منذ الصغر، مثل كرة المضرب والسباحة وركوب الخيل وأكون قدوة عملية لهم في ذلك. ثم عندما يكبرون سيصبحون مؤهلين جسدياً لأن يختاروا الرياضة اللتي تناسبهم ويتألقوا فيها. ومن الضروري أن يمارس الأطفال الرياضة ويلعبوا منذ سن صغيرة وفق ما يتناسب مع عمرهم كي تنمو عضلاتهم ويكون عندهم لياقة وقوة في الجسم ومناعة جيدة منذ الصغر.

كسرت قيوداً اجتماعية عدة كي تتبعي حلمك بأن تحققي إنجازات مهمة في المجال الرياضي، فما هي الصعوبات التي واجهتها؟

أي طريق يختاره الإنسان ويلتزم به لا بد من أن يكون فيه شيء من الصعوبات والعقبات. وبالنسبة إلي، اخترت رياضة التراثلون منذ عشرين عاماً فلم تكون معروفة في العالم العربي. ولم يكن لدي المعرفة الكافية أو المدربون المختصون أو الأدوات المناسبة كي أتالق في هذه الرياضة، فكنت أضطر إلى أن أتعامل مع مدربين من أمريكا أو أوروبا بدون أن يكونوا موجودين في مكان تدريبي عن طريق إرسال التدريبات بالبريد الالكتروني. تعاملت مع هذه العقبة بعمل معسكرات تدريب مكثفة في الخارج حتى تكون لديّ المعلومات الكافية لأطبقها عندما أتدرب بمفردي. كما أن وجود فريق أو مجوعة تشارك الرياضي هوايته تضيف إلى الرياضة الكثير، فيحفز الرياضيون بعضهم وتكون بيئة صحية مليئة بالإيجابية. وعندما بدأت رياضة التراثلون كنت أول سعودية ولم يكن هناك مجموعات أو أفراد يمارسون هذه الرياضة، وهذا الأمر يعني صعوبات جمّة في التعريف على اللعبة ونشرها بشكل أكبر بين السعوديين والسعوديات.

كيف يمكن للنشاط الرياضي أن يغير حياة الشابة نحو الأحسن سواء صحياً أم نفسياً أم معنوياً؟

الرياضة مهمة جداً منذ الصغر حتى تصبح جزءاً من الحياة اليومية وليس فترة مؤقتة لتخفيف الوزن ولا جزء من الحمية. فالرياضة تساعد الشخص على التخلص من التوتر والضغوطات اليومية. وخلال ممارستها نفرز مادة الأندروفين مما يعطي الشخص النشاط والشعور بالإيجابية. فتستطيع الفتاة القيام بأعمالها اليومية بنشاط، كما أن الرياضة تحفز الشخص على الأكل الصحي والنوم مبكراً مما يعطينا قوة وحيوية ورونق، فتبدو من تمارس الرياضة أصغر سناً من زميلاتها وأكثر شباباً
وصحة وهذا الأمر ينعكس على مختلف نواحي حياتها.

كيف تشجعين الشابات السعوديات على الانخراط أكثر في ممارسة أي نشاط رياضي يفضلنه؟

من وجهة نظري، يجب أن نعلم صغارنا ممارسة الرياضة ونكون مثالاً لهم في ذلك، ممارسة الرياضة منذ الصغر وبالذات عند سن المراهقة يكون لها أثر إيجابي كبير جداً، فيخفف من ثأثير تغير الهرمونات عند المراهقين ويكون منفس لتفريغ الطاقة والتوتر ويشغلهم بشئ إيجابي، بالذات لو كانوا جزءاً من فريق رياضي، فيكون لديهم هدف يبعدهم عن الشعور بالفراغ والملل.

حدثينا عن الإنجاز المميز الذي حققته في أن كنت أول امرأة عربية تكمل IronManWorld championship in Kona؟

أحب أن يكون لي حلم وهدف أسعى إلى تحقيقه، هذا يعطيني اندفاعاً وحماساً في الحياة. فأنا دائماً أسعى إلى أن أتعلم وأحقق مستوى عالياً في مجالات حياتي المختلفة. وبدأت بأول بطولة IronMan عام 2005 ثم عزمت أن أكرر التجربة في السباق وأحسن مستواي وأتعلم من أخطائي وأتممت ذلك. وكان حلمي أن أتأهل للسباق النهائي لكن كان هذا الأمر صعباً لعدم وجود الإمكانيات المطلوبة حينها. لكنني كنت مؤمنة بحلمي وأعلم أن الله عز وجل سوف يوفقني وسوف أتأهل للسباق. وحاولت 12 مرة أن أتأهل للبطولة النهائية ولم أتمكن من ذلك، كنت في كل مرة أعيد ترتيب أوراقي وأحاول تجنب أخطائي، وشاركت في مسابقات في أميركا وأوروبا وأفريقيا لكن المنافسة كانت دائماً صعبة لأن هذا السباق يجمع رياضيين من كافة أنحاء العالم. وكنت مؤمنة أن التوفيق بيد الله عز وجل وهو ييسر لنا أسباب النجاح وعلينا التمسك باليقين والعمل بإخلاص وعدم اليأس. والحمد لله رب العالمين بعد 13 سنة من المحاولة تأهلت للسباق النهائي... وكانت فرحتي لا توصف وكنت فخورة جداً بأن أمثل بلدي بكوني أول رياضي من المملكة العربية السعودية يصل إلى البطولة النهائية، وشعرت بأنني أفتح الطريق للكثير من الشباب والشابات من بلدي الحبيب لأن يصلوا إلى أعلى المراكز الرياضية.

أنت أيضاً مدربة لسباق triathlon فكيف بدأت بهذه الرياضة الصعبة ووصلت لمرحلة التدريب؟

بعد وصولي للسباق النهائي وتحقيق حلمي شعرت بأن من واجبي أن أساعد من هم بعدي من الجيل الصاعد، أوفر لهم النصيحة والمساعدة حتى يحققوا أهدافهم. لكن لأتمم ذلك بطريقة صحيحة كان يجب عليّ أن آخذ دورات في تدريب هذه الرياضة، فأتممت شهادة التدريب في الترياثلون. وخبرتي في هذه الرياضة بالإضافة إلى معلوماتي الطبية لأنني طبيبة أسنان وشهادات التدريب، أعطتني ما أحتاجه حتى أقدم المشورة والتدريب لمن يحتاجه.

كونك عضو مجلس إدارة مؤسس لاتحاد الترياثلون السعودي، كيف تسعين إلى تعزيز تواجد هذه الرياضة في المملكة؟

أنا فخورة جداً ببلدي وبكل الإنجازات الجديدة والمقترحات للنهوض بالرياضة، إن اتحاد الترياثلون جديد وقد تم تأسيسه مؤخراً، وأؤكد أن أعضاء مجلس الإدارة مميزين ونحن نعمل كفريق واحد لتدريب وتوفير معطيات النجاح حتى يكون لدينا أبطال عالميون يصلون إلى مراكز عالية ويحققون مداليات في المنافسات العالمية. كما نسعى إلى تشجيع الجميع على الرياضة وتوفير مسابقات محلية على مستوى عالٍ لتحفيز التجميع.

أنت طبيبة أسنان مميزة وأم ناجحة فكيف توفقين بين كل مهامك؟

أحاول تنظيم وقتي ووضع جدول أسبوعي بشكل مسبق، فأنا أضع الأولويات وما يجب إتمامه من المهام، ما يعني أن أكون متواجدة في المكان الذي أكون فيه مطلوبة ويكون وجودي ضرورياً. فمثلاً عندما أكون في العيادة أسعى إلى أن يكون تركيزي على عملي وليس على مهامي الأخرى. كذلك عندما أكون مع أولادي يجب ان أكون معهم قلباً وقالباً. وأحاول أن أعطي كل ذي حق حقه كي يتحقق النجاح.

ما رأيك بالدعم المتزايد للرياضات النسائية في المملكة؟

إنه أمر جميل جداً ويسعدني أن أرى بنات بلدي مهتمات بالرياضة وأنا دائماً أحاول المساعدة والتوجيه لمن يريد استشارتي. وأنا متأكدة أنه في خلال السنوات القادمة سيكون لدينا شابات ينافسن في أعلى المراكز في المسابقات الدولية.

ما هي مشاريعك للفترة المقبلة؟

أسعى إلى الاسمترار في المشاركة كرياضية والوصول إلى مراتب متقدمة في المسابقات الدولية والاستمرار في تقديم النصح وتدريب الرياضيين والعمل على مساعدة الجميع، بقدر استطاعتي مع الاستمرار بدوري كطبيبة وأم متفانية في
خدمة عائلتها.

ما هي رسالتك للشابات السعوديات الطموحات الراغبات في خوض مجالات كانت حكراً على الرجل فقط حتى وقت قريب؟

نحن في زمن لم تعد فيه أي تفرقة بين الرجل والمرأة وقيادتنا الرشيدة مثال على ذلك في توجيهها وفتح المجال للجميع كي يبدع وينجز. واليوم أصبحت المرأة محامية، وقائدة للطائرة، ومديرة في شركات ضخمة والطريق مفتوح لكل من تريد تحقيق حلمها والدعم موجود ويطال الجميع، وعلينا فقط أن نعرف ما نريد ونسعى بجهد لتحقيقه.

اقرئي المزيد:  دانيا دويدري: الفنّ المعماريّ والتاريخ الغنيّ لبلادنا هما مصدر إلهامي في Dania D Designs

 

 
شارك