شهد النخلاوي: أرغب في إحداث تأثير يتردد صداه بعيداً

جذابة بشكل كبير، ففي ملامحها العربية البارزة شيء من الجمال اللافت الذي لا يمكن للعين أن تفوّته، هي عارضة الأزياء الشابة شهد النخلاوي التي تتألق منذ فترة قريبة في هذا المجال الواسع، وقد تمكّنت من التعامل مع أهم الدور العالمية، وهي اليوم ضيفة عزيزة على غلاف مجلة هَيا لشهر يونيو، تتألق بأزياء تحمل توقيع العلامة المعروفة Bottega Veneta، فتعرّفي أكثر عليها واكتشفي المزيد عن العقل المتقد بالذكاء والحيوية والأفكار، والذي يختبئ خلف هذا الوجه المميز.

حوار: دينا زين الدين، مديرة التحرير: Sima Malouf، تصوير: Isaac Calpe، تنسيق: Sonia Bedere، شعر ومكياج: Adelie Balez، الإنتاج في موقع التصوير: Inka Collianderka، إنتاج: Kristine Dolor، الإطلالات كلّها من Bottega Veneta

لديكِ جذور مصرية وفلسطينية وأردنية. كيف أثر هذا التنوع الثقافي على تربيتك وشكّل شخصيتك؟

إنّ وجود والدين من جنسيات مختلفة (أم فلسطينية وأب مصري) مع واقع أنني ولدت في الكويت، ونشأت في بلد آخر كلياً وهو الأردن، فإنّ هذا التنّوع الكبير أعطاني هوية غنية ومتعددة الأوجه. لقد عرّضني أيضاً لمجموعة واسعة من التقاليد والقيم وحتى اللهجات. وأثناء نشأتي، تعلّمت أهمية المرونة والأسرة والمجتمع والاحترام وتقبل الآخر... لذا فقد شكلت هذه التجارب إحساسي القوي بالوعي الذاتي وبالهوية، كما ساعدتني في احتضان الجوانب الإيجابية لكل ثقافة ارتبطت بها وتفاعلت معها.

عززت نشأتي في ظل التنوع الثقافي الغني إحساساً عميقاً بالحساسية الثقافية العالية، فتعلمت أن أقدّر وأحترم الجمال الفريد للتقاليد والثقافات المختلفة. علاوة على ذلك، فإنّ رحلتي المتعددة الثقافات غرست في داخلي شعوراً بالمواطنة العالمية، فلا أرى نفسي محصورة في هوية وطنية أو ثقافية واحدة، وبدلاً من ذلك، أشعر بالارتباط بالمجتمع البشري الأوسع.

كيف أحببتِ مجال عرض الأزياء، وما الذي ميّز بداياتكِ فيه؟

كنت طالبة علم أحياء، منغمسة بعمق في عالم العلوم والبيولوجيا، لذا فإنّ رحلتي في عرض الأزياء بدأت بشكل غير متوقع تماماً عندما اكتشفني مصور فوتوغرافي على إنستغرام في عام 2021.

في منزلي وبيئتي الصغيرة، لم أكن أتماشى مع المفهوم التقليدي للجمال وواجهت انتقادات وتعليقات بسبب ذلك في المدرسة المتوسطة والثانوية، لذلك كنت متفاجئة جداً حين أدركت كيف يمكن أن تختلف معايير الجمال كثيراً بين الثقافات، فعند انتقالي إلى أوروبا، وجدت أنّ شكلي الخارجي قد حظي بالاحتضان والتقدير.

وما أسرني في عرض الأزياء هو فرصة تجسيد شخصيات ومظاهر مختلفة... فتسمح لي كل جلسة تصوير بتغيير وجه جديد من نفسي والتعبير عنه، وهو أمر مبهج للغاية. إنّه مثل الدخول في شخصية جديدة مع كل مشروع، وهذا التطور المستمر يجعل الوظيفة مثيرة وديناميكية. وجزء من حبي له أيضاً هو قدرتي الدائمة على السفر، فأنا أحب كثيراً اكتشاف الأماكن الجميلة والجديدة.

ولا ننسى أن نذكر أن هذا العمل أتاح لي فرصة التعامل مع أفراد موهوبين ومبدعين بشكل لا يصدق، من المصورين والمصممين إلى فناني المكياج والأزياء، بحيث يجلب كل شخص رؤية فريدة وشغفاً إلى الطاولة. إنّ التعاون مع هؤلاء المبدعين المتنوعين يلهمني باستمرار لدفع حدودي واستكشاف جوانب جديدة من شخصيتي وأسلوبي. أخيراً، وبعد هذه الفترة الجميلة والمثرية، أصبح لديّ أسلوب خاص بي وهو ما أحب أن أستمر في تطويره مستقبلاً.

عرض الأزياء بالنسبة لي هو مجال مثير وفريد من نوعه، ولا يتعلق الأمر فقط بالظهور بمظهر جيد أمام الكاميرا، بل بسرد القصص والإبداع والتجديد المستمر. إنّ مزيج التعبير الفني والنمو الشخصي والأشخاص الملهمين الذين التقيت بهم على طول الطريق قد غذّى تقديري لهذا العمل وإعجابي به. ومع ذلك، بقدر ما أحب عرض الأزياء، هناك أيضاً جوانب أجدها صعبة، فيمكن أن تكون هذه الصناعة متطلبة بشكل لا يصدق وأحياناً سطحية، مع منافسة شديدة وضغط غير مباشر للحفاظ على صورة معينة.

لقد علّمتني تجربتي تحت الأضواء الموازنة بين النجاحات والإخفاقات، المرونة والوعي الذاتي، ما يذكّرني بأنّ كل مهنة لها إيجابياتها وسلبياتها. لذا، إلى جميع الفتيات اللواتي يطمحن أن يصبحن عارضات أزياء، أريد منكنّ أن تفهمن أنّه على الرغم من أنّه من الرائع أن تكوني عارضة، إلا أنّ هناك أيضاً جانباً مظلماً لذلك. وتماماً مثل أي وظيفة أخرى، فهي ليست مجرد أقواس قزح وفراشات وعروض مشرقة وأضواء ومشاهير... بل تتطلب العمل الجاد والتفاني والشعور القوي بالذات. فاقبلي على الرحلة بحماس وشجاعة، ولكن كوني مستعدة لمواجهة التحديات التي تأتي معها.


قميص بأكمام طويلة وتنّورة، كلّها من القطن المجعّد وبنقشة المربّعات باللون الأبيض والأزرق والأسود والأصفر

باعتبارك شابة عربية تحقق نجاحاً عالمياً في مجال عرض الأزياء والإعلان، ما هي برأيكِ بصمتكِ الفريدة التي تميزكِ عن الآخرين؟

الحمض النووي، وهنا لا أقصد التركيب الجيني الخاص بي بالمعنى العلمي، بل أذهب نحو التراث الثقافي وقيمي الشخصية وتجاربي الفردية. أعتقد أنّ علامتي الفريدة التي تميزني عن الآخرين هي شخصيتي الثرية بالتنوع الثقافي الغني الذي يميزني. برأيي كل شخص فريد بطبيعته، وقد أدركت أنّ احتضان ذاتي الأصيلة هو ما يميزني حقاً. فمن خلال البقاء وفية لهذه الجوانب من نفسي، أنا أضفي حضوراً حقيقياً وأصيلاً على هذه الساحة الواسعة، وسيرغب الناس في العمل معي... إنّ هذا ما يسمح لي بالتواصل مع الجماهير بطريقة هادفة وقوية، يتردد صداها مع جميع الفئات التي تقدّر التنوع وتحتفي به.

كيف تصفين أسلوبكِ الخاص في اختيار الأزياء والإطلالات؟

أحب الأزياء المستوحاة من موسيقى الروك، السترات الجلدية، والدنيم، مع الخواتم والأقراط الفضية، ولكنني أختار غالباً السترات الكبيرة الحجم أو البلايزر الكلاسيكية التي يتم ارتداؤها فوق قميص أبيض أو أسود بدون أكمام مع جينز أسود للحصول على مظهر أنيق، فهذا الأسلوب مطلوب في عمل العارضات، حيث اختيار الشابات يمكن أن يتم في اللحظة الأخيرة أو تتغير خطط السفر فجأة، لذا فإنّ الحفاظ على خزانة الملابس التي تتمحور حول الأساسيات البسيطة والأنيقة يضمن لي دائماً الاستعداد والثقة في مواجهة أي عرض غير متوقع أو لاقتناص فرصة عمل جديدة.

وخارج أوقات العمل، أحب التعبير عن فرديتي وذوقي الخاص من خلال اختيارات الأزياء الجريئة التي أرى نفسي فيها أثناء التصوير وأرغب في تجربتها في حياتي الخاصة، أو غيرها ممّا هو موجود من صيحات الموضة.

كيف تستعدين لأي حملة جديدة؟ هل تقومين بالبحث في تاريخ كل علامة تجارية، أم أنّك تتبعين حدسكِ الطبيعي بدون تخطيط مسبق؟

أبدأ باستكشاف الموقع الإلكتروني للعلامة التجارية ومنصات التواصل الاجتماعي بدقة لفهم جمالياتها وتفضيلاتها الأسلوبية والرسالة الشاملة التي تنقلها. يساعدني هذا على فهم المواقف والتصرفات والأفعال التي ستتماشى مع هوية العلامة التجارية. وبالنسبة لحملات الجمال والتجميل، فأنا أعطي الأولوية لنفسي وللرعاية الذاتية التي أقوم بها لكي أشعر بأنني بأفضل حال، من خلال عمل قناع للوجه في الليلة السابقة والتأكد من حصولي على الراحة والنوم الكافي، لأبدو منتعشة وحيوية في موقع التصوير.

فستان من الفيسكوز بتطريزات أزهار من مزيج من اللونين الأسود والأزرق
أقراط دائرية من الفضة الإسترلينية المطلية بالذهب والمينا

كيف تعكسين روح القطع التي تعرضينهاK سواء الأزياء أو المجوهرات أو الإكسسوارات؟

أعتقد أنّها عملية تعاونية تبدأ بفهم رؤية العميل وقصته وراء المجموعة أو الحملة. عادةً، ألقي نظرة على القصة أو "المود بورد" الذي يقدّمه العميل، والذي يحدد السرد والجمالية المرغوبة، ويساعد هذا في فهم الشخصية التي يفكرون بها للصور التي يريدونها.

ومن خلال العمل بشكل وثيق مع المصورين والفريق الإبداعي، نتعاون لتحقيق هذه الرؤية على أرض الواقع. يتضمن ذلك تجسيد الشخصية أو الدور المطلوب أثناء التصوير، وهو ما أجده ممتعاً للغاية، سواء كان في ذلك تصوير للازياء والأناقة الكلاسيكية، أو الحدة والقوة في الظهور، أو الرقي، أو أي سمة أخرى... ببساطة، أغمر نفسي بالكامل في الدور الذي ينقل روح القطع بشكل أصيل.

هل تفكّرين في الشهرة وترغبين فيها أم تعتقدين أنّها ستقيّد حريّتكِ مستقبلاً؟

لا أفكّر في الشهرة على وجه التحديد، بل أرغب في أن أصبح ناجحة وأن يتلو ذلك أن أكون معروفة، فأنا أرى الشهرة كأداة يمكن استخدامها بشكل إيجابي لإيصال الرسائل المهمة والحث على التغيير الهادف. في عالم اليوم المترابط، حيث تتمتع وسائل التواصل الاجتماعي والشخصيات العامة بنفوذ كبير، فإنّ الحصول على صوت يتردد صداه على نطاق واسع يمكن أن يكون أمراً محورياً، حيث يمكنه توجيه الضوء نحو القضايا الاجتماعية الملحة والمهمة مثل حقوق المرأة، والمساواة، ومكافحة الظلم الاجتماعي، والسعي نحو الاستدامة البيئية، وغيرها من الأمور.

إذا تسنّى لكِ استخدام شهرتكِ لدعم قضية تخص المرأة، أي قضية ستختارين؟

إذا كان بوسعي استخدام شهرتي لدعم قضية تخص المرأة، فسوف أختار الدعوة إلى القضاء على العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، مع التركيز بشكل خاص على معالجة جرائم الشرف في الشرق الأوسط. هذه القضية ملحة للغاية ومتجذرة بعمق في الأعراف الثقافية والمجتمعية التي تقلل من قيمة حياة المرأة واستقلالها، كما أنّها تتعرض لحق أساسي من حقوق الإنسان الأساسية، وهو القدرة على العيش بشكل مستقل وبكرامة. للأسف تواجه النساء في جميع أنحاء العالم، وخاصةً في المجتمعات الأبوية، أشكالاً عديدة من الاضطهاد الذي يخنق إمكاناتهنّ ويكبّلهنّ، فتتقلّص قدرتهنّ على الإنجاز والتقدّم.

سترة من نسيج الدريل
بنقشة مخطّطة باللون الكحلي والبيج الفاتح

هل تضعكِ مهنتكِ في عرض الأزياء تحت ضغط للحفاظ على مظهر ووزن محددين لتظّلي مطلوبة وتحت الأضواء؟

لأكون صادقة، هناك ضغط غير مباشر نتعرض له نحن العارضات، ولكنني محظوظة جداً لأنني طورت علاقة قوية مع وكالاتي ومع عملائي المنظمين لدرجة أنني لم أشعر أبداً بأي ضغط فيما يتعلق بوزني.

إذا كان بوسعي استخدام شهرتي لدعم قضية تخص المرأة، فسوف أختار الدعوة إلى القضاء على العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، مع التركيز بشكل خاص على معالجة جرائم الشرف في الشرق الأوسط.

هل أنتِ مهتمة بالتوسّع مستقبلاً نحو مجال التمثيل، وما هي طموحاتكِ على المدى الطويل؟

لقد كنت أفكر في هذا الأمر كثيراً، وقد بحثت عن بعض وكالات التمثيل في باريس ولكنني كنت أنتظر أن يتباطئ نمط عملي في عرض الأزياء حتى أتمكّن من تبديل مهنتي براحة أكبر... وبشكل عام، أشعر بمزيد من الحيوية والحياة لدى تصوير الفيديو، فأراني ديناميكية ومتحركة أكثر من الصور الفوتوغرافية الثابتة، فأنا أحب أن أتخيل شخصيات مختلفة وأعيشها بالكامل، ولعلّ ذلك يعني أنّ في داخلي ممثلة تنتظر فرصة للظهور بشكل أكبر.

كيف تصفين شخصيتكِ: هل أنتِ امرأة حساسة، أو لديكِ المرونة للتعامل مع أي انتقاد ومواجهة المواقف الصعبة؟

أنا أعتبر نفسي شخصاً حساساً للغاية، غالباً ما أجد نفسي متأثرة بشدة بمشاعر الآخرين وأميل إلى ملاحظة التفاصيل الدقيقة في المواقف التي قد لا يلاحظها غيري، وحالياً أتعلّم كيفية إدارة أحاسيسي حتى أقلل من شخصنة المواقف التي تحدث معي.

سترة متوسطة الوزن من جلد النابا بلون البلوط البني
شورت من الصوف من مزيج من اللونين الأسود والأزرق
قميص بولو بأكمام طويلة من الصوف بلون الأناناس الأصفر
أقراط دائرية من الفضة الإسترلينية المطلية بالذهب والمينا باللون الرمّاني
حزام من الجلد الأسود مع مشبك ذهبي
حقيبة كتف Solstice صغيرة من الرافيا

هل تعبّرين عن مشاعركِ بالأقوال أم بالأفعال؟

الأفعال تتحدّث بصوت أعلى من الكلمات، سواء كانت لفتة مدروسة، أو قضاء وقت ممتع مع شخص، أو القيام بشيء خاص لإظهار الحب والاهتمام. أعتقد أنّ الأفعال الصادقة والمعبّرة يمكنها في كثير من الأحيان نقل المشاعر بشكل أعمق وأكثر إخلاصاً وتأثيراً من الكلمات المكتوبة أو المقروءة والمقالة.

بقدر ما أحب عرض الأزياء، فهناك أيضاً جوانب أجدها صعبة. فيمكن أن تكون هذه الصناعة متطلبة بشكل لا يصدّق وأحياناً سطحية، مع منافسة شديدة وضغط غير مباشر للحفاظ على صورة معينة.

ما هي النصيحة التي تقدّمينها للمرأة الشابة التي تجد صعوبة في التعبير عن مشاعرها؟

في أجزاء كثيرة من العالم العربي، قد تكون هناك وصمة عار أو سوء فهم يحيط بالرعاية الصحية والنفسية والعقلية، ولكن لا يوجد أي عيب على الإطلاق في طلب المساعدة ورؤية طبيب أو معالج نفسي، ويمكنني أن أؤكّد من خلال تجربتي الشخصية أنّ هذا العلاج ناجح بالفعل، لذا لا تترددي في القيام بأي عمل يضمن لكِ الاستقرار النفسي ومعرفة مشاعركِ والتعبير عنها بالشكل الصحيح. 

قميص بأكمام طويلة من القطن المجعّد وبنقشة المربّعات باللون الأبيض والأزرق والأسود والأصفر
حقيبة Cabat كبيرة باللون الأزرق الداكن
أقراط دائرية من الفضة الإسترلينية المطلية بالذهب
فستان محبوك من الصوف وبنقشة مخطّطة ملوّنة
أقراط دائرية من الفضة الإسترلينية المطلية بالذهب والمينا الأبيض
حذاء ميول Tex من جلد العجل اللماع الأبيض
قميص بأكمام طويلة من الدنيم باللون الأرزق
سروال وتنورة متوسطة الطول من وبر المهر بطبعة جلد النمر
أقراط دائرية من من الفضة الإسترلينية المطلية بالذهب والمينا الأبيض
حذاء بامب Canalazzo بطبعة جلد النمر

 

 
شارك