4 مؤثرات اجتماعيات يروين تجاربهن حول هويتهن الجديدة بعد الحمل والإنجاب
تنتظر الأم الجديدة إحساساً رائعاً حين يضع الطبيب مولودها بين يديها، ولكن مع مرور الدقائق والأيام، تعاني الكثير من النساء من مشاعر مختلفة تتراوح بين السعادة وتصل إلى الكآبة التي تتجلى بالكثير من التقلُّبات في المزاج. فكيف يجب على السيدة أن تواجه مرحلة بعد الولادة وكيف تسترجع جزءاً من ذاتها القديمة؟ التقينا 4 نساء شابات وسألناهن 4 أسئلة عن الفترة التي تلت الإنجاب وعن أسعد وأصعب اللحظات.
مليسا حرب
أم ياسمينا التي تبلغ من العمر 4 سنوات، وهي ناشطة عبر إنستغرام عبر حساب lookncook@ الذي يتابعه 47 ألف شخص، حيث تشارك تجربتها مع الأمومة والطهي والوصفات الصحية.
كيف كانت أيامك الأولى مع طفلك بعد الولادة، وما هو أصعب تغيير رصدته في أسلوب حياتك؟
كانت أيّامي الأولى مع ياسمينا مليئة بالأحاسيس المتناقدضة. كانت سعادتي بها لا توصف. كنت أشعر بالامتنان الشديد وبحب كبير. ككل أم، كنت أشعر أيضاً بإرهاق وتوتّر لقلّة خبرتي. كان عندي أيضاً حماس كبير يمنعني حتّى في بعض الأحيان من النوم بالرغم من شدّة تعبي. أمّا التغيير الأصعب في أسلوب الحياة فكان قلّة النوم.
هل واجهت مشاعر سلبية؟ اكتئاب، نوبات بكاء، صعوبة تقبل الجسد... وكيف تغلبت عليها؟
واجهتها كلّها! بكيت جسدي والوزن الزّائد، بكيت من التعب والإرهاق ومن شعوري بالوحدة رغم انني كنت محاطة بالعائلة والأصدقاء. تخطيت هذه الأحاسيس بالسماح لنفسي بالجلوس معها وتقبّلها كما ولأنّني مع الوقت، تعلّمت واكتسبت الخبرة، كما أن لصفحتي على الإنستغرام lookncook@ أهمّيّة كبيرة في تحقيق ذلك أيضاً، فقد سمحت لي بناء صداقات مع متابعات وأمّهات رافقنني في رحلة الأمومة وساندنني وشاركن معي خبراتهن.
ما هو دور الزوج في هذه المرحلة وكيف ساعدك زوجك بعد الولادة؟
دور الزوج أساسي في هذه المرحلة كما وفي كل المراحل التي تمر بها العائلة، فهو فرد أساسي منها! خاصةً في عصرنا هذا حيث أصبح المجتمع يعي أن للزوج دور أكبر من أن يكون معيل للعائلة فحسب! كان زوجي وما زال جنبي وجنب ابنتنا من اليوم الأوّل وهو يهتم بها وبكل تفاصيلها معي بشكل يومي.
هل استرجعت نفسك القديمة بعض الشيء وكم من الوقت تطلب كي تفصلي بين وجودك كامرأة وأم؟
بصراحة، لم أسترجع نفسي القديمة ولم أعد أفكّر بأن أسترجعها لأننا أصبحنا مختلفتان جدّاً بالرغم من بعض نقاط التشابه بيننا.
أما عن فصلي بين وجودي كامرأة وكأم، فيتطلّب ذلك بنظري إيجاد نوع من التوازن الصعب أحياناً، فحين تحتاج ابنتي إلى وجودي بجانبها بسبب المرض مثلاً او المرور بأزمة معينة في الحضانة، سأخصص كل وقتي لها، وحين تسير أمورها بشكل متناغم سيتسنى لي الوقت لكي أهتم أكثر بنفسي وأركز على تطوير ذاتي.
هالة ساحلي
أم أماليا التي تبلغ من العمر شهر واحد، استشارية تغذية أطفال ورضاعة طبيعية، ومؤسسة صفحة BeyondBreastfeeding@ على إنستغرام وشريكة مؤسسة في منصة Tuesday التي تطرح مواضيع متعلقة بالإنجاب والتربية والصحة النفسية للأمهات والأطفال.
كيف كانت أيامك الأولى مع طفلك بعد الولادة، وما هو أصعب تغيير رصدته في أسلوب حياتك؟
بعيداً عن تجربتي الخاصة ولأني أتواجد عن قرب مع الأمهات بحكم عملي، فقد تعرفت على نساء كثر مررن بصعوبات خلال فترة بعد الولادة، لذا حرصت مع شريكي على تلقي دورات تدريبية وطلبت المشورة من خبراء في مجال التربية والتغذية، بالتالي كانت فترة سلسة بالنسبة إليّ، ولكن وجود التحديات عند ولادة وبعدها أمر لا مفر منه. إنه جزء من الرحلة لكن قدوم المولود دون استعداد يشبه تسلق جبل بدون المعدات المناسبة، بالتالي من المهم جداً للأم معرفة ما ينتظرها لاحقاً كي تتفادى المشاكل
الجسدية والنفسية.
هل واجهت مشاعر سلبية؟ اكتئاب، نوبات بكاء، صعوبة تقبل الجسد... وكيف تغلبت عليها؟
هذه الرحلة الجديدة غنية بالعواطف ولكنها مليئة بالتحديات، لديك شخص جديد يعتمد عليك بالكامل. أعتقد حقاً أن صحتك العقلية ورفاهيتك هي أهم شيء يجب التركيز عليه لتتمكني من رعاية طفلك والاستمتاع بوقتك معه، فكما أقول دائماً لمرضاي: أم سعيدة تعني طفل سعيد. حرصت على مواصلة جلساتي الاستشارية والتحدث عن مشاعري عند الحاجة مع زوجي وعائلتي وأصدقائي وعدم الاحتفاظ بأي ضغوطات أو أحاسيس سلبية لنفسي. أعتقد حقاً أن كل أم يجب أن تتاح لها الفرصة للتحدث إلى شخص ما. يمكن أن يكون صديقاً أو معالجاً أو أخصائياَ نفسياً ليكون بمثابة المكان الآمن للتعبير عن نفسها لأن هذا الموضوع لا يزال من المحرمات في مجتمعنا. فلسوء الحظ، نتوقع أن تظل الأمهات في أفضل حالاتهن عقلياً وجسدياً على الرغم من كل التغييرات التي
يمرون بها.
ما هو دور الزوج في هذه المرحلة وكيف ساعدك زوجك بعد الولادة؟
أردت حقاً تجربة هذه الرحلة بمفردي مع زوجي. لم أنجب في موطني الأصلي وقررنا أن نكون بمفردنا مع ابنتنا. أنا محظوظة لأن زوجي استطاع أن يأخذ إجازة بعض الوقت من عمله لأنه في الشرق الأوسط للأسف لا يتمتع الآباء بهذه الفرصة دائماً؛ إجازة الأبوة محدودة بالأيام أو غير موجودة، ولقد كان أكبر داعم لي في هذه الرحلة. لم أكن لأستطيع النجاة والاستمتاع بالأسابيع الماضية بدونه. في مجتمعاتنا العربية ننسى أحياناً أهمية حضور الأب ولكن يحتاج الطفل إلى كلا الوالدين، فالأم لا يمكنها فعل كل شيء بمفردها. أعتقد أن هذه مشكلة كبيرة يجب معالجتها لذا فجزء من دور الأم يكون بإشراك زوجها في روتين الطفل كتغيير الحفاضات والتغذية والاستحمام.
كم من الوقت تطلبت العودة إلى حياتك الطبيعية وكيف تمكنت من أن تفصلي بين وجودك كامرأة وأم؟
لا يزال من المبكر بالنسبة لي أن أشعر أني عدت إلى طبيعتي فابنتي لا تزال في شهرها الأول، ولكن أوقات استيقاظها أقضيها في الاعتناء بها، وأتفرغ لنفسي حين تنام فأتابع عملي مع مرضاي وزميلاتي وأشرف على تفاصيل مشروعي الجديد وهو
منصة Tuesday.
إليانا بو ملحم
أم جوردن الذي يبلغ من العمر سنة ونصف، ومؤسسة منصة Tuesday التي تعنى بكل ما يتعلق باحتياجات الأم الصحية والنفسية بعد الولادة، موقعها الإلكتروني www.tuesdaycommunity.com.
كيف كانت أيامك الأولى مع طفلك بعد الولادة، وما هو أصعب تغيير رصدته في أسلوب حياتك؟
إنها فترة مرهقة بلا شك، لكنها مميزة. في الأيام الأولى بعد الولادة كنت أحاول الموازنة بين التعافي الجسدي وتعلم أفضل الطرق للتعامل مع ابني. كنت أنا وزوجي مستعدين جداً لهذه الفترة مما جعلها أكثر سلاسة. كان لدينا قدر كبير من الوضوح بشأن ما يمكن توقعه فقد ركزنا كل جهودنا أثناء الحمل على الاستعداد لفترة ما بعد الولادة.. على الرغم من الاستعداد إلا أن لحظة مغادرة المستشفى كانت فعلاً مخيفة! فجأة تعودين إلى المنزل مع هذا الفرد الصغير الجديد في العائلة ويجب أن تعرفي كيف تعتنين به. من الصعب فعلاً تقدير التغيير الهائل الذي يحدث في حياتك وكم هو المرعب أن تصيري المسؤولة الوحيدة عن التأكد من أنه يتمتع بصحة جيدة وهو يعيش بسعادة وأمان. لذا أشجع كل والدين جدد على استثمار المزيد من الوقت في التخطيط لوقت ولادة الطفل. فالولادة هي فعلاً شيء ينتهي في يوم واحد، ولكن تلي هذا اليوم رحلة حقيقية صعبة وطويلة ومشوقة في آن.
هل عانيت من مشاعر سلبية أو تقلبات مزاجية بعد الولادة؟ هل وجدت صعوبة في قبول التغيرات في شكل جسدك؟
هذا الموضوع يعتبر بمثابة وصمة عار للأمهات اللواتي تتحدثن عنه، فالتقلبات المزاجية طبيعية بسبب التغيرات الهرمونية الفسيولوجية التي تعقب ولادة الطفل ولكن المجتمع لا يفهمها أو يتقبلها بسهولة. وأنا ممتنة جداً لأني اخترت اللجوء إلى معالج قبل الولادة لأنني كنت مرعوبة من اكتئاب ما بعد الولادة، وقد واجهت بالفعل بعد الإنجاب بأسابيع أفكاراً غير منطقية ومخيفة، مثلاً: ماذا لو مت، ماذا لو وقعت وأذيت نفسي وأنا وحيدة مع الطفل... كنت أجد نفسي تقريباً أصدق هذه الأفكار حتى أبدأ في البكاء، لكن لأنني كنت قد أعددت نفسي وعرفت عن كل هذا، كان عقلي يحدثني سريعاً بأنها أفكار عابرة سوف أتجاوزها. ركزت جهودي مع دعم زوجي على تنفيذ معظم مهارات العلاج المعرفي السلوكي التي تعلمتها خلال الجلسات وتمكنت من تخطي المرحلة.
ما هو دور الزوج أو الشريك في هذه الفترة؟
نحن نعيش في لندن بعيداً عن الوطن وقد اخترت أنا وزوجي أن نكون وحدنا في الأسابيع القليلة الأولى، حتى نتمكن من الاستمتاع بهذا الوقت الخاص والتركيز فقط على التعلم معاً كعائلة. لذا قمنا بتقسيم المسؤوليات وتأكدت من أنه كان يشارك في كل شيء، فعلى سبيل المثال أنا أطعم وهو يجشئ، أو يغير الحفاض. لقد قام بعمل رائع في دعمي والاستماع إلى مخاوفي حين أتوتر، وقمت بدوري بدعمه لأني أعتقد حقاً أن الأب يحتاج أيضاً إلى المساعدة خلال هذا الوقت.
كم من الوقت تطلبت العودة إلى حياتك الطبيعية وكيف تمكنت من أن تفصلي بين وجودك كامرأة وأم؟
تختلف قدرات الناس وتجاربهم فما يمكنني تحمله يمكن لغيري أن لا يتمكن من النجاح بتخطيه ولكن بكل صدق، لم أفقد نفسي لأستعيدها من جديد. هذا لا يعني أني لم أضعف أو أتغير فقد زاد وزني مثلاً 25 كيلوغراماً لكني كنت أمارس الرياضة وأتناول طعاماً صحياً طوال فترة حملي، لذا لم يكن هناك الكثير مما يمكنني فعله. أيضاً لأنني مررت بجلسات العلاج فقد تعاملت مع التحديات كل يوم بيومه وهذا الأمر خفف الضغوطات عليّ. الأسابيع القليلة الأولى بعد الولادة كانت مليئة بالمشاعر والاضطرابات والسبب التغيرات الهرموني، لذا أعطيت نفسي الوقت وركزت على أن أكون لطيفة مع نفسي حتى أرتاح وأشفى كما عبرت عن مشاعري لشخص أو شخصين قريبين جداً مني، وقد ساعدني ذلك حقاً... هذه الرحلة هي ما أنا عليه اليوم. إنها جزء كبير من هويتي ولا يمكنني أن أكون أكثر فخراً وشكراً لطفلي لأنه سمح لي بتجربة ذلك. تنعكس هويتي الحقيقية في كل خطوة نخطوها معاً، فالأم إليانا هي مجرد نسخة من نفسي، بالإضافة إلى كوني زوجة وابنة وامرأة عاملة وصديقة وكل ما يشكلني من مهام وصفات.
رنا رضوان
أم حمزة الذي يبلغ من العمر عامان ونصف وهي صحافية وكانت مديرة الاتصال الاقليمي في جناح سويسرا في إكسبو دبي 2020، كما أنها ناشطة عبر صفحتها على إنستغرام ranaradwane@ حول ما يتعلق بالأمومة والتربية وإيجاد الذات.
كيف كانت أيامك الأولى مع طفلك بعد الولادة، وما هو أصعب تغيير رصدته في أسلوب حياتك؟
كانت الأيام الأولى مع طفلي بمثابة فترة تعارف، أردت الاهتمام بنفسي وبابني بعد خروجي من المستشفى محاولة التغلب على الوجع الذي يلي الجراحة وكل التقلبات المزاجية..لم أجد صعوبة في تقبل جسدي الجديد فالجسم سيتغير مع الولادة وبعدها، وقد كسبت حوالى 30 كيلوغراماً خلال الحمل واحتجت وقتاً طويلاً لخسارة هذا الوزن، لم أقارن نفسي بغيري أبداً ولم أحبط لأني تأخرت بالعودة إلى جسمي الطبيعي، بل لجأت إلى الرياضة والطعام الصحي، لأعود بشكل تدريجي من دون أن أضغط نفسي أو أختبر الحرمان الشديد من الطعام، وطوال هذا الوقت لم تتغير ثقتي بنفسي أبداً بل العكس حافظت على حب ذاتي وجسدي الذي أعطاني طفلي سليماً ومعافى وهذه أكبر هدية يمكن للمراة أن تطلبها.
هل واجهت مشاعر سلبية؟ اكتئاب، نوبات بكاء، صعوبة تقبل الجسد...وكيف تغلبت عليها؟
تواجه كل أم مشاعر الخوف والتوتر والقلق ونوبات البكاء من دون سبب، فهناك تغيير كبير يحصل في حياتنا مع ما تسببه التغييرات الهرمونية، ولكني حاولت التعبير عن مشاعري وعدم كبتها كي لا تؤثر عليّ لاحقاً فواجهت هذه الانتكاسات بشجاعة وإدارك أنها طبيعية ومؤقتة.
ما هو دور الزوج في هذه المرحلة وكيف ساعدك زوجك بعد الولادة؟
زوجي كان سندي وصديقي طوال فترة الحمل وبعد الولادة، وقد عشنا سوياً فترة التحضيرات لاستقبال طفلنا وبقي معي في المنزل ليعتني به لأننا كنا في فترة كورونا، فاختبرنا تجارب رائعة وقسمنا المسؤوليات، وجوده فعلاً أعطاني القوة والثقة وسهّل عليّ كل التغييرات الحياتية.
هل استرجعت نفسك القديمة بعض الشيء وكم من الوقت تطلب كي تفصلي بين وجودك كامرأة وأم؟
لا زلت كما كنت قبل الولادة، فقط بت أعرف أنواعاً جديدة من المشاعر والمسؤوليات، لقد مدني طفلي بالقوة والطاقة الإيجابية فأعدت ترتيب أولوياتي، ولكني دوماً كنت أكرر لنفسي أن دوري كأم هو جزء من حياتي وليس كلها، فأنا امرأة عاملة وزوجة سعيدة ومحبة، ومنذ البداية فصلت بين أدواري المختلفة لكي لا أقصر مع زوجي أو في عملي وحياتي الاجتماعية.
اقرئي المزيد: تقوية مناعة الأطفال وأفضل الأطعمة والفيتامينات لذلك