ديما شاكر: المطبخ هو قلب البيت ومصدر الحنان والطاقة الجميلة والدفء

عالم الإبداع النسائي واسع جداً واليوم نسلّط الضوء على أربع شابات حققن النجاح في مجال الطهي، وسطعن في عالم الاحتراف لكي يغيرن النظرة التقليدية عن هذه المهنة. تعرفي عليهن في لقاءات حصرية فربما يلهمنك لتدخلي المطبخ وتجربي تحضير بعض الأطباق المميزة للمقربين منك.

ديما شاكر ليست فقط شيف محترفة ومبدعة استطاعت أن تحدث نقلة نوعية في الأطباق الشامية التقليدية، بل هي رائدة أعمال مثقفة وقادرة على النجاح بمشروع صغير وإيصاله إلى شرائح أوسع من الجمهور، من خلال عملها وجهدها المتواصل لفهم احتياجات السوق وتطوير أدواتها لمواكبتها. تعرفي على ديما العقل المخطط والمنفذ والمدير لإبداعات مطعم "يالنجي" المعروف، واكتشفي رؤيتها في مجال الطهي من خلال هذا اللقاء.

المطبخ هو ذاك الجزء من البيت الذي تكثر فيه الذكريات الجميلة، مختلطة بروائح شهية تبقى في الذاكرة، أخبرينا عنها وهل كانت السبب في القرار الذي اتخذته بالتوجه نحو الطهي؟

المطبخ بالنسبة لي أكثر من مجرد مكان، فهو قلب البيت ومصدر الحنان والطاقة الجميلة والدفء، فهو مرتبط بالطعام، إذاً الشعور ليس فقط مرئياً بل محسوساً من خلال حاسة التذوق والاستمتاع الذي يأتي من هذا الإحساس. ما جعلني أتجه نحو الطهي هو فشلي في عملي بالاستيراد والتصدير في مجال الموضة، والسبب الثاني هو قيامي بالتدرب داخل مفهى في أبوظبي، حيث قضيت أجمل 14 ساعة متواصلة، عرفت بعدها أني أريد القيام بهذا الشيء طوال حياتي، بحب وشغف لن يثنيني عنه المرض أو التعب والإرهاق.

لماذا قررت أن تصيري طاهية محترفة؟ كيف صقلت معلوماتك وكونّت خبراتك في مجال الطهي؟ 

اتخذت هذا القرار لأني بعد قيامي بالتدرب لمدة 3 شهور في المقهى، أدركت أنه يجب أن أدعم هذا الشغف بالدراسة الأكاديمية لكي اتعلم أساسيات وتقنيات الطهي، هكذا دعمت الخبرة بالشهادة الأكاديمية، فأنا عملت قبل أن أدرس، وسجلت في ديبلوم لمدة عام ونصف لكي أصقل خبرتي وأضاعفها عشرات المرات.

تميزت بالأطباق الشامية، فما هي خصوصيتها برأيك وكيف جعلت لها هوية خاصة من خلال مطعم يلنجي؟

اخترت الأطباق الشامية غير التقليدية، لكي أحافظ على التاريخ وأنقله بطريقة معاصرة لكي يصل إلى الصغير والكبير، فهناك الكثير من المطاعم التي تقدم المطبخ السوري المعروف، ولكن ما ميّز "يالنجي" هو اللمسة العصرية، فأنا أردت إيصال الفكرة خلف الطبق، لكي ترضي العين والفكر الجديد، فهناك وصفات سورية شهية ولكن بشكلها الحالي، يصعب وصولها للجيل الجديد، هكذا رغبت في المحافظة على الروح السورية، فتكون موجودة بالطبق والديكور وقائمة الطعام وحتى بملابس الموظفين وأسلوبهم، وبالترويج لفكرة المطعم.

هل أثر تواجدك لوقت طويل في الإمارات حيث التنوع الثقافي، على اللمسات التقليدية للأطباق الشامية التي تقدمينها؟

بكل تأكيد، تأثرت كثيراً بنشأتي وتربيتي في مدينة العين، حيث الثقافة الجميلة والراسخة التي أثرت في طريقتي في صياغة الأطباق مع اللمسات الخاصة بي، فجاءت تشبه البيوت الإماراتية التي تربيت ضمنها، واكتشفت الكثير عن نمط عيشهم، هكذا عرفت طريقة حمسة البهارات والنكهات التي يحبونها، والتي جاءت نتيجة اختلاطهم المباشر بثقافات متنوعة أخرى، كل هذه الأجواء المعيشية التي واكبتها، انعكست على ما أعدّه، وأعطته هويته الخاصة التي لاقى من خلالها إعجاب أعداد كبيرة من الناس من مختلف الجنسيات.

حدثينا عن تجربة تأسيس وإطلاق مطعم في مدينة العين بأبوظبي. من ساعدك وما هي تحديات إدارة مشروع كبير وإنجاح مطعم له خصوصيته في سوق مليء بالمنافسة؟

يعود إطلاق مطعمي إلى عام 2017، وكانت الفكرة عبارة عن مغامرة أردت البدء بها في أبوظبي، ولكن نظراً لأني تربيت وعشت مع أهلي في العين، فقد شجعوني على أن أفتتحه فيها، لأني أكثر دراية بالمكان ومتطلبات النجاح بقطاع الضيافة فيه، وهكذا كانت البداية مع 20 صنفاً وكنت أعدهم للطلبات الخارجية، حيث يوجد طاولة صغيرة لاستقبال الضيوف، وكان هدفي أن أرصد مدى نجاح فكرتي وهل سيصل ما أريده إلى الذواقة، وخلال فترة قصيرة لا تتخطى 3 سنوات حققت النجاح الكبير، وقمت بتوسيع المطعم فصار يضم 10 طاولات، واليوم بات مكاناً كبيراً يضم 50 طاولة. وهذا ما عنى في المحصلة أن فكرتي الجديدة وصلت للبيئة التي أنتمي أليها. لا أنكر أني واجهت الصعوبات ولكن إيمان والدي بي ودعمه لي واستثماره معي، هو ما جعلني أصل إلى ما أنا عليه اليوم.

كيف تعدين قائمة الطعام وهل تدخلين عليها تغييرات بحسب المواسم أو حتى تغيّر توجهات الذواقة والأجيال الشبابية الجديدة؟

تتأثر قائمة الطعام بالمواسم وبتغير الأذواق واتجاهاتها فكل مجتمع له عادات معينة يحب أن يعيشها حين يقصد أي مطعم، في الصيف مثلاً نقدم البطيخ وغيره من الفواكه الموسمية والأصناف الباردة، وفي الشتاء نركز على حساء العدس والسحلب للتحلية، وفي الأعياد نحرص على تقديم الضيافات والحلويات المعقدة والأصناف الفخمة، كما نرصد مدى إعجاب الضيوف بالأطباق، فنتفنن في تقديم الصنف الذي أحبه الناس أكثر من غيره. 

هل تهتمين بالاستماع إلى تعليقات الذواقة على طعامك؟ وتلتزمين بها ربما لإجراء بعض التعديلات؟

تعليقات الزبائن من أكثر ما يهمني، فأنا أمرّ على كل طاولة لأسأل الضيوف ما الذي لم يعجبهم، حتى أعدل عليه وأحسّنه، فهذا الرابط المباشر بين الشيف والزائر، يبني علاقة ثقة قوية لا يمكن كسرها، فهذا الانتباه له ولطلباته ولتفضيلاته، يعني أن له قيمة لديّ، وفي النهاية رأسمالي كصاحبة مشروع خاص بالضيافة والطعام هو هذا الزبون، الذي يجب أن أحافظ على ولائه ووفاءه وعودته مجدداً إلى مطعمي.

هل من مكوّن سري تعتمدين عليه في معظم ما تحضرينه؟

البركة هي ما جعلنا نتميز، وهي تعني أن يكون في الصحن بركة، أي نفَس طيبة وحلوة فهو محضر بحب، فالفكرة في الطعام أن يربطنا بالعائلة والبيت والأمان الذي اعتدنا أن نشعر به لدى اجتماعنا، ويجب أن يصل هذا الإحساس بالدفء والاهتمام، لذا يجب أن لا نبخل أو ندقق أو نقنن على الزبون، بل نعطيه ما يرغب به ونعدل على طعامنا كي يرضيه فيخرج وهو سعيد، لذا أطلقت اسم: يلنجي بيت الكل على مشروعي الجديد، لأن هدفي أن يخرج وهو يشعر أنه كان في منزله.

ما هو طبقك المفضل الذي تحضرينه بنفسك؟

طبقي المفضل هو البيض عيون مع طبق لبنة ومكدوس وزيتون أسود.

ما هو المطبخ الذي تفضلينه، وهل يمكنك مشاركتنا تجربة طعام لا تنسينها؟

أحب المطبخ الآسيوي ولا سيما الياباني، لأنه يحتوي على خضروات مختلفة عما اعتدنا عليه في البيئة العربية، كما أن النكهات تأخذك من أقصى الحموضة إلى أقصى الحلاوة في طبق واحد، وهو يقدم الأطباق البحرية النيئة، وأنا أحبها كثيراً، كما أن طريقة تعامله مع اللحوم ممتازة وتثير على الدوام فضولي كشيف، فأتذوق وأتعلم وأوسع آفاقي.

كيف ترين الاتجاهات أو الصيحات في مجال الطعام لدى الجيل الجديد؟ 

أرى أن هناك بعض الاتجاهات والصيحات غير الصحية أو المفيدة وهي تخدم بالدرجة الأولى أصحاب المطاعم ولاسيما الجديدة، والسبب هو تسويقي بحت، لجذب الجمهور نحو ما يقدمه، فكل مكوّن صحي يتم خلطه بمكونات مضرة لزيادة الترويج. 

تقييم الطعام بات صيحة رائجة هذه الفترة، هل برأيك يمكن لأي شخص أن يقوم بهذا الدور، أم يحتاج الأمر إلى شيف مخضرم كي يتمكن من تقييم غيره من الشيفات؟

أكثر مقيمي المطاعم في وقتنا الحالي هم أشخاص ليس لديهم خلفية الشيف، لذا يمكن أن نطلق عليهم اسم: مدوني طعام، وهم يشبهون مدوني الموضة والمجال والسفر، فهدفهم الترويج لمطعم ولفت الأنظار إليه، أنا شخصياً لا أحب تقييم المطاعم لأنه ليس لديّ الحق أن أعكس رأيي الشخصي على الآخرين، فلكل منا ذوقه وتفضيلاته.

ما هي مشاريعك المقبلة؟

حالياً أعد قائمة الطعام الجديدة لفصل الصيف حيث سأقدم حلويات باردة من الأيس كريم والكيك، وخلال عام سأفتتح مطعماً صغيراً في منطقة كبيرة ومميزة في العين حيث نقدم المأكولات المشوية على الفحم فقط، ومن المتوقع بعد عامين أن أفتتح مطعماً كبيراً في العاصمة أبوظبي، فترقبوا مستجداتنا!

اقرئي المزيد: ميادة فرحات: العلم والخبرة والنَفس أساس ليسطع الشيف في مجال الطهي الاحترافي

 
شارك