كيفية التخلّي عن عقلية الدايت مع أخصائية التغذية ميرا عبد ربه
عادةً ما نفكّر بعد انقضاء موسم الاحتفالات بالدايت وبالحمية الغذائية التي ستساعدنا على خسارة الوزن الذي اكتسبناه مؤخراً. ولكن، ما نحتاج إليه في الواقع هو التخلّي عن هذه العقلية، والتفكير بدلاً من ذلك في كيفية إدخال العادات الغذائية المناسبة التي تجعل أسلوب حياتنا أسهل وأبسط وتضمن لنا الوزن الصحي بدون أي حرمان. فما هي أبرز النصائح والخطوات في هذا الإطار؟
مع بداية كل عام جديد، تكثر الأحاديث والإعلانات عن الحميات الغذائية التي تضمن خسارة الوزن بسرعة هائلة. وبما أنّ معظمنا استمتع بالفعل بالأطعمة والمأكولات خلال موسم الاحتفالات من دون أي حدود، نراها الفرصة المناسبة للحصول على الوزن المرجوّ. ولكن، ما نشدّد عليه مع أختصاصية التغذية ميرا عبد ربه هو ضرورة تبنّي البساطة في النظام الغذائي، أي التوقّف عن محاربة الجسم وحرمانه للتوصّل إلى رقم محدّد على الميزان، والاستماع في المقابل إلى احتياجات الجسم وتلبيتها والاعتماد على عادات غذائية سهلة ومرنة للحفاظ على الصحة وعلى اللياقة البدنية المناسبة.
التخلّص من التفكير في الدايت
في بداية كل عام جديد، تبدأ كل امرأة منّا التفكير في أي حمية غذائية ستتّبعها في الفترة القادمة، سواء حمية الكيتو أو الصيام المتقطّع أو غيرهما، وتبدأ بالتالي دوّامة عدّ السعرات الحرارية واحتساب حصص البروتينات والنشويات وما إلى ذلك... حتّى أنّ البعض منّا يخترن الحميات القاسية والديتوكس للتخلّص من الوزن المكتسب خلال فترة الاحتفالات. لذلك، من المهمّ أولاً وقبل كل شيء التخلّص من فكرة «الاحتفال ومن بعده الدايت»، إذ يدفعنا ذلك إلى تناول كميات متضاعفة. ثانياً، بدلاً من الدايت، لنفكّر في العادات والسلوكيات الغذائية الصحية وفي كيفية تغييرها بشكل تدريجي من دون حرمان الجسم أو إخضاعه لأي حمية، لا سيّما أنّ الدراسات أثبتت أنّ 95% من الأشخاص الذين يتّبعون حمية يسترجعون وزنهم السابق أو حتّى كيلوغرامات إضافية.
التركيز على الوزن الصحي
وبما أنّنا نلاحظ أنّ عالم التغذية يشهد مؤخراً اتّجاهاً نحو وقف المعركة بيننا وبين أجسامنا، لا بدّ من أن نعرف أنّ جسمنا هو المنزل الذي نعيش فيه طوال حياتنا، ويعني هذا أن نحافظ عليه وألّا نكون قاسيات في التعامل معه. وفي هذا الإطار، إليك الخطوات التي عليك القيام بها:
1. تحدّثي إلى جسمك وكأنّك تتحدّثين إلى شخص تحبّينه وتخافين عليه، فتتجنّبي القسوة معه.
2. للابتعاد عن عقلية الدايت، تخلّصي من أوراق الحميات ومن تطبيقات احتساب السعرات الحرارية.
3. ركّزي على احتياجات جسمك، أي على ما تشعرين برغبة في تناوله، وذلك لتلبّي احتياجاتك بالكامل.
4. حاولي تناول 3 وجبات يومية ثابتة، أي الفطور والغداء والعشاء، قبل أن تيدئي بالشعورً بالجوع، وذلك مع ضرورة التأكّد من الحصول على العناصر الغذائية جميعها من نشويات وبروتينات ودهون وألياف وغيرها.
5. احصلي على كميات مناسبة في كل وجبة، كي تتجنّبي الشراهة عند موعد الطعام.
6. لا تنسي أنّ عقلية الدايت تغرقك في دوّامة لا تنتهي، ولذلك اتّخذي خطوات تدريجية تجعلك متصالحة مع جسمك واحتياجاته.
تجنّب فخّ الإفراط في تناول الطعام
إنّ التحدّث عن المرونة في النظام الغذائي يخيف البعض، لا سيّما من حيث الإفراط في تناول الطعام. فما العمل في هذا الإطار؟ في الواقع، ثمّة خطوات يمكن اتّباعها 80% أو 90% من الوقت، بما أنّنا قد نعجز عن أن نكون مثاليات في الأوقات جميعها،
وهي الآتية:
1. ابحثي عن إشارات الجوع التي يعطيك إياها جسمك، مثل الألم الخفيف في المعدة أو فقدان الطاقة أو ضعف القدرة على التركيز أو حتّى آلام الرأس. ولكن، حاولي ألا تصلي إلى آلام الرأس، لأنّك تكونين بذلك قد بلغت الحد الأقصى من الجوع وهذا يدفعك إلى الأكل بعشوائية. ولذلك، حين تظهر هذه العلامات، يُنصح بتناول الطعام مباشرةً.
2. حاولي أن تتناولي وجباتك ببطء وبدون ملهيات، مثل التلفاز أو الهاتف، لأنّها تمنعنا من الانتباه إلى الكمية التي نتناولها.
3. اعلمي أنّ الشعور بثقل خفيف في المعدة يعني التوصّل إلى أولى مراحل الشبع، وفكّري في أخذ استراحة تسمح لك بتحديد إن كنت ترغبين فعلاً في إكمال طعامك أم لا.
4. في حال أحسست أنّك ترغبين في الحصول على أي من الوجبات الخفيفة، سواء الحلويات أو البطاطس أو غيرها، لا تقولي لنفسك إنّك ستأكلينها اليوم فقط وليس الغد، لأنّ ذلك سيدفعك إلى تناول المزيد.
5. اختاري رياضة تحبّينها، ليكون النشاط البدني بمثابة متعة وليس عقاب، سواء المشي أو اليوغا أو البيلاتس أو حمل الأوزان أو غيرها.
6. اشربي الكميات الكافية من الماء.
7. لا تفكّري في الوزن والميزان، لأنّ ذلك يزيد من توتّرك وازعاجك. ويعني هذا أن يكون هدفك الحفاظ على صحتك، من خلال التنويع في الغذاء أو إدخال المأكولات المفيدة التي لا تحبّينها عادةً عن طريق إعداد وجبات يمكن التفنّن فيها ومن ثمّ الاستمتاع بها.
8. عالجي مشكلة الأكل العاطفي إن كنت تعانين منها.
من واقع الحياة
لمى سلامة هي امرأة عادية مثل أي امرأة منّا، وقد اختارت أن تشاركنا في هذا العدد قصّتها مع الانتقال من دايت إلى آخر وكيف استطاعت التخلّص من أسلوب الحياة هذا لتعيش أسلوب حياة صحي من دون حرمان.
”أمضيت حياتي كلّها تقريباً وأنا أتنقلّ من دايت إلى آخر، أي أنّني دخلت دوّامة الحميات الغذائية التي لا تنتهي. كثيرة هي الأنواع التي جرّبتها، سواء بمفردي أو بمساعدة أختصاصيين، ولم يكن همّي الوحيد سوى خسارة الوزن بسبب تعليقات المجتمع والأشخاص المحيطين بي وبسبب الصورة النمطية المرسومة للفتاة أو المرأة عن شكل الجسم والوزن المثاليان. ونتيجة الالتزام بحمية ثم تناول الأكل بدون حدود، شهد جسمي الكثير من التغيّرات بين الوزن المنخفض تماماً والوزن المرتفع للغاية. ونظراً لهذه التغيّرات والتقلّبات، كنت أشعر بانزعاج متواصل وبأنّني لست جيّدة بما يكفي بما أنّني عاجزة عن الوصول إلى الوزن المثالي بعيون الآخرين. ولذلك، عمدت إلى تجويع نفسي وإلى التوقّف عن الطعام حتّى وصلت إلى المعاناة مع الأكل العاطفي، حيث شكّل الطعام ملاذي الوحيد للتخلّص من المشاعر السلبية الناتجة عن التعليقات المزعجة. وبالطبع، كانت المشاكل تزداد من ناحية العلاقة مع الطعام وحب الذات وتقبّل الجسم، ولم أكن أفكّر سوى بالأكل على مدار الساعة. وقد أثّر ذلك على سعادتي وعلى علاقتي مع الآخرين من حولي. ورسمت لنفسي صورة الفتاة التي لا تأكل سوى طعاماً صحياً، وتكتفي بالسلطات عند الخروج إلى المطاعم، فيما كنت في الواقع أتناول سرّاً خيارات أخرى. ولكن، في العام 2019، قرّرت إصلاح هذه العلاقة الغذائية المضطربة مع جسمي وأدركت أنّ مشكلتي ناتجة عن مشاعر سلبية أو كبت معيّن أعيش فيه. ولذلك، عالجت مشكلتي وتوصّلت إلى حلّ لا يُقدّر بثمن. ومنذ ذلك الوقت، لم أتّبع أي دايت على الإطلاق وأشعر بتقدّم يوماً بعد يوم. لا شكّ في أنّني واجهت صعوبة كبيرة من البداية، بخاصّة أنّني انتقلت من الحرمان وتأنيب الضمير المتواصل إلى الحرية الغذائية وإمكانية تناول أي شيء والاستجابة إلى إشارات الجسم. وها أنا مرتاحة مع نفسي ومع شكل جسمي، وقادرة على تناول الغذاء المتوازن بحسب حاجة جسمي. ولا بدّ لي أن أقول إنّ رحلتي الغذائية الطويلة هذه أوصلتي إلى أن أصبح لايف كوتش، وقد أخذت دورات متعدّدة في التغذية الحدسية والأكل العاطفي واضطرابات الأكل، وأعمل حالياً على مساعدة الآخرين على حب الذات وتقبّل الذات وتحسين العلاقة مع الجسم والالتزام بعادات غذائية سليمة”.
اقرئي أيضاً: خسارة الوزن بسرعة ليست الحلّ وإليك الخطوات البديلة الواجب اتّباعها