صانعة المحتوى شمس الملا وقصة معاناتها مع مرض البوليميا
منذ فترة وجيزة، تشاركت صانعة المحتوى شمس الملا مع متابعيها قصة معاناتها مع مرض البوليميا كي تجعل من رحلتها المليئة بالعواطف والصعوبات والتحديات مصدر إلهام وقوة لكل فتاة وشابة وامرأة في عالمنا. وقد اخترنا أن نسترجع مع شمس تجربتها التي غيّرت فيها الكثير وعزّزت القوة التي تمتلكها اليوم.
ما هو تحديداً مرض البوليميا؟
البوليميا هو اضطراب شائع من اضطرابات الأكل، ويعني إصابة الفرد بنوبات متكرّرة من الأكل الشره، حيث يعمد الشخص إلى تناول كمية كبيرة من السعرات الحرارية خلال فترة زمنية قصيرة، بدون أن يتحكّم في نوعية الطعام أو كميته. وبعدها، خوفاً من زيادة الوزن، يلجأ الشخص إلى أساليب تخلّصه من الطعام الكثير الذي تناوله مثل التقيؤ الذاتي أو تناول أدوية معيّنة أو الصوم المفرط.
قصة شمس مع مرض البوليميا
اكتشاف المرض وأسبابه
اكتشفت إصابتي بمرض البوليميا بعد عام واحد تقريباً من أعراض اضطراب الأكل، لأنّني ببساطة لم أكن أعلم أي شيء عن هذا المرض واعتقدت أنّني الشخص الوحيد الذي يختار تقيؤ الطعام. أمّا الأسباب التي أعتقد أنّها أوصلتني إلى تلك المرحلة من حياتي، فكانت التعليقات التي كنت أسمعنا باستمرار من العائلة أو الأصدقاء عن مظهر جسمي، إذ كان جسمي ممتلئاً إلى حد ما.
الأثر على الجسم والعقل والروح
لم تكن البوليميا مجرّد مرض أصاب جسمي، إذ ترك أثره أيضاً على مستويات أخرى مثل العقل والروح. فعلى سبيل المثال، زاد المرض من مشاعر القلق والإحباط لديّ، وكان بالفعل مرهقاً لعواطفي وعقلي. لم أعد أفكّر في اللحظات الحاضرة التي أعيشها، ولم أعد أهتمّ حتّى بأهدافي المستقبلية. فكلّ ما كان يهمّني هو تناول وجبة طعام كبير ثم تقيؤها. هذا كان تحديداً هدفي اليومي، والإنجاز الذي أطمح لتحقيقه. أمّا الجوانب الأخرى من حياتي، فكانت بالنسبة إليّ صفحة بيضاء. لم أعد أحبّ الحياة، لم أعدّ أحب نفسي، كان الخروج من المنزل يقلقني وحتّى التواجد بين أشخاص آخرين. والطعام كان وحده الرفيق الذي أريد التواجد معه! يصعب عليّ فعلاً إيجاد كلمات لوصف مشاعري. فعلى الرغم من أنّني كنت أفقد الوزن وأبدو ضعيفة، انعدمت ثقتي بنفسي وكنت أجد نفسي سمينة وقبيحة.
دائرة الأسرة والأصدقاء
بالنسبة إلى أصدقائي وأفراد أسرتي، فحاولت قدر الإمكان إخفاء حقيقة تقيؤ الطعام عنهم. ولذلك، لم يكونوا على علم بحالتي. ولك أكن فعلاً أنضمّ إليهم في الخروجات بسبب الاضطراب الذي أعاني منه. أمّا أسوأ تعليق سمعته، فكان "واو! تبدين رائعة! خسرت الكثير من الوزن!"، فذلك كان يعزّز اندفاعي وحماستي للاستمرار في ما أقوم به.
نقطة التحوّل
أمّا نقطة التحوّل في رحلة البوليميا، فكان انقطاع دورتي الشهرية لأكثر من 8 أشهر، حيث أدركت أنّ جسمي أصبح ضعيفاً للغاية وقد أفقد قدرتي على الإنجاب لاحقاً. حينها، لجأت إلى الآخرين لمساعدتي. أولاً، زرت أخصائية نفسية وقد ساعدتي للغاية في رحلة شفائي. كذلك، ومن أبرز الخطوات الإيجابية التي قمت بها، مصارحة أسرتي بحالتي وطلب المساعدة منهم. في البدء، أردت أن أخفي عنهم الحقيقة لأنّني شعرت بالخجل وأن أشفى من مرضي بمفردي. لكن، أدركت بعدها كم ساعدني وجودهم إلى جانبي، حيث رافقوني في ما أمرّ به ودعموني للشفاء وحاولي إلهائي عندما احتجت إلى ذلك.
مشاركة التجربة على يوتيوب
اخترت أن أتحدّث عن تجربتي على يوتيوب لأنّني أعرف أنّ الكثيرين عانوا وما زالوا يعانون من هذا المرض، وربّما أكثر من أي وقت مضى بسبب مواقع التواصل الاجتماعي. ففيما يكتفي الجميع بإظهار الصورة المثالية، أردت أن أستفيد من شهرتي وأعزّز التوعية باضطرابات الأكل، فأمنح الأمل للذين يعانون حتّى يتعافوا مهما كانت الرحلة صعبة ومهما بدا الشفاء أمراً مستحيلاً. وقد كشفت قصّتي في هذا الوقت تحديداً بعد أن تأكّدت من تعافيّ الكامل، فأصبحت قادرة على التحدّث بشأنه بكل ثقة انطلاقاً من تجربة حقيقة.
بعيداً عن التأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي
أحب الجمال وأحب أن أبدو جميلة، أشعر بالارتياح حين أنظر إلى المرآة وأرى من أصبحت عليه، ولن أتخلّى يوماً عن العناية الذاتية. وما أذكّر نفسي به يومياً وأنصح الجميع به أيضاً هو عدم مقارنة أنفسهم بأي كان. قارني نفسك بمن كنت العام الفائت وفكّري في التقدّم الذي أحرزته لنفسك. هذا يمنحك ثقة حقيقية في نفسك، لأنّني كأفراد نتطوّر دائماً ونرغب في أن نصبح صورة أفضل عن أنفسنا. أمّا إذا قارنّا أنفسنا بالآخرين، فتتدهور هذه الثقة لا سيّما أنّ الصور على مواقع التواصل الاجتماعي لا تكشف لنا الحقيقة الكاملة. لذلك، لا تحكمي على الآخرين وفقاً لما ترينه، أحبي نفسم وحياتك وأهدافك وإنجازاتك صغيرة كانت أم كبيرة.
الدور الإيجابي للمؤثرين
أعتقد أنّ المؤثرين أصبحوا يدركون أهمية تعزيز الوعي بالأثر السلبي الذي يمكن أن تعكسه مواقع التواصل الاجتماعي على المراهقين والبالغين على حد سواء. فنحن نرى الكثير من المؤثرين الذين ينشرون صوراً لهم وهم يبكون أو يظهرون الدهون في مناطق من أجسامهم أو وهم لا يضعون أي مكياج، وهذا ما أحاول أن أقوم به أنا أيضاً. فالجميع يؤكد أنّ الحياة ليست مثالية كما تبدو على مواقع التواصل الاجتماعي.
رسالة إلى كل فتاة وشابة وامرأة
تملكين الجسم المثالي إن كنت تستطيعين المشي والتحرّك وإن كنت حواسك بخير. كثيرة هي النعم من حولك، لذلك لا تتغاضي عنها بل قدرّيها وكوني ممتنة لها. كوني ممتنة لحياتك ولجسمك كما هو. صحيح أنّ عبور جسر التعافي من أي اضطراب ليس مهمّة سهلة، إنّما تستحقّ العناء لأنّ الجانب الآخر رائع بالفعل! تستحقّين حياة طبيعية جميلة، بعيداً عن الألم الجسدي أو العقلي.
اقرئي أيضاً: كل ما يهمّك عن صورة الجسم الإيجابية وتأثيرها على الصحة النفسية