إيمان عسكر: لديّ طاقة إبداعية أرغب بإبرازها مع المحافظة على هويتي وبساطتي وجوهري

تعد إيمان عسكر من أوائل الشابات العربيات اللواتي قدمن محتوى غنائي هادف وتوعوي عبر وسائل التواصل، وقد حققت النجاح الكبير عالمياً بعد فيديو "قصة فلسطين" الذي روت من خلاله قصة الاحتلال بأسلوب غنائي مؤثر وبسيط وصل إلى الملايين، وهي تحاول عبر منصاتها على وسائل التواصل وأبرزها صفحتها على إنستغرام: emmasworld.101 إلهام الناس ونشر التوعية عبر قضايا اجتماعية وإنسانية وثقافية وسياسية، معتمدة على أسلوبها الجديد، صوتها الجميل، موهبتها الكبيرة في التأليف، وحضورها اللطيف والمحبب.

أنت من أوائل الشابات العربيات اللواتي بدأن بنوع فني جديد عبر وسائل التواصل، وهو تقديم محتوى غنائي هادف وتوعوي. كيف بدأت وبمن تأثرت؟

عملت بعد تخرجي من الجامعة في وظائف متنوعة ساعدت في اكتشافي لموهبتي بابتكار محتوى جديد، كنت أعمل مع أطفال وأحضّر لهم أغان وأعمال بسيطة لتقديم المعلومة بشكل سلس ومسل، بعدها عملت في الإعلام وصناعة المحتوى لفئة عمرية أكبر، وقدمت مواضيع تهم المرأة. لطالما بحثت عن الأسلوب الجديد في طرح القضايا والحلول لكي تخلق تأثيراً في أذهان من يتلقاها. حتى عام 2020 حين أردت التعمق أكثر في تقديم المحتوى الهادف عبر وسائل التواصل، وأردت اختبار شعور الحرية المطلقة في اختيار الموضوع الذي يمسني وتقديمه بشكل مختلف سواء عبر إسكتش تمثيلي قصير أو أغنية ذات كلمات بسيطة وسهلة الحفظ، ومن هنا انطلقت وبدأت فيديوهاتي بتحقيق نسب مشاهدة عالية.

محتواك بسيط ولكن مؤثر وصادق وقوي، كيف تفكرين بمضمون الفيديوهات؟ من يساعدك، وكم يتطلب إعداد فيديو؟

أقوم بأكثر من 95% من العمل بمفردي، مع مساعدة شخص واحد في الترجمة ووضع العناوين أو الشرح على الفيديو، أحاول إخراج فيديوهات باللغة العربية ولكني أقدم أيضاً محتوى باللغة الإنكليزية، لأنه يوجد عدد كبير من الأجانب الذين يتابعون حساباتي وأنا أرغب أن تصلهم رسائلي ويتأثروا بمحتواها. إعداد الفيديوهات يحتلف من واحد لأخر، فأحياناً أستمر لأسبوعين أو أكثر ويمكن لفكرة ما أن تنتهي في يوم واحد وأنفذها في يوم آخر. بالنسبة للفيديو الذي قدمته حول قضية مهسا أميني فقد بدأت أدندن الكلمات أثناء القيادة وأنا في السيارة، بعدها جلست بمفردي وبهدوء لأرتبها على الورق، ولكن حين يتعلق الفيديو بموضوع له أبعاد نفسية أو بمادة علمية أو أمر تاريخي، فيحتاج إلى قراءة وأبحاث وتعمق لكي أخرج بمادة بسيطة ومليئة بالمعلومات تصل ببساطة للمشاهد.
تلجأ الكثير من الشابات صاحبات الصوت الجميل مثلك نحو الغناء العاطفي، لأن تحقيق النجاح فيه أسهل، لماذا اخترت الدرب الأصعب وهو تضمين أغانيك رسائل اجتماعية وسياسية قوية ومؤثرة؟

لم يكن الغناء يوماً طموحي أو أمراً أسعى للشهرة من خلاله، لديّ ببساطة طاقة إبداعية أرغب بإبرازها، وهي بنظري أهم بكثير من مجرد حفظ الكلام وتقديمه، وهنا لا أنتقص من شأن الفنانات ولكني اخترت درباً مختلفاً هو شغفي وما أحبه حقاً.
تطرقت مؤخراً إلى أحداث مهمة منها كأس العالم، قصة مهسا اميني، حكاية فلسطين، ما الذي يلهمك الطريقة الأمثل للتعبير بشكل مؤثر عن هذه القضايا؟
ما تعلمته في مجال الإبداع أن الفكرة الجميلة هي تلك العفوية التي تخرج من القلب، لا يمكنني التخطيط لما سأقدمه في مسعى لتحقيق مشاهدات كثيرة، بالنسبة إليّ يجب أن أتأثر كثيراً بالقصة حتى أجد المحتوى الذي يعكسها للمشاهد، لا أركز على فخامة التصوير أو الإنتاج والإخراج، بل أنقل إحساساً حقيقياً في داخلي وبهذه الطريقة يصل قوياً إلى المتلقي. أما التفاعل من عدمه فهو أمر ليس بيدي. أكثر فيديو حقق مشاهدات لي فاقت الـ12 مليون كان: قصة فلسطين، وقد ألّفت الكلام بسرعة وبعفوية شديدة، وأديته بتلقائية ولم أتوقع هذا الانتشار، ولكن مفاجأتي كانت أنه ترك أثراً كبيراً ومستمراً لدى الناس.


 

لم تتأثري بعمليات التجميل وتحافظين على جمال طبيعي بسيط، كيف استطعت الحفاظ على هويتك وبصمتك الفريدة في ظل سطوة وسائل التواصل على أفكارنا وحياتنا؟

ببساطة لا أملك الوقت لأضيعه في محاولة تغيير شكلي، فأنا راضية عن نفسي وأحب مظهري ومرتاحة به، كما أن أولوياتي مختلفة، فأنا أم لطفلين وعاملة في وظيفة ذات دوام طويل، كما أسعى لتقديم محتوى جديد ومفيد. هنا ألفت إلى أني قد أتأثر بهذه الاتجاهات التجميلية لو أني أسمح لنفسي بمتابعة السوشيل ميديا لوقت طويل، لأنه ولنقلها بصراحة، يوجد مايشبه غسل الأدمغة الذي يتم من دون وعينا، فنحن نتأثر بالرسائل التي نتلقاها سواء شئنا أو أبينا، ولكني أحاول تحديد أوقات تصفحي لهذه الوسائل، وأنصح الشابات بأن يحذين حذوي. من جهة ثانية، أرغب بأن لا يكون تأثيري سلبياً على الجيل الجديد، لذا أحاول أن أكون على طبيعتي قدر الإمكان، وأراقب جيداً كل كلمة أو تعبير أو تصرف أقوم به، لأن وجودي عبرها يحملني مسؤولية كبيرة جداً، فأنا سعيت أن أكون ملهمة وليس مؤذية سواء نفسياً أو فكرياً، وبالتالي أعكس طبيعتي ورحلة اكتشافي لنفسي لكي ألهم الناس أن يعيشوا رحلتهم في إيجاد الذات.
كيف يمكن للشابة اكتشاف هويتها وموهبتها دون الحاجة لتقليد أحد أو أن تصير نسخة عن غيرها؟

عليها أولاً تقليص وقت تواجدها عبر وسائل التواصل، وأن تقرأ كثيراً وفي كل المجالات فالقراءة توسع الأفق وتجعلها تتابع قصص ناس وحكايات خيالية يمكن أن تلهمها وتساعدها في اكتشاف شعورها تجاه أعمال معينة او مشاعر محددة، وتسهل عليها اكتشاف نفسها ومعرفة مكامن تميزها. بالإضافة إلى التجارب وعدم الخوف من الخروج خارج منطقة الراحة، وتجربة التعرف على أشخاص جدد والسفر وعدم الخوف من الفشل والتعلم والنهوض من جديد.
ما هو الفيديو الأقرب إليك؟

بالطبع لفيديو قصة فلسطين حيز مميز في قلبي فهو نقطة تحول في حياتي، فحينها أدركت فعلاً أنّ لديّ صوت وبإمكاني تحقيق اختلاف في العالم من خلاله، كما يوجد فيديو حول الانطوائية أتطرق خلالها إلى المفاهيم السلبية عنها، وأبين أن هذه الصفة ليست سيئة، بل ببساطة فإن طاقة الشخص وإمكاناته تخرج حين يكون بمفرده، وأنا كنت شخصية انطوائية، وأحب البقاء بمفردي في صغري، وكنت أشعر أنه ثمة عيب فيّ، ولكن مع الوقت ومع اكتشافي لذاتي أدركت انه ليس عيباً أبداً أن أفضل الوحدة لبعض الوقت كي أبدع وأكون على راحتي.
أي من قضايا المراة العربية يعنيك أكثر من غيره وترغبين بالتركيز عليه مستقبلاً؟

أحب أن أركز على تعزيز ثقة المرأة العربية بنفسها، فالسيدة عليها أن تثق بأنها قادرة على كسر كل الحدود التي تم تكريسها في ذهنها منذ الصغر، كما أرغب بزيادة التركيز على أهمية دعم النساء لبعضهن البعض، فليس على واحدة فقط أن تنجح بينما نجلس لمراقبتها أو للغيرة منها، على العكس، يمكن أن نكون جميعنا ناجحات وجميلات وواثقات.

أين تتمنين أن تصلي في مجال صناعة المحتوى؟

أعشق صناعة الفيديوهات وأقوم بها لأني أستمتع كثيراً وليس لأي اعتبارات أخرى، لا تعنيني الشهرة كثيراً ولا أرغب أن تكون وظيفتي الثابتة والوحيدة، كي لا أصير مضطرة لتقديم محتوى لمجرد أن أكون موجودة، كما أني لا أرغب بالضغط على نفسي حتى أتابع كل التريند وأعيش التوتر والقلق والانزعاج الذي يلي النقص أو التراجع في المشاهدات، أحب هذا المجال لأني أقدم من خلاله معلومة توعوية ومفيدة وسأستمر به لأني كما قلت مستمتعة وسعيدة وراضية عما أشاركه من خلال المنصات المختلفة.

اقرئي المزيد: ميرنا حداد: لجأت للكتابة للتوعية بمشاكل الشابات العاملات ولأمنحهن رسالة أمل وإصرار

 
العلامات: نجمات وشهيرات
شارك