ساريتا طراد تمنح أطفال التوحد فرصة التعليم من خلال مدرسة 123 Autism School‎

في الثاني من شهر أبريل من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للتوحّد، وذلك بعد اعتماد الأمم المتّحدة له بهدف زيادة اكتشاف الأطفال المصابين به ونشر التوعية اللازمة. ولأنّ أمّهات هؤلاء الأطفال هنّ البطلات الحقيقيّات، بعضهنّ يعشن في الظلّ فيخدمن صغارهنّ بتفانٍ وحبّ كبيرين، وأخريات يقرّرن القيام بأكثر من ذلك. 

وفي هذه المناسبة، التقينا ساريتا طراد التي أسّست مدرسة 123 Autism School الأولى من نوعها في لبنان كي يحظى طفلها بفرصة للتعلّم كغيره من الأطفال.

تقول: "تركت بلدي قبل سنوات وقصدت الولايات المتّحدة الأميركيّة لأنّني رغبت في أن يحظى طفلي المصاب بالتوحّد بأفضل عناية، وهذا الأمر لم يكن متوفّراً في لبنان، بعدها قصدت الكويت وعشت فترة هناك، وفي العام الفائت قرّرت العودة إلى لبنان لأعيش بالقرب من العائلة. وبعدما لاحظت كم أنّ الخيارات التي تناسب ابني قليلة في لبنان وكم أنّنا بحاجة إلى خدمات عالميّة المستوى للأطفال المصابين بالتوحّد هنا، ارتأيت أن أفتتح هذه المدرسة فأفيد ابني ومجتمعي أيضاً". 

وتضيف: "لم أجد صعوبة كبيرة في افتتاح المدرسة فأنا أترك مهمّة إدارتها لخبراء متخصّصين من الولايات المتّحدة الأميركيّة يأتون من مركز نيو إنغلاند للأطفالNECC في بوسطن وتفوق خبرتهم في هذا المجال الـ60 عاماً. وبالتعاون معهم، تقدّم مدرسة 123 Autism School خدمات التعليم الخاصّ للأطفال، ومنها علاج تحليل السلوك التطبيقي ABA والعلاج بالممارسة OTوعلاج النطق واللغة SLP والكثير من الأنشطة الأخرى. وتوفّر مدرستنا مدرّساً مساعداً لكلّ طفل، وكذلك نضع خطة فرديّة لكلّ طفل بحسب نقاط ضعفه وقوّته".

وعمّا علّمها إيّاه طفلها، تقول: "الأمر كان صعباً في البداية، خصوصاً أنّه تحتّم عليّ التوسّل لمنحه ما يستحقّ، ولكن مع الأيّام أدركت قيمة النعمة التي أرسلها الله لي عن طريق ابني واكتشفت السبب وراء ذلك. وأعتقد أنّه تعيّن عليّ أن أساعد المجتمع اللبناني على قبول الأطفال المصابين بالتوحّد ومنح الفرصة التي نالها ابني لعدد أكبر من الأمّهات. شخصيّاً، أعترف أنّه كان من السهل عليّ إدراك الفرق بين سلوك ابني المتوحّد وسلوك أخيه التوأم. وبصراحة، شعرت كما لو أنّني فقدت ابني في إحدى الليالي لأنّه كان من الصعب جدّاً أن أشخّص حالته، ولكنّ حدس الأمّهات لا يخطئ قطّ. إنّما استغرقني الأمر أكثر من عام لأكتشف أنّ حدسي ينبؤني بأنّ ابني مصاب بالتوحّد، وعندما سمعت ذلك بأذني أخيراً، صدمت بالفعل. ولكن في غضون ساعات، أدركت أنّ الوقت قد حان للبدء في مساعدة ابني. من هنا، نصيحتي لجميع الأمّهات ألّا يتخلّين قط عن أطفالهنّ وأن يمنحنهم أقصى قدر من العلم وأن يعلّمن أنفسهنّ بدورهنّ كي يستطعن مساعدة أطفالهنّ في المجتمع”.

وتكمل ساريتا: «أقول لهنّ أيضاً: لا تخفن من ضعفكنّ، فحتّى أنا أعيش لحظات ضعف في الكثير من الأحيان، غير أنّني تقبّلت هذا الأمر وتعلّمت التعايش معه. والحقيقة أنّ ابني يشاركنا حياتنا اليوميّة ولا يمتنع عن ذلك فقط لأنّه مختلف، إلّا أنّ خوفي الوحيد يكمن في ما سيحدث في المستقبل وغالباً ما أتساءل كيف ستكون حياته بدوني... أمّا عن المجتمع، فأقرّ بأنّه كان من الصعب جدّاً أن أجعل ابني يتكيّف معنا عندما تمّ تشخيصه بالتوحّد للمرّة الأولى، وبالفعل لم يرحمنا الناس ولا المجتمع. ولكنّني آمل أن يتقبّل هذا المجتمع حقيقة أنّه بإمكان أيّ منّا أن يكون مختلفاً من دون أن يعني ذلك أنّه أقلّ شأناً".

 
شارك