شراكات أسريّة ناجحة.. نادين وسهى حمدان: نتشارك المسؤوليات بحب ونتناقش لتفادي المشاكل

العائلة هي الملاذ والأمان وهي مصدر الثقة والقوة، حيث نشعر بالسكينة والاطمئنان حين نكون مع الأم أو الأب أو الأخت، فكيف سيكون الحال حين تتحول هذه العلاقة الإنسانية الرائعة إلى مشروع عمل؟ هل يُكتب له النجاح وما هي الصعوبات التي تواجه أفراداً من أسرة واحدة قرروا الانطلاق في عمل مشترك وحاولوا بكل مجهودهم أن ينجحوا به وبل يصلوا بمنتجهم إلى أبعد من الحدود المحلية؟ نتعرف على علاقة نادين ووالدتها سهى حمدان، اللتان خاضتا معاً تجربة النجاح بمشروع بدأته الأم قبل سنوات فكانت حصيلته Maison Mirath لتصنيع المجوهرات، حيث اتبعت سهى حلمها بالتصميم وبدأت بتنفيذ أعمالها المميزة لتنضم إليها ابنتها قبل سنوات قليلة وتساعدها في أعمال الإدارة والتسويق.

تحدثنا بداية إلى نادين التي اختارت العمل العائلي فتركت وظيفتها وقررت الانضمام إلى مشروع والدتها، سألناها: ما هي حسنات هذه الخطوة وسيئاتها وذلك بعد سنوات من الانطلاق في دار ميراث؟

سأنطلق بداية من القرار الكبير الذي اتخذته وغيّر حياتي المهنية بأن تركت وظيفتي في دبي وقررت الانضمام إلى والدتي في مشروعها، فأنا كنت أعمل لدى OMD Dubai على حساب LVMH وفي تلك الفترة أحسست برغبة في التغيير وأردت أن أقصد بلداً جديداً، ولكن نجاح والدتي ورغبتي في أن أكون بالقرب منها في بناء مشروع لطالما حلمت به، دفعاني إلى إعادة التفكير بخطواتي المقبلة، فقررت الانضمام إليها والعودة إلى لبنان، وهكذا بدأنا معاً في بناء اسم راسخ لعلامتنا، وأردناها "ميراث" لتكون علامة ثابتة ومميزة في هذا العالم الواسع فننقل إرثنا وطريقة تفكيرنا إلى الأجيال المقبلة. حسنات العمل العائلي بالنسبة لي فقط فأنا سأتحدث من منطلق تجربتي، هي أني ووالدتي متفقتان بشكل كبير، فنحن نعمل معاً بتناغم وانسجام، فنقسم الأدوار ونتكامل، والآن ينضم أخي إلينا لكي ننتقل إلى مراتب أعلى بالدار، هكذا نقوي روابطنا العائلية من جهة، ونسعى بكل جهدنا للنجاح بمشروع نؤمن به ونتمنى نجاحه ونعمل من أجل هذه الغاية. أما فيما يخص سيئاته فهي قليلة إذ كما قلت رؤيتنا واحدة فأي اختلاف يحصل بيننا ينتهي في وقته ونصل إلى تسوية ترضينا معاً.

هل تحصل خلافات في وجهات النظر وكيف تتعاملان معها؟

نتناقش في كل الخطوات والقرارات بكل موضوعية لكي نتفادى حصول أي مشاكل أو سوء تفاهم، ونأخذ قرارات ترضينا نحن الاثنتان، ففي النهاية نعرف كلتانا أن كل ما نرغب به هو نجاح العمل ونسعى بجهد كبير نحو تحقيق هذه الغاية.

هل استفدت من خبرة والدتك الكبيرة في التصميم وبدورك ما الذي تقدمينه لها في أصول التسويق والإدارة لتكملا بعضكما البعض؟

مجال التصميم هو اختصاص والدتي فأنا أثق كلياً بذوقها وبرؤيتها في مجال المجوهرات والأحجار الكريمة، دوري يأتي في إبداء الملاحظات لتحسين أو تغيير بعض المجموعات نحو ما هو أمثل للسوق، أو لذوق زبوناتنا. أما والدتي فهي تثق بي وتترك لي حرية التصرف في المجال الإداري.

ما الذي يميز التصاميم التي تقدمها دار Mirath عما هو سائد في مجال المجوهرات؟

تجيب سهى: ما يميزنا هو أن التصاميم تحمل روحاً خاصة وتخبر قصتها التي ستحاكي بالتأكيد سيدة ما، فكل قطعة لها اسم وهوية ومسار أوصلها إلى شكلها النهائي. ما أقدمه يحكي فكرة ما وهذه الفكرة ستصل إليك، يمكن أن تعجبك أو لا ولكن في النهاية ستقفين لبعض الوقت أمامها لتفهمي مغزاها وتغوصي بتفاصيلها. هذا ما أرغب به حين أصمم، فأنا أريد أن تلامس مجوهراتي قلب وفكر المرأة، ولهذه الغاية أستفيد من كل شيء حولي: الأشكال، الطبيعة، لوغو متجر معين، حجر غريب، شباك مزخرف.. كل شيء أراه يمكن أن يوحي لي بفكرة، ومهمتي هو تحويلها إلى إلهام لتقديم قطعة جديدة.

من هي السيدة التي تتوجهان لها بالمجموعات؟ شابة، ناضجة، عصرية، بسيطة أم متكلفة؟

نولي أهمية كبيرة بامرأة دار "ميراث" فهي السيدة التي تجرؤ على اتباع حلمها وتخطو خطواتها بشجاعة من دون التفكير بالعوائق، هي التي تتخطى خوفها وتتصرف بكل ثقة، هي الشابة القوية والأنيقة التي تريد ان تثبت نفسها وتحقق طموحاتها، فنحن نبحث عنها لأنها تشبهنا، وبالتأكيد ستجد لدينا ما يعجبها ويعكس شخصيتها. أنا بعمر الخمسين تخليت عن مهنة دامت لسنوات في مجال التعليم وقررت أن أتبع حلمي وأقوم بما أحبه من دون التفكير بالعواقب، وكذلك ابنتي التي قررت أن تنضم إلى مشروعي لتكمله معي، واليوم ابني يتخلى عن مهنته وهي الهندسة لأنه وثق بنا وأراد أن يساعدنا في مشروعنا.. هذه المخاطرة صعبة وتتطلب شجاعة كبيرة ولكنها بالتأكيد قادرة أن تغيّر مصيرك وتأخذك نحو آفاق أوسع وأفضل. ألفت هنا إلى أن الشابات يقصدنني لكي يأخذن رأيي في القطع التي عليهن اقتنائها لثقتهن بخبرتي الكبيرة في مجال التصميم، بينما الأمهات في مثل سني يتوجهن نحو ابنتي نادين لكي يستشرنها في أجدد الموديلات العصرية، وهذا التكامل بين الأجيال جميل جداً فلكل منا تفكيره وذوقه وتفضيلاته ولكننا معاً نخرج بأفكار أوسع وأكثر شمولية لإرضاء الجميع.

الانطلاق بمشروع من الصفر ليس أمراً سهلاً فما الذي كتب لكما النجاح وهل واجهتما الصعوبات؟

الصعوبات موجودة في كل مجال، فأنا حين بدأت لم أكن أعرف شيئاً عن هذه الصناعة، ولكني ثابرت وامتلكت المرونة والمثابرة لكي أتحدى ظروفي بشكل يومي ومستمر، حتى الرجال الذين عملوا معي لم يستسيغوا فكرة أن أوجههم أو أقودهم، ولكن بعد فترة وحين شهدوا على إصراري ورصدوا موهبتي وحرفيتي العالية، وثقوا بي وساعدوني في طريقي، كما أني امتلكت الصبر وهو ضروري جداً خاصة لسيدة ترغب بالنجاح في المجتمع العربي، فنحن للأسف لا نلقى الدعم حتى من نساء مثلنا، بل نجد أن البعض ولشدة خوفهن علينا يمكن أن يحبطوننا أو يؤثرن على إرادتنا وإيجابيتنا، لذا أنصح بعدم الاستماع كثيراً إلى الأصوات المشككة، والاستمرار بالسعي والعمل الجاد للوصول إلى ما ننشده.

اسم الدار مميز فهو "ميراث" فأي إرث ترغبان بنقله؟

نعني بالميراث القيم والمعاني التي نريد أن ننقلها من خلال القطع التي نقدمها، ونحن نستوحي من تاريخنا وتراثنا العربي ولكن في سياق عصري وبلمسة جديدة مع الدقة والحرفية الكبيرة في التنفيذ، ونحن نصنّع قطعنا في لبنان ونصل بها إلى الدول العربية وطموحنا الوصول إلى العالم بأسره.

المرأة بشكل عام تعشق المجوهرات، فإلى أي مدى فهمت ذوق المرأة العربية لتقدمي لها ما تحبه وتسعى للحصول عليه؟

نحب جميعاً المجوهرات فهي قريبة إلى قلب النساء، لذا أبحث دائماً عن التجديد ولأني أحب الأحجار الكريمة فأنا أميل إلى استخدامها بأساليب جديدة لكي أقدم قطعاً لا تشبه غيرها فتعجب النساء من عالمنا العربي وخارجه.

هل تقدمين قطعاً خاصة بحسب طلب كل سيدة؟

بالتأكيد فأنا أحب كثيراً التعرف على زبونتي والتعامل معها بشكل فردي لاكتشاف ما تفضله بحيث أستطيع أن أحوّل ما تحلم به إلى واقع وذلك بحسب تفضيلاتها وخياراتها، فالمجوهرات يجب أن تحاكي شخصية صاحبتها لتشعر أنها جزء منها ولتكون في قمة السعادة والراحة والثقة وهي تضعها، كما أني أقوم أحياناً بتحديث قطعة قديمة انتقلت من والدة او جدة إلى ابنتها أو حفيدتها، فهي ترغب بالإبقاء عليها لأن لها ذكرى عزيزة على قلبها ولكنها تريد تجديدها لتناسب مع وقتنا الحالي، وهنا يأتي دوري في إضفاء لمساتي الخاصة مع الإبقاء على روحها الأصلية.

ما هي المشاريع الجديدة والخطط المقررة للتوسع؟

كنا في الدوحة وشاركنا مؤخراً في معرض المجوهرات والساعات، ونتواجد أيضاً في دبي في غايلي لافاييت وفي هارفي نيكولز في الدوحة بالإضافة إلى متجرنا في لبنان ولدينا منصة e- commerce ويمكن أن نشحن عالمياً. وفي المرحلة المقبلة سنعزز تواجدنا في الخليج وننوي الوصول إلى العالم الغربي ولا سيما أوروبا، قطعنا متوفرة أيضاً.

اقرئي المزيد: لمى الصباح: اكتسبت من والدي الصبر وفي المقابل أدخلت إلى شركته حسّي الشبابي

 
شارك