الفخامة في عالم الجمال: استراتيجيات جديدة لمنظور معاصر ومتطوّر

"الفخامة" أحرف معدودة وكلمة واحدة إنّما معاني كثيرة... معاني تختلف عن الجوانب التي كانت ترتبط بها الفخامة في الماضي، لتبتعد عن التعريفات التي اعتدنا سماعها من قبل. ومعاً، نلقي الضوء على الاستراتيجيات الجديدة التي يتمّ اتّباعها حالياً في عالم الجمال لتقديم مفهوم معاصر ومتطوّر عن الفخامة.

قبل أن نبدأ الغوص في الاستراتيجيات التي ترسم للفخامة مساراً جديداً في عالم الجمال، استدعاني الفضول لأبحث عن تعريفات لهذه الكلمة. فما كان عليّ سوى أن ألجأ إلى Google، لأصل إلى الإجابات التي أبحث عنها. ومن أبرز ما وقعت عليه: "الإكبار والتعظيم"، "رفيع المستوى"، "الترف"، "الحياة في ثروة"...

أمّا أجمل تعريف للفخامة، فكان بالنسبة إليّ "التفرّد". ومن هنا تحديداً، انطلقت إلى فهم منظورها في عالم الجمال.

في الواقع، يُعتبر عالم الجمال ساحةً ديناميكيةً تحدث فيها التغيّرات والتطوّرات بسرعة كبيرة، بخاصّة أنّ المستهلكين باتوا في بحث دائم عن الأفضل وأنّ مواقع التواصل الاجتماعي باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتها. ومع بروز علامات تجارية جديدة بين الحين والآخر وظهور اتّجاهات مغايرة غير متوقّعة، تسعى كل دار وكلّ ماركة إلى اتّباع استراتيجيات محدّدة تساعد في خطّ مسار "الفخامة" على طريقتها. وها نحن نسلّط الضوء على هذه الاستراتيجية:

الاستثمار في العالم الرقمي بكلّ مكوّناته

تدرك العلامات التجارية تماماً أنّ المستهلكين يقضون وقتاً طويلاً على مواقع التواصل الاجتماعي يبحثون عن المعلومات الجمالية التي يحتاجون إليها، سواء بشأن منتج معيّن أو حيلة محدّدة أو روتين مفيد لاتّباعه. لذلك، توجّهت العلامات في السنوات الماضية نحو الاستثمار أكثر في العالم الرقمي، وذلك أولاً من خلال التعاون مع الشخصيات المؤثرة التي تجمع على حساباتها ملايين المتابعين الذين ينتظرون في كل مرة الفيديوهات التعليمية والحيل والنصائح المتشاركة. على سبيل المثال، أطلقت M.A.C العام الماضي مجموعة مستحضرات أحمر شفاه تعاونت فيها مع 7 شخصيات مؤثرة من العالم العربي نذكر مثلاً مايا أحمد ونور عريضة وديما الشيخلي...

بالإضافة إلى ذلك، ولأنّ الفخامة تعني أيضاً سهولة الوصول إلى المنتجات المرغوب فيها، أطلق موقع إنستغرام منذ أشهر قليلة خاصية التسوّق عبره، وقد استفادت العلامات منها بالطبع لتسهّل على قاعدتها الجماهيرية الحصول على ابتكاراتها.

التوجّه نحو الجمال الطبيعي والنظيف

باتت المستهلكة اليوم أكثر وعياً بالتركيبات التي تدخلها إلى روتينها حتّى أنّها باتت تركّز أكثر على أنواع المكوّنات ومصادر استخراجها. وهذا ما يفسّر تماماً الاتّجاه أكثر وأكثر نحو الجمال الطبيعي والنظيف، وهذا جانب معاصر من "فخامة الجمال". فالمستهلكون اليوم يدركون تماماً أهمية التركيز على المكوّنات الطبيعية بدلاً من تلك الكيميائية أو السامة التي قد تعكس تأثيرات سلبية على صحة البشرة وتسبّب مختلف أنواع الحساسية. وما يؤكّد وجهة النظر هذه، انتشار عبارات متعدّدة على مختلف المنتجات في الأسواق كعبارات "خالي من البارابين" و"خالي من العطور" و"خالي من الملوّنات الاصطناعية". حتّى أنّ مواقع التسوّق الإلكترونية باتت تقدّم عبر منصّاتها قسماً مخصّصاً لهذه الفئة من المستحضرات، كموقع Net-A-Porter على سبيل المثال من خلال فئة +NET SUSTAIN.

احترام القيم الاجتماعية

من الميزات التي ينفرد بها جيل المستهلكين حالياً، الوعي بشأن أهمّ المسائل الاجتماعية كالحفاظ على البيئة مثلاً واحترام الاستدامة في استخراج المكوّنات والشفافية في عملية التصنيع. وهذا تماماً ما يدفع العلامات الشهيرة إلى اتباع استراتيجية احترام القيم الاجتماعية عند طرح منتجاتها، فيكون للفخامة في هذا الإطار مفهوم مميّز بعيداً عن المادية.

حلول جمالية مخصّصة واستفادة من الذكاء الاصطناعي

من استراتيجيات "الفخامة" المعاصرة التي تتّبعها العلامات في الحاضر تخصيص تركيباتها وفقاً لاحتياجات كل زبون. فبدلاً من أن تزوري متجراً معيناً وتختارين منه على سبيل المثال سيروم من هذه الماركة أو تلك يعالج مشكلة البقع الداكنة، تلتقين باختصاصي من العلامة فيستخدم جهازاً متطوراً يكشف احتياجات بشرتك ويعمل بنفسه على مزج مكوّنات محدّدة ليتوصّل إلى تركيبة خاصة بك تعالج مشكلاتك الجمالية على اختلافها. بالإضافة إلى ذلك، نلاحظ الاعتماد الكبير على الذكاء الاصطناعي من خلال التطبيقات التي تتيح للزبونات تجربة المستحضرات افتراضياً قبل الحصول عليها، كرؤية تدرّجات أحمر الشفاه المختلفة على صورة الوجه على الشاشة من دون الاضطرار إلى وضعها فعلياً أو حتّى تجربة لون شعر جديد قبل الشروع في صبغه. ومن العلامات عمدت إلى هذا النوع من التجارب، نذكر Chanel وM.A.C وL'Oréal و SchwarzkopfوBenefit Cosmetics...

محاكاة التنوّع

لا شكّ في أنّ "الفخامة" المعاصرة في عالم الجمال ترتبط بالتنوّع والشمولية. فمن جهة أولى، بدأت العلامات تهتمّ أكثر وأكثر بمحاكاة التقدّم فتقدّم مجموعات تختصّ أيضاً بالرجال سواء للماكياج أو للعناية بالبشرة أو حتّى العناية بالشعر وليس فقط من حيث العطور. فعلى سبيل المثال، أطلقت Chanel في العام 2018 مجموعتها الرجالية Boy De Chanel وقد ضمّت مثلاً كريم أساس للرجال.

ونعني بمحاكاة التنوّع والشمولية أيضاً، سعي العلامات إلى تلبية أكبر نسبة ممكنة من النساء. فعلى خلاف الماضي حين كانت كريمات الأساس تتقدّم في لوحة ألوان محدودة تضمّ 5 إلى 6 تدرّجات، نلاحظ اليوم أنّ الدور والماركات توسّع لوحة ألوانها قدر الإمكان لتشمل البشرات الداكنة والحنطية والفاتحة بمختلف تدرّجاتها التحتية. فلو أخذنا كريم الأساس Dior Backstage Foundation على سبيل المثال، نلاحظ أنّه يتقدّم بـ40 تدرّجاً.

اقرئي أيضاً: العطور تترجم الفخامة بأوجه مختلفة

 
شارك