ميرنا حداد: لجأت للكتابة للتوعية بمشاكل الشابات العاملات ولأمنحهن رسالة أمل وإصرار

 

من شابة عاملة في ظروف قاسية لتتمكن من إعالة ذاتها، إلى امرأة ناجحة وكاتبة واعدة تحاكي مشاكل النساء في مجتمعها، رحلة طويلة خاضتها ميرنا حداد التي اضطرت أن تعمل في وظائف بسيطة في سن صغيرة لكي تحسّن ظروفها، وحين وجدت دربها وحققت طموحاتها، لم تهرب من ماضيها الصعب أو تحاول إخفاءه، بل تحدثت عنه من خلال كتبها لتنشر التوعية في صفوف الشابات وتمنحهن الدعم والأمل. نتعرف على ميرنا التي يتابع صفحتها عبر إنستغرام mthaddad أكثر من 400 ألف شخص ونكتشف مشاريعها وطريقة تفكيرها في هذا اللقاء.

مررت بصعوبات حياتية في مراهقتك ولم تكن درب نجاحك سهلة، حدثينا عن هذه الصعوبات وكيفية تغلبك عليها؟

أدركت منذ مرحلة المراهقة بأن الكفاح والعمل الجاد هما السبيل الوحيد لتحقيق كل ما أصبو إليه، ولا سيما في ظل الأوضاع المادية السيئة التي كانت تعانيها أسرتي، وطبيعة عملي بدوام ليلي في قطاع الضيافة وسط مجتمع تكثر فيه المضايقات للشابات اليافعات اللواتي يعانين أصلاً من صعوبات الحياة. وساهمت هذه الظروف في رسم ملامح شخصيتي وعلمتني التركيز على أهدافي ومواجهة جميع التحديات وابتكار أفضل الحلول وصولاً إلى النجاح.

هل الصعوبات ضرورية لصقل الشخصية واكتشاف معادن الناس ومعرفة الذات بشكل أكبر؟

أعتقد بأن الجميع يمرون بأوقات عصيبة والتي يمكن أن تنعكس بطرق مختلفة على حياة كل شخص، حيث أرى أن طريقتنا في التغلب على التحديات والفهم الذي نكتسبه حول ذواتنا على مدى مسيرة حياتنا، هو ما يساهم في صقل شخصياتنا.

لماذا قررت الاتجاه نحو الكتابة للتعبير عن ذاتك في وقت نرى ابتعاد الناس بشكل عام عن القراءة وتوجههم أكثر نحو السوشيل ميديا للتواصل؟

تمثل وسائل التواصل الاجتماعي أداةً مهمة يستخدمها الجميع للحصول على المعلومات اليوم، وتلقى منشوراتي أصداءً واسعة لدى جمهوري على هذه الوسائل. ورغم خيارات التواصل العديدة التي توفرها، تبقى الكتب من أهم المقتنيات التي يمكن لجمهوري من القراء الاحتفاظ بها وقراءتها مراراً أو استخدامها كمرجع.

ما هو السبب برأيك الذي جذب الجمهور نحو كتبك؟

يرجع السبب برأيي إلى التزامي بالمصداقية والانفتاح، حيث يستعرض كتابي "بعد منتصف الليل" سيرتي الذاتية وقصتي كفتاة مراهقة مضطرة للعمل بدوام ليلي، والاستغلال الذي تتعرض له الفتيات في هذه المرحلة من قبل أشخاص قساة القلوب وسط مجتمع يبيح هذه الظاهرة. ويسلط الكتاب الضوء على الاستغلال الذي تعرضتُ له في حياتي، وقدرة النساء على تخطي جميع مصاعب الحياة وتحقيق النجاح في نهاية المطاف. وتستهدف قصتي بشكل رئيسي الشابات اللواتي تعرضن أو يعشن اليوم مآسي مماثلة، كي أخبرهن أن العديد من النساء يتعرضن يومياً لمثل هذه التجارب، وأؤكد لهن ضرورة إلقاء الضوء عليها ومعالجتها لحماية الشابات من تأثيراتها المدمرة على حياتهن، وضرورة التخلص من الذهنيات التي تسمح للأشخاص في مجتمعنا بإيذاء الآخرين.

ويروي كتاب "فيفا" قصة شابة طموحة تسعى لتحقيق النجاح وكيف واجهت التحديات التي تفرضها العائلة وضغوط المجتمع، ولا سيما التي تتعرض لها الشابات المنحدرات من بيئة فقيرة عدا عن مشاكل الزواج الفاشل الذي جاء كمهرب من ظروف عائلتها أو انطلاقاً من إيمانها بإمكاناتها ورغبتها في التركيز على إيجاد ذاتها وتحقيق حلم المسيرة المهنية الناجحة الذي راودها منذ طفولتها، ثم الوصول إلى الاستقلال المادي والشخصي في نهاية المطاف. وغالباً ما تجد النساء وبالأخص الشابات أنفسهن أمام خيار صعب وسط مجتمع يرى أن واجبهن الوحيد ينحصر في إسعاد الآخرين؛ بدءاً من الوالدين والأقارب في مرحلة الطفولة وصولاً إلى الزوج والأبناء في المستقبل، بصرف النظر عن آمالهن وطموحاتهن.

تطرقت في كتابيك إلى مواضيع تطال النساء ، ما هي برأيك أكثر المعوقات التي تقف في طريق نجاح الشابات العربيات؟

لطالما اعتادت النساء في منطقة الشرق الأوسط على التحلي بالقوة والصبر في وجه جميع الصعوبات وإخفاء حقيقة معاناتهن عن عائلاتهن ومجتمعهن، حيث يفضلن الصمت حيال معظم المشاكل التي يواجهنها، ليعشن حياةً بعيدةً عن السعادة والرضا. ومن هذا المنطلق حرصت على تكريس كتبي وصفحاتي على وسائل التواصل الاجتماعي لسرد قصصهنّ ومدّهن بالشجاعة الكافية للنهوض ومواجهة المجتمع، وليعرفن أنهنّ لسن وحيدات مما يمنحهنّ الفرصة للتعبير عن أنفسهن وإيجاد السعادة، ويفسح أمامهن المجال لتحقيق أحلامهن بدلاً من المهام التي يفرضها المجتمع.

كيف يمكن للمرأة الطموحة أن تتخطى العوائق وتنطلق في طريق تحقيق أحلامها؟

يتعين عليهن في المقام الأول تعزيز ثقتهن بأنفسهن وجدارتهن وقدرتهن على تحقيق كل ما يحلمن به. وبمجرد إتقانهن فن حب الذات يصبحن شخصيات تشع بالعزيمة والإرادة، وتمنحهن الحياة الفرص التي يستحقينها.

حدثينا عن أكثر القضايا النسائية التي تستفزك وترغبين بالتوعية حولها مستقبلاً: هل العنف ضد النساء، التمييز في أماكن العمل، تنميط المرأة في صور محددة أم غيرها من المواضيع؟

قررت الانطلاق في هذه الرحلة لرفع سوية الوعي عندما لمست مدى انتشار ظاهرة استغلال النساء، الأمر الذي عشته بنفسي، حيث شعرت بواجبي في العمل لإحداث التغيير. وأرى بأن النساء يتمتعن بالقوة والعزيمة التي تضعهن على سوية واحدة مع الرجال، ويجب حمايتهن من الاستغلال وعدم الاستخفاف بقدراتهن.

ما الذي عناه لك فوزك بـGlobal Woman Awards winner؟

يمثل مجرد الترشيح للجائزة شرفاً كبيراً، لذا يسرني نيل الجائزة والذي سيبقى محطة بارزة في حياتي.

تخوضين في مجال الجمال، حدثينا عن مشاريعك القادمة في هذا المجال؟

بدأت عملي في هذا المجال مدفوعةً بشغفي بالمستحضرات الطبيعية للعناية بالبشرة، التي تجدد تواصلنا مع الطبيعة وتراث أجدادنا بعيداً عن المواد الكيميائية المؤذية لصحتنا على المدى الطويل. ولذلك بدأت التواصل مع الموردين وبالأخص في الدول الاستوائية الغنية بالأعشاب الطبيعية، مع التركيز على دعم النساء في هذه المجتمعات، حيث بدأنا بمرحلة اختبار المنتجات ودراسة الأسواق، ونركز اليوم على الترويج لأعمالنا وتسليط الضوء على أهمية استخدامالمنتجات العضوية وغير المجربة على الحيوانات. ونتوقع طرح منتجاتنا في المتاجر الإلكترونية مطلع العام المقبل.

كيف تنسقين وقتك بين مختلف مسؤولياتك ومن هي دائرتك القريبة التي تدعمك حين تحتاجين للمساعدة؟

يصعب دوماً الموازنة بين المسؤوليات، حيث وجدت أن التعامل مع مشكلات وتفاصيل كل يوم على حدة مع التركيز على الأولويات يضع جميع الأمور في نصابها الصحيح. وتربطني علاقة قوية بزوجي وعائلتي وأصدقائي، وأشعر بالراحة والطمأنينة بوجودهم.

ما هي مشاريعك المقبلة وأين ترين نفسك بعد 5 سنوات؟

أخطط لإطلاق علامتي التجارية الخاصة في مجال مستحضرات التجميل، كما سأفتتح قريباً ملجأً للحيوانات، وذلك انطلاقاً من حبي للحيوانات ورغبتي في استخدام اسمي ومواردي لمساعدتها قدر الإمكان. وكلي أملٌ أن تساهم الأعمال والأنشطة الاجتماعية التي كرست نفسي لها على مدار خمس سنوات في مساعدة أكبر عدد من الأشخاص. وأطمح لإرساء مجتمع أكثر قوة من النساء اللواتي يتحلين بالثقة الكافية للسعي وراء أحلامهنّ وتحقيق كل ما يرغبن به.

اقرئي المزيد: آمنة بني هاشم: بيني وبين الخيل سنفونية جميلة نصنعها نحن فقط

 
شارك