ريما الأسطا: مشروعي هو تقوية تواجد المرأة في مجال الألعاب الإلكترونية

مجال واعد وحيوي ومليء بالفرص هو عالم الألعاب الإلكترونية الذي يجذب اليوم أكثر من أي وقتٍ سابق الكثير من الشابات إليه، فاللعبة لم تعد مجرّد مراحل سهلة أم معقدة توصلكِ إلى الفوز، بل باتت أشبه بعوالم خيالية مليئة بالاختبارات مع زيادة القدرة على التواصل والتفاعل بين اللاعبين والجمهور بحيث يتضاعف الحماس وتزداد الرغبة لدى الجميع في اكتشاف خفايا هذه العوالم. ونعرّفكِ فيما يلي على قصص 5 من أشهر لاعبات العالم العربي، بعضهنّ لديها خبرة سنوات في هذا المجال، وأخريات يُعتبرن جدد نسبياً، ولكنهنّ استطعن معرفة مفاتيح النجاح فيه، فاكتشفي المزيد عنهنّ وعن تجاربهنّ في هذه اللقاءات الموسّعة.

 

اجتمع في الشابة الفلسطينية – الروسية ريما الأسطا الذكاء والجمال وخفة الدم والحيوية، لتكون اليوم من أشهر اللاعبات وصانعات المحتوى والمؤثرات واليوتيوبرز العربيات، مع أكثر من 1.7 مليون متابع عبر إنستغرام، وملايين المتابعين لقنواتها عبر يوتيوب. تحدّثنا ريما في هذا اللقاء عن نفسها، وطموحها وأفكارها، فاكتشفي المزيد عنها في هذا اللقاء.

درستِ العلاقات الدولية ولكنكِ قررتِ أن لا تعملي في هذا المجال وتوجّهتي نحو وسائل التواصل وصناعة المحتوى، لماذا اخترتِ هذه النقلة؟

في بداية حياتي الجامعية درست سنة طب، وشعرت أنّ هذا المجال لا يشبهني ويحتاج إلى جرأة كبيرة وقلب قوي، وهذه الصفات غير موجودة لديّ فتوقفت، ولأنني أحب السياسة وأخبارها، كوني متابعة نهمة للتطورات المحلية والإقليمية لأنني أملك جنسيتين، فوالدي فلسطيني ووالدتي روسية، جاء خياري للعلاقات الدولية، وأحببت هذا المجال كثيراً. وحين أنهيت الدراسة وجدت نفسي أنجذب نحو وسائل التواصل، فقد عرفت أنه عالم واسع سيجلب لي الكثير من الفرص في المستقبل. هكذا بدأت بصناعة المحتوى، ولم أكن ماهرة أبداً، بل كنت خجولة وكان من الصعب جداً عليّ أن أصوّر فيديو، ولكنني اكتسبت هذه المعارف بالتدريب والتكرار، فتفتحت شخصيتي وزال الخوف والتوتر ليحل محلهما الثقة أمام الكاميرا والثبات والتلقائية.

ما الذي جذب الجمهور العربي إلى محتواكِ، هل هي ملامحكِ الغربية والجميلة، أو أسلوبكِ الخاص باللعب والأفكار التي طرحتها؟

كان دخولي مجال الألعاب الإلكترونية غريب جداً ومستنكر ومستفز حتى للبعض، فقد كنت أول شابة عربية "غايمر"، أي دخلت مجالاً مخصصاً للرجال، مع أسلوب جديد وغريب وغير متداول في اللعب... أنا لم أكن ماهرة بل كنت أخطئ وأعيد المحاولات، فجرى رفضي على نطاق واسع، وحصلت على الكثير من الانتقادات، ولكن بعدها تغيّر الوضع، فبات أسلوبي يسلّيهم ويضحكهم، ومع الوقت باتوا يحبونني ويتقبلون اختلافي ويدعمونني، واليوم أنا سعيدة جداً لأنني شجعت الكثير من الشابات العربيات على دخول مجال الألعاب الإلكترونية، وتحقيق إنجازات كبيرة فيه.

هل عارض أهلكِ انتقالكِ إلى هذا المجال الجديد أم دعموكِ في اتّجاهكِ نحو صناعة المحتوى والألعاب الإلكترونية؟

لم يفهم أهلي ما أقوم به كثيراً وكانوا يحثّونني على عدم الاستمرار لأنّهم لم يأخذوا الأمر على محمل الجد، ولكنني أقنعتهم لأنني رأيت أنّ المستقبل سيحمل الكثير من الفرص لصنّاع المحتوى واللاعبين المحترفين، ولا سيما أنّه وقبل سنوات كان هذا المجال جديد بالنسبة للفتيات، وفي نهاية الأمر اقتنعوا بوجهة نظري. بالنسبة لي أحببت ازدياد التفاعل على فيديوهاتي ولا سيما من فئة الأطفال والمراهقين وهم جيل المستقبل، بالتالي فإنّ تطلّعات الشباب تتجه بقوة نحو وسائل التواصل. من جهة ثانية، أعجبني التأثير الكبير الذي أُحدثه لديهم، وبتّ أنتبه جيداً للرسائل التي أبثّها من خلال منصّاتي، وللألعاب التي أقدّمها ولطريقتي في الطرح، فأنا مثلاً أسعى دائماً لخلق قصة تحاكي خيال وواقع الطفل حين ألعب، فلا ألعب اللعبة بحذافيرها، بل أغيّرها في المونتاج وأعدّل الأحداث بالطريقة التي تناسب الجمهور العربي، فيشعر الطفل أنّه يتابع قصّة أو فيلم وليس مجرّد لعبة معروفة القواعد بشكل مسبق. ومن هنا ستلاحظين أن جمهوري في الألعاب أغلبه من الصغار، لذا أكون مختلفة بشكلي حين أظهر أمامهم فلا أبالغ في المكياج أو في التسريحة والملابس، بل أبدو قريبة منهم ومن أسلوبهم، بينما حين أصنع المحتوى ليوتيوب أو لإنستغرام، أركّز أكثر على مظهري لأحاكي الشابات في العشرين والأكبر سناً.

حدّثينا عن فترة التحضير للعبة جديدة أو لمحتوى مختلف. من تستشيرين وكيف تتخلصين من الشكوك حول مدى تقبّل الجمهور لما ستطرحينه؟

في البداية، كنت أعمل بمفردي وأقدّم الأفكار التي تحاكيني وأرغب في مشاركتها، ولكن مع ازدياد نسبة المتابعين، صرت أستعين بفريق عمل كبير ومحترف لمساعدتي في مختلف المراحل، فمثلاً يوجد مسؤول عن المونتاج وآخر عن الأفكار وثالث عن سرد القصة ورابع متخصص بالتصوير... أنا لن أعرف مثلاً تفاصيل اللغة العربية، بالتالي سأجد صعوبة بسرد قصة بطريقة تؤثر بالطفل، لذا أحتاج للمساعدة في اختيار الألفاظ التي سأتوجه بها للطفل، فنحن نجهّز السيناريو معاً ويكون دوري هو الإلقاء والإقناع، مع تقديم نصائح للطفل حول بعض الأمور الحياتية التي يمكن أن أواجهها في القصة، لكي ينتهي من الفيديو وقد تعلّم أمراً جديداً مهما بدا بسيطاً ولكنه سيظل في ذهنه، لأنّه لم يتلقّاه بأسلوب التلقين المدرسي، بل من خلال مشاهدته للعبة مسليّة.

كيف يمكن للأهل توجيه أولادهم نحو المحتوى النافع والمفيد؟

الأهل اليوم مطّلعين بشكل كبير على ما يراه أولادهم وعلى الألعاب التي يلعبونها، ولكن عليهم أن يحدّدوا وقتاً معيناً لمشاهدة الألعاب أو اللعب أو متابعة محتوى تثقيفي عبر وسائل التواصل. وأنا أعتبر أنّ معظم محتوى الوطن العربي آمن لأنه يأتي بشكل عام مناسب للثقافة العربية وللعادات التي نرغب في أن تظل عالقة في ذهن الجيل الجديد.

هل أحببتِ الشهرة التي ترافقت مع وجودكِ كصانعة محتوى وكلاعبة محترفة؟

لا أنزعج أبداً من قدوم الناس لكي يتصوروا معي حين يرونني في المراكز التجارية أو في أي مكان عام، بل أحب كثيراً الحديث مع الصغار ومع الأهل الذين يقومون بتهنئتي على محتواي، خاصةً لأنني أقدّم محتوى باللهجة العربية لأولادهم، فأنافس الكثير من المؤثرين الأجانب الذين يمكن أن يقدّموا أفكاراً لا تتناسب مع مجتمعنا، وأحب أيضاً أنّ هناك جمهور كبر معي، فالذين يبلغون اليوم 18 سنة، كانوا من جمهوري قبل ست سنوات، وكبروا معي وباتوا قادرين على مناقشتي والتفاعل مع محتواي على وسائل التواصل الأخرى. ويظن الكثير من الناس أنّ ما نقوم به سهل ولا يحتاج إلى الكثير من العمل وبأننا لا نستحق الشهرة التي نحققها أو حتى المكاسب المالية التي تعود علينا، ولكنني أؤكّد أنّ هذا المجال من أصعب المجالات، ويحتاج إلى الكثير من التحضير والتركيز على المحتوى والرسائل التي تصدر عن صانع المحتوى، كما أنّه مجال متغيّر وسريع بشكل كبير جداً، فالغياب ليوم واحد عنه يعني التأخّر عن مواكبة أجدد مستجداته. وبالنسبة لي، أسعى دائماً للتطور سواء في الأفكار أو الإلقاء أو المتابعة، وهذا يعني العمل على مدار الـ24 ساعة من دون توقف أو أي إجازة. بالمحصلة، أجد أنّ هناك مسؤولية كبيرة جداً تقع على عاتق صنّاع المحتوى، يجب أن يدركوا أهميتها قبل التفكير بأي محتوى جديد.

كيف تتخلصين من الضغط النفسي الذي يترافق مع فكرة التواجد الدائم تحت الأضواء وإلا فإنّ الأنفولو أو التراجع يمكن أن يكون من نصيبكِ؟

يوجد ضغط كبير بكل تأكيد وهذا الأمر دفعني قبل فترة للتوقف لمدة عامين وعدم نشر أي محتوى، لأنني أحسست فعلاً أنني متعبة ومستنزفة، ولكنني عدت بعدها بأفكار أقوى وحماس أكبر، والسفر أيضاً يفيد كثيراً لتجديد الطاقة واسترجاع الحماس للعمل. الجمهور يلاحظ سريعاً أي تغيير في المؤثر الذي يتابعه، لذا على المؤثّر أن يظل صادقاً وشفافاً حتى يحافظ على مكانته في قلوب متابعيه.

ما هي مشاريعكِ المقبلة؟

أعمل على مشروع تقوية تواجد المرأة العربية في مجال الألعاب الإلكترونية، من خلال دورات تدريبية، فهذا المجال حيوي جداً وسيزداد السوق الإعلاني له قريباً وسنلحظ مدى قوة الشركات التي تتّجه نحو صنّاع الألعاب وحتى اللاعبين لتمكينهم ومدّهم بالدعم اللازم. ونرى هذا الأمر حاصل في الإمارات والسعودية، ونحتاج لتعميمه أكثر إلى باقي الدول العربية. أؤمن أنّ للشابات رؤية مختلفة وجميلة ومطلوبة في مجال الألعاب الإلكترونية، ولكن يجب أن يتشجّعن ويتجرّأن على التجربة، فلا يشعرن بالخوف من الكاميرا أو يخشين من نظرة المجتمع أو من التعليقات السلبية، بل يكنّ على وعي كبير بما يرغبن في تحقيقه، ويملكن الإصرار للسعي نحو الهدف.

هنا ألفت إلى أنّ من تلعب ألعاب إلكترونية، مختلفة كثيراً عن صانعة محتوى ألعاب، فالأمر الأخير هو مشروع كامل وصعب ومعقّد ولكن عوائده كبيرة جداً على الشابة، بالتالي أسعى إلى تمكينها ومساعدتها وتشجيعها على التعبير عن أفكارها الجديدة.

من جهة ثانية، أعمل حالياً على تحضير محتوى باللغة الروسية، يكون شبيهاً بالثقافة في بلدي الثاني، فأنا أعرف جيداً ما يرغب فيه الشباب والأطفال الروس، ويمكنني أن أتوجّه إليهم بمحتوى مفيد، كما أنني منفتحة على مجالات التمثيل والتقديم، وكل ما يزيد من تواجدي وتأثيري على من حولي.

اقرئي المزيد: لطيفة سعيد: الفن هو الماضي والحاضر والمستقبل...

 
شارك