شراكات أسريّة ناجحة.. لمى الصباح: اكتسبت من والدي الصبر وفي المقابل أدخلت إلى شركته حسّي الشبابي

العائلة هي الملاذ والأمان وهي مصدر الثقة والقوة، حيث نشعر بالسكينة والاطمئنان حين نكون مع الأم أو الأب أو الأخت، فكيف سيكون الحال حين تتحول هذه العلاقة الإنسانية الرائعة إلى مشروع عمل؟ هل يُكتب له النجاح وما هي الصعوبات التي تواجه أفراداً من أسرة واحدة قرروا الانطلاق في عمل مشترك وحاولوا بكل مجهودهم أن ينجحوا به وبل يصلوا بمنتجهم إلى أبعد من الحدود المحلية؟ البداية مع لمى الصبّاح التي انضمت إلى والدها المنتج المعروف صادق الصباح لتكمل معه عملاً بدأ به الجد قبل سنوات طويلة، لتساهم الشركة في تقديم عشرات الأعمال الدرامية المهمة التي حققت نجاحات استثنائية في كل أنحاء العالم العربي، ولتكمل مسيرة مميزة في هذا المجال مع شقيقها أنور.

هل نشأ حبك للفن والإنتاج والإخراج تأثراً بجو المنزل وبعمل الوالد أم أنك اتبعت شغفك وقمت بما تحبين فعلاً القيام به؟

علاقتي بالوسط الفني قديمة وتعود إلى طفولتي فأنا بدأت العمل بعمر الـ14 سنة، لا أنكر أنني تأثرت بوالدي وجدي وبحبهما الكبير لما يقومان به ولكنني لو لم أكن عاشقة لهذا المجال لما استطعت الاستمرار فيه طوال هذه السنوات، فانا لديّ شقيقة مهندسة وبعيدة جداً عن أعمال عائلتي وبالتالي المطلوب للنجاح والاستمرار في عالم الإنتاج هو أن تكوني شغوفة به إلى حد كبير لأنه مجال صعب وقاس ويتطلب تفان كبير ويترافق مع تعب جسدي وضغط نفسي، فنحن نتدخل بكل التفاصيل ونعمل لساعات متواصلة ولا نرضى إلا بتقديم صورة متكاملة عن الفكرة التي نريد إيصالها؟

كون والدك هو المنتج المعروف صادق الصبّاح، فهل سهّل عليك هذا الأمر البروز وتحقيق النجاح أو فلنقل فتح أمامك أبواباً أوسع للتعبير عن أفكارك؟

على العكس تماماً فأنا لم أبدأ بالعمل مع الوالد ففي بداياتي أردت أن تكون لي حرية التعبير عن أفكاري بشكل أكبر فعملت بعيداً عن شركة عائلتي، وتحديداً في شركة Leo Burnett العالمية للتسويق، بعد ذلك سافرت إلى مصر وعملت لدى شركة إنتاج محلية، ولكن حين بدأ والدي بالعمل على مسلسل "الشحرورة" طلبني للعمل معه، لقناعته التامة بأن هذا المشروع سيكون له تأثيره الكبير على الدراما العربية وعلى شركته أيضاً ولحبه الكبير للراحلة صباح ورغبته بأن يقدم عملاً يؤرخ مختلف نواحي حياتها، وقد تحمست كثيراً للعمل وفعلاً كانت التجربة من أروع وأهم التجارب التي خضتها والتي لن أنساها كل حياتي، وفي تلك الفترة كانت بدايات الثورة العربية ووجدنا صعوبات في التنقل وتخليص الأمور الإدارية ولكننا تخطينا هذه الظروف لتكون النتيجة عملاً متكاملاً مع فريق رائع ومتجانس.

كيف هو تعامل الوالد معك في العمل وهل يفصل بين دوره العائلي والمهني؟

والدي يفصل تماماً في العمل فيتحول إلى شخص مهني يتمحور كل اهتمامه حول مصلحة الإنتاج الدرامي الذي ينفذه، فأنا بدأت مثل غيري وتحديداً في مسلسل "الشحرورة" عملت كمساعد مخرج وكانت مهمتي البحث عن الأكسسوارات والديكورات التي تلائم كل حقبة تاريخية، خاصة أننا تعاملنا مع أكثر من فترة، لذا أعتقد أن مهمتي كانت أصعب لكي أثبت له وللجميع أني على قدر الثقة التي يمنحني إياها وأني لم أنجح لأني ابنة المنتج، ولهذا أيضاً كان يكثر من توجيهي وتحميلي المسؤوليات ومراقبة تصرفاتي فهو كان أقسى عليّ أنا وأخي من باقي المنتجين الذين يتعامل معهم، لأنه أراد أن يعرف ويتأكد أننا سنكون على قدر المسؤولية التي منحنا إياها لكي نكمل ما بدأه هو وجدي قبله.

نحن نحافظ على علاقة مهنية بحتة في مواقع التصوير فأنا لا أناديه بأبي أبداً أثناء العمل بل هو "صادق"، وهذا قرار اتخذناه منذ أن بدأنا بالعمل معاً، وهو مريح لكلينا لأننا نهتم فعلاً بمهنتنا، والتي أود أن أؤكد هنا أنها ليست مجرد وظيفة نؤديها خلال ساعات محددة في اليوم، فأنا ووالدي نعشق ما نقوم به لدرجة أن والدتي تناشدنا على الدوام أن نتوقف عن الحديث حول الأعمال حين نكون في المنزل، ولكننا نكون ببساطة غير قادران على التوقف. كما أؤكد سعادتي بأني أسير على درب أبي فهناك الكثير من الأبناء الذين لا يتشاركون نفس الشغف مع ذويهم، ولكني ببساطة ورثت هذا العشق عنه وأفتخر باستمراري وبتطويري لما وضع له الأسس القوية والثابتة.

ما الذي أضفته إلى فكر والدك ورؤيته وكيف برأيك رصد المشاهد هذا التغيير؟

غيّرت الكثير من الأمور ولا سيما بعد دخول أخي أنور إلى المجال، فنحن معاً كنا أكثر إقناعاً له وتأثيراً عليه، فالجيل القديم يكون أكثر كلاسيكية ويحب السير ضمن القواعد القديمة والمعروفة، فكانت لمستنا أن نتجه نحو المزيد من الوجوه الشابة ليس فقط في التمثيل، بل أيضاً في الإخراج وباقي نواحي العملية الإنتاجية، وشعرت أن والدي كان يرتاح حين يراني أتعامل مع مخرجين جدد لأني أفهم لغتهم أكثر، وأستطيع التوجه لهم بأفكار تشبههم فيشعرون براحة أكبر معي لأني من جيلهم ويأتي عملهم أكثر تأثيراً ونجاحاً. هنا أحب أن أشير إلى أني حين عملت عن قرب مع والدي اكتشف فيه نواح فاجئتني فهو شخص جريء يحب المجازفة والمخاطرة ويشجع التجارب الجديدة، ولا يشبه أبداً المنتجين النمطيين فهو يعي أن المجال الفني سريع ومتغير، لا يمكن البقاء في مكان واحد لوقت طويل، بل يجب التطلع نحو الأمام والتحسين للبقاء في المقدمة.

في المقابل، فلنتحدث عمّا يعنيه لك العمل اليومي مع منتج مخضرم كصادق الصبّاح، وكيف تستفيدين أنت من خبرته الكبيرة في هذا المجال؟

اكتسبت منه الأخلاق العالية والصبر الكبير في التعامل مع أي موقف يواجهه، فهذه الصفة نفتقدها نحن الشباب وهي موجودة عنده ولا سيما في المواقف التي تتطلب الحكمة والتروي، وأنا مستمرة في التعلم والبناء على الأساس القوي الذي وصلنا له اليوم لكي تتوسع أعمال شركتنا وتصل إلى مناقشة كل المواضيع الاجتماعية والثقافية والمعيشية التي تشغل
عالمنا العربي.

سافرت مؤخراً إلى اسطنبول لمتابعة تصوير فيلم "الهيبة"، فكيف هي الأجواء وما الجديد الذي سيحمله العمل ولماذا برأيك حقق المسلسل بأجزائه المختلفة هذا النجاح الكبير؟

سبب نجاح العمل برأيي هو أنه حقيقي وشبيه بحياة فئة معينة من الناس، كانت في السابق مغيبة عن الشاشات أو لم يتم التطرق إليها بهذا الوضوح والعمق، فحين شاهد الجمهور هذا الواقع ورصد عن قرب نمط حياتهم، تعاطف معهم لأنه لا يوجد شر مطلق أو خير مطلق، يل يوجد ظروف خلقت هذه الشخصيات وجعلتها بالصورة التي هي عليها. كما أن موهبة تيم حسن الطاغية والكبيرة لعبت دوراً في أن يجد الدور هذا القبول الكبير، فهو استثنائي بكل المعايير ولم يكن بمقدار أحد غيره أن يقدم هذه الصورة الحقيقية عن "جبل" وما يعنيه لأهله وبيئته ومجتمعه. وهنا أعد الجمهور بفكرة جديدة ومختلفة في الفيلم، فالمحتوى سيكون مختلف تماماً وسيلقى برأيي النجاح الكبير.

تحضرون لمسلسل جديد سيعرض قبل شهر رمضان يجمع النجمة سيرين عبد النور بالنجم رامي عياش، فكيف يتم اختيار هذه الثنائيات وما هي تفاصيل المسلسل؟

نقوم كل أسبوع باجتماع مفصّل مع والدي حيث نطرح أفكاراً كثيرة ونتساعد للخروج بنتائج مميزة، عملنا الجماعي هذا يساعدنا في تحديد بوصلة الأعمال المقبلة، كما أننا نأخذ برأي والدي فهو لديه رؤية وخبرة طويلة، ونحدد أبطال الأعمال القادمة والوجوه الأمثل لتقديم هذا الدور دون غيره.

مع ازدياد أعداد المنصات والإنتاجات العالمية ودخولها السوق العربي، كيف ترين المنافسة القائمة حالياً وما رأيك بالأفكار التي يتم تقديمها والتي قد تتعارض مع قيمنا ومبادئنا العربية؟

هذا الأمر جعلنا نكثف مجهودنا للبحث عن تحديات جديدة وأفكار مختلفة، فالمنافسة باتت على نطاق أوسع، فبعد أن كانت محصورة على مستوى عربي باتت اليوم على مستوى عالمي، صحيح أن الأفكار العالمية هي 36، ولكن صرنا نبحث عن طرق جديدة لإخبار القصة، تحاكي هموم المجتمع وواقعه، وهنا أقتبس قول عن والدي وهي أن الدراما مثل الموضة عبارة عن صيحات أو Trends وعلينا اتباعها مع تحويلها إلى أفكار تلائم بيئتنا. اليوم مع تقلص دور السينما يزداد تواجد المسلسلات وتضاعفت مسؤولية صناعها، لذا بتنا أكثر واقعية وشفافية لكي نعكس بصدق واقعنا ومشكلنا.

فيما يتعلق بالأفكار التي تتعارض مع قيمنا، فأعتقد أنه يجب على صنّاع الدراما أن يعوا أكثر حجم المسؤولية التي يتحملونها، وأن يقدموا الواقع بطريقة ذكية وليس مبتذلة أو خارقة للحدود بشكل مبالغ به، فالجرأة لا تعني الابتذال ونحن نتابع محتوانا بشكل كبير فنتعاون مع المخرج ونقيم جلسات مطولة كي نطرح المواضيع الحساسة بطريقة راقية فلا تخدش الحياء أو تسبب أي تضارب مع عاداتنا وطريقة تفكيرنا.

هل سنرى النجمة نادين نجيم في عمل رمضاني بعد أن اشتاق لها الجمهور كثيراً خلال الموسم الفائت؟

أنا واحدة من ملايين الناس الذين اشتاقوا لنادين فهي مميزة جداً وحقيقية على الشاشة، وأعد الجمهور بأن إطلالتها ستكون مختلفة وقوية وجديدة، وستعوّض من خلالها عن الغياب.

ما هي مشاريعكم المقبلة التي ستبصر النور هذا العام؟

يوجد أكثر من نص يتم تداوله وسنجدد بالتأكيد التعاون مع نجومنا مثل عابد فهد وسلافة معمار وقصي خولي، بلإضافة إلى سيرين ورامي ونادين، فنحن أوفياء لنجومنا وسنستمر معهم لأنهم باتوا جزءاً من عائلتنا، على أمل أن نستمربتقديم المضمون المفيد الذي يرضي الجمهور ويشده ويحاكي واقعه.

اقرئي المزيد: دينا الطيب أول سعودية تكمل IronMan: لا مجال لليأس مع الإرادة

 
شارك