Sarah Taibah: عام 2022 أهم سنوات حياتي على جميع الأصعدة!
ليس النجاح إنجازاً بقدر ما هو قدرة مستمرة على الإنجاز، وهذا ما يميز نجمة غلافنا، الممثلة والكاتبة السعودية، سارة طيبة، التي سارت عام 2022 بخطوات واثقة جعلتها تفوز بجائزة النجمة الصاعدة في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الأخير، علماً أنها مرشحة لجائزة أفضل ممثلة درامية في حفل "جوي أواردز". ومن اللافت أيضاً أنها تشارك في كتابة سيناريو فيلم "حوجن" المقرر عرضه في 2023، والمقتبس من الرواية الأكثر مبيعاً في المملكة العربية السعودية وتحمل الاسم نفسه، وهذه علامة فارقة في مسيرتها الفنية، تضمها إلى السيناريو الكوميدي الذي تكتبه من أجل منصة عالمية. إنه فعلاً عام الإنجازات!
حوار: Nicolas Azar، الإدارة الفنّية: Sima Maalouf، تصوير: Michel Takla، تنسيق: Jade Chilton، شعر ومكياج: Michel Kiwarkis لدى MMG Artists، مكان التصوير: Black Flamingo DXB
لقد أجرينا معاً حواراً في الأشهر الأولى من العام الحالي، ونختمه بلقاء آخر. كيف كان، هذا العام؟
حمل عام 2022 كثيراً من الانجازات والدروس والحب والألم... وكثيراً من كل شيء. لا شك في أنني أعتبرها من أهم سنوات حياتي على جميع الأصعدة.
ألف مبروك جائزة النجم الصاعد من شوبارد في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي. هل هناك هدية أجمل من هذه لنختم العام بإنجاز آخر؟
لقد شعرت بتقدير كبير فعلاً، ولا توجد كلمات تصف شكري وامتناني لهذه الجائزة. يشرفني أن أستلمها في مهرجاننا السينمائي العالمي، وفي بلدي وبالأخص في مدينتي الحبيبة جدة.
ماذا تعني لك الجوائز؟
أتمنى قول إنها لا تعني شيئاً على الاطلاق، ولكنني سأكون كاذبة لأنني سأسعد بالتأكيد في حال فزت بأي جائزة، فهي شيء ملموس يذكرك بالنجاح. ولكن إذا دخلت قلبي فعلياً، ستشعر في لحظة صدق وتجلي بأنني لا أكترث لكل هذا وأتمنى فقط أن أركز على شغفي وكتابتي وتمثيلي وعلى فضفضتي التي أسميها فناً في بعض الأحيان.
لا شك في أن هذا العام كان نقطة تحول في مسيرة الفن السعودي حيث هناك ضوء ساطع ينير درب الممثلين السعوديين، فهم محط أنظار العالم أجمع. هل تشعرين بهذه الطاقة؟
بالتأكيد. نحن نمر بمرحلة فنيّة وثقافية مهمة للغاية. وأنا ممتنة جداً أنني عاصرت موجة التغيير هذه من بداياتها وكنت جزءاً منها.
معظم الصالات التي عُرضت فيها الأفلام السعودية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي كانت أكثر الصالات استقطاباً للجمهور العربي وتحديداً السعودي. لم يتخلَ هذا الجمهور يوماً عنكم. هل تشعرين بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقك؟
الجمهور السعودي من أهم الجماهير وأصدقها، فهو يعبّر عن كل ما يعجبه وما لا يعجبه منذ أن كانت صناعة الأفلام على منصة اليوتيوب فقط. هو جمهور شغوف ومتعطش وذكي جداً، ويعرف أن يفرّق بين المصداقية والعبث، وأنا لا أشعر بأن المسؤولية هذه عبء، بل أعتقد أنها فرصة جميلة.
لقد تنوعت المواضيع في المهرجان غير أنّ عدداً كبيراً منها كان حصاد "كورونا" والعزل المنزلي، مثل ما حدث مع مسلسلك الناجح "جميل جداً" الذي كتبته بنفسك وعُرض في بداية العام. وعلى الرغم من ذلك، فشباب السينما السعودية الذين تبدأ مسيرتهم المهنية بالتوازي مع الانطلاقة الكبرى التي تشهدها هذه الصناعة، يبدعون بأفكارهم لأنهم ليسوا مقيدين بعد الآن. كيف تنظرين إلى هذه النقطة؟
فترة العزل المنزلي هي مجرد تذكير بأن الوقت بإمكانه أن يكون في صالحنا وليس ضدنا، وأنه علينا الحرص على وقتنا وأولوياتنا. وأعتقد أنّ على المرء التركيز على رحلته الخاصة ومشاريعه وعالمه الذي يصنعه من دون التفكير الزائد بالانطلاقة الكبرى التي تشهدها الصناعة. فقط استمر وافعل ما تحب ولا تكترث لما يدور حولك.
تشاركين أيضاً في الفيلم القصير "شريط فيديو اتبدل" للمخرجة السعودية مها الساعاتي الذي نافس ضمن المسابقة القصيرة لمهرجان البحر الأحمر. أخبرينا عن هذه المشاركة؟
أنا من أشد المعجبات والمؤمنات بمها لأنها تملك طابعاً وأسلوباً واضحاً وصادقاً ويميزها عن غيرها. وأنا بطبعي أنجذب إلى الناس الحقيقيين، وقد لمست ذلك فيها. ولطالما كنت أقول لها إنني معها في أي مشروع دون نقاش، علماً أنّ فكرة الفيلم مرحة ومختلفة، كما أنّ الشخصية التي أمثلها "مشاعل"، مهضومة وخفيفة على القلب. فلم أستطع أن أقاوم المشاركة.
لقد ذكرت في لقاء سابق أنّ مجال صناعة الأفلام كان يسيطر عليه الرجال لفترة طويلة، وذلك بسبب العُرف والتقاليد، وكان من الصعب على المرأة اقتحامه على الرغم من الأسماء النسائية السعودية التي حاربت إلى أن صنعت اسماً ومكانة لها. وفي هذه الدورة من المهرجان، هناك أيضاً شبه غياب الأقلام النسائية والمخرجات عن الفن السعودي. فمتى يحين وقتكن؟
وقتنا هو الأمس واليوم والغد. ليس لدي إجابة محددة عن الوقت، لكنني مؤمنة جداً بقصة المرأة وطريقة سردها في مجالنا ومتحمسة جدا لازدياد عدد النساء في هذه الصناعة وأطمح إلى المزيد.
شهد المهرجان أيضاً أول إعلان ترويجي لفيلم "حوجن" المقتبس من الرواية الأكثر مبيعاً في المملكة العربية السعودية وتحمل الاسم نفسه. واللافت أنك تشاركين في كتابة سيناريو هذا العمل الضخم. أخبريني عن هذه التجربة؟
تواصلت معي الشركة المنتجة في عام 2020 وطلبت مني كتابة نص وحوار مقتبس من رواية "حوجن" بقلم ابراهيم عباس. لا شك في أنني شعرت بالمسؤولية في البداية لأن الناس تعلقوا جداً بهذه الرواية حين صدرت عام 2013. لكن قبل كل شيء، أردت أن أنصف هذه الرواية وأشعر بأنني فعلت ذلك، وأنا متحمسة جدا للمس ردة فعل الجمهور.
وأين أصبحت في كتابة فيلمك الروائي الطويل الجديد؟
انتهيت من كتابة المسودة الأولى، ولكنني توقفت عن كتابة الفيلم لأني انشغلت بكتابة مسلسلي الكوميدي الجديد الذي سيعرض على منصة عالمية، وما زلت في المراحل الأولى من هذا المشروع، إلا أنني سأعود إلى العمل على الفيلم بعد الانتهاء من المسلسل.
يبدو أنّ الكتابة شغف كبير لديك لكن كيف يكون المرء كاتباً مبدعاً؟
أعتقد أنّ على الكاتب أن يسمع أكثر ويغوص في تفاصيل الحياة الصغيرة اليومية. وعليه أن يستشعر الأشياء ببساطة، وأن ينزل من منبر التعالي والتنظير، وأن يتحدث بلغة يعرفها وتشبهه، وبأسلوب يتمكن من خلاله الوصول إلى المشاهد. دائماً ما أكتب ملاحظات في دفتري أو على هاتفي عن حوارات أعجبتني سمعتها من حولي، ثم أعود إليها لاحقاً وأستخدمها بطريقة ما. فأنا أعشق الحوارات الحقيقية وهذا أمر نادر أن نجده في أفلامنا ومسلسلاتنا.
أنت ممثلة انتقائية. متى تبلغ قدرتك الإبداعيّة أعلى مستوياتها؟ ما الذي يطلقها؟
لا أؤمن بأن هناك نقطة لا بد من الوصول إليها، فأنا أتعلم أمراً جديداً باستمرار، وأكتشف الحياة، وأغير رأيي وأعود عن قراري لأتعلم مرة أخرى. أعتقد أنّ الابداع يبلغ مستوى عالياً عندما يكون هنالك صدق وتواضع.
تقومين حالياً بتصوير عمل جديد. ماذا تخبرينا عنه؟
متحمسة جدا لهذا العمل، فهو ضخم ومهم ومستوحى من أحداث حقيقية حصلت في آواخر الثمانينات. العمل جاد جداً وهذا ما شدّني إليه لأنه مختلف تماماً عن طابع الأعمال التي أنجذب عادة إليها. شخصيتي جداً مختلفة عن الأدوار الأخرى التي قمت بتمثيلها من قبل وهذا شيء مهم بالنسبة إلي.
تم ترشيحك كأفضل ممثلة عن دور "جوجو" في مسلسل "جميل جداً" الذي ترشّح بدروه لأفضل عمل. كيف تشعرين حيال ذلك؟
ممتنة لهذا الترشيح وممتنة أكثر لارتباط الجمهور بشخصية "جوجو"، وأنا دائماً أردد أن جمهور "جميل جداً" هو أجمل وألطف وأصدق جمهور، ولا كلام يكفي لأعبر عن حبي لهم، ويسعدني أن ترشيحي تم تحديداً من خلال هذه الشخصية.
تربطك علاقة صداقة بالممثلة السعودية ميلا الزهراني، حيث غالباً ما تدعمان بعضكما البعض على مواقع التواصل. إنه لأمر رائع أن تضعا المنافسة على جنب وتتشاركان الحب بينكما. كيف تقومان بذلك؟
لدي حب غير متكلّف لميلا، وفي قلبي تقدير كبير لها كشخص ولرحلتها الفنية. ولا شك في أنّ المنافسة موجودة في هذا المجال، ولكن بالوعي والصدق والحب تحدث الموازنة. ونحن كسيدات لا بدّ أن نقف بجانب بعضنا ونجدد النية دائماً بأن نكون سنداً لبعضنا. وأعتقد أنه لدي بوصلة داخلية جيّدة تجذب فقط هذه الأنواع من الصداقات الآمنة من داخل الوسط الفني.
ماذا يعني لكِ أن تكوني امرأة سعودية ملهمة لغيركِ؟
يعني لي كثيراً أن ألهم شخصاً ما أو أن أؤثر على حياته، كما أنني أتأثر وأشعر بالخجل دائماً عندما يعبّر شخصاً لي عن ذلك.
ما هي أمنياتك للعام الجديد؟
أتمنى أن أتمسك بالأشياء أقل، وأن أسمح للرحيل أكثر، وأن أؤمن بالحب والخير أولاً، وأن يسيطر الصدق على لساني دائماً، وأن يستعمر الشغف قلبي، وأن أطلق العنان لأحلامي لكي تصبح واقعاً، وأن أتعرف على نفسي أكثر.