دلائل تؤكّد العلاقة بين السمنة ومرض السرطان وعلاقة الغذاء بإمكانيّة الشفاء

ترى الدكتورة ريتا نوار المديرة الطبية في Wema Health وهو برنامج افتراضي لعلاج السمنة جديد من نوعه في المنطقة، أن التخلص من آفة الوزن الزائد لا يتعلق فقط بامتلاك الإرادة بل بمستوى الحرق، فنظراً لمعارفها في هذا المجال تؤكد أن مرض السمنة يتمحور حول اختلال الحالة الفيزيولوجية في حالتي الجوع والشبع عند المريض، ما يدفعه إلى الإفراط في تناول الطعام. لكن تعديل كمية الطعام والسعرات الحرارية المستهلكة لا يكفي لحل المشكلة، بل يجب أخذ جميع العوامل بالاعتبار. وبالتالي تدريب المريض على تغيير سلوكياته وحرق السعرات الحرارية بالتمارين الرياضية. وقد التقيناها كي تحدثنا عن تأثير السمنة على خطر الإصابة بمختلف أشكال هذا الداء.

لماذا تزيد السمنة من خطر الإصابة بأنواع مختلفة من مرض السرطان؟ هل الدهون تسبب السرطان؟

ترتبط كل من زيادة الوزن والسمنة بارتفاع خطر الإصابة بـ 13 نوعاً من السرطانات، مثل سرطان الكولون والثدي وبطانة الرحم والمري والمرارة وسرطان البروستات المتقدم عند الرجال.

وتتشابه أنماط حدوث السرطان عالمياً مع أنماط انتشار السمنة، ورغم أن هذا التشابه لا يعني بالضرورة وجود علاقة مباشرة بينهما، إلا أنه يدفعنا إلى تحري الأسباب الكامنة وراءه. وترتبط السمنة بازدياد خطر الإصابة بتلك السرطانات حتى لو كانت بدرجة معتدلة. ورغم أن هذه المعطيات تشير بوضوح إلى دور السمنة وارتفاع الشحوم المحتمل في الإصابة بالسرطان، إلا أنها لا تكفي وحدها لتأكيد العلاقة السببية بينهما. وتم اقتراح عدد من الآليات المحتملة لتفسير دور السمنة في زيادة خطر الإصابة بالسرطانات:

● يُنتج النسيج الدهني كميات زائدة من هرمون الإستروجين، والذي تترافق مستوياته المرتفعة مع ازدياد خطر الإصابة بسرطانات الثدي وبطانة الرحم والمبيض وغيرها.

● كما تحتوي أجسام الذين يعانون من السمنة عادةً مستويات مرتفعة من الإنسولين وعامل النمو الشبيه بالإنسولين-1 (IGF-1) في الدم. وتسبب مقاومة الإنسولين حالة فرط الأنسولين في الدم، والتي تسبق الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني الذي يعتبر بدوره أحد عوامل الخطورة للإصابة بالسرطان. ويساهم فرط الإنسولين وعامل النمو الشبيه بالإنسولين-1 في تطور سرطان الكولون والكلية والبروستات وبطانة الرحم.

● وغالباً ما يعاني المصابون بالسمنة من التهاب جهازي منخفض الدرجة، ما يقلل مستوى الموت الطبيعي للخلايا ويعزز تكاثرها؛ وبالتالي يُسهل تحولها إلى خلايا سرطانية.

● وتنتج الخلايا الدهنية هرموناً يدعى الليبتين، الذي تحرض مستوياته المرتفعة على تكاثر الخلايا غير الطبيعي.

وبالإضافة إلى تأثيراتها البيولوجية، يمكن أن تؤدي السمنة إلى صعوبات في اكتشاف السرطان وعلاجه، فعلى سبيل المثال، تعاني النساء البدينات من ارتفاع خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم الذي ينتج في هذه الحالة عن انخفاض كفاءة الكشف الباكر عند هؤلاء السيدات.

هل تؤثر السمنة في مختلف علاجات السرطان فتؤخر إمكانية الشفاء منه؟

تبرز مجموعة من الصعوبات أمام تحديد دور السمنة أو زيادة الوزن في التأثير على تطور المرض ونسب الوفاة والتعافي منه. ويوثر مؤشر كتلة الجسم المرتفع، والذي يزيد عادة عن 25، على اختيار العلاج، كاختيار النهج الجراحي أو جرعات العلاج الكيميائي أو إدراج المريض ضمن تجارب سريرية عشوائية. كما يمكن أن تؤثر الصعوبات التقنية التي يفرضها مؤشر كتلة الجسم المرتفع على نتيجة العمل الجراحي، مثل ارتفاع خطر إصابة موضع الجراحة بالالتهاب، واستئصال عدد غير كافي من العقد اللمفاوية وما يرافقه من احتمال الخطأ في تحديد درجة الإصابة والعلاج الصحيح، وازدياد خطر بقاء خلايا سرطانية غير مستأصلة. وقد يؤدي تقليل جرعات العلاج الكيميائي عند المصابين بالسمنة، بهدف تجنب السمية الزائدة للأدوية، إلى نتائج علاجية ضعيفة. لذا، فإن السؤال المهم يتمحور حول مدى التأثير السلبي للسمنة أو الوزن الزائد على نتائج العلاج، سواء كان تأثيراً مباشراً على آليات حدوث وتطور السرطان؛ أو غير مباشر على التشخيص وسبل العلاج. وقد تؤثر السمنة، التي تنتشر بشكل كبير عند مرضى السرطان وعند المتعافين منه، على النتائج السريرية خلال العلاج من خلال حجب مظاهر سوء التغذية، كما تشكل عامل خطورة لنكس المرض وانخفاض نسب التعافي لبعض السرطانات. ولذلك يحتاج المرضى إلى تعليم وإرشاد غذائي مناسب وفعال من قبل أخصائيين مدربين خلال مراحل العلاج والمتابعة. وأقامت الأكاديمية الوطنية للطب ورشة عمل للخبراء في الولايات المتحدة عام 2011، والتي توصلت إلى مجموعةٍ من الاستنتاجات الهامة، ومنها أن علاج سرطان الثدي أثمر عن نتائج أفضل عندما تم تشخيصه لدى مريضات بوزن طبيعي. وسجّل عدد الوفيات زيادةً بنسبة 30%، وانتشار النقائل بعد عشر سنوات زيادةً بنسبة 40% أو أكثر لدى البدينات. كما لاحظ المشاركون في ورشة العمل دوراً هاماً للنشاط البدني، ولكنه مرتبط أيضاً بدوره في الوقاية من السمنة في المقام الأول.

ما هي الأطعمة التي تنصحين مريضة السرطان وتلك التي تخضع للعلاج بالإكثار منها وتلك التي يفضل تفاديها؟

قد يؤدي علاج السرطان إلى تقلبات في الشهية والوزن، ولذلك من الضروري الانتباه إلى النظام الغذائي للمريضة، حيث يسهم النظام الغذائي المتوازن في الحفاظ على وزن صحي للمريضة وتقليل الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي والشعاعي، ويساعد على زيادة طاقتها وتحسين وظيفة العضلات والحفاظ على وظيفة مناعية جيدة وتقليل الالتهاب. ويحتاج مرضى السرطان إلى معدل بروتين أعلى من الطبيعي، والذي يتوفر في مصادر حيوانية صحية مثل لحم السمك والدواجن واللحم الأحمر الخالي من الدهون والبيض ومشتقات الحليب منخفضة الدسم، وفي مصادر نباتية مثل المكسرات وزبدة المكسرات، بالإضافة إلى الفيتامينات ومضادات الأكسدة المتوفرة في مجموعةٍ واسعة من الخضراوات والفواكه. وبالمقابل، ينبغي الحد من استهلاك الأطعمة المعالجة واللحوم المصنعة والمشروبات الغنية بالسكر.

كيف يمكن من خلال النظام الغذائي حماية النفس من خطر الإصابة بالسرطان؟

لم يثبت دور الطعام في منع الإصابة بالسرطان، لكن يمكن لبعض الأنماط الغذائية أن يسهم في ذلك، حيث قدّم خبراء الصندوق العالمي لأبحاث السرطان قائمةً من 10 توصيات تتضمن ثلاث توصيات تتعلق بالوقاية من السرطان من خلال الغذاء ونمط التغذية والنشاط البدني والتي ترتبط جميعها بالسمنة.

● وتشجع التوصية الأولى على تخفيف الوزن قدر الإمكان ضمن مجال الوزن الطبيعي للجسم.

● وممارسة النشاط البدني بشكل يومي، لدوره المهم في الحماية من السمنة والوقاية من السرطان.

● بالإضافة إلى تجنب المأكولات والمشروبات التي تسبب زيادة الوزن، لا سيما الأطعمة الغنية بالطاقة والمشروبات الغنية بالسكر.

وتشير التقديرات إلى إمكانية تجنب 20% من أكثر السرطانات شيوعاً في البلدان الغنية من خلال الحفاظ على وزن صحي.

اقرئي المزيد: ما هي طرق النوم عند الأرق؟

 
شارك