النحافة حين تصبح هوساً

لا شكّ أنّ النساء جميعهنّ يبحثن باستمرار عن رشاقة الجسم وعن كيفيّة الحفاظ عليها سواء من خلال النظام الغذائي أو ممارسة الرياضة أو حتّى بعض التعديلات على أسلوب الحياة. ولكن، في حالات كثيرة يتحوّل حبّ النحافة إلى هوس لا بل إلى مرض يؤثّر سلباً على المرأة وعلى صحّتها.

انتشار شائع
نلاحظ في الآونة الأخيرة أنّ النحافة باتت الشغل الشاغل لفتيات ونساء كثيرات، فوصلت إلى حدّ الهوس. فعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بات واضحاً أنّ تنحيف الجسم والحميات الهادفة إلى إنقاص الوزن أكثر من أساسيّة للجميع، حتّى أنّ المجموعات التي تنظّم برامج حميات وتتابعها من دون أساس علمي تزداد يوماً بعد آخر.

لماذا هذا الهوس الكبير؟
لا يلاحق هذا الهوس فئة كبيرة من الناس من دون أسباب وجيهة. ففي الواقع، لا بدّ من القول إنّ مواكبة مواقع التواصل الاجتماعي باستمرار والتعلّق الكبير بها يعدّان السبب الأبرز في هذا الإطار. فكثيرات من مواكبات الموضة والأزياء والجمال يتابعن عارضات الأزياء والممثّلات والفنّانات فلا يكتفين باستمداد الوحي من إطلالاتهنّ إنّما يتأثّرن تماماً بأجسامهنّ الرشيقة. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الإعلانات المنتشرة والتي تبغي الربح أي تلك المتعلّقة بحلول التنحيف السريعة سبباً لهذا الهوس، إذ تعد بنتائج سريعة وغير متوقّعة. 

رأي الخبراء
انطلاقاً من أهميّة الموضوع، لجأنا إلى السيّدة رولا فخري الطلافحه، وهي اختصاصيّة تغذية في مستشفى بارين الدولي في أبوظبي، لتعرّفنا أكثر على مشكلة النحافة وتطلعنا على مختلف الأمراض المرتبطة بها وعلى بعض النصائح والحلول المفيدة للعلاج.

ما هي النحافة؟
تعرّف اختصاصيّة التغذية النحافة على أنّها نقص الوزن عن المعدّل الطبيعي. ويتمّ تحديد هذا الأخير من خلال احتساب مؤشّر كتلة الجسم، وذلك بقسم وزن الجسم بالكيلوغرام على مربّع الطول بالمتر. فلو تراوح هذا المؤشّر بين 81 و52، يكون الوزن طبيعيّاً. أمّا في حال انخفض عن 81، فيكون الجسم قد دخل في مرحلة النحافة. 

ازدياد حدّة النحافة
تزداد أحياناً حدّة النحافة، فيظهر سوء التغذية وتقلّ كميّة الطعام التي يتمّ تناولها وتفقد الشهيّة. وفي هذه الحالة، قد ترتبط حدّة النحافة بمجموعة من العوامل المسبّبة لها. ونذكر في ما يأتي أبرزها:
- أمراض تسبّب نقص الوزن كأمراض الجهاز الهضمي التي تمنع امتصاص الغذاء بطريقة سليمة، مثل الإسهال الشديد والتقيّؤ المستمرّ
- التهابات الجهاز الهضمي، كذلك الناتج عن داء الكرون
- اضطرابات متعلّقة بالغدد الصمّاء، كفرط نشاط الغدّة الدرقيّة المسؤولة بشكل أساسي عن عمليّة التمثيل الغذائي والنموّ
- مرض السكّري
وفي هذا الإطار، لا بدّ من القول إنّ النحافة قد تنتج أيضاً عن العامل الوراثي.

نتائج متعدّدة
لا تعتقدي أنّ النحافة الشديدة تتوقّف عند الوزن الخفيف والمنخفض عن المعدّل الطبيعي. ففي الواقع، تتسبّب النحافة بعدد من المشكلات الصحيّة للجسم والذهن على حدّ سواء، ونذكر منها:
- ضعف جهاز المناعة بشكل عامّ
- تأخّر النموّ ونقص الطول عند المراهقين والأطفال (نتيجة عدم حصولهم على ما يكفي من الغذاء الضروري للنموّ السليم)
- تساقط الشعر
- تكسّر الأظافر
- الشعور بالبرد
- تأخّر الإنجاب

لماذا هذه النتائج؟
تشرح لنا السيّدة رولا أنّ هذه النتائج سببها نقص المعادن والفيتامينات الهامّة التي ترتبط بعمليّات الجسم الحيويّة، كالحديد والكالسيوم والفيتامين D، ما يؤدّي بالتالي إلى هشاشة العظام من دون أن ننسى التعب والإرهاق وفقدان القدرة على التركيز. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدّي افتقار الوجبات إلى مصدر دهون جيّدة إلى انخفاض مستوى الكوليسترول الجيّد في الدم ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

من هوس إلى مرض
قد تصل المرأة إلى حالة متقدّمة من هذا الهوس، فتصبح غير متقبّلة للطعام وتصاب بأمراض أبرزها اثنان:
- البوليميا (الشره العصبي - المرضي): اضطراب تتناول فيه المرأة بشراهة وسرعة كميّة كبيرة من الطعام ثمّ تطهّر معدتها بالتقيّؤ المتعمّد أو الأدوية المسهّلة أو حتّى التمارين الرياضيّة المفرطة للتخلّص من السعرات الحراريّة الإضافيّة.
- فقدان الشهيّة العصبي (Anorexia Nervosa): تعاني المرأة فيه من خوف مستمرّ من زيادة وزنها، فتقلّل كميّة الطعام التي تتناولها فتصبح نحيفة للغاية. وعادةً ما تعاني المراهقات من هذا المرض كما ويكثر لدى اللواتي يعانين من مشاكل نفسيّة. 

دور اختصاصيّي التغذية
يعدّ دور اختصاصيّي التغذية مهمّاً للغاية لعلاج النحافة، إذ يعتمدون على معلومات المريضة ويساعدونها على تخطّي مشكلتها من خلال برنامج غذائي متوازن. ومن أهمّ النصائح التي تساعد على زيادة الوزن وعلى العلاج السليم:
- تناول 5 أو 6 وجبات صغيرة في اليوم
- التركيز على الأطعمة المغذّية كالنشويّات والخضار والفاكهة وعلى مصادر الدهون الصحيّة
- زيادة السعرات الحراريّة تدريجيّاً
- عدم شرب الماء قبل الطعام لتفادي الامتلاء والشبع

اقرئي أيضاً: 5 اعتقادات خاطئة لا تساعدك على خسارة الوزن

 
شارك