الرياضية القطرية مريم فريد: كأس العام بمثابة حلم مدهش يتحول أمامنا اليوم إلى حقيقة جميلة

العمر وتراكم الخبرة ليسا شرطاً أساسياً للنجاح في أي مجال، فحين يكون الشغف موجوداً يمكن تحقيق أعظم الإنجازات في سن صغيرة، هذا ما أثبتته العداءة القطرية مريم فريد التي استطاعت في سن السادسة عشرة، أن تكون أصغر عضو في فريق تقديم العطاءات للجنة الأولمبية القطرية لبطولة ألعاب المضمار والميدان التابعة للاتحاد الدولي لألعاب القوى لعام 2019، وساهمت في فوز الدولة باستضافة البطولة. لتنافس بعدها بسنوات لأول مرة في بطولة العالم 2019 كواحدة من الشابات اللواتي تقل أعمارهن عن 23 عاماً. هي المحجبة اليافعة التي ارتقت باسمها عالياً في المنافسات الدولية، لتكسر الكثير من الصور النمطية السائدة عن النساء العربيات وتبدع في طريق النجاح الذي رسمته لنفسها.

حققت الكثير من الإنجازات الرياضية في سن صغيرة. هل كانت مريم الطفلة تتوقع أن تدخل المجال الرياضي وترفع اسم بلدها في المحافل الدولية؟

أجل بالضبط، كان لديّ يقين وقناعة تامة بأني سأصل إلى مكان ما، وثقت بقدراتي منذ زمن بعيد لأني اكتشفت أن الرياضة هي شغفي وما أحب القيام به، لذا كنت شجاعة منذ طفولتي واعتدت أن أجرب وأسعى وراء أحلامي. العمل المستمر والتدريب اليومي والهدف الثابت والواضح، إنها العناصر الثلاث التي جعلتني أتخطى حدود الوطن وأصل إلى المنافسات الرياضية العالمية.

تخشى الفتيات الخوض في مجال ألعاب القوى لأنها ألعاب قاسية وخشنة ومخصصة للرجل فتخاف الشابة أن تتأثر أنوثتها. ماذا تقولين لهذه الفئة من السيدات؟ كيف واجهت انتقادات المجتمع حول دخولك هذا المجال؟ هل كان هناك اعتراض من قبل الأهل؟

الرياضة لن تجعلك أبداً أقل أنوثة بل على العكس، سيكون لديك جسد صحي وروح نقية وأفكار واضحة، الرياضة تخرج السلبية من ذهنك وحياتك، أنا تعرفت على عدد كبير من الشابات الرياضيات من خلال المنافسات التي أشارك فيها، ولم أرى واحدة تفتقد للأنوثة بل على العكس فالرياضة تصقل الجسد بشكل جميل جداً وتخلصك من الترهلات. من جهة ثانية، أرى أن الأنوثة تنبع من الداخل ورغبة المرأة بأن تكون جميلة لا يحدها شيء، فأنا يمكن أن أمارس رياضتي صباحاً وأكون بكامل أناقتي وأنوثتي مساء وأنا مرتدية أجمل عباءة عندي بينما أضع المكياج المخصص للسهرات. بالتالي لكل مقام مقال، وستكونين ما ترغبين به في الوقت الذي تشائينه وبحسب ما تمليه عليك ظروف حياتك. بالنسبة للجزء الثاني من السؤال، فأنا لم أواجه أي انتقاد بشكل مباشر، لأن الناس تخاف من المرأة الشجاعة والقوية، يمكن أن يتكلموا خلف ظهري ولكنهم سيبقون في الخلف ولن يؤثروا عليّ، لا أسمح لنفسي بتذكر السلبيات فطريقي واضح وثقتي بنفسي عالية، أتقبل الاختلاف والفكر المعارض لي ولكني لا اسمح له باعتراض طريقي. بالنسبة لأهلي وأسرتي، فقد دعموني على الدوام ولا سيما والدي الذي سافر معي في أول مسابقة شاركت بها وكان إلى جانبي حين احتجته.

متى بدأ حبك للرياضة، وما هي أجمل ذكرياتك حولها؟

لطالما أحببت الرياضة فقد كنت كثيرة الحركة والنشاط منذ سنوات الروضة، لديّ طاقة كبيرة اعتدت على إخراجها من خلال مختلف أنواع الرياضات، واستمر هذا الشغف معي خلال مختلف المراحل المدرسية، وبنظري فالرياضة هي جزء مني وأتمنى أن أظل قادرة على التطور فيها.

كيف سلكت طريق الاحتراف وما هو أكثر إنجاز تفخرين به؟

مسار الاحتراف كان أمراً طبيعياً لكي أواكب طموحي الرياضي الكبير، وأكثر ما أفتخر به هو اختياري حين كنت في السادسة عشر من عمري عام 2014 لأكون سفيرة أمام مسؤولي الاتحاد الدولي وقد شرحت لهم خلال حدث رياضية كبير وأمام جمهور واسع، أهمية إعطاء البطولة لبلادي، قطر... كنت أتحدث من قلبي وقلت لهم: أرغب بأن أتنافس عام 2019 في بطولة العالم لألعاب القوى. وقد حصل لي ما أردت حيث شاركت كأول عداءة قطرية على أرض بلادي وتنافست مع أسماء لامعة لأصنع لنفسي تاريخاً مميزاً ولكل شابات جيلي وأقول لهن أننا قادرات على كل شيء.

أنت فتاة شابة وجميلة ومحجبة وصغيرة، تمكنت من صنع اسم لنفسها في عالم الرياضة، ما هي التحديات التي واجهتها وما زلت تواجهينها؟

يوجد الكثير من التأطير للمرأة المحجبة أو العربية بشكل عام، ولكننا نسعى لكسر كل الصور النمطية السابقة من خلال إنجازاتنا، فأنا يمكن أن أبدو جميلة وأنيقة وأنثوية حتى حين أكون على أرض الملعب، أتدرب أو أشارك في بطولات، أنا حرة وقادرة ومتمكنة ولا شيء يحدني أو يقلل من إمكاناتي، وهذا ما أسعى إلى ترسيخه في أذهان بعض الناس الذين يظنون أن المرأة العربية لا تمتلك كامل الحرية في القيام بالخيارات الحياتية التي تعجبها.

حدثينا عن الشعور الذي ينتابك قبل لحظات من المشاركة في أي بطولة؟ وما هي الاستعدادات الجسدية والنفسية التي تقومين بها قبل كل حدث رياضي تشاركين به؟

لا أسمح للتوتر أن يتسلل إليّ بل أحاول الحفاظ على صفاء ذهني وأفكاري لأني أعي حجم المسؤولية التي أحملها ولا أريد أن أخذل نفسي أولاً، أو مدربي وأهلي وجمهوري، لذا أحاول التركيز على المسار وإبعاد المخاوف عني. هنا سأتحدث عن الاستعدادات الكثيرة التي أقوم بها، وهي ربما ما يدخل السكينة إلى داخلي، فأنا أمتلك سنوات من الخبرة والتدريب، وأستمر بهذا المجهود بشكل يومي، ألتزم بالتدرب وتناول الطعام الصحي والحفاظ على صفاء ذهني وتركيز أفكاري وقوة إرادتي.. إنها مسيرة استعداد طويلة جداً استمرت سنوات وتدوم أيضاً وستستمر لمزيد من الأعوام، فالمجهود لا يتوقف بل هو مستمر لأن الرياضة محور حياتي لا بل إنها حياتي بأسرها.

ما الذي عناه لك تعاونك مع علامة Adidas، وكيف تتعاونان لإظهار أفضل صورة عن المرأة العربية الرياضية؟

أشارك Adidas نفس الرؤية حول تمكين المرأة في الدول العربية ومدها بالقوة لكي تبدع في المجالات التي تختارها، سعدت كثيراً أن أكون أول امرأة رياضية قطرية يتم اختيارها سفيرة لهذه الدار العريقة، فأنا أحب منتجاتهم كثيراً لانها تجعلني أشعر بالراحة والأناقة في آن، كما أني أسعى لكي أعكس من خلالهم أفضل صورة عن بنات بلادي لتصل حقيقية وصادقة وشفافة إلى العالم.

كيف ترين دعم الجهات الرسمية القطرية للرياضيات الشابات؟ ما الذي ينقص حتى نرى تواجد للقطريات في البطولات الرياضية العالمية؟

نحن محظوظات بالدعم الذي يمنح لنا لكي نبدع في المجالات الرياضية، فالإمكانات أمامنا مفتوحة لكي نصل إلى أعلى المراتب ونرى اليوم المرأة القطرية تشارك في الكثير من البطولات، ونتمنى أن يستمر هذا التقدم لدى الجيل الجديد لكي يحققن إنجازات أكبر.. فقط آمني بنفسك وأحبي نفسك واتبعي حلمك وحاربي لكي تصلي إلى طموحاتك، ولا تيأسي أو تتراجعي مهما طال وقت انتظارك.

كيف تنظرين الى استضافة قطر لكأس العالم؟ وكيف ستقضين فترة المونديال؟

أرى حلماً مدهشاً ورؤية كبيرة تتبلور لتصير حقيقة على أرض الواقع، نعمل منذ 10 سنوات كبلد وقيادة وشعب لتحقيق هذا الإنجاز ونراه اليوم يتحقق أمام أعيننا ليتحول إلى حقيقة جميلة، لذا أنتظر بفارغ الشوق بدء المباريات وحضورها وعيش أجواء الحماس والتشجيع والاستمتاع بالمباريات الجميلة... ببساطة أترقب دخولنا التاريخ من أوسع أبوابه.

اقرئي المزيد: سوسن البهيتي: فخر لي أن أكون أول مغنية أوبرا سعودية تسعى لنشر هذا الفن في المملكة

 
شارك