كريستال بشارة: عملي في NFT يمهّد الطريق للفنانات الراغبات بدخول العالم الرقمي بإبداعاتهنّ الخاصة
المشاعر هي ما يحرّكنا، وما يجعل للحياة معنى وقيمة، والفنانون من حولنا هم القادرون على تحريك مختلف انواع المشاعر، وبث الروح في الجماد، سواء على ورقة وباستخدام مختلف أنواع التلوين، أو على أي مساحة اختاروها ليعكسوا عبرها أفكارهم مستخدمين وسائط وأدوات مختلفة، أو من خلال طين أو قماش أو أي غرض مادي يساعدهم في إيصال رسائلهم.
نرصد الفن في كل مكان من حولنا: جدارية على شارع، رسم على حائط مدرسة، لوحة منزلية وسط غرفة معيشة، رقصة تعبيرية تمر بنا أثناء تصفح وسائل التواصل وتستوقف أحاسيسنا لوهلة من الزمن... نتلقّى رسائل تغير مسار يومنا أو أفكارنا من دون أن ندري، تدفعنا للحلم ربما أو للتفكير بإمكانية التغيير، أو للغوص أكثر في دواخلنا واكتشاف نواح مجهولة من أعماقنا...
ببساطة، الفن كان ولا يزال باب عبور نحو عوالم الآخر والارتقاء بالنفس والذوق والفكر والمشاعر.
واليوم يتغير شكل الفنون بسرعة كبيرة، فنسمع ونرى تجليات الفن الرقمي ونرصد دخول TFN مختلف أنواع الفنون، فما الذي سيحمله المستقبل يا ترى، هل يخدم TFN انتشار الفن ويسهّل عمل الفنانين ويدعم رغبتهم في مشاركة افكارهم على نطاق اوسع أو يطمس معالم الفن التقليدي وخصوصية كل قطعة فنية وجمالية الاستمتاع بشكل وفرادة مختلف الفنون عن قرب... اسئلة طرحناها على أربع فنانات عربيات اخترن تجربة TFN، فكيف يرين مستقبل الفنون من خلالها؟
مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنت الفنانات في العالم العربي من تحقيق متابعة أكبر من دون المرور عبر القنوات التقليدية من معارض فنية ومنشورات ووكلاء أو وسطاء لإدراكها أهمية الفن الرقمي مستقبلاً، تسعى الفنانة المخضرمة كريستال بشارة إلى تمكين الفنانات الشابات حولها لتشجيعهنّ على دخول عالم NFT، ولكونها أول فنانة عربية في الشرق الأوسط تُنشئ سلسلة لوحات فنية رمزية NFT، تحدثنا معها عن تجربتها في هذا المجال وعن رؤيتها الفنية الخاصة.
كيف بدأ اهتمامكِ بالفنون؟ ما الذي تركزين على نشره من خلال عملكِ الفنّي المتفرّد؟
لقد تعرفت على الفن في سن مبكرة جداً من حياتي، حيث كان والدي الراحل فناناً سرّياليًا ونحّاتًا. لذا نشأت وأنا محاطة بالفنون وحصلت دائماً على التشجيع للتعبير عن نفسي عبرها، وطرح الأسئلة حولها لاكتشاف دوافعي وأهدافي الإبداعية، على مدى سنوات حياتي.
أما انتقالي من هاوية إلى فنانة محترفة فحصل منذ حوالي 15 عاماً عندما انتقلت إلى دبي، حيث تسنّى لي قضاء الوقت في تطوير أسلوبي الخاص، انطلاقاً من تعليمي وخلفيتي المهنية وثقافتي. رأيت أسلوبي يتطور بشكل أكبر عندما قررت الجمع بين حبّي للأقمشة وأنماط الرسوم المختلفة في عمل فني واحد ديناميكي وملون، يمكنه التعبير عن مجموعة واسعة من المشاعر الإنسانية ونقلها، خاصة الحب والفرح، وهكذا تميزت وخلقت بصمتي.
كيف تصفين رؤيتكِ الفنية وما هي الوسائط المفضلة لديكِ للتعبير والإبداع؟
كنت أرغب دائماً في الوصول إلى أسلوب خاص يمكنني التعبير عن نفسي من خلاله، إذ أردت إيجاد بصمتي التي لا تشبه غيرها. كانت الفكرة بأكملها هي الحصول على صور ظلية باللون الأسود والأبيض والرمادي مع أنماط ديناميكية وألوان معبرة لتصوير مجموعة واسعة من المشاعر، مع التركيز بشكل أساسي على الفرح والحرية. كما ارتكز أسلوبي على رغبتي في الجمع بين الفكرة الكلاسيكية للرسم واستخدام خطوط الوسائط المختلطة الحديثة لتشكيل لوحات متعددة الطبقات. أردت أن يكون عملي معقداً في بساطته وأن يجسد الحب الذي لدي للإبداع والفن.
كيف تجدين مصادرللأفكار الجديدة؟
الإلهام أمر رائع وفاتن وأنا أحبه كثيراً في عملي. أستلهم من تفاعلاتي اليومية مع العالم والطبيعة، أحب الفن الكلاسيكي وأقضي وقتاً طويلاً في البحث عن الفنانين القدامى ولا أفوّت فرص الذهاب إلى المعارض الفنيّة والمتاحف عندما تكون هناك إمكانية للسفر. وعلى الرغم من أنني أفعل هذا من أجل المتعة والاستمتاع، إلا أنه يؤثر بشكل غير مباشر علي وعلى أعمالي الفنية.
حدثينا عن عملية إنتاج مشروع فنّي جديد وعن المشاعر التي تولّدها فيك؟
أشعر بالقوة والرضا بشكل لا يصدّق لأن كل عمل فنّي أكمله يبدو وكأنه مجسّم مادي وملموس يعكس المشاعر الإبداعية التي اعترتني. يتطلب الفن الذي أنتجه قدراً كبيراً من الوقت والتركيز، لذلك عندما أكمل عملاً فنياً أشعر أنني بت قادرة على الاسترخاء والاستمتاع قليلاً ... قبل أن أجد إلهاماً جديداً لأبدأ العمل على قطعة جديدة.
ما رأيكِ بالمشهد الثقافي الأنثوي في العالم العربي اليوم وهل هناك فرص تضمن المزيد من الانتشار العالمي؟
مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنت الفنانات في العالم العربي من تحقيق متابعة أكبر من دون المرور عبر القنوات التقليدية من معارض فنية ومنشورات ووكلاء أو وسطاء. وقد أتاح ذلك قدراً أكبر من الاستقلالية لممارسة المهنة بحريّة حيث تخطينا العوائق التقليدية التي منعتنا من الوصول إلى الشهرة والعالمية. لذا أرى أنّه من الضروري أن تتجه المزيد من الفنانات إلى NFT وعالم الفن الرقمي، حيث تسمح تقنية NFT بمشاهدة الأعمال من قبل هواة جمع التحف في جميع أنحاء العالم وتساعد على توسيع نطاق التعرف على المواهب لتوسع شبكة معارفها. لقد استفدت من هذا بنفسي، حيث قمت ببيع NFTs لهواة الجمع الذين ربما لم يكتشفوا عملي قبل ذلك، وأتلقى حالياً استفسارات حول فني من الجهات المهتمة في جميع أنحاء العالم.
لقد أصبحتِ أول فنانة عربية تبيع فنها عبر TFN. ماذا تخبرينا عن ذلك؟ ما المعلومات التي احتجت إلى معرفتها قبل اتخاذ هذه الخطوة؟
بقدر فخري بهذا الإنجاز، فقد كان عملاً يتطلب الكثير من البحث والمخاطرة، فلم يكن من السهل الالتزام بإنتاج سلسلتي الأولى من أعمال NFT الفنية. أعتقد أنّ عملي في الـNFT يمهد الطريق للفنانات العربيات الأخريات اللواتي يرغبن في دخول العالم الرقمي بإبداعاتهن الخاصة، والسباق الحقيقي بالنسبة لي هو مدى السرعة التي يمكننا فيها حث المزيد من الفنانين والفنانات وجامعي التحف على اعتماد هذه التكنولوجيا. لطالما كان تمكين المرأة على رأس قائمة أولوياتي، وآمل أن نشهد في المستقبل القريب المزيد من أعمال NFT الفنية التي يتم إنتاجها وبيعها من قبل فنانين في هذه المنطقة وآخرين تقليديين قرروا تبني التكنولوجيا للاستمرار في عملهم وإبداعاتهم.
ما هي أهمية الفن الرقمي اليوم، وكيف ترين تجارب الفنانين العرب فيه؟
قطع الفن الرقمي شوطاً طويلاً ليتم اعتباره شكلاً فنياً شرعياً من قبل عامة الناس ونقاد الفن والفنانين. لقد شاركت في العديد من المناقشات حيث كان عليّ الدفاع عن فعالية وأهمية الفن الرقمي وكيف أنه يحمل نفس القيمة الفنية مثل الفن التقليدي والحرفي. برأيي فقد جذب NFT لسوق الفن عامةً والفن الرقمي خاصةً، اهتماماً من جماهير جديدة لم تكن تهتم بالفن التقليدي في السابق، وهذا أمر صحي ومفيد في تحسين المشهد الفني في عالمنا اليوم.
لا يزال سوق الفن الرقمي في طور النمو والتطور عربياً، مع زيادة إمكانية الوصول الرقمي التي تعمل كمحفّز في دفع محبي الفن إلى الاتصال عبر الإنترنت لشراء أعمالهم الفنية. ونظراً لأنّ كل شيء أصبح متاحاً بشكل أكبر أمام الجميع، فإن السوق يعدّل نفسه ليشمل المستثمرين بميزانيات متفاوتة. وقد نتج عن ذلك تواجد مجموعة من نقاط بيع الفن الرقمي حيث يتمكن الناس من شراء أعمال من الفنانين الناشئين في العالم العربي بأسعار معقولة، ما يعني تحسّن الذائقة الفنية على المدى البعيد، وإتاحة الفنون لفئات أكبر من الجماهير.
يعتقد معظم الناس أنّ التكنولوجيا التي تدخل مجال الفن من خلال Metaverse و الـNFTs يمكن أن تعني فقدان خصائص الفنون الحسية، إذ لن يتمكن الأشخاص من زيارة المعارض ومشاهدة الأعمال الفنية عن قرب وعيش تجربة الخروج من المنزل للاستمتاع بفكر فنان معين وطرق التعبير عنه. فما رأيكِ بهذا الرأي؟
أحب أن أعتقد أن جميع الأدوات الرقمية الجديدة التي تدخل مجال الفن تسير جنباً إلى جنب مع الأساليب الفنية التقليدية، حيث يساعد كلاهما الفنانين على إيصال إبداعاتهم وإن بطرق مختلفة. هذه وسائط تتعايش معاً وليست بالضرورة بدائل لبعضها البعض. برأيي فقد قطع الفن الرقمي شوطاً طويلاً ليتم اعتباره شكلاً فنياً شرعياً من قبل الجميع.
كيف ستغير TFN عادات الجمهور المهتم بالفن؟ ما هي برأيكِ فرص نمو الصناعات الإبداعية في عالمنا العربي من خلاله؟
سيغير بالتأكيد المشهد في سوق الفن كما وستختلف التجارب الفنية. لذا من المهم أن يستمر الفنانون في العالم العربي في تعلم وفهم جميع التقنيات الجديدة التي يتم تطويرها، والتركيز على ابتكار طرق إبداعية لدمج كل هذه الأدوات الرقمية للترويج لعملهم وابتكار أنماط فنية جديدة.
كيف يمكن التحكم في هذه المساحة الافتراضية؟ كيف يمكن الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية وحماية خصوصية المستهلك وسرية بياناته؟
تعالج NFTs بشكل مباشر مخاوف الحقوق الأصلية لدى المشترين وجامعي الفنون عندما يتعلق الأمر بالحصول على الفن الرقمي. إذ يتم إنتاج القطع الفنية بمساعدة تقنية blockchain، والتي توفر تماماً مثل Bitcoin، سجلاً آمناً للمعاملات. يساعد هذا في الحفاظ على إثبات لا جدال فيه للملكية والمصدر، ما يضمن إمكانية التعرف على الأعمال الفنية الأصلية ومالكيها. يمكن اعتبار NFTs بمثابة توقيعات افتراضية تساعد في ضمان قيمة الفن الرقمي بغض النظر عن عدد مرات إعادة إنتاجه.
اقرئي المزيد: علا عابد: أعمالي في التصميم تعكس خبرتي وتحمل هوية خاصة