هيفاء بسيسو: القضيّة أكثر من استعمار الأرض

كشخصيّات فلسطينيّات كثيرات، خصّصت المؤثّرة واليوتيوبر هيفاء بسيسو حسابها Flywithhaifa على إنستغرام لترفع الصوت عالياً بشأن قضية بلادها وتسلّط الضوء على نضال شعب يعاني منذ زمن طويل. وقد كان لنا حديث مؤثّر معها بعد كلّ ما واجهته فلسطين في الفترة الأخيرة.

ماذا تعني لك فلسطين وكيف تستطيعين وصفها؟

تمثّل فلسطين بالنسبة إليّ قصّة شعب عميقة وحسّاسة للغاية... صحيح أنّني لا أعيش فيها، غير أنّها هي تعيش في داخلي وألفّ بها العالم أينما ذهبت. وكلّما التقيت أشخاصاً جدد، أحرص تماماً على أن أذكر لهم جذوري الفلسطينيّة وأروي لهم حكاية هذه البلاد. فقصّة بلدنا هي الحقيبة التي نحملها نحن المغتربون معنا أينما كنّا في أيّ بقعة من العالم. ولا بدّ من أن أقول إنّ القصّة الفلسطينيّة تعكس القضايا الإنسانيّة أيّ كيف يتفاعل كلّ طرف من الأطراف مع الأمور الحاصلة وكيف تتغلّب المصالح والتجارة على حقوق الإنسان... هي قصّة يطول ويطول الحديث عنها!

ماذا تقولين عن المعاناة الأخيرة التي رزحت فلسطين تحتها؟

في ما يتعلّق بالمعاناة الأخيرة التي رزحت فلسطين تحتها، أقول إنّها سيف ذو حدّين أيّ إنّها تعكس تأثيرين متناقضين، الأوّل جيّد والثاني سيّء. بالتحدّث أوّلاً عن الجانب السيء، فلا يُخفى عن أحد معاناة الناس على أرض فلسطين بخاصّة أنّ الأمر يتخطّى ما نراه فقط عبر الشاشات. فالمعاناة هذه تنعكس في الذلّ اليومي، وفي صعوبة ارتياد الطلّاب للجامعات والوصول إلى كليّاتهم بسبب التوقّف عند معابر متعدّدة، وفي انتشار الجنود في كلّ زاوية ومكان، وفي إمكانيّة إلقاء القبض عليك في أيّ وقت. ولا بدّ لي أن أقول إنّ الاستعمار لا يطال الأرض فقط، بل استعمال جوازات السفر وحتّى استعمار الحبّ، فلو أحبّ اثنان بعضهما، لا يكون زواجهما سهلًا. فقد يحبّ شابّ فتاة، إنّما يتمّ رفضه بسبب جواز سفره «الضعيف» أو بسبب عدم تمكّنه من شغل وظيفة جيّدة نظراً إلى جواز السفر الذي يحمله.

أمّا الجانب أو التأثير الجيّد، فهو انتشار ما يحدث في فلسطين واطّلاع الجميع على الأحداث السائدة فيها. ومع ازدياد الوعي بشأن هذه القضّية، شعر الشباب والشعب الفلسطيني بشكل عام بقوّته حين يكون متّحداً.

كيف تستغلّين حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي لترفعي الصوت وتسلّطي الضوء على هذه القضية؟

للإجابة إلى سؤالك هذا، لا بدّ لي أن أقول إنّني خصّصت حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة لمشاركة أو تسليط الضوء على قصص الناس وأعمالهم ومبادراتهم. ولم يكن سهلاً عليّ إعداد محتوى خاصّ بي كما جرت العادة على صفحاتي، لأنّني كنت متأثّرة للغاية بكلّ ما يحدث، بخاصّة أنّني من غزّة ولم أستطع تحمّل ما كانت بلادي تعانيه. وقد لاحظت حتّى أنّ مشاعري وأحاسيسي تنعكس على كلّ ما أقوم به. لذلك، خصّصت حساباتي لأشارك قصص الفلسطينيّين قدر الإمكان، لا سيّما أنّ عدداً كبيراً من متابعيّ هم من الغرب وأنّ أسماء كبيرة وهامّة تتابعني أيضاً، وما كان عليّ سوى أن ألفت انتباههم إلى الأحداث التي تواجه فلسطين.

كيف تؤدّي مواقع التواصل الاجتماعي دورها حاليّاً في عرض الصورة الحقيقيّة لما يحدث في فلسطين؟

في الواقع، تؤدّي مواقع التواصل الاجتماعي دوراً جوهريّاً في هذا الإطار، لأنّها تتيح للجميع الحرّية التامّة لرفع الصوت والتعبير عن كلّ ما يختلجهم. وحتّى لو حاول موقع إنستغرام والمنصّات الإلكترونيّة الأخرى فرض الحظر على ما ننشره، لا بدّ من أن نكون أذكياء في كيفيّة عرض قصصنا وتشاركها مع بعضنا لتصل إلى الجميع في مختلف أنحاء العالم. وهذا بالفعل أمر أساسي، لا بدّ لنا أن نخبر قصصنا وذلك بعيداً عن الاستعمار الفكري واستعمار قصصنا وحكاياتنا. وبدلاً من إنفاق استثمارات وأموال هائلة لتمويل فعاليات وعروض الألعاب النارية، لا بدّ من تمويل المفكّرين والمبدعين والمبتكرين وصنّاع الأفلام ليخبروا ويعرضوا حقيقة قصصنا. ولن نكون في الطليعة ما لم نتوجّه في هذا المسار، بل سنبقى ضعفاء! 


 

 
شارك