ياسمين غيث تفتح قلبها تتحدّث عن المرض والعودة إلى الحياة والتمثيل والريادة في الأعمال
«ما يؤلمنا يجعلنا أقوى» عبارة تجزمها كثيرات عشن تجارب صعبة. إنّها صحيحة إنّما يترافق الألم مع الكثير من التّحديات والمصاعب فيكون الوقوف من جديد صعباً ويغيّر فينا عدداً من الأشياء التي نحاول أن نجعلها أفضل. ياسمين غيث شابّة مصرية رافقها الألم هذا لسنوات عدّة إذ تحدّت مرض سرطان الثدي وقرّرت أن تعيش وتتغلّب عليه لتستمتع بسنوات شباباها مع أسرتها الصغيرة. وفي ظل معركتها اختارت أن تنشر الوعي بين الناس وتطلّ عليهم من خلال مسلسل تلفزيوني لتلعب دوراً صعباً بقدر ما هو حقيقي وهو دور مريضة تخوض مختلف أنواع العلاجات لتنجو وإذ بالفعل يكتب لها النجاح... ثمّة الكثير لنكتشفه عن ياسمين في هذا اللقاء سواء الأم الحنونة أو سيّدة الأعمال الناجحة والمرأة صاحبة الإرادة الجبّارة.
في سن صغيرة خضت الكثير من التجارب الصعبة هل تعتبرين نفسك محظوظة واستفدت منها لصقل شخصيّتك أم العكس؟
لا لم أكن محظوظة على الإطلاق فالتجربة كانت صعبة جداً ولا أتمنى لأحد أن يمر بمراحلها. فأنا عانيت وما زلت أعاني بعض العوارض الجانبيّة للعلاجات إنّما ما مررت به هو ما جعلني ما أنا عليه اليوم. وبالتالي سواء أحببت ما حصل أم كرهته، غيّر فيّ الكثير من الصفات وقلب أفكاري وسأبقى ممتنة لما وصلت إليه اليوم من نضوج ووعي ومعرفة بأمور حياتيّة لم تكن تعنيني في السابق.
كيف اكتشفت إصابتك بسرطان الثدي وكيف تعاملت مع الخبر؟
حصل الأمر بالصدفة المحضة إذ كنت أغيّر ملابسي ولاحظت وجود كتلة، شعرت أنّ شيئاً سيئاً يلوّح في الأفق ولا أعرف ما الذي سبّب شعوري هذا فلم أخبر أحداً بالموضوع حتى والدتي وبقيت متوترة وخائفة وذهبت للطبيبة التي طلبت مني القيام بالمزيد من الفحوصات والصور لنعرف طبيعة الورم. وبالفعل بعد أيّام عرفت أنّ الكتلة خبيثة. كان انهياري تاماً فلم أصدّق الخبر إذ ليس في عائلتي أحد مصاب بهذا الداء. وقد كنت في سن التاسعة والعشرين من عمري أيّ صغيرة جداً وابني كذلك فهو يحتاجي في عامه الرابع.. صرت أفكر بالموت وكيف سينشأ ابني من دوني ولا سيّما أنّ أكثر التجارب التي سمعت عنها عن هذا المرض كانت تنتهي بالموت وأُصبت بإحباط شديد وحزن وكآبة.
ما الذي أعطاك القوّة للمواجهة إذاً؟ وكيف تعامل زوجك مع الأمر؟
كان الأمر صدمة بالنسبة إلى جميع أفراد عائلتي فكانوا خائفين مثلي تماماً ولكنّني في الفترة الأولى استمديت القوّة منهم إذ كانوا يشجعونني على تلقّي العلاج ويؤكدون لي أنّه سيكون أسهل في المرّة المقبلة.. وللأسف لا يكون أسهل أبداً إنّما مجرد تفكيرنا أنّها دقائق أو ساعات وستنتهي يسهل علينا تقبّل الأمر.. في النهاية ما تعلّمته أنّ دعم المحيط ضروري وأساسي ولكن القوّة الحقيقيّة يجب أن تنبع من داخلنا وأن نفكّر بما يبقينا أقوياء وبأهداف حياتنا وأن نناضل ونقرّر النجاح ولا نسمح للأفكار السلبية أن تغلبنا.
ما هو أصعب شعور عشته في تلك الفترة؟
خسارة شعري كانت صعبة جداً، فكنت أحبّه كثيراً وكنت معروفة بجماله. كذلك، فكرة الموت مخيفة ومحزنة لكنّني تمكّنت من السيطرة على أفكاري وتوجيهها في اتّجاهات أكثر إيجابيّة.. حصل ذلك بعد شهر تماماً من معرفتي بمرضي.. 30 يوماً قضيتها في السوداويّة، بعدها نهضت وقررت أنّني سأكون قويّة ونجحت.
كيف تلقيت خبر شفائك وما هو أوّل أمر قمت به بعد أن عرفت أنّك تخلّصت من المرض الخبيث؟
شعرت أنّني ولدت من جديد وبالفعل كان ذلك اليوم قريباً من نهار ميلادي وفاجأني أهلي وزوجي بحفل كبير ضمّ أصدقائي. وكنت كالطفل الصغير الذي يرى كل شيء من حوله جميل وجديد.
هل تخافين أن يعود السرطان مجدداً وهل تتابعين فحوصك الطبيّة؟
أعيش الحياة بسعادة وحب وقوّة وأتابع فحوصاتي الدوريّة وألتزم بما يطلبه منّي الأطباء فلا أعيش في خوف كما لا أُهمل ما حصل معي أو أنظر إليه باستخفاف فلديّ طفل صغير يحتاج أن أكون بقربه في كل مراحل حياته.
ما هي رسالتك للنساء اللواتي يخضن معركتهنّ الخاصّة ضدّ سرطان الثدي؟
الأمل والقوّة أساسيّان للانتصار في هذه المعركة الصعبة، وطلب المساعدة ضروري أيضاً. فأنا استفدت من مساعدة نفسيّة ولجأت إلى اللايف كوتشيغ للسيطرة على مسار أفكاري وتحويلها في اتجاه إيجابي. كذلك، احتجت إلى معالج أزواج كي لا أخسر زواجي فالرجل أيضاً يواجه صعوبات في فهم ما يحصل مع زوجته وقد شهدت علاقتي الزوجيّة الكثير من المشاكل لأنّنا كنّا نحن الاثنين في وضع صعب.. في النهاية ثمّة حل لكلّ مشكلة، إنّما يوجد أخصائيون قادرون على توجيهنا فلنستفد منهم.. وساعدتني مشاركة قصّتي وما يحصل معي طوال فترة علاجي على فيسبوك. فدعم من لا نعرفهم وتعاطفهم معنا جميل جداً ومشجع وشجّعني على تخطّي أيّامي الصعبة.
تحدّيت نفسك مرّة جديدة بعد أن تحسّنت حالتك وخسرت الوزن الزائد وتعيشين اليوم نمط حياة صحيّة من أين تستمدين القوّة والإرادة؟
لم أكن أعرف أنّ العلاجات التي تلقيتها تساهم في زيادة الوزن ولا سيّما العلاج الهرموني والكيماوي فصرت أزيد كل فترة كيلوغراماً. في البداية لم يزعجني الموضوع ولم يؤثر عليّ لأنّني كنت أستمتع بتناول الأطعمة الدسمة لأعوّض ما فاتني حين كنت مريضة وكان الطعام احتفالاً بالحياة الجديدة التي كتبت لي ولكن بعد فترة بدأت أشعر بالانزعاج فصرت أقرأ عن حالتي واكتشفت أنّ جسمي يتفاعل مع العلاجات واستمرت زيادة الوزن حتى بلغت عشرة كيلوغرامات.. حينها دخلت فعلاً في فترة كآبة شديدة ورأيت نفسي أمام خيارين: إمّا الاستسلام وخسارة صحّة جسمي ورشاقتي أو اتّخاذ قرار حقيقي بتخفيض وزني.. فقرأت عن النظام النباتي الذي يقوم على تناول كل شيء من الطبيعة وبدأت به تدريجيّاً فصرت أتخلّى في وجبة العشاء عن كل أنواع اللحوم وبعدها بات الموضوع أسهل. فبعد 21 يوماً يصبح أيّ أمر جديد عادةً واليوم استرجعت رشاقتي وأحسّ أيضاً أنّ صحتي بخير.
أنشأت عملك الخاصّ وها أنت تحلّقين به أخبرينا عنه؟
مشروعي بدأ منذ سنة بعد أن أحسست أنّني بحاجة إلى القيام بأمر يعبّر عني وأحقق من خلاله ذاتي.. قبل مرضي كنت معلّمة إنّما لم أرغب بالعودة إلى هذا المجال، فصرت أميل إلى الرسم أكثر وهي هواية لديّ منذ الطفولة وكانت معظم رسوماتي تتّخذ أشكالاً قريبة من المجوهرات أو الإكسسوارات ولذلك أسّست Y G Pieces لتصميم المجوهرات وأطلقت أوّل مجموعة بعنوان Scars استمديتها من تجربتي الصعبة مع السرطان وصوّرتها ولاقت نجاحاً حين ارتديت بعضاً من قطعها على السجادة الحمراء في مهرجان الجونة السينمائي خلال العام الفائت وكانت القطع من الذهب عيار 18 قيراطاً وتلّقيت أصداء الإيجابية عنها.
خضت تجربة التمثيل وكنت مريضة سرطان فما الذي عنَته لك هذه التجربة؟
أعتقد أنّ مرض السرطان كان السبب في دخولي مجال التمثيل رغم أنّ أجدادي معروفون جداً وعمالقة في المجال وهما عبدالله وحمدي غيث، ولكن لم أتخيّل نفسي أبداً ممثلة. ما حصل أنّه بعد أن بدأت أكتب قصّتي عبر السوشيل ميديا أرسل لي منتج مسلسل «حلاوة الدنيا» للنجمة هند صبري وقال إنّه يريد إبراز قصّة حقيقية تنقل رسالة إيجابيّة وهي قصّتي. وفعلاً منذ اللقاء الأوّل أعطوني الدور وأُعجبوا بأدائي مؤكّدين أنّ الشخصيّة تشبهي كثيراً. وكان من المفروض أن ينتهي دوري بمجرّد سفري، إنّما بعد أن حقّقت شخصيّتي نجاحاً وتعاطف معها الجمهور خلال عرض المسلسل، قرّر القيّمون عليه أنّه عليّ العودة لأكون مصدر الأمل ... فأعادوني في آخر المسلسل وطلبوا منّي كتابة أفكاري الخاصّة لأبعث رسالة إلى الناس تختصر تجربتي وقد أحدث مشهدي مع البطلة تأثيراً قويّاً في نهاية المسلسل وقد كانت تجربة جميلة جدّاً لا يمكن أن أنساها وأتمنّى أن يكون دوري قد ترك أثراً طيباً لدى كلّ من تابع العمل.
أين أنت من التمثيل اليوم؟ وما هو الدور الذي تحلمين به؟
قدّمت بعد «حلاوة الدنيا» مجموعة أعمال أبرزها دور «أمينة» امرأة شريرة وقاسية في مسلسل «رحيم»، وذلك لأنّوع ولا يراني الناس في أدوار محدّدة.. يُعرض عليّ بعض الأعمال لكنّني لا أجد ما هو جديد أو مختلف وأحياناً كنت أوافق على مشروع ما وفي اللحظة الأخيرة يؤجلّ أو يُلغى، إنّما أنتظر الفرصة المناسبة.. أحببت التمثيل كثيراً وأخذت دورات فيه لأحسّن أدائي.. أمّا الدور الذي أحلم به فهو كوميدي لأنّني شخص ساخر ومسلّ وهذا ما يعرفه عنّي أهلي ورفاقي المقرّبين، لذلك أحبّ ان أكتشف نفسي أكثر في هذا المجال.
في صورك وكلماتك عبر إنستغرام الكثير من القوّة فكيف يتفاعل معك متابعوك؟
أشارك الكثير من المواضيع المفيدة التي تهمّ عدداً كبيراً من النساء وأحياناً الرجال وأتفاعل بحبّ مع كل ما يأتيني من تعليقات. فهذه الوسائل قرّبتنا من بعضنا البعض وسمحت بالمزيد من تبادل المعلومات والاستفادة من خبراتنا... ولعلّ شابة أو سيّدة تقرأ ما أكتبه وتستفيد منه لتتخطّى محنتها أو تحصل على بارقة أمل ضرورية لتستعيد رغبتها بالحياة.
صرت رمزاً للقوّة والصمود فهل كنت تتوقّعين أن تملكي كل هذه الشجاعة؟
تضعنا الحياة في الكثير من الأوقات أمام تحديات غير متوقّعة ويجب أن نستجمع أنفسنا لكي نهزم الصعب ونستفيد من الفرص الجيّدة وهذا ما أحاول القيام به.
كيف طوّرت عملك خلال فترة كورونا وكيف تغيّرت حياتك ونمط عملك وعلاقاتك؟
قرّرت إطلاق خطّ جديد مختلف عن المجوهرات وهو عبارة عن أدوات مختلفة أستخدمها في الحياة اليوميّة خلال كورونا وتكون ضروريّة للمنزل أو السيّارة. كذلك، أطلقت عدداً من الأقنعة وابتكرت قطعة لإراحة الأذن خلال وضع القناع.. فكّرت بأغراض غير موجودة في مصر إنّما هي ضروريّة ومفيدة في هذا الوقت الاستثنائي وأطلقت مجموعة حملت اسم ygessences. كنت أعمل ليلاً ونهاراً في الفترة الفائتة وقمت بتوسيع فريق العمل وأحسست فعلاً أن ما أقوم به يرضيني ويُسعدني. إذ بدأت بمفردي ومن لا شيء واليوم أتوسّع فعلاً ولديّ موظّفون وأستقبل شركاء متحمسّين لأفكاري.
كيف وأين تنوين التوسّع وما هي المشاريع التي ترغبين في تحقيقها مستقبلاً ؟
هاجسي الوحيد اليوم هو التفكير في كيفية التوسّع في شركتي وكيفيّة تحسين القطع والتغليف والارتقاء بالنوعيّة، فأسعى إلى تطبيق أفكاري الجديدة وأبحث عن أفضل الطرق لتنفيذها. كذلك، أطمح إلى تطوير خطّ المجوهرات.. وأحلم بأن يكون لديّ أكثر من خطّ واحد من دون أن يكون محدوداً في نطاق المجوهرات أو الإكسسوارات، فلا حدود لطموحي.. وأرغب أيضاً أن يكون لدي فروع ومتاجر في مصر وخارجها، وتكون كل سلعي جديدة وجميلة ومفيدة للناس.
اقرئي أيضاً: لأول مرّة: هيفاء وهبي وجه إعلاني لمجموعة عدسات ملونة