الممثلة رولا دخيل الله: تحقيق الأحلام يتطلّب اقتناص الفرص وإيقاف التفكير المفرط

تجعلنا الأحلام نحقق ما نشاء في الخيال، ولكن تكمن القوة الحقيقية في امتلاك الإصرار للنهوض يومياً مع قرار الاستمرار بالسعي لتحقيق أكثر أحلامنا صعوبةً، فما يبدو مستحيلاً سينقلب واقعاً حين تكون الإرادة هي السلاح الذي لا نتخلى عنه، وسط كل ما تضعه الحياة في الطريق من عراقيل. وفيما يلي، نعرّفكِ على 4 شابات عربيات من مجالات مختلفة، استطعن عيش أحلامهنّ الكبيرة في سن صغيرة. فماذا يقلن عن تحقيق الأحلام؟

من فتاة صغيرة تحلم بالشهرة والوقوف أمام الكاميرا لتأدية دور تمثيلي مؤثر، إلى بطلة فيلم الفنانة والمخرجة السعودية المعروفة عهد كامل "سائقي وأنا"، إنّه باختصار ما اختبرته الشابة السعودية رولا دخيل الله التي أحبّت التمثيل وسعت بثبات نحو تحقيق حلمها لتتمكن من الوصول له وإظهار موهبة قوية وعفوية وصادقة. تعرّفي عليها واكتشفي كيف كان طريقها لتصل أمام عدسة واحدة من أهم الأسماء النسائية السينمائية السعودية.

كيف دخلتِ عالم التمثيل وعرفتِ أنّه المجال الذي تريدين تكريس وقتكِ وجهدكِ للنجاح فيه؟

التمثيل كان حلمي منذ كنت صغيرة، والظروف ساعدتني في الحصول على أدوار متواضعة قادتني إلى أعمال أكبر. أمي ممثلة أيضاً ولكنها بدأت في سن كبير نسبياً منذ حوالى 6 سنوات فقط، حيث كانت إحدى صديقاتي من كلية الفنون السينمائية في جامعة عفت في جدة تبحث عن ممثلة لتؤدي دور الأم في مشروع تخرّجها، فعرضت الأمر على والدتي ووافقت وأدّت الدور ببراعة، وهي التي شجعتني لكي أدخل في هذا المجال والسعي وراء حلمي. بشكل عام نحن أسرة تدعم الفن، فوالدي مؤلف وشاعر وأمي قارئة نهمة ومتابعة للدراما ومليئة بالإحساس المرهف، وقد تأثّرتُ بهذا الجو كثيراً، فكنت أذهب معها إلى التصوير، وأتخيل نفسي أؤدي شخصيات مختلفة. هكذا بدأت بالحصول على أدوار بسيطة، وبت معروفة بعض الشيء لدى المخرجين والمنتجين الشباب، حتى عام مضى حين حصلت على أول دور كبير لي في فيلم "سائقي وأنا" وكانت تجربة ممتعة ورائعة بكل المقاييس.

حدّثينا عن دوركِ في فيلم عهد كامل "سائقي وأنا"؟ ما الذي عنته لكِ هذه المشاركة مع مخرجة كبيرة ومعروفة؟

قدّمت أول دور بطولة لي في هذا الفيلم، ودخلت إليه وأنا رولا وخرجت منه وكأنني إنسانة جديدة، مليئة بالمعرفة والخبرة والدروس. شعرت أنني تغيّرت واكتشفت طبقات عميقة بداخلي لم أعرف يوماً أنّها موجودة لديّ، فالعمل مع الأستاذة عهد ممتع جداً ومثري، فهي مخرجة وممثلة لذا عرفَت جيداً كيف توجّهني، وأدركَت ما الذي أحتاجه لكي أكون على طبيعتي، وكيف تستخرج مني أصدق المشاعر. وفي بعض الأحيان كنت أحس أنني تحولت إلى روبوت، وغير قادرة على أداء مشهد معين، فتطلب من الجميع التوقف وإعطائي استراحة، لتجلس معي وتفهم أين هي مشكلتي، لكي أعاود التمثيل بكل طاقتي وحضوري. أحببت كثيراً أخلاقها المهنية ورغبتها في خدمة غيرها وعطاءها غير المحدود في سبيل إنجاح من معها وبالتالي الارتقاء بالعمل الذي تقدّمه. الفيلم بشكل عام كان ممتع جداً وجميل وأتمنى أن تصل فكرته إلى المشاهدين ويلقى أصداء طيبة لديهم.

هل تفكرين بدراسة التمثيل أم تفضّلين أن يكون الهواية التي تحبينها من دون الالتزام بدروس نظرية؟

بالتأكيد أفكر بدراسة التمثيل أو على الأقل أخذ دورات فنية تزيد من معرفتي وأدواتي، وأنا حالياً طالبة إدارة أعمال وسأتخرج بعد شهور، وأنوي على الإثر أن أعمّق معرفتي بالتمثيل والإخراج والكتابة والإنتاج. لديّ خبرة في إدارة المشاريع ولديّ مهارات تفيدني خلف الكاميرا، لذا أنوي الاستفادة من الفرص الكبيرة المتاحة حالياً أمام الشباب، لكي يصلوا بأفكارهم الجديدة في المجال الفني. أنا اليوم في الخامسة والعشرين من العمر، قدّمت الكثير وفخورة بما اخترته وبالصورة التي ظهرتُ عليها ولكن لديّ الكثير بعد لأقدّمه مستقبلاً.

هل شعرتِ حين اخترتِ دراسة إدارة الأعمال أنّكِ بحاجة لمجال احتياطي يمكّنكِ من تأمين مستقبلكِ في حال لم تحققي النجاح الذي ترغبين فيه في المجال الفني؟

حين اخترت مجال إدارة الأعمال كنت بالفعل ممثلة، وفكرت بشهادة تساعدني في تنظيم أعمالي واكتساب مهارات التسويق والإعلان والإدارة والتطوير، وبالتالي ستكون سند لي لأزرع وجودي القوي في أي مجال أختاره. الأفلام هي في نهاية المطاف مشاريع، وبالتالي سأستفيد من معرفتي الإدارية في التعمق فيها... أنا ببساطة أسعى دائماً للتعلم والتطور في كل مجال متاح.

كيف ترين الأعمال الدرامية السعودية في وقتنا الحالي، وهل باتت تعكس فعلاً قضايا المجتمع الحقيقية؟

هناك تنوع كبير في المحتوى الدرامي، وأرى أعمالاً ناجحة تركّز على قضايا النساء وأخرى تتجه نحو الشباب، فنحن مجتمع ينفتح بشكل كبير على العالم الأوسع في السنوات الأخيرة، وبالتالي لدينا الكثير من الحالات والقضايا الاجتماعية التي تمسّنا ويجب أن نوصلها بإحساس عالي إلى الآخر.

ما هي الأدوار التي تحبّين تقديمها وترين أنّه من الممكن أن تبرعي فيها؟

أحب الأعمال الدرامية التي تحمل رسائل قوية، ولكنني أيضاً أحب الأعمال الكوميدية وأحلم بدور في مسلسل كوميدي حيث أجلب الضحكة إلى الجمهور، فنحن نفتقد النساء الكوميديانات، وأريد فعلاً أن أبرز في هذا المجال لأنني أثق بموهبتي، باعتراف أهلي وصديقاتي ومحيطي المقرّب. لا أفضّل أن يتم حصري في أدوار معينة كالبنت المراهقة أو الرومانسية، بل أرغب بالتنويع للوصول إلى فئات أكبر من المجتمع. أعتقد أنّ الفن هو القدرة على تقديم قصة جديدة، يمكن أن تكون حقيقية من وحي المجتمع ويمكن أيضاً أن تكون خيالية، ولكن يجب أن تمس المشاعر والروح. ويمكن خلال ذلك أن نخطئ ولا نصيب الهدف، ولكن الطرح الجديد سيكون مفيداً وسيخوّلنا التعلّم من أخطائنا، والمهم هو أن نخطو الخطوات الأولى ونجرّب، وسنصل إلى أماكن مهمة بكل تأكيد.

حدّثينا عن مشاركاتكِ في المهرجانات الفنية السعودية، وكيف ترين التنظيم واستقطاب المواهب المحلية والعالمية؟

أشعر بالسعادة الكبيرة وبفخر الانتماء لهذا البلد العظيم، فكميّة العطاء الممنوح لنا في هذه المهرجانات خيالي، سواء في مهرجان البحر الأحمر أو مهرجان جدة السينمائي. كما أنني قصدت مهرجان كان مع وزارة الثقافة في العام الفائت، وأحسست وكأنّ المسؤولين يمسكون بيدي لكي يعرّفوني على المنتجين والمخرجين، فاليوم هناك من يؤمن بي ويسعى لتمكيني ومساعدتي، وهذا إحساس رائع وكأنني تحت حماية بلد يثق بموهبتي ويمدّني بالقوة الكافية للظهور والانفتاح والوصول.

ما هي الصورة التي تحبّين أن تعكسيها عن الممثلة السعودية الشابة بثقافتها وإطلالتها وموهبتها؟

أريد أن أبيّن أن الشابة السعودية قادرة على الوصول بموهبتها فقط، وهي لا تحتاج أن تكون من طبقة معينة أو ذات شكل خارجي محدد أو لديها واسطة أو معارف استطاعوا إيصالها إلى الصفوف الأمامية. أنا بنت عادية حتى أنني لوقت طويل كنت أشعر أنني غير جميلة بسبب وجود اختلاف في شكل أسناني الأمامية، ولكن مع الوقت بدأت أقدّر اختلافي وأحبّه، لأنه ما يميزني، وهذا ما أريد إيصاله لكل الشابات، فلا تشعري أبداً أنّ اختلافكِ سيكون عيباً وأنّكِ بحاجة لعمليات التجميل كي تكوني مقبولة، بل على العكس تقبلي اختلافكِ وابرزيه لأنّه ما يجعلكِ حقيقية وذات كاريزما وحضور خاص.

ما هو دور الأحلام النسبة إليكِ؟

أحب أن أؤدّي دور الأم لأختبر مشاعر الأمومة على الشاشة، فوالدتي هي قدوتي في الحياة، وقد أخذت منها الكثير من الصفات والخصال الحسنة منها قوة الحضور والشخصية والإصرار على تحقيق ما أرغب به من دون استسلام.

برأيكِ ما هو المطلوب من الشابة لكي تحقق أحلامها؟

يتطلب أمراً واحداً وهو عدم التفكير المفرط بالفرص بل اقتناصها مباشرةً والعمل باجتهاد للنجاح فيها. مشكلتي كانت ولا تزال أنني أفكّر كثيراً وأقلق وأحسب كل الاحتمالات، وهذا ما يزيد من خوفي وتوتّري ويضع العوائق في طريقي، لذا يجب أن نسيطر على مشاعرنا وأفكارنا ونهدأ، لنستمتع بالعمل بغض النظر عما سيفكر به الآخرون أو كيف ستكون النتيجة. فحين وافقت على فيلم "سائقي وأنا" قررت أن أتوقّف عن الإفراط بالتفكير، فهم اختاروني وهذا يعني أنّهم وثقوا بي مع علمهم بأنّ لديّ مشكلة في شكل أسناني، وبالتالي هم رأوا في داخلي وحتى في شكلي الخارجي ما يناسب العمل، لذا عليّ أن أترك العنان لهذه الموهبة التي رأوها لديّ لكي تخرج، وهذا ما قمت به وأنوي اعتماده في كل الفرص التي سأحصل عليها في المستقبل.

اقرئي المزيد: دانا حوراني:" آمني بحلمكِ والنجاح سيكون حليفكِ"

 
شارك