الإعلامية هيا ياسمين: أريد أن أجعل العالم أقرب إلى كلّ منزل عربيّ من خلال رحلاتي

لم تمنعها ظروف العيش تحت قيود الاحتلال من تحقيق أحلامها بالتمثيل والسفر لاكتشاف العالم. فاتبعت شغفها الذي بدأ منذ كانت طفلة في الـ 12 من عمرها، وتوجهت إلى جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وحصلت على شهادة في التمثيل والإخراج، حتى بدأت رحلتها الإعلامية مع أشهر القنوات التلفزيونية العربية وهي MBC لتصير من أوائل مراسلات السفر العربيات، وتنقل للمشاهد من خلال عينيها صورة عما تراه في العالم الواسع. إنها الشابة الموهوبة والمليئة بالطاقة والحيوية هيا ياسمين، التي تنقلنا إلى عالمها وتحدثنا عن أفكارها وطموحاتها ومشاريعها المقبلة.

هل ظننت يوماً أنك ستخوضين غمار العمل التلفزيوني، وما الذي غيره هذا المجال في شخصيتك؟

عرفت دائماً أني سأكون في عالم الأضواء والإنتاج، سواء أكان تواجدي في مجال التمثيل على المسرح أو في الأفلام أو العمل في التلفزيون. كنت أقول لوالدتي خلال سنوات طفولتي أنني سأقبل أية وظيفة توفر لي الدخول إلى هذا العالم لأن هذا هو المكان الذي أجد فيه شغفي الحقيقي، وهو ما يجلب لي السعادة والراحة النفسية والإحساس بالإنجاز. كوني مذيعة على شاشة التلفزيون وقدرتي على السفر حول العالم لاكتشاف مختلف الدول والثقافات، جعلاني أكثر ثقة بنفسي وخولاني معرفة الناس بشكل أكبر وبالتالي منحاني القدرة على التطور والتقدم في علاقاتي وأفكاري، تعلمت في هذه السنين القليلة الفائتة الكثير عن شخصيتي وعن العالم، حيث توصلت إلى خلاصة مفادها أنه يمكن لأي شخص أن يكون سائحاً لكن اكتشاف متعة السفر وأهميته لا يعرفها كثر، لذا أقولها بكل ثقة: أنا رحّالة محبة للاكتشاف بامتياز.

هل يعوضك العمل الإعلامي الذي تمارسينه اليوم عن التمثيل الذي تعشقينه؟

لا يمكن للعمل الإعلامي أن يطغى على حبي الكبير للتمثيل، لكنني اليوم أعمل على مشاريع جديدة، وكلي حماس كي تخرج قريباً إلى النور ولا سيما أنها ستكون باللغة العربية. في المقابل أحب مجال التلفزيون لأنه يسمح لي بالسفر فأنا مقدمة ومنتجة فقرة تتعلق بالسفر لذا أستمتع بما أقوم به إذ يتسنى لي الترحال وهو أكثر ما أحب القيام به... باختصال فإن السفر من أجل لقمة العيش هو وظيفة لطالما حلمت بها وهي تتحقق لي حالياً.

ما الذي يعنيه لك الوقوف أمام الكاميرا وما هي الرسائل التي تطمحين لإيصالها عن المرأة العربية؟

الوقوف أمام الكاميرا والتواصل مع جمهور كبير مثل جمهور قناة MBC هو أمر ضخم أشعر بالامتنان له وآخذه على محمل الجد لأنني أعي حجم المسؤولية التي تقع على عاتقي، فقد كسبت هذه الفرصة بجدارتي وأسعى دائماً إلى الاستفادة من هذه المنصة بأفضل طريقة ممكنة.

دائماً ما أذكّر نفسي بالفتاة الصغيرة التي حلمت بهذه الحياة ذات مرة وها هي اليوم تعيش حلمها، لذا أقول لكل شابة صغيرة أو امرأة تتابعني أنها أيضاً قادرة، وأن أحلامها واقعية ويمكن أن تتحقق، حتى عندما يقول مجتمعها أو محيطها إن ما تصبو إليه مستحيل، عليها ببساطة أن لا تستمتع لهم بل تتبع الصوت الذي يهمس من داخلها بكلمة: نعم يمكنك ذلك، عليها فقط أن تؤمن بنفسها لتصل إلى كل ما ترغب فيه.

السفر جزء أساسي من حياتك، كيف بدأ حبك الكبير له؟

نظراً إلى كوني فلسطينية فقد مُنعت من السفر حتى سن 13 عاماً بسبب الاحتلال، لذا كنت أحلم دائماً أن أكون حرة، وتحقق لي هذا الأمر حين صرت بعمر 16 سنة حين قمت بأول رحلة فردية لي لمناسبة يوم ميلادي حيث سافرت لزيارة أخي، ومن هناك أدركت مدى إعجابي بتعلم الكثير عن الثقافات الجديدة ورؤية الأماكن البعيدة واكتشاف اللهجات واللغات. العالم الذي اعتدت عليه لمدة 13 عاماً توسع حينها وأردت أن يتوسع أكثر، لذا بدأت تقليداً مفاده أن أزور كل سنة في فترة احتفالي بيوم ميلادي مكاناً جديداً وهكذا كانت البداية التي أوصلتني إلى ما أنا عليه اليوم.

أحبّ رؤية كلّ دول العالم فأنا أتوق للتعرّف على أشخاص من مختلف الخلفيّات والثقافات

تطمحين إلى زيارة العالم بأسره فما هو دافعك، وما هي الوجهات المفضلة لديك ؟

أحب رؤية كل دول العالم، هذا بالتأكيد حلم أتمنى تحقيقه، فأنا أتوق للتعرف على أشخاص جدد من مختلف الخلفيات والثقافات كي أفهم أكثر عن واقعهم وأكتشف وجهات نظرهم وأفكارهم. نحن ننسى أحياناً مدى صغر حجمنا، والسفر هو الوسيلة الأفضل لتذكر ذلك. أريد أن أجعل العالم أقرب إلى كل منزل عربي لأسمح للناس برؤية ما أراه، فعلى الرغم من حجم عالمنا الكبير، نحن جميعاً متشابهون جداً من نواح كثيرة. وبرأيي هذا العالم سيكون مكاناً أفضل إذا احتفلنا باختلافاتنا بدلاً من الإشارة إليها وخلق حدود وحواجز بسببها.

لماذا قررت مشاركة تجاربك في السفر عبر وسائل التواصل؟ كيف ترين تفاعل الجمهور مع محتواك؟

في البداية، كان تركيزي بشكل أساسي على التلفزيون، لكن على مر السنين مع نمو قاعدة المشاهدين الخاصة بي، أدركت أنهم يريدون المزيد، وليس فقط ما يتم عرضه على الشاشة، فأنا أحب متابعيني وأقدرهم كثيراً، حيث أن الكثير منهم كانوا معي منذ حلقاتي الأولى واستمروا بدعمي حتى اليوم، لذا باتت مشاركة رحلتي الكاملة معهم أمراً مهماً لأن رؤية النتيجة النهائية فقط لا تكفي دائماً، لذا فأنا الآن أشارك كل ما يجري وراء الكواليس مع مقتطفات صغيرة من جلساتي مع الشخصيات التي ألتقي بها في الحياة اليومية. من هنا وجد المتابعون في حساباتي عبر إنستغرام وتيك توك HayaYasmeen منصة للترفيه والتعلم ومشاهدة الأماكن الجميلة حول العالم، فأنا أقدم معلومات مفيدة بحيث أساعد أي شخص محب للسفر في إيجاد وجهات جديدة ومميزة وأعرفه على ميزاتها وأجمل ما فيها.

ما هي وجهاتك المفضلة لفصل الصيف وأين ستحملك رحلتك المقبلة؟

أزور بلدي فلسطين في فصل الصيف كما أذهب إلى كالفورنيا لرؤية العائلة والأصدقاء، كما أني سأتوجه إلى أيرلندا حيث المساحات الخضراء الشاسعة والطقس اللطيف بعيداً عن الحر. وأنصح أي شخص يخطط للسفر هذا الصيف بوجهات منها البرتغال، إسبانيا، أندونيسيا، كينيا.

هل تخططين لرحلاتك بنفسك؟ حدثينا عن الحماس الذي يسبق كل رحلة وعما تركزين عليه لدى اكتشاف أي بلد جديد؟

نعم، فأنا أقوم بإنتاج وتقديم فقرتي التلفزيونية، هذا يعني أنه من اللحظة التي أقرر فيها الوجهة يبدأ التخطيط بالتعاون مع الجهات المختصة في الدولة التي سأزورها. إنه أمر مثير للغاية ومتجدد في كل مرة إذ يوجد متعة لديّ في العثور على الجواهر الخفية أو الأشياء التي يمكن رؤيتها والنشاطات المتاحة في هذا البلد والتي لا يعرف عنها الكثير من الناس. أحاول التطرق إلى القليل من كل شيء. لكن على سبيل المثال سأركز في رحلتي المقبلة إلى سويسرا على موضوع الاستدامة، لذلك سأقوم بالأنشطة التي تتعلق بالسفر المستدام وكيف يمكن السفر بوعي حول الاستدامة والاستمتاع بالرحلة في نفس الوقت.

في وقت اعتدنا على محتوى حالم ومثالي يتمحور حول السفر والرحلات على صفحتك، فاجأتِنا مؤخراً بمحتوى قاسٍ وحقيقي جداً عما يحصل في فلسطين المحتلة، حدثينا عن شجاعتك الاستثنائية في مواجهة العدو، وسبب رغبتك في مشاركة ما حصل معك مع العالم بأسره؟

وُلد حلمي في التمثيل والصحافة عند نقاط التفتيش حيث نشأت تحت الاحتلال، وكنت أرغب دائماً في إيجاد طريقة مختلفة لإيصال صوتي، لقد تربيت وحولي الكثير من الظلم وأردت أن يرانا العالم في صورة مختلفة، فنحن نحب الحياة ونريد أن نعيش بحرية. ما حدث لي في فلسطين يحدث للفلسطينيين كل يوم، إنها الوحشية والظلم اليومي الذي يعيشه الفلسطينيون كل يوم. وقد أردت مشاركته مع العالم والقول إنه يتم مهاجمتنا من دون أي سبب لمجرد أننا موجودون لكن القوة وكل القوة تأتي من كوني فلسطينية.

تعنيك قضايا البيئة فكيف تسعين إلى رفع الوعي حول أهميتها من خلال عملك الإعلامي ورحلاتك ؟

السفر بشكل مستدام مسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً، كذلك الحال بالنسبة لعيش حياة صديق للبيئة وأكثر استدامة، فنحن نتحمل مسؤولية أفعالنا ويجب أن ندرك مدى أهمية دورنا في إنقاذ كوكبنا. العيش المستدام والسياحة المستدامة هما شيئان رئيسان أتناولهما في فقرتي وأحاول تثقيف المشاهدين بشأنهما. لقد حان الوقت لذلك فإما الآن أو أبداً. إذ لاحظت في كل البلدان التي زرتها وخلال حديثي مع السكان المحليين تأكيدهم أنه "كان الصيف الأكثر سخونة" أو قولهم "لم تتساقط الثلوج بنفس القدر هذا العام"... بالتالي فإن الخطر حقيقي وقريب وعلينا الانتباه قبل فوات الأوان. 


 

 
العلامات: هيا ياسمين
شارك