أتكلّم عن العولمة
أحاول أقف بطريقة مستقيمة. أتنفّس بعمق. سعال خفيف عشان صوتي حين أتكلّم يصير أحلى. قريبتي شجّعتني عشان أشارك في الندوة ديّة. الحاضرات يتهامسون. طبعاً كل واحدة تسأل الثانية عن عيالها وإيش رايحة تسوّي بعد الندوة وإيش سوّت أمس... أقلّب أفكاري وأحاول أرتّبها. بعدين أقول في نفسي إنّها رايحة تترتّب حين أبتدي أتكلّم. أتنفّس بعمق.
اقرئي: كيف تصيرين مدوّنة ناجحة في «السوشيال ميديا»؟
مديرة الندوة تقول إنّها ابتدت. نظراتي تتنقّل بسرعة بين الحاضرات. أشوفهم في مشهد واحد من غير ما ألاحظ الوجوه. وعشان موضوع الندوة، يعني العولمة وتأثيرها على حياتنا، ممكن يخلّيهم يحسّون بالملل، قلت أبتدي بطريقة مسلّية تضيف عليها نكهة حلوة. ودحين رايحة أطلب منهم إطفاء كل الهواتف الجوّالة. وبعد كده أسأل البنت اللي تجلس في آخر الصفّ الأمامي: «إيش اسمك؟» تقول: «ليلى». أقول لها: «ليلى، عندك صديقة تعيش في أمريكا وتصوّري إنّك تريدين دحين تتكلّمين ويّاها في حاجة مهمّة. يعني حاجة لازم تسوّينها في مدّة قصيرة. وطبعاً ما بيه جوّال ولا وسائل تواصل اجتماعي ولا أيّ حاجة. إيش تسوّين؟». تقول: «أتّصل بيها على الهاتف الأرضي» وأنا أسأل كمان: «طب ممكن تكون مسافرة أو في مكان عملها...»، ليلى تسكت وأنا أشرح أكثر: «يعني وسائل التواصل الحديثة خلّت العالم يصير قرية صغيرة. نقدر نتكلّم مع أيّ حدّ في كل مكان وفي كل وقت».
المزيد: جامعة الأميرة نورة تحصد أعلى جائزة دولية
أحسّ أفكاري ابتدت تترتّب وثقتي بنفسي تزيد والحاضرات يستمعون لكلامي أكثر. أقول: «إحنا نعيش في عصر حاجة يسمّونها عولمة. والكلمة ديّة تعني إنّه كل حاجة تصير عالميّة». وأسأل بنت ثانية عن اسمها، تقول: «أمينة» وبعد كده أقول لها: «أمينة طبعاً عندك حسابات فيسبوك وإنستغرام وتويتر وسناب شات» وهي تقول: «أيوه» وأنا: «وطبعاً تقدرين تتكلّمين عن أيّ حاجة تريدينها مع أيّ حدّ في أيّ مكان في العالم وبلغات مختلفة. هو ده التفسير البسيط للعولمة. يعني ثورة اتّصالات وتكنولوجيا وتواصل ثقافي بين الناس في كل العالم». وعلى الشاشة أشرح: «العالم قرية واحدة يعني المعلومات تنتشر بسرعة ما نتصوّرها. تلاحظون حين تحصل أيّ حاجة في أيّ مكان في العالم ندري إنّها حصلت بعد دقائق قليلة. تقولون إنّها حصلت في الشارع القريب أو في المبنى اللي نسكن بيه».
اقرئي أيضاً: دبي…زيارة ممتعة برفقة أطفالك
عيون الحاضرات ما تفارق الشاشة. وأنا أحسّ بارتياح أكثر وابتديت أشوف الوجوه بوضوح أكثر. أتابع: «بسّ حين نتكلّم عن العولمة بيه تحدّي كبير يواجهنا. ننفتح على العالم، مو غلط، بسّ ضروري حدود هويّتنا ما تضيع. يعني ننفتح من غير ما نذوب وثقافتنا الخاصّة تختفي. نختار من كل الثقافات الحاجات اللي تناسب قيمنا ومجتمعنا وأفكارنا. نقدر نكون مثل سفينة تسافر في كل البحار والمحيطات وبعدين ترجع للمرسى اللّي انطلقت منه». أتنفّس بعمق... أحسّ الحاضرات يريدون يسمعون حاجات أكثر، بسّ الوقت انتهى.
