ستيفاني سانوسيان: أي شخص لديه هاتف قادر على إنشاء فن رقمي... إنها ثورة المستقبل

المشاعر هي ما يحرّكنا، وما يجعل للحياة معنى وقيمة، والفنانون من حولنا هم القادرون على تحريك مختلف انواع المشاعر، وبث الروح في الجماد، سواء على ورقة وباستخدام مختلف أنواع التلوين، أو على أي مساحة اختاروها ليعكسوا عبرها أفكارهم مستخدمين وسائط وأدوات مختلفة، أو من خلال طين أو قماش أو أي غرض مادي يساعدهم في إيصال رسائلهم.

نرصد الفن في كل مكان من حولنا: جدارية على شارع، رسم على حائط مدرسة، لوحة منزلية وسط غرفة معيشة، رقصة تعبيرية تمر بنا أثناء تصفح وسائل التواصل وتستوقف أحاسيسنا لوهلة من الزمن... نتلقّى رسائل تغير مسار يومنا أو أفكارنا من دون أن ندري، تدفعنا للحلم ربما أو للتفكير بإمكانية التغيير، أو للغوص أكثر في دواخلنا واكتشاف نواح مجهولة من أعماقنا...

ببساطة، الفن كان ولا يزال باب عبور نحو عوالم الآخر والارتقاء بالنفس والذوق والفكر والمشاعر.

واليوم يتغير شكل الفنون بسرعة كبيرة، فنسمع ونرى تجليات الفن الرقمي ونرصد دخول TFN مختلف أنواع الفنون، فما الذي سيحمله المستقبل يا ترى، هل يخدم TFN انتشار الفن ويسهّل عمل الفنانين ويدعم رغبتهم في مشاركة افكارهم على نطاق اوسع أو يطمس معالم الفن التقليدي وخصوصية كل قطعة فنية وجمالية الاستمتاع بشكل وفرادة مختلف الفنون عن قرب... اسئلة طرحناها على أربع فنانات عربيات اخترن تجربة TFN، فكيف يرين مستقبل الفنون من خلالها؟

من حلب في سوريا إلى برشلونة في إسبانيا وبعدها دبي في دولة الإمارات، تنقّلت الفنانة ستيفاني سانوسيان، واختزنت في داخلها الكثير من الصور عن هذه الثقافات والحضارات، لتختار التعبير بالفن عن أفكارها وتركز على الوسائط المختلطة، لتكون النتيجة أعمالاً مبهرة فيها حيز كبير من الإبداع والابتكار. ولأن مواكبة الفن الرقمي وعالم NFT ضرورية لكل فنان معاصر، فقد قدمت ستيفاني مجموعة مكونة من أربع رموز حققت النجاح السريع، وهي اليوم تعد وتخطط للكثير من المشاريع الواعدة.

لماذا اخترتِ مجالي الفن والتصميم لكي تعبّري عن أفكاركِ وتعكسي هويتكِ الخاصة؟ ما هي القيم أو الرسائل التي يركز عملكِ الفنّي عليها وتسعين لنشرها والتحدث عنها؟

اخترت التعبير عن نفسي من خلال الفن والتصميم لأنهما يسمحان لي بمشاركة منظوري وتجاربي الفريدة مع الآخرين بطريقة تتجاوز الحواجز اللغوية والثقافية. أهدف من خلال فني إلى نقل رسائل عن الوحدة والتنوع والتكامل الثقافي والتحرر من القيود المفروضة على الذات. آمل أن ألهم الجمهور وأحثه على رؤية العالم من منظور جديد وتحدي المفاهيم المسبقة والمترسّخة حول الثقافة والهوية.

تتميزين في أعمالكِ الفنية بالمزج بين التقنيات الحديثة مع جماليات العناصر الثقافية والتراثية القديمة، فكيف تصفين أسلوبك؟

وصف أحدهم عملي على أنه اندماج بين جماليات الشرق الأوسط وفن البوب، مع لمسة من الزخارف التقليدية والتقنيات المعاصرة.

وأنا أحب المزج أو الجمع بين المواد التقليدية وتلك المعاصرة لخلق بعض التجارب المرئية الجديدة التي تتحدى وجهات نظر المشاهدين السابقة وتشجعهم على رؤية جمال ثقافتي وتعقيدها وبساطتها في آن واحد.

تقدّمين التاريخ والتراث السوري للأجيال الجديدة. هل تهدفين مستقبلاً إلى الاستمرار في القيام بذلك؟ ما هي برأيكِ أهمية الحفاظ على تراثنا ونشره؟

نعم وبكل تأكيد أرغب في الاستمرار في تقديم التاريخ والتراث السوري إلى الأجيال الجديدة من خلال عملي ولكنني لا أعرف إلى أين ستقودني الرحلة ... أعتقد أنه من المهم الحفاظ على تراثنا ونشره لأنّه يوفر ارتباطاً بماضينا وتعزيز الشعور بالهوية والانتماء. فمن خلال مشاركة تراثنا مع الآخرين، يمكننا زيادة التفاهم والتقارب بين الشعوب، ما يعني الحفاظ على ثقافة كل شعب وخصوصيته، وهي حاجة ملحة في عالم اليوم المعولم، حيث تغيب بشكل ما معالم كل ثقافة لصالح عالم موحّد ومادي.

كيف ساهمت تجاربكِ السابقة في مختلف مراحل حياتكِ في مساعدتكِ على إيجاد أفكار جديدة وغير مسبوقة لأعمالكِ الفنية؟

غالبًا ما تكون الأفكار الجديدة منبثقة من تجاربي الشخصية وذكريات الطفولة أو من خبرات العالم من حولي. أنا أراقب محيطي باستمرار وأفكر في كيفية دمج عناصر مختلفة في عملي لخلق شيء جديد وفريد. أستلهم أيضاً من فنانين آخرين ولا يوجد شيء مخجل أو يدعو للكتمان في ذلك، سواء أكانوا معاصرين أو تقليديين، فالفن متاح للجميع لكي يستفيدوا منه ويستلهموا ويبنوا تجاربهم الخاصة.

حدّثينا عن المرحلة التي تعيشينها قبل وأثناء ابتكار عمل فني جديد؟

أعيش شعوراً جميلاً بالحماس والترقب كما ينتابني الفخر وإحساس بالاكتفاء والإنجاز عندما أرى العمل الفني بشكله النهائي. بشكل عام، حين أكون في طور إنشاء عمل فني جديد أكون في قمة السعادة لأنني أخوض تجربة استثنائية تغذي شغفي بالفن والتصميم.

ما هو تعريفكِ للفن الرقمي؟ ما هي أهميته؟ هل تستخدمين تقنيات الذكاء الاصطناعي في أعمالكِ الحالية والمقبلة؟

أي شخص لديه هاتف يملك القدرة على إنشاء فن رقمي. بالنسبة لي، الفن الرقمي هو شكل من أشكال التعبير الذي يستخدم التكنولوجيا لإنشاء أشكال جديدة ومبتكرة من الأعمال الفنية.

من المهم معرفة كيفية استخدام البرامج المتعددة التي باتت متاحة أمام الجميع. وأعتقد أنه في غضون عامين، سوف نسأل عمّا إذا كانت هذه صورة حقيقية أم صورة تم إنشاؤها بواسطة تقنية معينة.

في الحقيقة أرى الأمر مخيفاً ومحمّس في الوقت نفسه، لأننا نمتلك هذه التكنولوجيا ولا نعرف إلى أين يمكن أن تقودنا. ولكن لا يمكننا التغاضي عن إيجابياتها الكثيرة، فهي تجعل العديد من الوظائف أسهل من أي وقت مضى. لذا المطلوب منا جميعاً كبشر، وليس فقط الفنانين والمصممين والعاملين في المجالات الإبداعية، أن نعمل بشكل ذاتي أو جماعي وبحسب المتاح، على تطوير وتحسين معرفتنا بكل مجالات الذكاء الاصطناعي لأن التغيير يحدث، وعلينا مواكبته وليس التأخر عنه.

تلجئين في فنّك إلى الوسائط المتعددة أو المختلطة، وأجدد مشاريعك جمعت بين ألواح التزلج بشكلها التقليدي الذي نعرفه وفرادة أفكارك التصميمية المستوحاة من التراث العربي، كما رأينا أعمالك تتجلى على كرة السلة أيضاً. كيف تصلين إلى هذه التمازجات الجديدة والغريبة، وما هي رسائلكِ منها؟

أستخدم ألواح التزلج وكرة السلة في أعمالي الفنية لأنني أعتبرها تمثل عناصر المنافسة والتحديات التي نواجهها في الحياة. فمثلاً تركيب كرة السلة "الموجه نحو الهدف" يمثل كيف يحتضن بعض الأفراد طريق تقليدي الهدف منه تحقيق أحلامهم.

أما لوح التزلج، فهو يرمز للحركة والتنقل، ما يسمح لنا بتجاوز الحواجز التي وضعناها لأنفسنا، والابتعاد عن حدودنا مع المحافظة في الوقت نفسه على تميز هويتنا.

ما هي أجدد مشاريعك؟

حالياً أعمل على سلسلة من التركيبات والأعمال الفنية والتصميمية التي تستكشف التفاعل بين التقاليد والحداثة في الشرق الأوسط باستخدام الأغراض التي نراها حولنا في حياتنا اليومية. هدفي هو إنشاء أعمال مثيرة للجدل، تدغدغ الدماغ وتحثه على التفكير، وتتحدى أفكار الجمهور القديمة، وتشجعه على رؤية جمال ثقافتي وخصوصيتها من وجهة نظر جديدة ومختلفة. 

اقرئي المزيد: علا عابد: أعمالي في التصميم تعكس خبرتي وتحمل هوية خاصة

 
شارك