سارة العايد: اليوم هو للرائدات وليس لغيرهنّ
النجاح لا يتحقّق لمن تجلس خلف مكتبها منتظرة الفرص أن تطرق بابها بل تحظى به المكافحات اللواتي يضعن الهدف نصب أعينهنّ ويسعين للوصول إليه وإلى ما هو أبعد منه. فالتفوّق لا يأتي بالصدفة بل يكون نتيجة مجهود طويل وسنوات عمل وخبرة. ولمناسبة اليوم الوطني السعودي نلقي الضوء على رائدة الأعمال سارة العايد:
من أرض المملكة قصّة سارة العايد .. اسم برز في عالم الاتّصال وفي سماء ريادة الأعمال، ودعم شابّات وشبّان المملكة الذين يطمحون إلى بناء مستقبل مشرق من خلال ريادتهم لأعمال وأنشطة جديدة غير مألوفة. هي الشريكة المؤسّسة لشركة تراكس الإبداعية TRACCS وتُشرف على عدد من أهمّ حساباتها.
تنقّلت في حياتك المهنيّة بين عدّة مجالات، فلماذا قرّرت في النهاية الثبات في عالم الأعمال؟
على الرغم من عملي في عدّة مجالات، إلّا أنّ جميع أنشطتي استندت على مبدأ واحد وهو التواصل والتعامل مع الآخرين. فمنذ مرحلة الدراسة الجامعيّة، حينما أطلقت مع صديقة لي عملاً تجاريّاً، وقبل ذلك في المرحلة الثانويّة حينما كنّا نطلق مبادرات خيريّة مجتمعيّة، ومروراً بإطلاق شركة تراكس مع شقيقي، التي أشغل فيها حالياً منصب رئيسة الشؤون الإستراتيجيّة، ووصولاً إلى إطلاق شركات أخرى، شكل الاتّصال مكوّناً أساسيّاً ضمن كل مشروع ريادي شاركت فيه، وكان محور اهتمامي هو العمل مع الناس وتطوير عملية الاتّصال. وهذا ما أتاح لي تحويل شغفي للأعمال وحبّي للعمل والتواصل مع الناس إلى مبادرات تتجاوز نطاق العمل وتسهم في مسيرة العطاء والتنمية بوطننا.
ما الذي استفدته من كلّ مجال عملت به واكتسبت منه الخبرة؟
كلّ تجربة في أيّ مجال تصقل الإنسان وتكسبه خبرات تسهم في بناء شخصيّته، وأنا انطلقت في عالم الأعمال منذ المرحلة الجامعيّة، وفي هذه الفترة تمكّنت من استكشاف مهاراتي في الأعمال، وكان لمشاركتي في تأسيس شركة «تراكس» دور كبير في مسيرتي المهنية، حيث أتاحت لي هذه الفترة صقل مهاراتي في الاتّصال واكتشفت عشقي للتواصل وبناء الحوار مع الآخرين وإطلاق المشاريع.
أن تكون القيادة في يد امرأة شابّة أمر مثير للاستغراب وأحياناً تعني الغيرة والمنافسة والمحاربة في العالم العربي؟ هل تعرّضت لأي من هذه الأمور وكيف تعاملت معها؟
كان العكس صحيحاً! لقد كان المجتمع الذي أعمل فيه وبلدي وشبكة تراكس بيئة معزّزة ساعدتني على النموّ والتطوّر واكتساب خبرات وقدرات قياديّة. وأيّ تحدي واجهته مثّل لي دافعاً للتفوّق وبداية جديدة للانطلاق مجدّداً نحو بناء مكانة خاصّة، وذلك على المستوى الفردي وعلى مستوى الأعمال على حدّ سواء. التّحديات هي التي شكلت مسيرتي المهنية وساعدتني على تحقيق طموحاتي.
حدّثينا عن واقع شركة «تراكس» حاليّاً وعن دورها الريادي في مجال العلاقات العامّة، وكيف دعمتك في بداية مسيرتك؟
إنّني أتحدث عن رحلة فخر واعتزاز وإنجاز، فتراكس هي شبكة متفردة، وهي أكبر شبكة للاتّصال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعمل فيها أكثر من 200 متخصّص في 13 دولة انطلاقاً من مكاتبها في جدّة والرياض ودبي والكويت ومسقط والمنامة وبيروت وعمان والقاهرة ومكاتب شركائها الاستراتيجيّين في كلّ من تونس والجزائر والدار البيضاء وتركيا. وتقدم «تراكس»، الحائزة على جوائز عدّة، مجموعة متكاملة من خدمات العلاقات العامّة والاستشارات الإعلامية للعملاء من القطاعين الحكومي والخاص إضافة إلى الشركات العالمية. وتتضمّن هذه الخدمات، الدعم الإستراتيجي والتفاعل مع الإعلام والاتّصال الداخلي وإدارة الأزمات والمسؤولية الاجتماعية للشركات والتدريب.
فنحن أول شبكة اتّصال لا بل الوحيدة التي يتمّ تأسيسها في المملكة العربية السعودية وتحقق توسّعاً على مستوى المنطقة. لقد كان هدفنا الأوّل منذ تأسيسها هو دعم الابتكار وتشجيعه وتوجيه إستراتيجية الشبكة نحو ترسيخ دعائم صنّاع الاتّصال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتدريب الشباب الموهوبين في العالم العربي وتأهيلهم.
لقد ساهمت تراكس بشكل كبير في صقل قدراتي، فمنذ مرحلة الإطلاق ووصولاً إلى مرحلة التشغيل، كانت تراكس شركة ناشئة أسّسناها وفق أهداف واضحة للتوسّع، حيث انتقلنا من مشروع على مستوى ريادة الأعمال إلى شركة إقليميّة متوسطة لها امتداد عالمي، وصولاً إلى أكبر شبكة اتّصال.
قدّمت المملكة الدعم للنساء في مشاريع عدّة، حدّثينا عن أبرزها، هل ترين أن المرأة في المملكة تأخذ حقّها من الدعم، وما الذي ينقصها بعد؟
شكّل دعم روّاد ورائدات الأعمال محوراً أساسياً ضمن رؤية المملكة 2030، وتحقّقت نجاحات بارزة في هذا الجانب. لقد كشف تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال عن ريادة الأعمال النسائية في المملكة العربية السعودية (2017 – 2020)، أن النساء يشكلن 76% من القطاع الاستهلاكي، إلى جانب إنجازات أخرى حققتها النساء في المملكة.
هذا وتتميّز رائدات الأعمال بقدرتهن على ابتكار فرص غير تقليدية مبنية على الإبداع الفكري وتنفيذها، وهنّ يقدن التطور الريادي من خلال الاستثمار وتطوير المهارات في أنفسهن. لقد شهدنا على مدار السنوات الماضية وللمرّة الأولى النساء يشكلن نسبة أعلى من الرجال في الأعمال الريادية.
ما هي أهم الإنجازات النسائية التي تفخرين بها في بلدك السعودية؟
من منظور شخصي تعليمي وثقافي وإجتماعي، وكذلك من منظور الأعمال، نجد أنّ المرأة السعودية قد تمكنت بحمد الله من اقتحام كافّة المجالات. وأنا أرى أن كلّ سيّدة في المملكة هي مصدر فخر لنا، وإنّ إنجازاتها تنعكس في نفسها وفي عائلتها ومجتمعها، لا بل في وطنها على نطاق أوسع. وثمّة أمّهات عظيمات يعملن من خلف الكواليس ويقمن برعاية عائلاتهن، وتنشئة أطفالهنّ تنشئة صالحة، وهنّ مكوّن أساسي من مجتمعاتهنّ، من سيّدات أعمال ومعلّمات وطبيبات وفنّانات وغيرهن، ونحن نفتخر بهنّ جميعاً.
ما الذي يعنيه لك اليوم الوطني؟
وطن عزيز وانتماء راسخ ومستقبل مشرق بإذن الله، هذا ما يعنيه لي اليوم الوطني. ويأتي هنا شعار «همّة حتّى القمّة» ليشكل نواة إعتزازنا بوطننا الغالي. فنحن نعيش في وطن معطاء، وسط شعب متماسك يشكّل مصدر القلب لأمّتنا الإسلاميّة والعربيّة. وهو وطن يحق لكلّ منّا أن يفخر به ويعتز بانتمائه إليه.
ما هو أهم إنجاز حقّقته لنفسك أوّلاً ولبلدك ونساء المملكة في المرتبة الثانية؟
من أهمّ الإنجازات التي أعتزّ بها لقاء ومسابقة ريادة الأعمال ولمّدة أكثر من 6 أعوام، فقد نجح المشروع في الوصول لأكثر من 65,000 شابّة. ومن خلال زيارات مكثفة لأكثر من 12 مدينة في المملكة كل عام، استفادت أكثر من 6,000 شابة من مشاريع البرنامج، في حين شاركت فيه 2,000 أخريات.
ما هي رسالتك لكل شابة أو رائدة أعمال تراك كمثال أعلى؟
اليوم هو دور الرائدات، عليهنّ أن يعملن بطريقة غير تقليديّة للاستفادة من فرص التطوّر والابتكار الاستراتيجيّ من خلال التركيز على خمسة أسس هي تطوير المهارات والوصول إلى التمويل وبلوغ الأسواق والانطلاق إلى العالمية والعمل في بيئة متعددة التخصصات مع روّاد في مجالات مختلفة.