لطيفة بن حيدر: البدايات تكون مخيفة ولكن مع الخطوات الأولى سيتضح الطريق للنجاح

في صوتها وأسلوبها وأدواتها الكلامية قدرة كبيرة على التأثير والإقناع، وهذا الأمر يعود بالدرجة الأولى إلى ثقافتها العالية ومعرفتها بالمجالات التي تتحدث عنها. إنها رائدة الأعمال الإماراتية الشابة لطيفة بن حيدر التي أطلقت منصة وشركة "بيتك" لتمكين النساء الإماراتيات من الاستثمار في المجال العقاري. وقد التقيناها لنتعرف أكثر على أفكارها ورؤيتها وأهدافها المستقبلية.

يوجد الكثير من الشابات في سنك، ربما أكبر أو أصغر قليلاً، واللواتي لا زلن يبحثن عن أنفسهن أو لنقل لم يجدن بعد أهدافهن المهنية أو الشخصية. كيف عرفت ما تريدين وحددت طريقك للوصول إليه في سن صغيرة؟

يحتاج كل شخص إلى مصادر إلهام في حياته لكي ينشأ بثبات نفسي ويتمكن من اكتشاف أهدافه ووضع خطة لتنفيذها، وقد كان والداي بوصلتي الثابتة، فأمي هي أول شخص يستمع لأفكاري ويشجعني وقد ربتني ان لا أستسلم لمخاوفي بل أسعى وأحاول، ووالدي إنسان عمل بجهد وتفان لكي يؤسس نفسه وينجح، وقد عرفت أني أريد السير على خطاه وأنطلق بشركتي الخاصة. البداية كانت بتحديد الهدف أو الوجهة وبعدها احتجت إلى تحديد الخطوات ومعرفة الأشخاص أو الجهات القادرة على مساعدتي للوصول، وكنت أدرك أن الخطة يمكن أن تفشل وسيكون عليّ البحث عن مخارج أخرى وإعادة المحاولة مراراً وتكراراً. نقاط قوتي أني منفتحة على احتمالات التغيير فالإخفاق لا يثنيني عن الاستمرار بل يكون درساً تعلمته لكي أقف وأكون أقوى وأكثر إصراراً.

ما هي نصيحتك لكل صبية لا تجد شغفها وتشعر بأنها غير منتجة أو تراوح مكانها؟

الوردة لا تستطيع أن تتفتح من دون شمس ومياه وتربة مناسبة لها، وبالنسبة لكثيرات يكن مثل الوردة، أي أنهن لا يتواجدن في البيئة المناسبة لهن، لأن محيطهن محدود بالتالي فإن إيجاد الأحلام والأهداف سيكون محدوداً، فإذا تواجدت فكرة لم أسمع بها أو أعرفها كيف سأدرك أنها المجال الذي أحبه؟ لذا أنصح الشابات بالخروج من منطقة الراحة والبحث عن دورات أو ندوات أو أي برامج تدريبية وورش عمل تساعدهن لاكتشاف شغفهن، بهذه الطريقة سيكن قادرات على التخطيط لخطواتهن المقبلة واكتشاف المعوقات التي تمتعهن من الانطلاق. أنصح أيضاً باتباع حياة صحية والحصول على نوم كاف وتثقيف الذات ومعرفة نقاط القوة، وهذا الأمر يتطلب وقتاً وجهداً ولكنه طريق سيوصلك إلى اكتشاف ذاتك وحقيقتك وامتلاك الثقة الكافية بنفسك.

ما الذي جذبك إلى مجال إدارة الأعمال والشؤون المالية، وكيف ساعدتك دراستك في فهم السوق واحتياجات المجتمع الإماراتي؟

درست في الجامعة الأميركية في الشارقة في تخصص إدارة الأعمال والإدارة المالية، وعام 2018 بدأت في ريادة الأعمال وكنت لا أزال طالبة جامعية، والسبب كما قلت سابقاً أني كنت أبحث عن محاضرات وندوات لأحضرها علني أكتشف ذاتي، وحينها عرفت أن شغفي يشدني نحو الريادة الاجتماعية، لذا أؤكد أن التعليم هو حجر الأثاث لأن بدون المعرفة لن تملكي النظرة الصحيحة لتطبيق الأفكار، وأفكاري تدفعني نحو تقديم ما يخدم مجتمعي، لذا أردت توجيه الأفراد نحو استخدام الموارد حولهم بطريقة صحيحة للوصول إلى حياة مستدامة وكريمة. انطلقت في ثلاثة مشاريع: الأول هو بيتك والهدف منه هو إنشاء جيل من النساء اللواتي يملكن الخبرة في الاستثمار العقاري والثقافة المالية لتحقيق الاستقلال المادي، ما يؤدي إلى ارتفاع عدد المستثمرات الإماراتيات وإنعاش الاقتصاد، المشروع الثاني هو تصميم برامج تعليمية من خلال أكاديمية بيتك لمساعدة الأفراد على مواكبة العصر، والمشروع الثالث هو نشر التوعية بالصحة النفسية من خلال منصة مختصة بهذا المجال وتحمل اسم Mental Health AE.

حدثينا عن فكرة منصة "بيتك"، كيف حولت الفكرة إلى حقيقة، وانطلقت في مشروع صغير، بات اليوم من أهم المشاريع الشبابية النسائية في الإمارات؟

خلال سنتي الجامعية الأخيرة كنت أشارك في برنامج تدريبي لريادة الأعمال وفي أحد المحاضرات كان الموضوع حول رخصة التمويل الجماعي للاستثمارات العقارية، فتذكرت نصيحة جدتي التي لطالما طالتني بشراء أرض أو بيت بالأموال الفائضة عن عيديتي، هكذا فكرت بـ"بيتك" وتحدثت مع مئات النساء من مختلف الأعمار والخلفيات لأستمع إلى آرائهن في هذا المجال، لأفهم احتياجاتهن ومخاوفهن، وبعد عامين من الأبحاث والفوز في عدة مسابقات ريادة أعمال، باتت "بيتك" شركة مسجلة في مركز دبي المالي العالمي ومرخصة ومنظمة من سلطة دبي للخدمات المالية، وواحدة من 3 شركات في الدولة فقط لديها هذه الرخصة، تهدف إلى تمكين المرأة الإماراتية من القيام باستثمارات صغيرة في العقارات ابتداء من 5 آلاف درهم، بعدها أنشأت أكاديمية "بيتك" لتعزيز مفاهيم الثقافة المالية لدى الجمهور. واجهت الكثير من الصعوبات، ففكرة "بيتك" عمرها عامان ولكن الإنطلاق الحقيقي حصل قبل شهرين تقريباً، كنت أظن أن خططي ستنفذ بسهولة ويسر ولكن كل خطوة احتاجت إلى وقت طويل ومجهود مضاعف من الحصول على رخصة إلى إيجاد الموظفين الأكفاء، ولكني لم أستسلم أبداً للحظات تردد أو ضعف لأن رؤيتي واضحة وقد امتلكت القابلية لتعديل الخطط للوصول للهدف.

كيف روجت للمشروع وكيف رصدت ردود الأفعال النسائية حوله؟

"بيتك" تشبه نظام الجمعية ولكنها تهدف إلى تحقيق الأرباح، مع وجود قواعد وقوانين صارمة لأن الأموال تتعلق باستثمارات خارجية، وقد استنتجت من خلال لقاءاتي بالنساء أنهن مهتمات بالاستثمار بالعقار ولكن لديهن مخاوف تعود إلى قلة الخبرة ونقص الأموال والانشغالات عن متابعة إجراءات شراء العقار أو الاستثمار به، كما أن هناك نقص في أعداد النساء المهتمات بالمجال العقاري فهو بنظر كثيرات مخصص للرجال، لذا بدأت بتشجيع الشابات على الاستثمار بالعقارات من خلال شرح الخطوات أمامهن ببساطة، مع مدهن بكل التقارير والحسابات والمعلومات اللازمة لكي يقتنعن بالعقار ويتجرأن على الاستثمار، ونحن لدينا فريق يدير هذه الاستثمارات، كما أننا في صدد إدراج عقارنا الأول على المنصة، لذا أشجع أي صبية أن تتعرف على هذا المجال وتستثمر به. نحن نعمل نيابة عن المستثمرة، نبحث عن فرص استثمار عقاري ونعرضها أمام النساء مع وضع ميزانية لتعرف حدود المبلغ الذي يمكن المشاركة به، وحين تتم العملية عن طريق التحويل البنكي، نتابع الإجراءات ونأخذ نسبة من الأرباح ونعطي الفئة الأكبر للمستثمرة.

ما هي الفوائد المترتبة عن استثمار المرأة في المجال العقاري؟

مدة الاستثمار من 3 إلى 5 سنوات لأنها الفترة المتوقعة لارتفاع أسعار العقارات، فلنقل مثلاً أنك تملكين 10% من العقار، ستحصلين على عوائد تأجيره خلال هذه السنوات، وبعدها يمكن بيعه والحصول على مبلغ أكبر، هذا الاستثمار يعد قصير المدى وبالتالي سيشجع النساء على معاودة الاستثمار في أكثر من عقار.

حدثينا عن أسباب اهتمامك بالصحة النفسية، وكيفية دخولك كشريكة مؤسسة في منصة Mental Health AE؟

هذه المنصة هي أول مشروع لي كرائدة أعمال، بدأت بها مع زميلي لرفع الوعي حول أهمية الصحة النفسية، للحد من النظر إلى الاضطرابات النفسية وكأنها وصمة عار، بدأنا بمشاركة الموارد والمعلومات لتلبية احتياجات المجتمع الإماراتي حول هذه المواضيع، ورصدنا ترحيباً بها لذا صرنا ننظم ندوات مختلفة لزيادة التوعية حول مختلف أنواع المشاكل النفسية، ولدينا حوالى 1200 شخص هم أعضاء دائمون معنا وأكثر من 8 آلاف متابع حيوي عبر إنستغرام.

ما هي النصائح التي توجهينها للشابات الراغبات بدخول مجال ريادة الأعمال؟

من منطلق تجربتي أقول إن البدايات تكون مخيفة لأننا نفتقد الجرأة والخبرة والشجاعة للبدء، ولكن تذكري أن كل تجربة فاشلة هي درس للتعلم ولإثراء تجاربك ولامتلاك الثقة لتحقيق أحلامك. العنصر الأهم هو التخطيط والتأني والسير خطوة بخطوة وتعديل المسار في حال فشل المحاولة الأولى أو الثانية.

اقرئي المزيد: أسماء هلال لوتاه: المطلوب للنجاح في ريادة الأعمال هو فكرة جديدة وشغف كبير لإنجاحها

 
شارك