جانيس صراف تابت: الصور تقول الكثير عن حياة تولد من قلب الدمار
درست جانيس صراف تابت التصوير في ميلانو في إيطاليا، قبل أن تعود إلى بيروت وتفتتح الاستوديو الخاصّ بها. ثمّ بدأت العمل في مجال تصوير الأطفال بعدما أنجبت أطفالها الذين يمثّلون مصدر إلهامها اليوميّ. وبعد إنفجار بيروت الذي نجت منه بأعجوبة قامت بتصوير الطفل الصغير جورج خنيصر الذي ولد يوم الانفجار، وانتشرت الصور بشكل كبير لما حملته من معاني الأمل والحياة.
صورة الطفل جورج باتت رمزاً للحياة والأمل، كيف فكّرت بهذه الصورة؟
اجتاحت صور جورج الإنترنت، ولم أتوقّع ذلك على الإطلاق! بل أردت التقاط صورة ترمز إلى الألم الذي عانته بيروت فحسب، إنّما تظهر أيضاً بصيص الأمل الذي تشتهر به مدينتي. من هنا، أزلت حرف الواو من بيروت بالعربيّة، لأنّ بيروت «مكسورة» وجزء منها مفقود. وما يرمز إلى الأمل في كلّ ذلك هو الطفل الذي ملأ الفراغ محلّ حرف الواو على الرغم من كلّ ما يحصل. كذلك، تمثّل الرسومات في الطباعة «الموجات الصوتيّة» للإنفجار، ويحاكي حرف التاء باللغة العربيّة سفينة فينيقيّة مع أمواج مياه المرفأ.. إنّها ببساطة صورة عن الحياة التي تولد من قلب الدمار.
كيف حوّلت مناسبة حزينة إلى صورة تنبض بالحياة والإرادة والقوّة؟
بصراحة، بعد فقدان منزلي وإصابة الكثير من أحبائي في إنفجار بيروت، لم أكن متأكّدة إذ ما كنت سأظل قادرة على التقاط أيّ صورة أخرى، إذ كنت محطّمة ومحبطة ومدمّرة. ومع ذلك، لم أستطع رفض طلب والديّ جورج بالتقاط الصور له يعد أن شاركاني قصّتهما. وعلى الرغم من أنّني لم أمتلك الاستوديو أو الأدوات الخاصة بي، إلّا أنّ هذا الطفل أنار إبداعي، فضلاً عن أنّ حبّي للأطفال وللتصوير الفوتوغرافي قد عاد أثناء التصوير... إذاً بالفعل كان جورج الأمل الذي أحتجته أنا شخصيّاً وجميع اللبنانيّين أيضاً.
عندما أخبروك أنّك ستصوّرين الصغير، ما أوّل ما فكرت به؟ هل انتابك الحزن أو الحماس والفرح لهذه الفرصة؟
عندما اتّصل بي إدموند (والد الطفل جورج)بعد 3 أيّام من الإنفجار، كان عقلي مستنزفاً، ولم أملك شيئاً من الأفكار أو الإبداع. لكن من الواضح أنّني لم أستطع رفض القيام بجلسة التصوير، وبمجرّد أن أغلقت الهاتف شعرت بانتعاش في داخلي. بحيث منحني الطفل جورج القوة لأتمكّن من النهوض والعودة إلى شغفي وحياتي. لقد رفع معنوياتي، وسأكون ممتنة لذلك إلى الأبد.
خسرت الكثير في الإنفجار... كيف عكست هذه الخسارة من خلال فنّك؟
إنّني واحدة من المحظوظين الذين لم يصابوا بجروح جرّاءالإنفجار. إذ تواجدت وعائلتي في منزلنا في الجبل ذاك اليوم. ولكنّنا فقدنا منزلنا في بيروت (الذي فيه أيضاً الاستوديو الخاص بي لتصوير الأطفال حديثي الولادة) وكلّ ما بداخله.
كيف تغلّبت على حزنك وعدت للتصوير من جديد؟
بصراحة، لا أعرف ما إذا كنت قد تغلّبت حقاً على حزني، لأنّني ما زلت حزينة وأعيش يوميّاً لحظات أشعر فيها بالإحباط الشديد؛ إلّا أنّ ما ساعدني على الوقوف على قدمي هو أطفالي، وبالفعل يجب أن أكون قويّة من أجلهم. كذلك، ساعدتني العودة إلى وظيفتي التي تجسّد شغفي والاستلهام من جديد.
ما هي الرسالة التي توجهينها للشعب اللبناني الذي خسر الكثير بعد الإنفجار؟
إن كنّا لا نزال هنا نقاتل من أجل بلدنا، فهذا لأنّه وطننا. وبيروت هي الوطن، وأهل بيروت هم بيتنا حتى لو تعرّض منزلنا للدمار. واليوم، نرى الأمل في رؤية الجميع في الشارع يساعدون بعضهم البعض. إذاً طبعاً لا يمكننا الاستسلام، لأنّنا أقوياء معاً.
اقرئي أيضاً: إيمانويل لطيف: لم أتخيّل أن أكون بهذه القوّة