أسماء هلال لوتاه: المطلوب للنجاح في ريادة الأعمال هو فكرة جديدة وشغف كبير لإنجاحها

تنتمي أسماء هلال لوتاه إلى أسرة إماراتية معروفة، فهي الابنة الصغرى لرئيس المجلس الوطني الاتحادي السابق، ولكنها لم تعتمد يوماً على اسم عائلتها أو مكتسباتهم المادية لكي تنجح في مشروعها الخاص، بل آمنت بنفسها وبفكرتها وحسها الإبداعي، واتبعت حبها الكبير للرياضة، فامتلكت رؤية استشرافية للمستقبل، وافتتحت قبل سنوات واحد من أوائل نوادي البيلاتس في الإمارات وهو The Hundred Wellness Centre، ليصير اليوم مركز عناية شامل من الأهم الموجودين في البلاد. وقد التقيناها لنتعرف على قصتها ونعرف سر نجاحها في ريادة الأعمال.

 

اخترت التخلي عن الوظيفة لتبحثي عن شغفك الحقيقي، كيف أدركت أن العمل المكتبي ليس غايتك وما هي الصعوبات التي واجهتها لكي تتركي "منطقة الراحة" التي يختارها معظم الناس، لتبحثي عن هدف غير واضح المعالم؟

درست في واشنطن وتخرجت عام 2000 حيث تخصصت في مجال الأعمال وتكنولوجيا المعلومات، وعدت إلى الإمارات لأدخل سوق العمل وعشت ما يسمى "صدمة الاندماج"، فلم أكن أعرف بالضبط إلى أين سأتجه، وبما أن أسرتي لطالما شجعت أفرادها على العمل فقد شجعوني للبدء بعمل ثابت فعملت في شركة كموظفة، وتحديداً في قسم الهندسة البعيد عن معارفي، اليوم أعرف أني في ذلك الوقت كنت مكتئبة وضائعة وغير سعيدة. في ذلك الوقت شجعتني أختي على ممارسة نشاط رياضي اسمه "بيلاتس" وقد كان جديداً قبل 20 سنة، فأحببته كثيراً لأن نفسيتي تحسنت أثناء ممارسته، كما أني أحببت حماس المدربة والأشخاص الذين يتمرنون معي، وكان الوقت الذي أقضيه هناك هو ما يجعلني أستمر في الوظيفة. ولأني أحاول دائماً البحث عن حلول احتجت إلى معرفة مكامن النقص وكيفية اكتشاف ذاتي الحقيقية ومعرفة ما يسعدني حقاً. أذكر جيداً أني قرأت كتاباً فيه اختبارات تساعد في اكتشاف الشخصية، وعرفت أني أريد مجالاً فيه تجدد وإبداع من دون التزام بدوام محدد، في تلك المرحلة انتقلت إلى قسم التسويق في الشركة لأني أردت تجربة مجال جديد لربما انسجمت فيه. حين لم يتحقق لي ذلك عرفت أني أريد افتتاح شركة خاصة بي، وأذكر أني كتبت ثلاث عبارات لكي تساعدني في إيجاد ما أبحث عنه وهي: "أنا أرغب بمشروع جديد، أن يكون مجالاً أحبه، أن يخدم الناس ويفيد بلادي". في تلك الفترة كنت أخبر أخي عما يحدث معي فشجعني على افتتاح ناد لتعليم البيلاتس، وفجأة شعرت أن هذه هي الفكرة التي أبحث عنها. اليوم بعد أكثر من 20 سنة، أشعر أن كل شيء يحصل معنا يتم لسبب ما، فسياق الأحداث ومجرياتها تكامل لكي يوصلني إلى اكتشاف شغفي الحقيقي، وقد وجدت الإشارات واتبعتها وهي ما أوصلتني إلى ما أنا عليه اليوم.

البدء بمشروع خاص يعد مغامرة بالنسبة لسيدة شابة وفي مجال جديد عليها، فهل ساعدتك دراستك للتجارة والأعمال في وضع استراتيجية عمل واضحة، وما هي صعوبات البدايات التي تغلبت عليها؟

الدخول في مشروع عمل رياضي كان أمراً صعباً في ذلك الوقت، صحيح أني أنتمي لأسرة تشجع الفتيات على العمل وتحثهم على الدراسة وتعلم اللغات والاحتكاك بالعالم الواسع، ولكننا في الوقت نفسه أسرة محافظة جداً، ومن الصعب عليها تقبل ممارسة بناتها لمختلف أنواع الرياضة، هنا أذكر أني منذ صغري كنت رياضية، وقد اشتريت دراجة هوائية بمفردي وتعلمت الركوب عليها ووقعت أكثر من مرة وكنت أقوم لأحاول مجدداً حتى أجيد الركوب، بالتالي فإن الإشارات تكون موجودة، ولكن علينا ملاحظتها واكتشافها، فالحياة تضع في طريقنا صدفاً أو مسارات علينا التنبه لها لكي تخرج الأفكار من عقلنا الباطن ونعيها ونحولها إلى واقع يغير حياتنا ويحسنها.

ولأعود إلى مشروعي، فأنا بعد أن استقلت من الوظيفة، بدأت بالعمل على افتتاح مشروعي، فبحثت عن مكان لأستأجره، ووجدت صعوبة كبيرة في ذلك لأني فتاة وشابة ومحجبة وإماراتية، فالصورة النمطية الخاطئة المأخوذة عنا هي أننا لسنا بحاجة للعمل فنحن يجب أن نكون ثريات ومدللات، لذا لم يأخذني أحد على محمل الجد، واضطررت إلى الطلب من زميلة لي أن تجري الاتصالات لكي أجد الموقع وأستأجره. بعدها سعيت لتوظيف مدربين أكفاء، كما احتجت للتسويق للمشروع وساعدتني أختي وصديقاتي في ذلك، فبدأ يحقق الانتشار ويذيع صيته بين الشابات. لقد تطرقت إلى جزء صغير من الصعوبات وقد كانت كثيرة ولكني لم أستسلم، وهنا أؤكد أن دراستي لم تساعدني أبداً لأن ما نتعلمه من الكتب يختلف عن التحديات على أرض الواقع، ولكن ربما لأني أنتمي إلى أسرة تمتلك صفات قيادية ومعرفة بإدارة الأعمال وتتمكن من إيجاد حلول ناجحة للتحديات، فهذا ساعدني لاكتساب هذه الصفات من دون وعي مني، إذ كنت مرنة ومتماسكة في مواجهة الصعوبات ووجدت الحلول لكل العقبات التي اعترضتني، كما كنت أؤمن أني سأنجح وقد سعيت بكل قوة لتحقيق ذلك.

حوّلت في عام 2014 الاستديو الذي أنشأته إلى مركز عناية صحّية كامل، كيف تمكنت من اختيار فريق عمل متجانس وضمنت اسماً موثوقاً لمشروعك في سوق الإمارات الواسع والمليء بمشاريع منافسة؟

حين رأى والدي بعد سنوات من بدأي بالعمل بأني أحقق النجاح، قرر أن يدعمني ويساعدني فأعطاني فيلا في منطقة جميرا لكي أوسع مشروعي، ولكني وجدت أنها قديمة فقررت هدمها وبناء مبنى عصري، وهذا ما حصل وبعدها بدأت بالبحث عن خبراء ومدربين ومعالجين فيزيائيين وأطباء لكي ينضموا إلى فريقي، كما أخذت قرضاً من صندوق خليفة الذي يدعم المشاريع الشابة، وتمكنت من التوسع وازدادت أصداء المركز وذاع صيته الطيب في المجتمع وما زلنا نسعى للتحسن والتطور حتى اليوم، وهنا أذكر أني لا أحب المبالغة بالترويج والدعاية بل أرغب أن يكون منتجي وعملي ومصداقيتي، هي معايير اختياري دون غيري.

ما هي الأدوات الضرورية المطلوبة للنجاح في ريادة الأعمال؟

المطلوب هو الحب الكبير للفكرة والذي يصل إلى درجة الشغف، وامتلاك نية واضحة وصافية، فأنا أطلب بشكل يومي من الفريق العامل معي تجديد النية وتحديد الهدف من عملنا وهو إرضاء الزبائن وخدمتهم والمحافظة على جودة المنتج مهما كان نوعه، فالطريق للنجاح ليس سهلاً، وانا في مراحل مختلفة تعرضت للتنمر من أشخاص كثر في مجتمع يقال إنه راق ومثقف، لأني كنت امرأة ومحجبة ومسلمة وتمارس الرياضة، حينها كنت أخجل وأحزن وأخاف من مواجهة المتنمرين، ولكني اليوم أكثر قوة وجراة وأطلب من كل النساء أن يكنّ مثلي، ويتبعن شغفهن طالما هن مدركات أن ما يقمن به ليس عيباً بل مفيد لهن ولمجتمعهن.

كيف تقيمين تواجد المرأة ضمن القوى العاملة في الإمارات مقارنة بالرجل. هل باتت الأدوار التي تمنح لها توازي مؤهلاتها حيث لم يعد الجنس عاملاً في تحديد المركز أم أنها تحتاج إلى المزيد من التمكين؟

المرأة باتت متمكنة من كل المجالات التي تعمل فيها وهي حصلت على الدعم اللازم الذي يخولها الإبداع والتميز والظهور، عليها أن تثق بقدراتها وتقوي معارفها وتبحث عما يحقق لها السعادة والاكتفاء المادي والمعنوي.

مع تزايد أعداد الشركات الناشئة ما هو برأيك التحدي الأكبر للتميز؟ وكيف تضعين أهدافك للمرحلة المقبلة؟

لا أهتم بالمنافسة ولا يعنيني كل ما يحصل عبر وسائل التواصل لأني أعتبرها مضيعة للوقت، حيث سأبدأ بإجراء مقارنات بلا معنى وهي ستلهيني عن الاهتمام بعملي ومتابعته، أنا اليوم أسعى فقط للتطور في خدمة عملائي، سواء من خلال العيادة المرخصة من وزارة الصحة، أو قسم العلاج الفيزيائي، والقسم الرياضي، واستديو البيلاتس، كما لدينا كافيتيريا وقسم خاص ببيع الملابس الرياضية والمكملات الغذائية، وأبحث دائماً عن أفكار جديدة لتحسين خدماتنا وجذب المزيد من الزبائن والعملاء.

اقرئي المزيد: سعاد السويدي أول مصورة حياة برية إماراتية تنقلك إلى عالمها

 
شارك