الباحثة الاماراتية حليمة النقبي: فليكن حبك للتحدي دافعك لعدم التوقف
تعد الشابة حليمة النقبي من الباحثات الإماراتيات اللواتي حققن تواجداً في الساحة العلمية فهي كانت خلال العام الفائت ضمن الفائزات ببرنامج الباحثات الصاعدات من أجل المرأة في العلم الذي تقيمه لوريال واليونسكو لتكريم البدعات اللواتي يتفانين في خدمة قضايا تهم البشرية. وقد التقينا النقبي فحدثتنا عن بحثها حول تعزيز نظام زراعة الأعضاء الحالي ليشمل المجموعات العرقية العربية.
تشرح الشابة عن عملها فتقول "يهدف مشروعي البحثي إلى حل التحديات المرتبطة بالتكنولوجيا الحالية لمطابقة الأنسجة بين المتبرعين ومرضى الزرع من أجل تقليل الآثار الجانبية لزرع الأعضاء، وتحسين الجودة من خلال دراسة الجينات التي تتحكم في استجابة الجهاز المناعي في سكان دولة الإمارات العربية المتحدة. سيؤدي فهمنا للجينوم العربي بشكل أفضل إلى مطابقة أدق للمرضى العرب الذين يحتاجون إلى عملية زرع أعضاء، وخاصة مرضى سرطان الدم. علاوة على ذلك، سيوفر هذا المشروع مرجعًا من شأنه تسهيل البحث عن قابلية الإصابة بالأمراض المناعية وذلك للمساعدة في التشخيص المبكر والوقاية المستقبلية للأمراض والعلاج الشخصي.. لقد كانت أبحاث الدكتوراه الخاصة بي فرصتي لتوجيه مهاراتي لحل التحديات التي أثرت على مجتمعي والعالم".
تضيف "بسبب نقص بيانات الجينوم العربي، تواجه الرعاية الصحية في الدول العربية تحديات فريدة تؤثر على قدرة الرعاية الصحية في المنطقة على ترجمة نتائج البحوث من الدراسات الجينية الجزيئية إلى تطبيقات إكلينيكية، وخاصة للفحوصات المهمة مثل مطابقة التوافق النسيجي وهي الفحوصات التي تجرى قبل زراعة الأعضاء لتحديد قابلية المريض لتلقي عضو من متبرع. يهدف بحثي إلى تقليل هذه الفجوة وتوفير إطار عمل لاختيار المتبرعين أثناء زراعة الأعضاء وخاصة نخاع العظام. بالإضافة الى ذلك، وبينما تتوجه مراكز العالم حاليا للطب الشخصي المبني على علم دقيق بالمورثات الجينية المرتبطة بالأمراض لتفاديها او لمعالجتها قبل حدوثها، ستوفر البيانات الناتجة عن هذا البحث، مورداً جينومياً قيّماً فيما يتعلق بتحديد عوامل القابلية للأمراض المناعة الذاتية والأمراض المعدية لدى العرب وذلك من خلال توسيع مجموعة بيانات الجينوم لكي تعكس بدقة المجموعات العرقية في المنطقة وإنشاء مرجع رسمي للجينات التي تتحكم في جهاز المناعة لدى الإنسان. فعلى سبيل المثال اكتشفنا علامات جينية خاصة بسكان دولة الإمارات تسبب أمراضاً معينة موجودة في هذا الجزء من الجينوم مثل مرض السكري المناعي".
دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة إقليمياً في مجال تمكين المرأة
قلنا لها: تتواجدين في الإمارات حيث الدعم الكبير لقدرات النساء، فهل برأيك يوجد إقبال أكبر على المجالات البحثية؟ فأجابت "لا شك أن دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة إقليمياً في مجال تمكين المرأة ، حيث كانت من أوائل الدول التي طبقت السياسات والاستراتيجيات والمبادرات الموجهة بالكامل للمرأة. لطالما أعطت حكومة الإمارات العربية المتحدة الأولوية لمصالح المرأة ، ويتجلى ذلك في الإنجازات الكبيرة التي حققتها المرأة الإماراتية على جميع المستويات. من الجدير بالذكر أن هنالك قبال كبير على دراسة العلوم حيث أن أكثر من 50٪ من الخريجين في كليات العلوم والهندسة هن من النساء، وهو رقم أعلى بكثر من الدول الأخرى، مما يثبت حب المرأة العربية للعلوم. ولكن بالرغم من دعم الحكومات للمرأة وتمكينها في شتى المجالات، لا زلنا نرى نقصاً في عدد الخريجات اللواتي يلتحقن بسوق العمل. قد يكون في عدم وجود الوعي بالفرص الوظيفية أو الإرشاد الكافي بعد التخرج وندرة تسليط الضوء على نماذج من العالمات الملهمات".
وعما ينقص لتمكين المرأة أكثر في هذه القطاعات؟ تقول "عالمياً، تمثل النساء حوالي 33٪ فقط من الباحثين في العالم بينماً تمثل فقط ما يقارب 14٪ من الوظائف العلمية الأكاديمية. تبدأ من شخصية المرأة نفسها، وضرورة إيمانها بإمكانياتها وقدرتها على تحقيق أهدافها والوصول إلى حلمها في مجال البحوث العلمية وتجنب الشعور باليأس والإحباط في حين كانت النتائج لا تأتي بما ترجوه فمجال الأبحاث يتطلب الكثير من الصبر والإصرار. وبكل الأحوال، يتوجب علينا مضاعفة جهودنا لدعم المرأة وجعل الأوساط الأكاديمية مكان عمل أكثر ترحابًا وشمولية خلال خلق بيئة تشجع على الابتكار وتوفير حوافز متنوعة للاستثمار في الأنشطة ذات صلة بهذا المجال كالبرامج والجوائز".
تاريخنا غني بمساهمات الرائدات الخليجيات في مجال العلوم والأبحاث
وحول كيفية تشجع الجيل الجديد على الغوص أكثر في الأبحاث، تقول "لربما كانت الأنماط والقوالب الفكرية السائدة في المجتمعات الخليجية بما هو مناسب وغير مناسب في عمل المرأة عالماً أساسي في حد النساء من التخصص في مجالات العلوم والتكنلوجيا على الرغم من اهتمامهن بها أو استعدادهن للالتحاق بدراسة تلك التخصصات أو ممارسة الوظائف المرتبطة بها. ومع ذلك، تاريخنا غني بمساهمات الرائدات الخليجيات اللواتي كان لهن تأثير كبير في تنمية المجال العلمي وأظهرن أنه يمكننا الازدهار مع الالتزام بقيمنا وتقاليدنا وهن يمثلن نماذج طموحة وبصمة قوية في مجتمعاتهن التي أثرت على القرارات التي تتخذها المرأة الخليجية بخصوص مستقبلها المهني التي تتحدى الأفكار النمطية البحتة. أنني ممتنة لحصولي على جائزة لوريال-يونسكو للمرأة في العلوم والتي ستسلط الضوء عليّ وعلى مشروعي البحثي، مما سيمكنني من تعزيز رؤيتي المستقبلية في مجال الأبحاث الطبية بالإضافة أنها ستتيح لي الفرصة لمشاركة قصتي وطموحي بهدف إلهام الفتيات والباحثات الشابات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والتواصل مع مجتمع عالمي من المبتكرات اللواتي يشاركنني الشغف نفسه نحو استخدام العلوم والتكنلوجيا لإحداث تغيير إيجابي في العالم".
وعن نقطة التحول في حياتها، تكشف "لطالما كنت شابة فضولية ومهتمة بالطب البشري، فقد لاحظت كيف عانى الأفراد في بلدي ومجتمعي من أمراض نادرة سببها وراثي في الغالب. تعلمت لاحقًا أن المزيد من الأمراض النادرة تظهر في المجتمعات التي لديها ممارسات عادات ثقافية معينة مثل زواج الأقارب، مما يزيد من انتشار الأفراد المصابين بأمراض وراثية. بعد تخصصي بمجال الهندسة الطبية، قررت توجيه أبحاثي لحل التحديات التي أثرت على مجتمعي. وكرست معرفتي ومهاراتي بشكل خاص لدراسة الجينات التي تحكم جهاز المناعة (الوراثة المناعية) في السكان العرب، والتي تلعب دورًا مهمًا في تطور أمراض المناعة الذاتية المنتشرة بشكل كبير في المجتمعات العربية".
قد تكون لحظة الاستسلام هي آخر لحظة تفصلك عن الوصول لطموحاتك
ووجهت رسالة للمرأة، فقالت "الطريق لأي أمر عظيم يحتاج منك المثابرة فقد تكون لحظة الاستسلام هي آخر لحظة تفصلك عن الوصول لطموحاتك. قد تشعرين بالإرهاق من الساعات الطويلة في المختبر والنقد المباشر من الآخرين فيما يتعلق بفرضيتك أو منهاجك العلمي أو منشوراتك. ومع ذلك، يجب أن يكون حبك للتحدي هو دافعك لعدم التوقف أبدًا ويجب أن يكون لديك مرونة في التعامل مع العوائق".
اقرئي المزيد: الإعلامية هيا ياسمين: أريد أن أجعل العالم أقرب إلى كلّ منزل عربيّ من خلال رحلاتي